في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، اعتقلت السلطات البرازيلية اثنين من عملاء حزب الله المشتبه بهم في ساو باولو، بعدما سعيا إلى استهداف أهداف يهودية في البرازيل، وشكّلت هذه المؤامرة مصدر حرَج كبير للبرازيل، التي تجاهلت لسنوات وجود حزب الله.

اتجاه أمريكا اللاتينية نحو إقامة علاقات أوثق مع طهران


 
وبالتزامن مع فرار محمد عبد المجيد، المُجند السوري البرازيلي، واحتمال حدوث المزيد من الاعتقالات، قال إيمانويل أوتولينغي، باحث رفيع المستوى في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وداني سيترينوفيتش، باحث غير مقيم في برامج الشرق الأوسط التابعة للمجلس الأطلسي وباحث في المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي: "آن الأوان لأن تصنف البرازيل حزب الله منظمة إرهابية".

 

"Countries like Brazil that ignore Hezbollah’s threat will only allow its influence to spread and may ultimately suffer the consequences of such negligence." -@eottolenghi @FDD

Latin America’s Hezbollah Problem ⬇️https://t.co/OAYedgtzJM

— Joe Dougherty (@joedoc2112) December 4, 2023


غير أن المؤسف أنَّ البرازيل ما برحت في حالة إنكار للواقع، حيث نفى وزير العدل فلافيو دينو أي علاقة بين الواقعة والصراع الدائر في الشرق الأوسط. وفي ظل انقلاب المعايير الأخلاقية، يُفضِّل الرئيس لويس إغناسيو لولا دا سيلفا اتهام إسرائيل بالإرهاب، بدلاً من التصدي للنشاط المحلي لحزب الله".

إنكار له ثمنه

وأضاف الباحثان: هذا الإنكار له ثمنه، فقد تجاهلت الأرجنتين مشكلة حزب الله المتفاقمة لديها، حتى بعد هجوم الحزب عام 1992 على السفارة الإسرائيلية في بوينس أيريس. وبعد عامين، فجَّرَ الحزب مركز الجالية اليهودية، مما أسفر عن مقتل 85 شخصاً وإصابة أكثر من 300 آخرين. وحتى آنذاك، استغرق الأمر الأرجنتين 25 عاماً حتى صنفت الحزب جماعة إرهابية.
وأوضح الباحثان في مقال مشترك بموقع مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية أن جزءاً من السبب وراء تنفيذ حزب الله هجمات إرهابية في المنطقة يعود إلى وجوده المُوثَّق بإحكام في أمريكا اللاتينية، وشبكاته واسعة النطاق المخصصة على الأغلب لأغراض اقتصادية وسياسية.

 عناصر محلية في الأعمال الإرهابية


ورغم ذلك، يستخدم حزب الله عند الضرورة العناصر المحلية نفسها في الأعمال الإرهابية، بالضبط كما حدث في كثير من الحالات السابقة. ولذلك أكد الباحثان أنه يتعين على السلطات البرازيلية التعامل، لا مع المؤامرات والمتآمرين وحسب، وإنما مع البيئة الأوسع نطاقاً التي سهلت وقوع المؤامرات.

 

Latin America’s Hezbollah Problem | The National Interest https://t.co/BIUWL1TZf2

— Dr. Joel P. Rutkowski- President (@RutkowskiDr) December 2, 2023


ووصْف الحزب بالجماعة الإرهابية ضروري. فالحزب يدير علاقاته الخارجية بغية تطوير العلاقات مع مجتمعات الشتات اللبناني في جميع أنحاء العالم. ويتمتع الحزب بسيطرة كبيرة على المؤسسات الطائفية الشيعية في الشتات.
ويقود رجال الدين التابعون للحزب المساجد ويدير معلمو الحزب المؤسسات التعليمية. وللحزب فروع محلية لبرنامج كشافة المهدي لتجنيد الشباب. وهذا النمط يستمر مع الجمعيات الخيرية. فضلاً عن ذلك، يرتبط رجال الأعمال الشيعة اللبنانيون بروابط عائلية بحزب الله، وتساعد هذه الروابط على ترسيخ الولاء للحزب، وتسهيل تحويل الأموال له.



البرازيل.. أرض خصبة لحزب الله


وقال الباحثان إن سنوات من الإنكار جعلت البرازيل أرضاً خصبة لحزب الله. فقد شعر عبد المجيد بأريحية كافية في البرازيل للعمل علانيةً. وتُظهر وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة به دعماً قوياً لحزب الله.


وفي الآونة الأخيرة، مجَّدَت وسائل تواصله الاجتماعي هجوم 7 أكتوبر، وورد أنه أدى دوراً نشطاً في نقل الأموال إلى حزب الله، من خلال متجرين للتبغ في بيلو أوريزونتي.


ورأى الباحثان إن عبد المجيد يعد نموذجاً مثالياً لعمليات حزب الله في الشتات. فرغم نشأته في كنف عائلة ثرية في ديمقراطية غربية، نراه مُتمسكاً بقضية ثورية عنيفة، مُستغلاً أفكاره المتطرفة سلاحاً من خلال الأنشطة التجارية غير المشروعة والشبكات العائلية، فأمسى في نهاية المطاف جهة تجنيد، ربما بفضل إخلاصه للقضية ومواهبه الفذة وعلاقاته المحلية.
ويتناسب تجنيده للمواطنين البرازيليين أيضاً مع نمط أوسع نطاقاً. لطالما اعتمد حزب الله وإيران على السكان المحليين لتعزيز المؤامرات الإرهابية. فقد تعاقدت إيران مع أتباع تنظيم مكسيكي كبير في مؤامرة عام 2010 لقتل السفير السعودي في واشنطن العاصمة، واستأجرت إيران 3 أذربيجانيين لاغتيال الإيرانية المنشقة مسيح على نجاد في نيويورك عام 2021. وفي العام نفسه، جنَّدَ أحد عناصر فيلق القدس الإيراني اثنين من المجرمين الكولومبيين، في إطار مؤامرة لاستهداف رجال الأعمال الدبلوماسيين الإسرائيليين والأمريكيين.
وقال الباحثان: "ربما يعقد لولا الآمال على أن يفضي موقفه المناهض لإسرائيل منذ السابع من أكتوبر إلى منع العنف الطائفي في الداخل. لكنه مُخطئ. فقد جلبت إيران وحزب الله الصراع إلى قلب البرازيل بجهودهما الرامية إلى تنشيط الشبكات التي غرساها لقتل البرازيليين الأبرياء".
وشدد الباحثان على ضرورة ألا يقتصر رد البرازيل على التحقيق في المؤامرة واعتقال المتآمرين، وإنما يجب أن ينطوي على العمل بهمةٍ ونشاط ضد شبكات حزب الله وإيران، بما في ذلك على وجه الخصوص المؤسسات المجتمعية – التعليمية والدينية والثقافية والإعلامية –، التي تمنحهما السيطرة الكاملة على مجتمع شتات الشيعة المحلي.
وتشكل هذه الأنظمة مكوّنات حاسمة في جهود التجنيد الرامية إلى شن هجمات إرهابية. وإذا تُرِكَ الحبل لها على الغارب، فستحاول مراراً وتكراراً.
ويرى الكاتبان أن تصنيف حزب الله منظمة إرهابية هو الخطوة القانونية الأولى التي يتعين على البرازيل أن تخطوها لمراقبة شبكات حزب الله ثم تفكيكها، وتخفيف قبضتها على المؤسسات المُجتمعية، والحيلولة دون مزيد من التطرف واستقطاب الشتات الشيعي المحلي.
وتسمح التصنيفات الإرهابية أيضاً بفرض عقوبات مالية وتجميد الأصول وحظر السفر، وكلها أسلحة فتاكة يمكن للبرازيل تعميمها لحماية أمنها القومي وسلامتها المالية. وبالتصرف بشكلٍ استباقي بناءً على نصيحة إسرائيل، نجحت البرازيل في منع هجمات على النطاق نفسه، الذي تعرضت له الأرجنتين في عامي 1992 و1994. ولا ينبغي لها أن تنتظر حتى يحاول حزب الله مرة أخرى قبل أن تتخذ تدابير وقائية.


تحذيرات من فوضى أكبر


ولن تكون هذه بالمهمة السهلة، برأي الباحثَين، نظراً لاتجاه أمريكا اللاتينية نحو إقامة علاقات أوثق مع طهران، فضلاً عن إضعاف علاقات تلك الدول بإسرائيل. والواقع أن العمل ضد حزب الله يصب في مصلحتها الوطنية، ولا سيما في ضوء دور حزب الله بصفته جهة تسهيل لأنشطة عصابات الجريمة الإقليمية.
واختتم الباحثان مثالهما بالقول إن "دولاً مثل البرازيل التي تتجاهل تهديد حزب الله ستسمح بانتشار نفوذه وتفشيه، وقد تعاني في نهاية المطاف من عواقب هذا التقصير. وإطلاق العنان لإيران وحزب الله لتوسيع أنشطتهما سيؤدي إلى فتح شهية حزب الله وإيران أكثر على الفوضى".
 

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل حزب الله لحزب الله حزب الله

إقرأ أيضاً:

عميلان سابقان يكشفان تفاصيل جديدة عن تفجيرات البيجر التي هزت حزب الله

ديسمبر 23, 2024آخر تحديث: ديسمبر 23, 2024

المستقلة/-“تحت عنوان كيف خدع الموساد الإسرائيلي حزب الله لشراء أجهزة استدعاء متفجرة”، نشرت شبكة “سي بي إس نيوز” الأمريكية، مساء الأحد، تقريرا سلطت فيه الضوء على عملية استخبارية معقدة نفذها الموساد الإسرائيلي.

التقرير، الذي استند إلى شهادات عميلين سابقين، كشف عن تفاصيل جديدة حول استخدام أجهزة البيجر كأداة لاستهداف حزب الله، وهي عملية هزت لبنان وسوريا بعد أن استهدفت عناصر الحزب خلال سبتمبر/أيلول الماضي.

وفي التفاصيل التي كشف عنها العميلان خلال ظهور مقنع وبصوت معدل ضمن برنامج “60 دقيقة” على الشبكة الأمريكية، أوضح أحدهما أن العملية بدأت قبل عشر سنوات باستخدام أجهزة “ووكي توكي” تحتوي على متفجرات مخفية، والتي لم يدرك “حزب الله” أنه كان يشتريها من إسرائيل، عدوته.

وعلى الرغم من مرور السنوات، ظلت هذه الأجهزة خامدة حتى تم تفجيرها بشكل متزامن في سبتمبر/أيلول الماضي، بعد يوم واحد من تفجير أجهزة الإرسال المفخخة “البيجر”.

أما المرحلة الثانية من الخطة، وفقًا لما كشفه العميل الثاني، فقد بدأت في عام 2022، عندما حصل جهاز الموساد الإسرائيلي على معلومات تفيد بأن حزب الله يعتزم شراء أجهزة البيجر من شركة مقرها تايوان.

وأوضح العميل أنه “لتنفيذ الخطة بدقة، كان من الضروري تعديل أجهزة البيجر لتصبح أكبر من حيث الحجم ولتتمكن من استيعاب كمية المتفجرات المخفية بداخلها”.

وأضاف أن “الموساد أجرى اختبارات دقيقة على دمى لمحاكاة تأثير الانفجار، لضمان تحديد كمية المتفجرات التي تستهدف المقاتل فقط، دون إلحاق أي أذى بالأشخاص القريبين”.

هذا وأشار التقرير أيضًا إلى أن “الموساد أجرى اختبارات متعددة على نغمات الرنين، بهدف اختيار نغمة تبدو عاجلة بما يكفي لدفع الشخص المستهدف إلى إخراج جهاز البيجر من جيبه على الفور”.

وذكر العميل الثاني، الذي أُطلق عليه اسم غابرييل، أن إقناع حزب الله بالانتقال إلى أجهزة البيجر الأكبر حجمًا استغرق حوالي أسبوعين.

وأضاف أن العملية تضمنت استخدام إعلانات مزيفة نُشرت على يوتيوب، تروّج لهذه الأجهزة باعتبارها مقاومة للغبار والماء، وتتميز بعمر بطارية طويل.

وتحدث غابرييل عن استخدام شركات وهمية، من بينها شركة مقرها المجر، كجزء من الخطة لخداع شركة غولد أبولو التايوانية ودفعها للتعاون مع الموساد دون علمها بحقيقة الأمر.

وأشار العميل إلى أن حزب الله لم يكن على علم بأن الشركة الوهمية التي تعامل معها كانت تعمل بالتنسيق مع إسرائيل”.

وأسفرت تفجيرات أجهزة البيجر وأجهزة اللاسلكي التي نفذتها إسرائيل في سبتمبر الماضي عن مقتل وإصابة الآلاف من عناصر حزب الله والمدنيين والعاملين في مؤسسات مختلفة في لبنان وسوريا.

وكان موقع “أكسيوس” قد ذكر بعد أيام من تنفيذ الضربة، أن الموساد قام بتفجير أجهزة الاستدعاء التي يحملها أعضاء حزب الله في لبنان وسوريا خوفًا من اكتشاف الحزب الأمر، بعد أن كشف الذكاء الاصطناعي أن اثنين من ضباط الحزب لديهم شكوك حول الأجهزة.

وفي خطاب ألقاه الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، تعليقًا على الضربات التي وقعت قبل أيام من اغتياله، وصف نصر الله الهجوم بأنه “عدوان كبير وغير مسبوق”. وأضاف: “العدو قد تجاوز في هذه العملية كل الضوابط والخطوط الحمراء والقوانين، ولم يكترث لأي شيء من الناحيتين الأخلاقية والقانونية”.

وأوضح أن “التفجيرات وقعت في أماكن مدنية مثل المستشفيات، الصيدليات، الأسواق، المنازل، السيارات، والطرقات العامة، حيث يتواجد العديد من المدنيين، النساء، والأطفال”.

مقالات مشابهة

  • حزب الله يحدد مكان دفن جثمان أمينه العام السابق حسن نصر الله
  • السوداني: العراق تمكن من مواجهة التحديات التي حصلت في المنطقة
  • سيناريوهات ما بعد الـ 60 يوماً..
  • خالد خلف الله: العفو الرئاسي عن 54 من المحكوم عليهم أفسد حملات الشائعات وادعاءات الجماعة الإرهابية
  • برلماني: العفو الرئاسي عن 54 مسجونا خطوة أفسدت إدعاءات الجماعة الإرهابية
  • الكشف عن موقع دفن «حسن نصر الله»
  • ‏وزير الخارجية الإسرائيلي يوجه البعثات الدبلوماسية في أوروبا للسعي لتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية
  • رسائل ود من حزب الله للحكّام الجدد في دمشق
  • تحول تاريخي في قيادة حزب العدالة والتنمية بإسطنبول
  • عميلان سابقان يكشفان تفاصيل جديدة عن تفجيرات البيجر التي هزت حزب الله