«كوب 28» ومواجهة تحدّيات المناخ
تاريخ النشر: 4th, December 2023 GMT
تستضيف الإمارات النسخة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ.
هذا المؤتمر الذي ازدادت أهميته في السنوات الأخيرة، بعد أن أصبح التغيّر المناخي تهديداً قوياً لمستقبل البشرية، وقضية من أهم القضايا العالمية، التي تحوز على إجماع، تفتقد إليه الكثير من القضايا المهمة ذات الطابع العالمي، فالانعكاسات السلبية والخطيرة للتغيّر المناخي تطول الجميع، ولا سبيل منفرد لمواجهتها، ما يجعل السعي الجماعي لمواجهة ما تفرضه هذه الأزمة الكونية السبيل الممكن الوحيد للتعامل معها.في منطقة الشرق الأوسط، تعدّ الإمارات دولة رائدة في بناء الشراكات، وذلك بفضل ما تمتلكه من إمكانات كبيرة في مستويات عديدة، خصوصاً في المستوى التنظيمي، الذي أصبح تجربة ملهمة للكثير من الدول، ليس في المنطقة وحسب، بل على مستوى العالم، مستندة إلى شبكة ضخمة من البنى التحتية الأساسية، بما فيها البنى المتعلقة بأنظمة المعلومات، بالإضافة إلى تحوّلها نقطة جذب لخبرات وكفاءات عابرة للجنسيات، ثم المبادرات المتتالية لإنجاح أعمال المؤتمر. ما يجعل من هذه الممكنات قيمة مضافة، ليس فقط على صعيد تأمين نجاح الفعاليات العديدة التي تتضمّنها أجندة المؤتمر، بل أيضاً على صعيد تطوير وتنفيذ المهام المشتركة بين الدول والمؤسسات والهيئات والجمعيات التي تشارك في أعمال المؤتمر من جهة، ومعنية بتنفيذ الخطط والمشاريع والتوصيات التي ستنتج عن المؤتمر من جهة ثانية.
هناك تحدّيان رئيسيان أمام مؤتمر الأطراف منذ دورته الأولى في برلين عام 1995، وهما خفض الانبعاثات، والحدّ من الاحتباس الحراري، وفي هذه المسيرة التي تقارب ثلاثة عقود، كانت هناك محطتان بارزتان، الأولى في طوكيو عام 1997، حيث وقّع المشاركون على «بروتوكول كيوتو» للحدّ من انبعاثات غازات الدفيئة، وقد أصبح هذا البروتوكول قانوناً ملزماً في عام 2005، أما المحطة الثانية، فهي «اتفاق باريس»، في عام 2015، حيث تمّ الاتفاق على «العمل لتفادي تجاوز ارتفاع درجة حرارة الأرض 1.5 درجة مئوية، والعمل على التكيّف مع التداعيات القائمة بالفعل للتغيّر المناخي».
منذ انعقاد النسخة الأولى من مؤتمر الأطراف عام 1995 وحتى اليوم، زاد عدد سكان الأرض نحو 2,5 مليار إنسان، أي أكثر من 40% من عدد السكان الذي كان موجوداً، وهذا الارتفاع السريع، كانت له العديد من المتطلبات، في مقدمتها زيادة استهلاك الوقود الأحفوري، لتلبية احتياجات الصناعة والنقل والتدفئة والإنارة، وغيرها من الضروريات الأساسية في حياة البشر، وهو ما سرّع من مشكلة المناخ، وزاد من تعقيدها، كما زاد من التحديات في مواجهتها، فعلى سبيل المثال لا الحصر، كان تأمين الأمن الغذائي أولوية قومية، تسبق في ضرورتها الأولويات الأخرى، وهو ما يتطلّب استهلاك أكبر للوقود، وبالتالي زيادة الانبعاثات السامّة، وارتفاع درجة حرارة الأرض، ما فاقم من حدّة التغيّر المناخي.
التحوّل من استهلاك الوقود الأحفوري، والاعتماد على الطاقة النظيفة، الذي يعدّ الهدف الأكبر لمؤتمر الأطراف، يواجه مشكلات كبيرة، تبدأ من ضرورة تأمين موارد مالية كافية لإنجاز هذا التحوّل، مع الأخذ بالحسبان أن ارتفاع تكاليف إنتاج الطاقة النظيفة من شأنه أن ينعكس سلباً على تكاليف الإنتاج لكلّ الصناعات والأنشطة التجارية والمختبرات والمستشفيات والنقل والاستخدامات المنزلية والشخصية، ما يرفع من حدّة المنافسة في الأسواق، ومن أسعار البضائع، الأمر الذي قد يدفع نحو دورة ركود اقتصادية عالمية، في الوقت الذي يعاني فيه العالم اليوم مشكلات التضخم، وضعف القدرة الشرائية على مستوى عالمي.
في المستوى الإيجابي، هناك نظرة جديدة بدأت تفرض نفسها انطلاقاً من البيئة، تتعلّق بضرورة وجود مستوى متقدّم من الشراكة، تفرضه ضرورة التضامن لتحقيق إنجازات في الحدّ من التغير المناخي، وهو ما يجعل من الضروري إعادة النظر في طرق التنافس العالمية، وإيجاد صيغ مختلفة عن السائد، فالكوكب كلّه في مركب واحد، وإنقاذه يتطلب روحاً جديدة، تقوم على احترام الحياة على كامل الكوكب، والالتزام بتأمين شروط عيش أفضل للأجيال المقبلة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة ر المناخی
إقرأ أيضاً:
التغير المناخي والبيئة تطلق يوم البيئة الوطني الـ28
أعلنت وزارة التغير المناخي والبيئة عن إطلاق "يوم البيئة الوطني" الثامن والعشرين تحت شعار "جذورنا أساس مستقبلنا" بهدف تسليط الضوء على أسمى قيم ومبادئ الحفاظ على البيئة وصون الطبيعة للمجتمع الإماراتي القديم، واتخاذها كأساس راسخ للبناء عليها ورفع وعي المجتمع تجاهها وتبنيها من أجل خلق مستقبل مستدام للأجيال القادمة.
ويأتي إطلاق يوم البيئة الوطني - الذي يحل في الرابع من فبراير من كل عام - تحت شعار "جذورنا أساس مستقبلنا" ليواكب إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" ، 2025 "عام المجتمع".
ويمثل المجتمع المحرك الرئيسي لمنظومة التنمية في الدولة في كل المجالات، ويستطيع لعب دور كبير في تنمية البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية من الهدر.
وقالت معالي الدكتورة آمنة بنت عبدالله الضحاك، وزيرة التغير المناخي والبيئة: يلقي "يوم البيئة الوطني" هذا العام الضوء على ثقافة مجتمع دولة الإمارات المتأصلة في مجال حماية البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية وتنميتها، حيث تشكل البيئة في الإمارات ثروة طبيعية زاخرة بالتنوع في الإنتاج الزراعي والثروة الحيوانية والسمكية، فضلاً عن ثرائها بالكائنات الحية وتنوعها البيولوجي الهائل، الذي يُشكل بدوره وجدان الثقافة الإماراتية ويحمل العديد من الرموز التراثية التي تميز مجتمع الإمارات. وأضافت معاليها: ما كان يقوم به الأجداد قديماً من ممارسات صديقة للبيئة والطبيعة شكل وعي كبير وتراث حي نفخر به ونتوارثه جيل بعد جيل، ما جعل منه قوة تدفع جهودنا تجاه مستقبل مستدام لكل أبناء الإمارات ، ولابد أن يكون هذا الإرث هو الدافع لكل إماراتي من أجل تعزيز الاستدامة، مشيرة إلى أن "يوم البيئة الوطني" يحتفي بممارسات الأجداد المستدامة كأساس لترسيخ سلوكيات صديقة للبيئة في نفوس الأجيال القادمة وابتكار حلول لكافة التحديات المناخية والبيئية، ودفع التنمية المستدامة في كل المجالات".
وقالت: إن يوم البيئة الوطني فرصة مهمة لكل أفراد المجتمع للمساهمة الفاعلة في مختلف مجالات العمل المناخي والبيئي لدولة الإمارات، فالمجتمع هو الركيزة الرئيسية التي تبني عليها الدولة خططها التنموية لسنوات وعقود قادمة، ولابد أن يكون كل فرد يمتلك الوعي الكامل والقدرات التي تؤهله ليكون جزءاً من المنظومة لتعزيز مكانة الإمارات عاصمة عالمية للاستدامة والمستقبل.
وأضافت: لم تكن ممارسات وأنشطة المجتمع الإماراتي بمنأى عن الطبيعة والبيئة من حوله، بل كان المجتمع الإماراتي ولا يزال حاضناً للبيئة والطبيعة، يتأثر بها ويؤثر فيها بما ينفعه ويضمن استدامة الموارد الطبيعة وتنميتها لتدوم، وكانت تلك من أهم الأسس والمبادئ التي قامت عليها دولة الإمارات والمستمدة من إرث الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه" الذي قال "من ليس له ماضٍ ليس له حاضر ولا مستقبل"، وهو النهج الذي يسير عليه مجتمع الإمارات في كل مجالات الحياة.
وذكرت معاليها أن ممارسات المجتمع الإماراتي تنوعت قديماً وتفاعله مع الطبيعة في الكثير من الأشكال والأنشطة، حيث شكلت البيئة مصدراً للحياة والطعام والمياه، وابتكر الإماراتوين منها العديد من الحرف والصناعات، بل امتدت تلك الممارسات لأكثر من ذلك لتكون الطبيعة مصدراً للتطيب والرياضات والاستشفاء. ولا يزال المجتمع الإماراتي محافظاً على أغلب تلك الممارسات، بل وابتكر طرقاً جديدة لتطويرها وتحسينها.
أخبار ذات صلةوأوضحت أنه من أبرز تلك الممارسات الزراعة والصيد بأدوات وأساليب مستدامة، والاعتماد على النخيل مصدر للغذاء والمواد الخام للعديد من الصناعات التقليدية كالـ “سعفيات”، كما استخدم المجتمع قديماً الثروة الحيوانية كمصدر للألبان والجلود ، فيما شكلت الطبيعة مصدراً ، أحسن الإماراتيون استغلاله ، خاصة في أنشطة الصيد والرياضة مثل "الصيد بالصقور" وسباقات الهجن، وتفاعل المجتمع الإماراتي قديماً مع ارتفاع درجات الحرارة بالعديد من الممارسات المستدامة مثل ابتكار "البراجيل" لتبريد غرف المنازل بشكل طبيعي.
وأكدت معاليها أن الممارسات المستدامة للمطبخ الإماراتي التقليدي تمثل علامة على تعزيز استفادة المجتمع من البيئة من حوله في تشكيل مجموعة من ممارسات الطهي التي لا تزال حاضرة بقوة على موائد الإماراتيين، بل وترتبط بالعديد من المناسبات التي تساهم في تكوين الشخصية الإماراتية، مشيرة إلى أنه بسبب ندرة المياه، استخدم المجتمع الإماراتي تقنيات بسيطة ومستدامة للبحث عن المياه وحفر الآبار، وتنقية المياه من الآبار والأودية للحصول على المياه الصافية.
وقالت: لا تزال طبيعة الإمارات تمنح المجتمع العديد من الحلول للعيش بصحة دائمة، حيث هناك العديد من العادات المجتمعية المتوارثة للاستعانة بالطبيعة في الاستشفاء والعلاج من الأمراض، وهي الحلول التي تثبت كل يوم فعاليتها لتعزيز صحة ووقاية المجتمع. تبدأ تلك الحلول القديمة من قلب الصحاري والجبال الإماراتية، حيث تزخر العديد منها بعيون المياه العذبة والكبريتية الحارة التي تتدفق بين الصخور وفي الأودية وبين قمم الجبال الصخرية العالية على مدار السنة.
وشددت أن دولة الإمارات تحرص على اتخاذ كافة التدابير للبناء على هذا الإرث الهائل وتحويله إلى منظومة عمل حكومي هدفها أن تكون البيئة مصدراً للحياة لكل إماراتي، ومنبع للمزيد من الفرص من أجل استشراف المستقبل، منوهة إلى أن سلوكيات الأجداد في المجتمع الإماراتي شكلت مصدر إلهام لمنظومة التشريعات والقوانين والمشاريع البيئية الحالية، ولا زالت هي الركيزة الرئيسية التي تقود جهود الحفاظ على البيئة وتعظيم الاستفادة من خيراتها.
وأضافت معاليها : أنه انطلاقاً من هذا المبدأ، يشكل يوم البيئة الوطني تحت شعار "جذورنا أساس مستقبلنا" انطلاقة نحو إبراز ممارسات المجتمع الإماراتي قديماً تجاه البيئة والطبيعة واتخاذها مصدراً للحياة والحفاظ على استدامتها، لتكوين مفهوم شامل عن الاستدامة وتبنيه من قبل جميع أفراد المجتمع، واتباع نهج الأجداد من أجل دفع مسيرة الاستدامة في كل المجالات، مشيرة إلى أنه من أجل تفعيل هذا التوجه، تقوم وزارة التغير المناخي والبيئة وكافة الجهات المعنية في الدولة، بإقامة فعاليات وأنشطة مجتمعية حتى 4 يونيو المقبل الموافق لـ "يوم البيئة العالمي"، من أجل إلقاء الضوء على أفضل العادات والسلوكيات المستدامة لمجتمع الإمارات، وتبنيها بمنظور معاصر لمواجهة كافة التحديات البيئية الراهنة.
وذكرت أنه بمناسبة الاحتفال بيوم البيئة الوطني، تنظم وزارة التغير المناخي والبيئة ومختلف الجهات الاتحادية والحكومية والقطاع الخاص ومؤسسات العمل المدني في الإمارات، العديد من الفعاليات الرامية إلى تعزيز السلوكيات المستدامة وإشراك المجتمع في منظومة متكاملة لتمكينه من تبني نمط حياة صديق للبيئة، لافتة إلى أنه انطلاقاً من ذلك، تهدف الفعاليات إلى إبراز الهوية الوطنية المحبة للبيئة والطبيعة والحفاظ على الموارد الطبيعية وتنمية الاستفادة منها مع ضمان استدامتها، والبناء على الإرث الوطني الصديق للبيئة، وكيف يمكن أن يكون هذا الإرث هو الوقود الدافع لجهود جديدة ومبتكرة في هذا المجال لسنوات وعقود قادمة، بما يواكب خطط واستراتيجيات الدولة في هذا المجال، مؤكدة على أنه سيتم التركيز على العديد من المجالات خلال تلك الفعاليات، أهمها الزراعة المنزلية، والتنقل المستدام، والإدارة المستدامة للنفايات، والاستهلاك المسؤول للمنتجات والخدمات، وترشيد استهلاك الكهرباء والمياه والغذاء.
واختتمت معاليها بالقول: سنرحب بكل فئات المجتمع في فعاليات وورش لرفع الوعي تجاه تراثنا المزدهر بسلوكيات الحفاظ على البيئة، لنقوم بالبناء على هذا الإرث وترسيخ سلوكيات وعادات صديقة للبيئة، نطمح من خلالها أن يكون مجتمع الإمارات نموذج عالمي في تحقيق الاستدامة بمفهومها الشامل، فما يغرسه المجتمع اليوم، سنحصد ثماره في المستقبل. لتبقى جذورنا راسخة تحمل نجاحاتنا وإنجازاتنا في العمل البيئي وتتحول لإرث وطني تفخر به أجيال المستقبل.
المصدر: وام