أصعب قرار في حياتي.. ممرض يروي قصة 4 أطفال رضع في مستشفى بغزة
تاريخ النشر: 4th, December 2023 GMT
"أصعب قرار في حياتي"، هكذا وصف ممرض في مستشفى محاصر في غزة شعوره بشأن التجربة التي عاشها عندما كان يعتني بخمسة أطفال رضع مبسترين، ولدوا قبل الأوان، وفقد أباؤهم.
يحكي الممرض، وهو فلسطيني يعمل مع "منظمة أطباء بلا حدود" ومقرها باريس، تجربته لصحيفة "واشنطن بوست"، قائلا كان ذلك في ذروة الهجوم الإسرائيلي على شمال غزة، الذي بدأ في أكتوبر الماضي، وكان مستشفى النصر للأطفال منطقة حرب.
وأضاف أنه في اليوم السابق للواقعة، أدت الغارات الجوية إلى قطع إمدادات الأكسجين عن المنشأة بمدينة غزة، حيث حاصرت الدبابات الإسرائيلية مجمع المستشفى، وكان الجيش الإسرائيلي يتصل بالأطباء ويرسل إليهم رسائل نصية تحثهم على المغادرة.
لكن سيارات الإسعاف لم تتمكن من الوصول بأمان إلى مستشفى النصر لنقل الجرحى، ورفض الأطباء مغادرة المنشأة دون مرضاهم، بحسب الممرض.
ويتطرق الممرض في حديثه للصحيفة عن الأطفال، قائلا إن الأطفال الخمسة المبتسرين كانوا معرضين للخطر بشكل خاص، حيث كانوا بحاجة إلى الأكسجين والأدوية التي يتم إعطاؤها لهم على فترات منتظمة. ولم تكن هناك أجهزة تنفس محمولة أو حاضنات لنقلهم. وبدون أجهزة دعم الحياة، كان الممرض يخشى عدم نجاتهم في عملية الإخلاء.
ثم وجه الجيش الإسرائيلي إنذارا، حسبما قال مدير النصر، بكر قاعود، لصحيفة "واشنطن بوست": اخرجوا أو ستتعرضون للقصف. وفي الوقت نفسه، أكد مسؤول إسرائيلي أنه سيتم ترتيب سيارات الإسعاف لنقل المرضى.
ولم يجد الممرض أمامه أي خيار آخر، وقال للصحيفة إنه قيم وضع وحالة الأطفال، ثم اقرر اصطحاب طفل واحد معه، وهو الذي اعتقد أنه من المرجح أن يتحمل انقطاعا مؤقتا في إمدادات الأكسجين. وترك على مضض الأربعة الآخرين على أجهزة التنفس الخاصة بهم، واتجه جنوبا مع زوجته وأطفالهما والطفل الوحيد.
وقال الممرض، الذي تحدث للصحيفة بشرط عدم الكشف عن هويته لحماية خصوصيته: "شعرت وكأنني أترك أطفالي ورائي. لو كان لدينا القدرة على أخذهم لفعلنا، لكن لو قطعنا عنهم الأوكسجين لكانوا قد ماتوا".
وبعد مرور أسبوعين، ذكرت الصحيفة أن الهدنة سمحت لصحفي من غزة، محمد بعلوشة، بالمغامرة والدخول إلى المستشفى، وفي وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة، اكتشف أمرا مروعا وهو الجثث المتحللة للأطفال الأربعة والتي كانت تأكلها الديدان حتى اسودت بسبب العفن، كما تعرضت للهجوم من الكلاب الضالة.
وقال بعلوشة للصحيفة: "المشهد رهيب ومروع".
وذكرت الصحيفة أن هذا الاكتشاف المروع يعتبر مثابة "تذكير بالخسائر الفادحة التي لحقت بالمدنيين خلال الحرب التي شنتها إسرائيل للقضاء على حماس، وهي الحملة التي لم تستثنِ المستشفيات ولا الأطفال، حيث قُتل الآلاف".
وبدأت الحرب على غزة بعد الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر، ما أسفر عن مقتل حوالي 1200 إسرائيلي واختطاف 240 آخرين. وردت إسرائيل بحصار كامل وغارات جوية وعمليات برية أدت إلى مقتل أكثر من 15200 فلسطيني، وفقا لوزارة الصحة في غزة، بما في ذلك آلاف الأطفال.
ولطالما اتهمت إسرائيل حماس بإخفاء مراكز القيادة والسيطرة في المستشفيات، وأيدت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، هذا الادعاء. وتنفي حماس والطاقم الطبي في غزة ذلك.
ومع ذلك، أوضحت الصحيفة أن القادة الإسرائيليين جعلوا البنية التحتية للرعاية الصحية في المنطقة محورا للحملة العسكرية. وبعد شهر من الحرب، شمل ذلك مستشفى النصر.
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
ثلاثة في كل يوم.. مقتل أكثر من 200 طفل في لبنان خلال شهرين
أعلن المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف، جيمس إلدر، مقتل أكثر من 200 طفل في لبنان جراء الحرب المتصاعدة منذ أواخر سبتمبر الماضي بين إسرائيل وحزب الله.
وقال إلدر، في مؤتمر صحفي الثلاثاء في جنيف السويسرية، إن هؤلاء الأطفال قتلوا "خلال أقل من شهرين"، بمعدل أكثر من ثلاثة أطفال كل يوم، بينما يعاني كثيرون آخرون من إصابات وصدمات نفسية.
وأعرب عن قلقه إزاء ما وصفها بـ"اللامبالاة" إزاء هذه الوفيات من جانب القادرين على وقف هذا العنف، إذ "لا يثير قتلهم أي ردة فعل ذات معنى لدى أصحاب النفوذ"، وفق تعبيره.
وأضاف "لا تُسمع صرخات الأطفال، وصمت العالم يزداد صماً للآذان، ومرة أخرى نسمح لما لا يمكن تصوره بأن يصبح مشهد الطفولة وضعا طبيعيا جديدا وهذا مروع وغير مقبول".
في #لبنان، أصبح مئات الآلاف من الأطفال والنساء بلا مأوى، وتم استهداف المرافق الصحّية، وأغلقت المدارس، وظهرت علامات...
Posted by UNICEF Lebanon on Tuesday, November 19, 2024وتحدث مسؤول اليونيسيف عن الأحداث التي جرت خلال الأيام العشرة الماضية، وأثرها على الأطفال. ففي 10 نوفمبر الجاري "قُتل 7 أطفال من نفس العائلة الممتدة"، وفق إلدر الذي قال إن "أفراد الأسرة الـ27 الذين قتلوا جميعا كانوا يبحثون عن مأوى في جبل لبنان بعد فرارهم من العنف في الجنوب".
وفي اليوم التالي، قُتل طفلان آخران مع والدتهما، وأصيب عشرة آخرون، فيما قتل يوم 12 نوفمبر 13 طفلا وأصيب 13 آخرون بجراح، من بينهم أحمد البالغ من العمر 8 سنوات، وهو الآن الناجي الوحيد من الغارة.
ويوم 13 نوفمبر، قُتل 4 أطفال بعد أن حاولوا الفرار من القتال في الجنوب، وشهد اليوم الذي تلاه مقتل ثلاثة أطفال آخرين وإصابة 13 بجراح، بحسب ما قال إلدر.
وفي 16 نوفمبر، قُتل 5 أطفال بينهم ثلاثة من عائلة واحدة. ومن بين المصابين، سيلين حيدر، لاعبة كرة قدم شابة في المنتخب الوطني اللبناني. وهي في غيبوبة بسبب شظية في رأسها، تطايرت من صاروخ أصاب العاصمة بيروت، أثناء محاولتها إخلاء المنطقة.
أما الأحد الماضي، فقد قتلت فتاتان توأمان تبلغان من العمر 4 سنوات، وفق إلدر.
وقال إنه "يأمل ألا يشهد العالم مجددا نفس مستوى القتل الدموي للأطفال في غزة، على الرغم من وجود أوجه تشابه تقشعر لها الأبدان بالنسبة للأطفال في لبنان" على حدّ تعبيره.
وإضافة للقتل، فإن حال بقية الأطفال في البلد الذي يتعرض لغارات إسرائيلية بشكل شبه يومي خصوصاً في الجنوب حيث يتركز مقاتلو حزب الله، ليس مطمئناً.
وأوضح إلدر أن مئات الأطفال أصبحوا بلا مأوى، كما تم تدمير الكثير من البنى التحتية التي يحتاجها الأطفال، مثل المرافق الصحية. ولغاية 15 نوفمبر، قتل أكثر من 200 عامل في القطاع الصحي، وأصيب 300، بحسب بيانات وزارة الصحة العامة اللبنانية.
وعلى الرغم من الجهود التي بُذلت في أوائل نوفمبر لفتح بعض المدارس أبوابها أمام الأطفال في لبنان، فقد أُغلقت جميعها مرة أخرى، نظرا لتوسع نطاق الهجمات خلال عطلة نهاية الأسبوع، وفق تأكيد إلدر.
وتابع أن هناك تأثيرا نفسياً "خطيرا" على الأطفال. فقد أصبحت علامات الاضطراب النفسي "مقلقة وواضحة بشكل متزايد".
ومنذ بدء تبادل القصف بين حزب الله وإسرائيل في 8 أكتوبر 2023، أحصت وزارة الصحة اللبنانية مقتل 3544 قتيلا و15036 جريحا، وفق آخر حصيلة، بينما قُتل 124 إسرائيلياً وفق بيانات رسمية.