هل أدّت حرب غزة إلى تهميش الملف النووي الإيراني؟
تاريخ النشر: 4th, December 2023 GMT
طهران- بعد مرور أقل من شهر على تبادل طهران وواشنطن 5 سجناء من الطرفين مقابل الإفراج عن 6 مليارات دولار من الأصول الإيرانية المجمدة في كوريا الجنوبية، جاءت الحرب على قطاع غزة لتطغى على الملف النووي الإيراني.
وعلى الرغم من أن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، أكد في سبتمبر/أيلول الماضي استعداد بلاده لاتخاذ الخطوة النهائية بشأن مفاوضات فيينا الرامية إلى تنفيذ الاتفاق النووي انطلاقا من "وثيقة سبتمبر 2022″، أدانت الولايات المتحدة والترويكا الأوروبية (ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة)، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عدم التعاون من قبل طهران في ملفها النووي.
في أثناء ذلك، دعا المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي -في مقابلة مع صحيفة "فايننشال تايمز"- زعماء العالم لاستئناف المفاوضات مع إيران بشأن برنامجها النووي وعدم إغفال المخاطر المرتبطة بتراكم احتياطياتها من اليورانيوم المخصب.
وتابع غروسي قائلا إن "محاولة إعادة الاتفاق النووي إلى إطار خطة العمل الشاملة المشتركة لن تنجح، لكن لا يزال بالإمكان تسميتها خطة العمل الشاملة المشتركة رقم 2 أو شيء من هذا القبيل، لأنه سيتعين علينا التكيف".
كما كرر غروسي -في مقابلة مع قناة فرانس 24- قلقه بشأن برنامج إيران النووي، موضحا أن لدى الإيرانيين مواد نووية مهمة لم تعد بحوزة أحد سوى الدول التي تمتلك أسلحة نووية، ولا يعني ذلك أن لديهم أسلحة نووية، لكن "لديهم نوع من القدرة التي تثير القلق بالتأكيد".
في المقابل، علق المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، على تصريحات غروسي بالقول إن بلاده "تتوقع من المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية أن يتحدث بحيادية، وأن يحافظ على المهنية في المقابلات التي يجريها كي لا تتاح للدول المتحيزة الفرصة لاستغلال الوكالة سياسيا".
يأتي ذلك في خضم العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة واقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة 2024، ما يفقد واشنطن وحلفاءها الأوروبيين العديد من الأوراق التي كانت تستخدم لكبح أنشطة إيران النووية، خشية تأجيج الصراع في الشرق الأوسط.
وفي السياق، أفادت وكالة رويترز -نقلا عن تقريرين سريين للوكالة الدولية للطاقة الذرية اطلعت عليهما- بأن "إيران قد خصبت من اليورانيوم بدرجة نقاء تصل إلى 60%، بما يكفي لتصنيع 3 قنابل نووية"، كما نقلت عن دبلوماسي أوروبي كبير أن "هناك نوعا من الشلل، خاصة بين الأميركيين، لأنهم لا يريدون صب الزيت على النار".
من جانبها، رأت وكالة الصحافة الفرنسية أن "النزاع بين إسرائيل وحماس يطغى على الملف النووي الإيراني في الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، وأن "التصعيد النووي الإيراني يثير مخاوف جدية، في ظل استبعاد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ووقف كاميرات المراقبة، غير أن الدول الغربية مترددة في التحرك خوفا من أن يؤدي ذلك إلى تأجيج التوترات في الشرق الأوسط".
تسييس الملف
وتتفاوت قراءة الأوساط الإيرانية حول إثارة ملف بلادهم النووي في التوقيت الراهن، بين من يتهم المؤسسات الغربية بالسعي لصرف الأنظار عما يحدث في غزة وآخرين يرون أن مواقف غروسي لم تأت بجديد بشأن ملف طهران النووي.
من ناحيته، انتقد الباحث السياسي مهدي عزيزي، صمت المؤسسات الغربية وعلى رأسها الوكالة الدولية للطاقة الذرية حيال تهديد وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو، باستخدام قنبلة نووية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، في حين لم تفوت الوكالة فرصة للتعبير المستمر عن قلقها بشأن برنامج طهران النووي.
وفي حديثه للجزيرة نت اتهم عزيزي المؤسسات الغربية بتسييس ملف بلاده النووي، موضحا أن طهران لا ترى أي علاقة بين ملفها النووي والعدوان الإسرائيلي على غزة، وأنها تبذل قصارى جهودها لإيقاف ماكينة الحرب ضد المدنيين العزل في قطاع غزة، وأنه لا صحة لما يشاع في بعض وسائل الإعلام عن رفع إيران وتيرة تخصيب اليورانيوم عقب معركة طوفان الأقصى.
قلق قديم
وخلص الباحث السياسي إلى أن "المعسكر الغربي المساند للكيان الصهيوني يشن حربا دعائية للتغطية على هزائم الاحتلال في حربه على غزة من جهة، وإثارة ملف النووي الإيراني للضغط على طهران وحرف مساعيها الرامية لوقف إطلاق النار في القطاع، من جهة أخرى".
ويرى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة طهران، رحمان قهرمان بور، أنه لا جديد في مواقف غروسي الأخيرة، إذ سبق ووردت في تقريره المقدم إلى مجلس محافظي الوكالة الذرية في سبتمبر/أيلول الماضي، واصفا تراكم احتياطيات طهران من اليورانيوم المخصب عالي التخصيب بأنه "أمر طبيعي بعد مرور نحو 3 أشهر".
ولدى إشارته إلى قلق بعض الأطراف الأوروبية من أن تضع الحرب على غزة ملف طهران النووي في الهامش، وتقوض قدرة الولايات المتحدة لكبحه مما يمهد الطريق للجانب الإيراني أن يسرع وتيرة تطويره، أوضح قهرمان بور للجزيرة نت أن الصراع في الشرق الأوسط قد جمد بالفعل المفاوضات النووية التي كانت مستمرة حتى قبيل 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وتابع قهرمان بور، أن حرب غزة قد أخرجت العديد من الملفات الدولية من أولويات بعض الدول، وأن تراجع التحركات الدبلوماسية في الملف النووي الإيراني لا تعني القضاء على نتائج المفاوضات غير المباشرة برعاية إقليمية، وإنما مؤشر على وجود ملف طارئ في العالم، مستدركا أن انفلات الأمور جراء الحرب على غزة قد يرفع التوتر في الشرق الأوسط إلى مستويات خطيرة جدا.
وعن حديث غروسي عن ضرورة التفاوض مع طهران للتوصل إلى اتفاق جديد بشأن ملفها النووي، أوضح الباحث الإيراني أن مدير الوكالة الذرية يقصد أن منظمته لم تتمكن من توفير البيانات اللازمة عن الملف النووي الإيراني من خلال الاتفاق النووي السابق، وأضحت بحاجة إلى آلية حديثة للقيام بمهمتها في إيران.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الملف النووی الإیرانی الدولیة للطاقة الذریة فی الشرق الأوسط من الیورانیوم على غزة
إقرأ أيضاً:
بعد اسبوع من تصريحات فيدان ضد إيران.. طهران تستدعي سفير تركيا
بغداد اليوم - متابعة
أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية، مساء اليوم الاثنين (3 آذار 2025)، عن استدعاء السفير التركي في طهران على خلفية التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية التركي هاكان فيدان، والتي أثارت تحفظات لدى الجانب الإيراني.
وقال بيان للخارجية الإيرانية اطلعت عليه "بغداد اليوم"، إن محمود حيدري، مساعد وزير الخارجية الإيراني ومدير إدارة المتوسط وشرق أوروبا، أكد خلال استدعاء السفير التركي بطهران "حجابي كرلانيتش"، ضرورة تجنب التصريحات غير الدقيقة والتحليلات غير الواقعية التي قد تؤدي إلى توتر العلاقات الثنائية، خاصة في ظل الأوضاع الحساسة التي تمر بها المنطقة والمصالح المشتركة بين البلدين.
واعتبر حيدري أن استمرار العدوان والتوسع الإسرائيلي هو أكبر تهديد للاستقرار والأمن في المنطقة، مشدداً على أن الدول الإسلامية الكبرى مطالَبة بتكثيف جهودها لوقف الجرائم والاعتداءات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني والشعوب الأخرى في المنطقة، بما في ذلك سوريا.
من جانبه، أكد السفير التركي في طهران أن بلاده حريصة على الحفاظ على العلاقات الإيجابية مع إيران وتطويرها، مشيراً إلى أهمية التعاون الوثيق بين البلدين لتعزيز العلاقات الثنائية، وتعزيز الاستقرار الإقليمي، والتصدي للتحديات المشتركة.
كما شدد حجابي كرلانيتش على أنه سينقل وجهة نظر وزارة الخارجية الإيرانية إلى أنقرة، مبيناً أن "تركيا وإيران، باعتبارهما بلدين مهمين في المنطقة، يجب أن يتعاونا بشكل وثيق لتعزيز العلاقات الثنائية".
وكان فيدان قد أدلى بتصريحات خلال مقابلة مع قناة "الجزيرة" القطرية، دعا فيها إلى "تغيير السياسة الإقليمية لإيران"، مبيناً أن الدعم الذي قدمته إيران لنظام بشار الأسد في السابق كان مكلفاً لإيران أكثر مما حقق لها من مكاسب.
وأضاف وزير الخارجية التركي: "في المرحلة الجديدة، أعتقد أن إيران استخلصت العبر مما حدث، كما فعلنا نحن في تركيا، وأي دولة عاقلة يجب أن تتعلم من تجاربها. علينا تعزيز التضامن في المنطقة".
وكان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، قد رد في وقت سابق على تصريحات فيدان، مؤكدا أن إيران كانت أول دولة ترفع راية محاربة تنظيم داعش والتطرف العنيف عبر قائدها الوطني الجنرال قاسم سليماني، وكانت من أوائل الدول التي دعمت تركيا ضد محاولة الانقلاب عام 2015.
وأضاف: "مواقفنا ثابتة ولا تتغير بتغير الظروف، ونتوقع من أصدقائنا في تركيا التفكير بعمق في تداعيات سياساتهم الإقليمية الأخيرة".