كتب ابراهيم حيدر في" النهار": حتى لو انتهت حرب غزة، باتفاق أو بكسر حركة حماس، لن تعود جبهة الجنوب إلى ما كانت عليه، ولذا يحاول "حزب الله" منذ الآن وفق المصدر السياسي الإمساك بزمام المبادرة تحسباً لتطورات لها علاقة بتطبيق القرار 1701، إذا لم تحدث الحرب الكبرى. فهو يوسع من عملياته على طول الشريط الحدودي وفق ما يقتضيه الميدان، وأحياناً يضرب في العمق، وهو غيّر من تكتيكاته بإدخال أسلحة جديدة في المعركة، لكنه لم يكشف عن كل أوراقه العسكرية، رغم سقوط عدد كبير من مقاتليه باستهداف الطائرات المسيّرة.

لا عودة إلى قواعد الاشتباك السابقة، بعدما تحولت جبهة الجنوب إلى خط تماس قتالي يذكر بمرحلة ما قبل عام 1978. قد تهدأ الجبهة لكن قواعدها اختلفت، وهو ما يسلط الضوء على سلسلة التحركات الدولية المرتبطة بحرب غزة وتشمل لبنان. ويضع هذا الواقع الجديد القرار 1701 على النار، ويطرح تساؤلات حول مهمة قوات اليونيفل في الجنوب تماشياً مع الضغوط لتنفيذ القرار والمترافق مع الحديث عن مناطق عازلة. وبينما يتوقع أن تستمر حرب غزة، وقد تطول مع ما تحمله من تداعيات، تحاول الولايات المتحدة تأسيس مسار جديد منفصل على جبهة لبنان، لكنه مرتبط بإسرائيل. وإذا كانت الوجهة هي الاستمرار بالعمل على منع انفجار الجبهة الجنوبية إلى حين تحقيق الأهداف في الملف الفلسطيني، لكن ذلك لا يلغي، في ظل مطالب إسرائيلية بإنهاء الوجود المسلح لـ"حزب الله" على الحدود، كشرط لإعادة المستوطنين إلى شمال فلسطين، احتمال الحرب الكبرى، أو العمل على ترسيم منطقة أمنية فاصلة منزوعة السلاح جنوباً، رغم أنه أمر غير متاح حالياً باعتبار أن "حزب الله" لا يقبل بالخروج من ساحته الاساسية.

ويحذر المصدر السياسي من الاطمئنان إلى أن إسرائيل لا يمكنها إشعال الحرب طالما تغرق في وحول غزة، أو الكلام الذي يسوقه "حزب الله" عن تراجع النفوذ الأميركي والإسرائيلي، على ما صرح به أخيراً عضو المجلس المركزي في "حزب الله" الشيخ نبيل قاووق، فاستسهال الحديث عن "العدو المهزوم والمأزوم، الذي يحاول أن يحقق مكاسب في هذه المرحلة على حساب السيادة اللبنانية" لا ينظر إلى خطورة ما تفعله آلة الاحتلال في غزة، والتي قد تسعى في لحظة من خارج الحسابات إلى ضرب "حزب الله" وتدمير لبنان. ويطال هذا الأمر ما يُطرح من تعديل

للقرار 1701. وعلى هذا يبدو كل ما يفعله الحزب جنوباً هو لمنع الوصول إلى هذه المعادلة الجديدة، لكن ذلك يحمل الكثير من المخاطر في المرحلة المقبلة.

 

ضمن هذا الاطار جاءت التحذيرات الدولية للبنان من خطر توسع الحرب في جبهة الجنوب، ومنها ما حمله المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، الذي تطرق إلى جانب مهمته التوصل الى تسوية رئاسية إلى القرار 1701 داعياُ إلى تطبيقه تجنباً لتوسع الحرب. وقد سبقه في التحذير كبير مستشاري الرئيس الأميركي آموس هوكشتاين الذي دعا الى تطبيق القرار 1701 وعدم الانجرار إلى الحرب.

 

المجتمع الدولي متمسك بالقرار 1701، فيما الدول المعنية ترى أن الفرصة مناسبة اليوم لتطبيقه، لكن الأمور محكومة بما ستؤول إليه حرب غزة. الأمر وفق المصدر السياسي مرتبط بما سيحدده الاميركيون مستقبلاً، إن كان باستمرار الضغط على إسرائيل لمنعها من شن حرب على لبنان، والبحث مجدداً في ملف الترسيم، إنما بطريقة مختلفة لا تبدو واشنطن في صددها تقديم عروض لـ"حزب الله" لعدم الانخراط في حرب كبرى محتملة، ومنها أثمان سياسية في لبنان. وعلى هذا تركز على تطبيق القرار 1701 وتعزيز اليونيفل، إن كان عبر تعديل مهماتها، أو حتى تنفيذ القرار الدولي وتطبيقه بالقوة. ويشير المصدر إلى أن إسرائيل التي هددت أكثر من مرة، يبدو أنها تتحين الفرص لتوجيه ضربات لـ"حزب الله" ولبنان تؤدي إلى التفاوض للوصول الى اتفاق يعدل القرار 1701، ويفرض معادلة جديدة، وذلك على الرغم من أن حسابات اي معركة عسكرية هي غير مضمونة، خصوصاً وأن دولاً عدة ترفض تطبيق القرار بالقوة. كما أن البحث في التفاوض بين لبنان وإسرائيل غير مطروح اليوم، إلا إذا قرر الأميركيون الضغط من اجل تنفيذ شامل للقرارات والبدء بترسيم الحدود البرية وانسحاب إسرائيل من مناطق ونقاط لبنانية محتلة، ومحاولة إلزام "حزب الله" بالخروج من منطقة عمل القوات الدولية. لكن هذه الوجهة غير ناضجة أيضاً في ظل الصراع المحتدم واستمرار الحرب على غزة، إضافة الى ربط الحل بالملفات التي لإيران دور مقرر فيها.

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

لبنان في خضم أزمات.. تصعيد العنف وتداعيات الحرب

تعيش لبنان أيامًا عصيبة وسط أجواء مشحونة بالعنف والقلق، حيث تتزايد الأخبار حول قصف مستمر واغتيالات لأشخاص مدنيين، وأوامر إخلاء الأحياء السكنية. 

يترافق ذلك مع تعنت إسرائيلي واضح من خلال استهداف المدنيين، في وقت تواصل فيه الجهود الدولية البحث عن وقف لإطلاق النار، خوفًا من توسع الحرب في منطقة الشرق الأوسط. 

تأتي هذه الأحداث مع مرور عام على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بين الجيش الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية.

الأثر على القطاع الطبي

تتوالى الويلات التي يعانيها الأطباء في لبنان، حيث استهدفت القوات الإسرائيلية المستشفيات، في تكرار مأساوي لما حدث في غزة.

ارتفع عدد الشهداء بين الأطقم الطبية وفرق الإسعاف إلى 50 شهيدًا في جنوب لبنان خلال ثلاثة أيام فقط. هذا الأمر أثار قلق الحكومة اللبنانية، حيث دعا رئيس الوزراء نجيب ميقاتي إلى تحرك سريع من قبل الوسطاء الدوليين لوقف استهداف المنشآت الحيوية في لبنان.

في بيانها، أصدرت نقابة أطباء لبنان في بيروت نداءً عاجلًا إلى منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة، واصفة ما يقوم به الجيش الإسرائيلي تجاه العاملين في القطاع الطبي بـ "الإجرام المتمادي الذي يخرق كل القوانين الدولية".

إجلاء الرعايا

على المستوى الدولي، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المجتمع الدولي إلى تجنب المعايير المزدوجة في الصراعات العالمية، بما في ذلك تلك في الشرق الأوسط وأوكرانيا.

في هذا السياق، قامت إسبانيا وبريطانيا بإجلاء رعاياهما من لبنان، مؤكدتين على ضرورة حماية مواطنيهما وسط تصاعد الأحداث.

التصعيد بين حزب الله وإسرائيل

تجدر الإشارة إلى أن الصراع في لبنان أصبح أكثر حدة، حيث اغتال جيش الاحتلال الإسرائيلي خمسة من قيادات حزب الله اللبناني منذ بداية العام الحالي، وكان من بينهم الأمين العام للحزب، حسن نصر الله. 

كما حدث تفجير بواسطة أجهزة البيجر، مما أدى إلى تحول شمال وجنوب لبنان إلى ساحة قتال واسعة، وأثرت هذه العمليات بشكل كبير على المدنيين، حيث استشهد وأصيب أكثر من 750 شخصًا، بينهم أطفال وسيدات.

مقالات مشابهة

  • فرنسا تستعد للدعوة إلى مؤتمر دولي دعما للبنان.. ميقاتي: لتطبيق القرار 1701 كاملاً
  • ميقاتي لــ«الاتحاد»: لبنان ليس ساحة معركة للقوى الدولية
  • لتطبيق القرار 1701 كاملا لوقف الحرب.. الرئيس ميقاتي: مستعدون لتعزيز وجود الجيش في الجنوب
  • ميقاتي يطالب بالضغط على إسرائيل للالتزام بوقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701 فورا
  • لبنان في خضم أزمات.. تصعيد العنف وتداعيات الحرب
  • موسما الهجرة من لبنان وإليه!
  • ياسين: هدفنا تطبيق القرار 1701 بمعزل عن غزة
  • اليونيفيل:قواتنا باقية في الجنوب اللبناني
  • "لماذا نحن؟".. حزن جماعي يخيّم على لبنان
  • الشامي: لا نريد الحرب بل تطبيق القرار 1701