أزمة في الصين بسبب الشرائح الإلكترونية.. كيف تخطط بكين لحلها؟
تاريخ النشر: 12th, July 2023 GMT
مقدمة الترجمة:
تواجه الصين أزمة كبرى في توفير التقنيات والشرائح المتقدمة اللازمة لتغذية قطاعها العسكري، بعد القيود المتزايدة التي فرضتها الولايات المتحدة على تصدير الشرائح. لكن بكين لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الأزمة حيث تُعِد خطة بديلة للالتفاف على القيود الأميركية من خلال المراكز الوسيطة في آسيا وأهمها سنغافورة.
لطالما اعتمدت الصين على الشرائح الإلكترونية المُصنَّعة في الخارج من أجل جهودها الحثيثة لتعزيز أمنها القومي، التي أثمرت حواسيب عملاقة (Supercomputers)، ونظام رقابة محليا، وأنظمة ذكاء اصطناعي. وبينما يعكف صناع القرار الأميركيون هذه الأيام على الحدِّ من تدفُّق التكنولوجيا المتطورة إلى الصين، تحاول الأخيرة تسريع وتيرة إنشاء صناعتها الوطنية الخاصة لإنتاج الشرائح الإلكترونية، وتحاول أيضا تطوير سُبُل خاصة للالتفاف على قيود تصدير الشرائح إلى الصين.
على مدار ثلاثة عقود، أتاح النموذج الذي عملت به الشركات الغربية لوسطاء كثيرين أن يبيعوا ويشتروا بسهولة الشرائح الإلكترونية الصغيرة جدا المُستخدمة في الحواسيب العملاقة، ومن ثمَّ عبَّدوا الطريق لوصولها إلى جهات "محظورة" وخاضعة للعقوبات الأميركية. على سبيل المثال، استُخدِم "زيون"، وحدة المعالجة المركزية متعددة النوى (Multi-core CPUs) الخاصة بشركة "إنتل" الأميركية، في بناء الحاسوب العملاق "تيانهِه-2" الصيني، وهو الأسرع من نوعه في العالم، حيث أُعلِن عنه عام 2013، وتمتلكه الجامعة الوطنية للتكنولوجيا الدفاعية وتستخدمه في طيف واسع من بحوثها العسكرية.
النموذج الصينييتكوَّن نموذج الأعمال الصيني من أربعة عناصر؛ أولها أطقم العاملين في الشركات الصينية بأقسام المبيعات والهندسة والإدارة العُليا، وكلهُم تقريبا من مواطني الصين، وثانيها شركات تصنيع الحواسيب مثل "لينوفو" و"هاير" وغيرهما، التي تشتري الشرائح الإلكترونية بكميات ضخمة ثم تبيعها أحيانا من جديد في السوق، وثالثها إمبراطوريات الإلكترونيات الضخمة في الصين، وهي أسواق كبيرة لبيع وشراء الإلكترونيات، منها "عالم هواتشيانغ للإلكترونيات" بمدينة شِنزِن، وأخيرا مُوَزِّعو الإلكترونيات (المعروفون اختصارا في الصين بـ"ديستيس")، الذين يعيدون بيع وحدات المعالجة المركزية ووحدات معالجة الرسومات (GPU)، مثل عملاق صناعة أشباه الموصِّلات "Advanced Micro Devices" المعروفة اختصارا بـ"AMD"، حيث تمتلك الشركة 32 جهة توزيع مُصرَّحا لها بالعمل داخل الصين، وهي كيانات أصغر حجما تعمل في المجال نفسه. ولنقارن ذلك بشركة "إنتل" الأميركية نفسها، التي لا تملك سوى 11 جهة توزيع فحسب داخل الصين.
يُعزِّز النموذج الغربي المفتوح قيمة المبيعات رُبع السنوية، ويتفق تماما مع توقعات أصحاب الأسهم في ذلك القطاع. بيد أن هذا النموذج نفسه يُضعف القيود التي يُفترض أن تمنع نقل التكنولوجيا إلى جيش التحرير الشعبي الصيني وغيره من جهات صينية محظورة وفقا للقوانين الغربية. ففي ظل النظام الحالي، يقوم مواطنون صينيون يعملون في جهات محلية بإبرام صفقات بيع مباشرة لصالح شركات الحواسيب الصينية الكُبرى مثل "لينوفو"، أو يبيعونها لصالح موزعي الإلكترونيات داخل الصين. وتجدر الإشارة إلى أن مديري المبيعات في الصين، الذين يتفاعلون مباشرة مع المستخدم النهائي الصيني، هُم أنفسهم صينيون، ويخضعون للقانون الصيني دون التزام بأي قواعد تضعها الشركات العالمية الكبرى.
يتيح هذا النظام إذن بابا سهلا لجهات عديدة على قائمة الكيانات المحظورة أميركيا، كي تستفيد في النهاية من عمليات النقل السري للتكنولوجيا الغربية. وباستخدام الوسطاء المحليين، تمتلك تلك الجهات فرصا عديدة لإخفاء عمليات الشراء الخاصة بها وسرقاتها للتكنولوجيا الحسَّاسة. والأخطر من ذلك أن هؤلاء الوسطاء أيضا ضالعون في انتشار تكنولوجيا الحواسيب الأميركية مؤخرا بكوريا الشمالية.
ولكن منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حين وضعت واشنطن قيودا جديدة على تصدير الشرائح الإلكترونية الأحدث والأسرع، وكذلك على تصدير معدات تصنيع أشباه الموصلات المتطورة؛ انكمشت المساحة المتاحة لعمليات نقل التكنولوجيا إلى الصين بطولها وعرضها، وليس فقط لمؤسساتها الضالعة في إنتاج الأسلحة كما كان الحال في السابق. ورغم أن الوسطاء المحليين لا يزال بوسعهم نقل منتجات التكنولوجيا الأقدم، فإن حرمان السوق الصيني بأسره من الشرائح الأحدث يقلص احتمالية أن يقوم أحد هؤلاء الوسطاء بنقلها إلى الجيش أو الدولة الأمنية في الصين بدلا من بيعها لمستخدمين مدنيين.
خطة الالتفافبيد أن حلفاء بكين في طهران وبيونغ يانغ يُعَدُّون مثالا للصين في كيفية استخدام العلاقات التجارية الودية مع دول أخرى للالتفاف على العقوبات الأميركية. فقد طوَّرت إيران مؤخرا الحاسوب العملاق "سيمورق" باستخدام مكوِّنات أميركية نُقلَت إليها بطرق غير قانونية عبر جهات ثالثة وشركات وهمية في الإمارات وماليزيا. وكانت ماليزيا ذات يوم معقل شركة "غلوكوم" الكورية الشمالية، التي باعت معدات عسكرية حتى كُشِف عنها عام 2017. علاوة على ذلك، عملت شركات كوريا الشمالية سِرّا في أفريقيا طيلة عقود حتى بدأ الكشف عنها الواحدة تلو الأخرى وإدراجها على قائمة العقوبات.
بالنسبة للصين، فإن إحدى أهم السُّبُل للالتفاف على القيود الأميركية هي جوارها المباشر. لم تعُد هونغ كونغ تلعب الدور الذي لعبته سابقا في توفير سوق لإعادة توجيه المنتجات التكنولوجية إلى الصين. كما أن الثغرة القائمة سابقا في قيود أميركا على تصدير أشباه الموصلات إلى جزيرة ماكاو وقطاعها التكنولوجي المُزدهِر سُدَّت في يناير/كانون الثاني الماضي. بيد أن شركات التكنولوجيا الصينية قد بدأت تتدفَّق مؤخرا إلى سنغافورة وغيرها من بلدان جنوب شرق آسيا بالتزامن مع طفرة في صناعة أشباه الموصلات في المنطقة، وذلك في مسعى جديد لتفادي العقوبات الأميركية.
تُعَدُّ سنغافورة مركز الشحن العابر الأول في العالم، ولطالما كانت بلدا محايدا في صراعات كثيرة، ومن ثمَّ استغلها البعض أحيانا من أجل أنشطة إعادة التصدير غير القانونية للتكنولوجيا المُقيَّدة والسلع الخطِرة. وتشمل الأمثلة على ذلك المِجَسَّات الهوائية العسكرية ووحدات الاتصال الراديوية التي شُحِنَت إلى إيران في عام 2013، وكذلك مكوِّنات العبوات الناسفة التي وُجِدَت في العراق، وأمكن اقتفاء أثرها وتحديد منشأها الأصلي في سنغافورة عام 2016. لقد أفادت الصين من سنغافورة أيضا، بما في ذلك قضية تعود إلى عام 2021، حين حكمت وزارة العدل الأميركية على مواطن صيني بتُهمة التجسس لتهريبه مكوِّنات إلكترونية إلى الصين عن طريق سنغافورة. وبموجب التحولات الجارية مؤخرا، يزداد احتمال أن تنقل الصين وِجهة التجارة السرية للتكنولوجيا المرتبطة بالشرائح الدقيقة إلى جنوب شرق آسيا.
في الوقت الراهن، لا يبدو أن الولايات المتحدة على استعداد كامل لمواجهة هذا التحدي، ولا تمتلك وزارة التجارة الأميركية سوى مسؤول واحد على الأرض لمراقبة الصادرات في منطقة جنوب شرق آسيا وأستراليا بأسرها، ما يشي لنا بأن الوكالات الحكومية الأميركية المعنية بتقييد الصادرات التكنولوجية المتطورة إلى الصين ستكون في حاجة إلى الاستعداد للعبة الكبيرة القادمة في عالم نقل التكنولوجيا والتحكُّم في الصادرات.
_____________________________________
ترجمة: ماجدة معروف
هذا التقرير مترجم عن Defense One ولا يعبر بالضرورة عن موقع ميدان.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: أشباه الموصلات إلى الصین على تصدیر فی الصین
إقرأ أيضاً:
أزمة لبرشلونة بسبب جدول المباريات
ماجد محمد
بات برشلونة متصدر دوري الدرجة الأولى الإسباني لكرة القدم في اختبار صعب وسط جدول مزدحم بالمباريات، حيث سيواجه أوساسونا وجيرونا في غضون ثلاثة أيام بعد فترة توقف دولي قاسية، مما تسببت في إرهاق لاعبيه وعدم جاهزيتهم وغضب المدرب هانز فليك.
ويلعب برشلونة مباراة كل ثلاثة أيام حتى 15 أبريل المقبل، تشمل سبع مباريات في ثلاث بطولات.
وأضطر برشلونة وأوساسونا لتأجيل مباراتهما في الثامن من مارس الجاري بعد وفاة طبيب النادي القطالوني، وفي ظل وجود جدول مباريات مزدحم في المسابقات الأخرى، وكان اليوم الخميس الموعد الوحيد المتاح لخوض المباراة مباشرة بعد فترة التوقف الدولي.
ولم يكن لدى المهاجم الأساسي البرازيلي رافينيا الوقت للعودة والتعافي من أجل خوض مباراة اليوم، وذلك مع عودة 13 لاعبا إلى برشلونة بعد نهاية مشاركتهم مع منتخباتهم الوطنية، بينما شارك العديد من اللاعبين الآخرين في دور الثمانية بدوري الأمم الأوروبية الذي شهد وقتا إضافيا وركلات ترجيح.
وسيستضيف برشلونة منافسه جيرونا يوم الأحد المقبل، بعد مواجهة أوساسونا، ثم يزور ملعب أتليتيكو مدريد في إياب قبل نهائي كأس الملك بعدها بثلاثة أيام بعد تعادلهما 4-4 في مباراة الذهاب.
يذكر أن استئناف برشلونة وأوساسونا من أجل تأجيل المباراة قد رفض، لذا يتعين على فريق فليك الآن خوض اللقاء بدون المهاجم الأساسي رافينيا الذي شارك في جميع المباريات بالدوري وسجل 27 هدفا وقدم 20 تمريرة حاسمة في كافة المسابقات.
وساهمت الصفات القيادية لرافينيا وتألقه في وضعه ضمن قائمة المرشحين للفوز بجائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم، لكن فليك لم يتردد في التعبير عن أسفه لحقيقة أنه لن يتمكن من الدفع باللاعب البرازيلي في مباراة اليوم عندما يخضع فريقه للاختبار أمام ضيفه أوساسونا.
وقال لاعب الوسط بيدري، في تصريحات صحفية: “نحن متعبون قليلا، لكن لا يمكننا أن ننسى أننا برشلونة. إذا تقرر أن نلعب اليوم، سنفعل ذلك ونبذل قصارى جهدنا للفوز بالدوري”.
وحقق برشلونة سبعة انتصارات متتالية في الدوري، لكن أوساسونا كان أول فريق يتغلب عليه هذا الموسم بفوزه المفاجئ 4-2 في سبتمبر الماضي.
وتحمل مدرب برشلونة آنذاك مسؤولية الخسارة عندما جاء قراره بإراحة اللاعبين الأساسيين بنتائج عكسية، لكن هذه المرة لا يملك خيارا سوى التناوب بين اللاعبين مع إصابة المدافع باو كوبارسي أثناء مشاركته مع منتخب إسبانيا.
وسيراقب ريال مدريد مباراة برشلونة اليوم، إذ يتساوى العملاقان الإسبانيان برصيد 60 نقطة.
وكان أداء ريال في الدوري متذبذبا منذ بداية فبراير الماضي، لكن فريق المدرب كارلو أنشيلوتي سيستضيف ليجانيس بعد غد السبت، في مباراة تبدو سهلة نظريا أمام فريق يصارع للنجاة من الهبوط وحقق فوزا واحدا في ثماني مباريات.
وسيتابع أتليتيك بيلباو، صاحب المركز الرابع برصيد 52 نقطة، أيضا مباراة برشلونة عن كثب إذ سيستقبل أوساسونا على ستاد متروبوليتانو بعد ثلاثة أيام في مباراة تأجلت للأحد المقبل حتى يتمكن منافسه من خوض مباراته أمام الفريق القطالوني.
ويبتعد أتليتيكو مدريد صاحب المركز الثالث بأربع نقاط عن المتصدرين، ولا يمكن لفريق المدرب دييجو سيميوني تحمل المزيد من التعثر إذا أراد مواصلة سعيه للمنافسة.
وخسر أتليتيكو 4-2 على ملعبه أمام برشلونة قبل فترة التوقف الدولي لكنه سيتطلع للعودة للانتصارات على ملعب إسبانيول صاحب المركز 15 بعد غد السبت.
اقرأ أيضا:
تايلور سويفت تظهر على قميص برشلونة في الكلاسيكو المقبل.. فيديو