طه حسيب (أبوظبي)
مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في نسخته الثامنة والعشرين، المنعقد الآن في الإمارات، فرصة لتسليط الضوء على تجارب تنموية استطاعت تطوير خططها الاقتصادية لتكون أكثر انسجاماً مع الخطوات المطلوبة لمواجهة التغير المناخي، أو الالتزام ببنود اتفاقية باريس للمناخ.

في أفريقيا نجحت رواندا من خلال رؤية 2020 في إحراز تقدم تنموي غير مسبوق، فأصبحت مدينة كيغالي هي العاصمة الأنظف والأكثر أمناً في أفريقيا، وباتت رواندا هي الدولة الأكثر نمواً في القارة السمراء.

جون ميرنجي، سفير رواندا لدى الإمارات، يقول: إننا نشيد بجهود دولة الإمارات العربية المتحدة في توحيد العالم بهدف أن يخرج مؤتمر الأطراف الواعد بنتائج ملموسة. ورواندا لديها ثقة في أن«كوب28» سيؤدي إلى عمل مناخي طموح ويعيد التأكيد على الإصرار الجماعي لمعالجة تغير المناخ لصالح الأجيال الحالية والمستقبلية. وأضاف ميرنجي: وضعت رواندا نفسها كمناصر للعمل المناخي، ونحن نتطلع إلى المشاركة والعمل مع الشركاء في «كوب28».
 «الاتحاد» حاورت الدكتورة جين دارك موجومارياى، وزيرة البيئة في رواندا، لتحكي تجربة بلادها في النمو الأخضر، وكيف طور هذا البلد الواقع في شرق أفريقيا سياسته الاقتصادية ليواكب الجهد العالمي للتصدي للتغير المناخي، وشارك في الحوار «تيدي موجابو» الرئيس التنفيذي لصندوق رواندا الأخضر.

رؤية رواندا 2050 
وعن الخطوات التي اتخذتها رواندا وطموحاتها في العمل المناخي والاقتصاد الأخضر، أكدت د.جين دارك موجومارياي أن رؤية رواندا لعام 2050 تتلخص في أن يصبح اقتصادها محايداً للكربون، وقادراً على التكيف مع تغير المناخ. ويتماشى ذلك مع استراتيجيتنا الوطنية للتحول، ما يسهل التنسيق بين القطاعات من أجل التنفيذ السلس للسياسات واللوائح البيئية. وتهدف خطة عملنا المناخية إلى خفض الانبعاثات بنسبة 38% بحلول عام 2030 مقارنة بالعمل المعتاد، وهو ما يعادل انخفاضاً كبيراً في هذه الانبعاثات قدره 4.6 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون. تركز استراتيجية النمو الأخضر والقدرة على التكيف مع تغير المناخ، وفي الوقت نفسه تعزز مسار التنمية في رواندا الذي يتميز بالمرونة المناخية ويشجع الابتكار الاقتصادي الأخضر. بالإضافة إلى ذلك، تقول موجومارياي: تعمل كل من الاستراتيجية وخطة العمل المناخية على توجيه سياستنا الاستثمارية الوطنية لضمان التماسك بين أهداف التنمية في رواندا، وأهدافها المناخية.
وبخصوص توقعات رواندا لنتائج «مؤتمر الأطراف»، أكدت وزيرة البيئة الرواندية أن  مشاركة رواندا النشطة في مؤتمرات الأطراف السابقة مفيدة في تسليط الضوء على البلاد كوجهة مثالية للاستثمارات الخضراء. يُنظر إلى مؤتمر COP28 المنعقد حالياً على أنه فرصة لتحفيز التزام أقوى بالعمل المناخي الطموح مع عرض فرص الاستثمار الأخضر المتنوعة داخل رواندا. نحن نتطلع إلى إطلاق مبادرات وتشكيل شراكات جديدة تدعم خطة عمل رواندا للمناخ. وتعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة، باعتبارها الجهة الداعية لهذا المؤتمر رفيع المستوى، شريكاً مهماً. لذا، فإننا نهدف إلى زيادة تعزيز وتوسيع هذه الشراكة القوية.
وتأمل وزيرة البيئة الرواندية د.«جين دارك موجومارياى» أن تشهد رواندا إعادة تشكيل هيكل تمويل المناخ العالمي، والانتقال من المشاريع الصغيرة إلى استثمارات كبيرة طويلة الأجل تعمل على تعزيز الآليات القائمة. وأضافت: «ينصب تركيزنا على تسهيل الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وجذب استثمارات القطاع الخاص. بالإضافة إلى ذلك، تعد إصلاحات السياسات الرامية إلى مواجهة التحديات الناجمة عن تغير المناخ ومبادرات تنمية القدرات أمراً حيوياً للتخفيف من المخاطر المرتبطة بتغير المناخ».

أخبار ذات صلة أبناء القبائل: البيت متوحد تحت راية القيادة تحذيرات أممية من تفشي الأمراض المعوية والجلدية في قطاع غزة مؤتمر الأطراف «COP28» تابع التغطية كاملة

استراتيجية النمو الأخضر 
وأشارت «تيدي موجابو»، الرئيس التنفيذي لـ«صندوق رواندا الأخضر» إلى أن «استراتيجية النمو الأخضر والمناخ» دليل للسياسة والتخطيط الوطنييْن بطريقة متكاملة، بهدف جعل اعتبارات تغير المناخ هي التوجه السائد في جميع قطاعات الاقتصاد. وهذا الموقف الاستراتيجي يسعى إلى تمكين رواندا من الوصول إلى التمويل والاستثمارات الدولية، وهو أمر بالغ الأهمية لتحقيق القدرة على التكيف مع تغير المناخ وتفعيل مسارات التنمية منخفضة الكربون. تركز استراتيجيتنا على أربعة مجالات، يركز كل منها على برنامجين عمليين، يشملان قطاعات مثل الزراعة، والسياحة، والطاقة، والتحول الحضري، والصناعة، وإدارة الموارد الطبيعية.
خطة خفض الانبعاثات
وعن تقييم تجربة رواندا وجهودها في الالتزام بنتائج اتفاقية باريس للمناخ، أكدت تيدي موجابو، الرئيس التنفيذي لـ«صندوق رواندا الأخضر»، أنه في عام 2020، كانت رواندا أول دولة في أفريقيا تقوم بتحديث مساهماتها المحددة وطنياً بموجب اتفاق باريس، المعروف أيضاً باسم خطة العمل المناخية. وتهدف رواندا من خلال هذه الخطة الطموحة إلى خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 38% بحلول عام 2030 مقارنة بالعمل المعتاد وتحسين قدرتها على التكيف مع تغير المناخ.

التمويل المناخي
وأضافت «موجابو»، أن مشاركة رواندا النشطة في شراكة المساهمات المحددة وطنياً (NDC) مكنت البلاد من تسريع تنفيذ خطة العمل المناخية من خلال دعم الاستعداد وتطوير مجموعة من المشاريع التي تهدف إلى جذب التمويل المناخي العام والخاص. ويؤدي خفض الانبعاثات والتكيف مع تغير المناخ إلى تحسين الحياة وخلق فرص جديدة للنمو الأخضر والتنمية المستدامة
وأشارت «موجابو» إلى أنه وفي إطار جهود رواندا لتحفيز العمل المناخي، أطلقت في نوفمبر 2022، برنامج «إريمي إنفيست» (Ireme Invest)، وهو عبارة عن آلية بقيمة 100 مليون دولار لتعزيز وصول القطاع الخاص إلى التمويل الأخضر. وسيزيد المرفق من مساهمة القطاع الخاص في استجابة رواندا لتغير المناخ. وفي فبراير من هذا العام، أطلقت رواندا آلية «انتيجو» Intego للمساهمات المحددة وطنياً، وقد تم إنشاء هذه الآلية بقيمة 46 مليون يورو لدعم العمل المناخي في القطاع العام. وفي يونيو الماضي، أطلقت رواندا استراتيجيتها المنقحة للنمو الأخضر والقدرة على التكيف مع تغير المناخ، والتي تم تحديثها لتتماشى مع رؤية 2050 وستكون بمثابة استراتيجية رواندا طويلة الأجل للتنمية منخفضة الانبعاثات.

 

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: مؤتمر الأطراف الأمم المتحدة تغير المناخ الإمارات رواندا كوب 28 الاستدامة على التکیف مع تغیر المناخ مؤتمر الأطراف العمل المناخی النمو الأخضر

إقرأ أيضاً:

رئيس مركز البيئة والزراعة البريطاني: الكويت حريصة على التعاون العالمي لمواجهة تحديات تغير المناخ

 أشاد مسؤول بيئي بريطاني بحرص الكويت على التعاون العالمي في مواجهة التغير المناخي والتحديات البيئية الراهنة، مبينا أهمية ذلك التعاون إزاء تحديات التغير المناخي حماية للبيئة بشكل عام والبحرية بشكل خاص.

جاء ذلك في لقاء أجرته «كونا» مع الرئيس التنفيذي لمركز البيئة والزراعة والثروة السمكية البريطاني CEFAS نيل هورنبي في ختام زيارته الرسمية إلى البلاد بالتعاون مع سفارة المملكة المتحدة للاحتفاء بمرور 10 أعوام على بدء عمل CEFAS في الكويت.

وقال هورنبي إن التحدي البيئي من التغير المناخي بارتفاع درجات الحرارة وزيادة منسوب البحار والمحيطات حول العالم هو تحد عالمي يحتاج من جمع الأطراف التكاتف والتعاون للحد من مخاطره على البيئات والإنسان، مشيدا برغبة وشغف الكويت ممثلة بالحكومة وبالمراكز والهيئات البيئية في مد يد التعاون على الصعيد الدولي في سبيل ذلك.

وذكر أن CEFAS تتعاون من خلال العديد من البرامج والمشاريع الحيوية مع عدة جهات زارها خلال وجوده في الكويت الأسبوع الجاري منها مركز الكويت للأبحاث العلمية والهيئة العامة للبيئة والمنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية.

وأشار إلى تنوع هذه البرامج من إجراء دراسات ميدانية وبحوث عن تأثر البيئة البحرية من عوامل التغير المناخي لا سيما وزيادة درجة الحرارة «بأكثر البحار حرارة في العالم»، وهو الخليج العربي، إضافة إلى بحث سبل كبح جماح التلوث وخصوصا المواد البلاستيكية التي «تبطش» بالحياة البحرية ليس فقط في الكويت وإنما في العالم أجمع.

وبين أن موقع الكويت الجغرافي في أشد مناطق العالم حرارة جعلها في مقدمة المتأثرين سلبا بارتفاع درجات الحرارة ما يجعلها بنفس الوقت موقعا خصبا للبحث وجمع المعلومات عن تكيف الحياة البحرية لتلك المتغيرات، مشددا على أنها معلومات مهمة تتم مشاطرتها مع الحكومات والمنظمات البيئية حول العالم لدعم جهودها في التقليل من حدة وطأتها حيث تم نشر أكثر من 25 ورقة بحث علمية حولها بالتعاون مع المركز البريطاني ونظرائه في دولة الكويت.

وذكر على سبيل المثال كائنات المرجان التي بالرغم من تأثرها سلبا في الخليج العربي بسبب زيادة درجات الحرارة فقد تم رصد قدرتها على التأقلم بصورة أكبر من المرجان في البحر الأحمر وهي معلومات قيمة سيستفيد منها العالم بأسره.

ولفت إلى أنه من البرامج والمشاريع المشتركة أيضا «سبل الحفاظ والتأقلم مع تلك المتغيرات وزيادة الوعي البشري بثقل وطأته»، مؤكدا الحاجة الماسة عالميا للتكاتف من أجل الحفاظ على «بيئتنا البحرية لنا وللأجيال المستقبلية».

وأشاد بما لاحظه من تفاعل براعم وشباب الكويت خلال زيارته مدرسة الكويت العالمية الإنجليزية وشغفهم واهتمامهم البالغ بالحفاظ على بيئتهم وتشكيلهم ناديا خاصا لتنظيف الشواطئ، الأمر الذي يبعث بالإيجابية في الرؤى المستقبلية للأجيال القادمة ورغبتهم في إبقاء بيئاتهم، لا سيما البحرية منها نظيفة تحتضن شتى أنواع من الكائنات واستيعابهم لضرورتها في بقاء الإنسان وتطوره.

وحول أكبر العقبات التي تواجه العمل البحثي والعلمي في الكويت، قال إن ارتفاع درجات الحرارة التي تفوق الـ 50 مئوية خلال الصيف هي أصعب التحديات لكن «استمرار عمل العلماء تحت طائل هذه التحديات هو إثبات لروح المثابرة والعزيمة والإيمان الخالص بأهمية هذا العمل من أجل الحفاظ على عالمنا والحرص على ترك كوكبنا رحبا لأجيال المستقبل». وثمّن دور السفارة البريطانية التي تعمل على إبقاء جسور التعاون بين جهات المملكة المتحدة المختلفة ونظرائها في البلاد ودور دولة الكويت والمنظمات التي ترعاها في سبيل الحفاظ على البيئة المحلية والدولية، آملا استمرار وتيرة هذا التعاون النشط من أجل المصلحة العالمية. يذكر أن مركز البيئة والزراعة والثروة السمكية البريطاني هو الذراع العلمية البيئية للحكومة البريطانية ويعمل في توفير المعلومات وأفضل السبل للتصدي للتحديات البيئية، ويتشارك بالعمل مع منظمات وحكومات العالم في أقصاها مثل الأقطاب الشمالية والجنوبية لكوكب الأرض لدعم التطوير الزراعي في دول جنوب شرق آسيا مثل بنغلاديش وغيرها.

مقالات مشابهة

  • رئيس مركز البيئة والزراعة البريطاني: الكويت حريصة على التعاون العالمي لمواجهة تحديات تغير المناخ
  • رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك في حلقة نقاشية حول مواجهة التغيرات المناخية.. صور
  • وزير الموارد المائية يبحث تأثير تغير المناخ على السدود في اجتماع ببنغازي
  • هـل تغيـر المنـاخ فعـلًا ؟
  • « التغير المناخي وعقوباته الوخيمة»
  • ما هو دور الذكاء الاصطناعي في التحول المناخي وعلاقته فى دفع النمو
  • القطب الشمالي.. تحذيرات بيئية متزايدة جراء تغير المناخ
  • خبير بيئي: برنامج الصناعات الخضراء المستدامة يحد من آثار تغير المناخ
  • نائب محافظ بني سويف يناقش مستجدات مشروع Stream لمواجهة تأثيرات تغير المناخ
  • حبوب اللقاح تروي قصة مناخ ليبيا الفريد