الإمارات انطلقت مبكراً في هذا التوجه الذي يعود إلى عهد مؤسس البلاد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وأخذت أشكالاً مختلفة، كلها تصب في تحقيق الهدف الذي بات محوراً عالمياً أساسياً، وسيكون كذلك لعقود مقبلة. 
وهذه المبادرات تجمع كل العناصر الضرورية للوصول إلى المستوى الذي يطمح له العالم، بما في ذلك استراتيجية متكاملة تحاكي المستقبل على أسس واقعية، وتوفر له الأرضية الصلبة في هذا الميدان، إلى جانب، طبعاً، المخصصات المالية الهائلة التي رصدتها الإمارات.

 
فقد استثمرت -كما هو معروف- 100 مليار دولار في تمويل العمل المناخي ككل والطاقة المتجددة والنظيفة. وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، أعلن مع انطلاق أعمال «القمة العالمية للعمل المناخي» COP28 في دبي عن استثمار 130 مليار دولار إضافية في السنوات السبع المقبلة.
إنها مشاريع هائلة الحجم توائم المسألة المحورية العالمية. والإمارات لا تكتفي بهذه المبادرات والمشاريع الضخمة الداعمة لحماية المناخ، بل تساهم أيضاً وبمبادرات ذاتية في دعم هذه التوجهات على الساحة الدولية، عبر تقديم مساعدات للبلدان الفقيرة والنامية لدعم خطط التنمية فيها، بما في ذلك مشروعات تتعلق بالطاقة. 
استراتيجية الإمارات في ساحة المناخ متكاملة، وهي تغطي جميع الجوانب والثغرات التي عانت منها هذه المسألة في السنوات الماضية. 
فقد وضعت على رأس أولوياتها تسريع عملية التحول على صعيد انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، مع التشديد على ألا يؤثر ذلك على النمو الاقتصادي الضروري لاستكمال مهام حماية المناخ بصورة عامة. وهذا ينسجم تماماً مع «اتفاقية باريس للمناخ» في العام 2015. إلى جانب طبعاً عملية إصلاح تمويل المناخ، والتركيز على حياة الناس وسبل عيشهم.
من هنا يمكن فهم تأكيدات الجهات الدولية المعنية بهذا الشأن، على نجاعة المشاريع الإماراتية المطروحة. فقد اعتبر هارجيت سينغ المسؤول في شبكة العمل المناخي، أن هذه الاستراتيجية ترسل «الإشارات الصحيحة حول العناصر الأساسية المطلوبة، لقمة مناخية ناجحة». 
ولأن الأمر كذلك، أكد جون كيري مبعوث الرئيس الأميركي للمناخ، في غير مناسبة، على أن الإمارات «تحقق إنجازات استثنائية متقدمة، لا سيما على صعيد التكنولوجيا في مكافحة التغير المناخي، وهي تقوم بدور رائد في هذا المجال الحيوي ليس محلياً وإقليمياً فحسب، بل عالمياً أيضاً». 
القمة العالمية للمناخ في الإمارات COP28، ستستكمل أعمالها في ظل مشاريع شاملة، تنطلق من أرضية محلية صلبة، وتضع مصلحة البشرية جمعاء على رأس الأولويات كلها. 
فالثغرات لا بد أن تسد في المرحلة المقبلة، والالتزامات الدولية يجب أن تشكل أساس المشهد العام، والرؤى التي تحاكي المستقبل تظل الدافع الأساسي للوصول إلى المستوى الذي يستحقه العالم أجمع. إنها مهمة ليست سهلة بالطبع، ولكن في ظل الطروحات عالية الجودة والصادقة، يمكن إنجازها.

أخبار ذات صلة محمد كركوتي يكتب: سوق الفن تُحلق محمد كركوتي يكتب: الاقتصاد العالمي في 2024

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: محمد كركوتي كلام آخر

إقرأ أيضاً:

د. عبدالله الغذامي يكتب: أن تسافر عنك إليك

من صيغ التعامل مع المكان أن تسافر منك إليك، ففي فترة «كورونا»، ومع منع السفر الخارجي، تعلم الناس في العالم كله أن يتحولوا عن مفهوم السياحة بوصفها سفراً إلى الخارج إلى مفهوم ٍ جديد حدث قسراً وغصباً وهو السياحة الداخلية، ليتعرفوا بذلك على كنوز بلادهم التي ظلوا ينؤون عنها للبحث عن البعيد، وفي هذا كشوفات لافتةٌ ظل أهلُ كل بلدٍ في العالم يتحدثون عنها باندهاش عجيب، لدرجة أنهم أصبحوا يتكلمون عن جهلهم ببلادهم وكنوز بلادهم.
وهذه مسألة شديدة الوضوح، وهي أيضاً شديدة العبرة، فإن كنا نجهل وجه الأرض فماذا عن جهلنا بباطن النفوس، وما ذا لو جرّبنا السياحة الروحية في نفوسنا لكي نكشف ما نجهله عنا وعن كنوزنا الروحية والنفسية، تلك الكنوز التي نظل نسافر بعيداً عنها ونمعن في الانفصال عنها لدرجة أن البشر صاروا يبذلون الوقت والمال لكي يستعينوا بخبير نفساني لكي يساعدهم للتعرف على نفوسهم، ولو قارنا ما نعرفه عن كل ما هو خارجٌ عنا وبعيدٌ عنا مكاناً ومعنى مقابل جهلنا بنا، لهالنا ما نكشف عن المجهول منا فينا، وكأننا نقيم أسواراً تتزايد كلما كبرت أعمارنا وكلما كبرت خبراتنا التي نضعها بمقامٍ أعلى من كنوز أرواحنا، وكثيراً ما تكون الخبرات كما نسميها تتحول لتصبح اغترابات روحيةً تأخذنا بعيداً عنا، وكأن الحياة هي مشروع للانفصال عن الذات والانتماء للخارج.
وتظل الذات جغرافيةً مهجورةً مما يؤدي بإحساس عنيف بالغربة والاغتراب مهما اغتنينا مادياً وسمعةً وشهادات ومكانةً اجتماعية، لكن حال الحس بالغربة يتزايد ويحوجنا للاستعانة بغيرنا لكي يخفف عنا غربتنا مع أن من نستعين بهم مصابون أيضاً بحالٍ مماثلة في حس الاغتراب فيهم، كحال الفيروسات التي تصيب المريض والطبيب معاً، وقد يتسبب المريض بنقل العدوى لطبيبه والجليس لجليسه مما يحول التفاعل البشري نفسه لحالة اغتراب ذاتي مستمر. والذوات مع الذوات بدل أن تخلق حساً بالأمان تتحول لتكون مصحةً كبرى يقطنها غرباء يشتكي كل واحدٍ همه، ويشهد على ذلك خطاب الأغاني والأشعار والموسيقى والحكايات، وكلما زادت جرعات الحزن في نص ما زادت معه الرغبة في التماهي مع النص، وكأننا نبحث عن مزيد اغتراب ذاتي، وكل نص حزين يقترب منا ويلامسنا لأنه يلامس غربتنا ويعبر عنها لنا.
كاتب ومفكر سعودي
أستاذ النقد والنظرية/ جامعة الملك سعود - الرياض

أخبار ذات صلة د. عبدالله الغذامي يكتب: الماضي حين نتغنى به د. عبدالله الغذامي يكتب: التعليم بوصفه نسقاً ثقافياً

مقالات مشابهة

  • صلاح الدين عووضة يكتب.. معليش الإعيسر !!
  • تامر أفندي يكتب: أنا اليتيم أكتب
  • د. عبدالله الغذامي يكتب: أن تسافر عنك إليك
  • عضو مجلس الإفتاء الأعلى الشيخ محمد نعيم عرقسوسي: العمل ‏جارِ ‏على ‏إعداد النظام الداخلي للمجلس
  • الخطة الوطنية للتكيف.. البيئة: نستهدف رفع الوعي.. خبراء: خارطة طريق للعمل المناخي تحدد أولويات المشروعات والتركيز على قطاعات الأمن الغذائي والمياه والطاقة
  • «الفجيرة للفنون القتالية» يُتوج بجائزة التميز المجتمعية في المملكة المتحدة
  • نبيل عبد الفتاح يكتب: طه عبدالعليم.. واحة الطيبة والعفوية الصادقة
  • كأس آسيا للناشئين.. مهمة صعبة تنتظر منتخب الإمارات أمام اليابان
  • ذكرى رحيله.. «محمد أحمد شبيب» صوت النصر الذي أبكى المصريين
  • محمد كركوتي يكتب: التنمية في ظل التسامح