شكل الاهتمام بالزراعة ومكافحة التصحر أولوية في فكر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حيث أسهمت جهود الوالد المؤسس في قهر الصحراء من خلال زراعة ملايين من أشجار النخيل، وتأسيس نهضة زراعية كبيرة حولت صحراء دولة الإمارات إلى مروج خضراء.

ويوثق محور “إرث الوالد المؤسس”، ضمن حملة “استدامة وطنية” التي تم إطلاقها مؤخراً للتوعية بمبادرات ومشاريع الاستدامة في الدولة تزامناً مع مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ “COP28” الذي يُعقد خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر من العام الجاري في مدينة إكسبو دبي، نهج وإرث الوالد المؤسس الشيخ زايد، في مجال الحفاظ على الطبيعة والتنوّع البيولوجي، حيث أدرك أهمية الاستدامة قبل أن يصبح هذا المفهوم محل اهتمام العالم.

وتسعى حملة استدامة وطنية إلى نشر الوعي حول قضايا الاستدامة البيئية، وتشجيع المشاركة المجتمعية في جهود ومبادرات دولة الإمارات في مختلف المجالات والهادفة لتحقيق أهداف الحياد المناخي.

 

استصلاح الأراضي الزراعية

وتزامناً مع مؤتمر “COP28”، تشارك دولة الإمارات العالم جهوده لحماية كوكب الأرض، مستندة في ذلك إلى نهج وإرث الوالد المؤسس الشيخ زايد الذي أكد أن “اهتمامنا بالبيئة ليس وليد الساعة، إنما هو اهتمام أصيل وراسخ دعونا له ومارسناه وطبّقناه، قبل أن يبدأ اهتمام العالم بسنوات عديدة”، كما تتقاطع رؤية المغفور له الشيخ زايد الثاقبة في التوسع في الزراعة وزيادة أعمال التشجير مع أهداف “COP28” في حماية البيئة من آثار التغيرات المناخية، ودفع الجهود العالمية لإحداث نقلة نوعية في قطاع الزراعة لتحقيق أمن غذائي مستدام.

وحرص الشيخ زايد على تنمية الإمكانيات الزراعية، عبر استصلاح الأراضي الزراعية الجديدة، وبناء الأفلاج، وإنشاء القنوات، إضافة إلى توفير المياه من دون مقابل، حيث قال: “إن مياه الأفلاج الآتية من جوف الأرض يجب أن تكون من حق كل الناس الذين يعيشون فوق هذه الأرض”.

ومع تولى الوالد المؤسس الشيخ زايد، مقاليد حكم أبوظبي عام 1966، نجح في زراعة قسم كبير من الصحراء، ثم عمل جاهداً على مساعدة المزارعين، وتدريبهم على الزراعة، وترشيد استهلاك المياه، كما عمل على إنشاء السدود، وتحلية مياه البحر، وزراعة أشجار القرم.

 

شجرة الغاف

وكان الوالد المؤسس الشيخ زايد من أكثر من قدروا شجرة الغاف وحافظ على ما هو موجود من أشجارها في الطبيعة، وأصدر توجيهاته بمنع قطع أي شجرة غاف في إمارات الدولة، وأمر باستزراع غابات جديدة واسعة من الغاف حتى وصل عددها إلى ملايين الأشجار.

وصاحب اهتمام الشيخ زايد بالنشاط الزراعي والبيئي، سن القوانين والتشريعات العديدة للمحافظة على الثروة الزراعية والبيئية على أرض الدولة، كما عمل على دعم الابتكار للبحث عن سبل وآليات جديدة لتنمية وتطوير آليات الزراعة في الدولة، وذلك من خلال إنشاء مراكز بحوث زراعية عدة أسهمت في إحداث طفرة كبرى في الحركة الزراعية.

واهتم الشيخ زايد بإنشاء المؤسسات الزراعية المختصة، وتضمن المرسوم الأميري رقم 3 لسنة 1966 لإنشاء الدوائر الحكومية، وتوزيع اختصاصاتها في إمارة أبوظبي، تأسيس “دائرة الزراعة والثروة الحيوانية في العين”، وكان توجه الوالد المؤسس أن يقيم الدوائر الزراعية المختصة، ويدعمها بالأجهزة والاختصاصيين في مختلف العلوم والاختصاصات الزراعية لزيادة الفاعلية في تنفيذ المشاريع الطموحة.

وامتدت أيادي المغفور له الشيخ زايد البيضاء في مجال الزراعة إلى دول عدة مثل مشروع استصلاح الأراضي في النوبارية في جمهورية مصر العربية، ومشروع قناة الشيخ زايد لنقل مياه النيل إلى الاراضي الصحراوية في منطقة توشكي المصرية، وإعادة بناء سد مأرب في اليمن، وغيرها من المشاريع.

 

أوسمة وجوائز

وتقديراً لجهوده في نشر التنمية الزراعية والمحافظة على البيئة في دولة الإمارات، حظي الوالد المؤسس الشيخ زايد باحترام عالمي كبير وحصل على العديد من الأوسمة وشهادات التقدير والدروع من المؤسسات والمنظمات الإقليمية والدولية.

وقد تلقى الشيخ زايد في عام 1995 ميدالية ذهبية وجائزة تقديرية من الدكتور جاك ضيوف مدير عام منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “الفاو” تقديراً لجهوده في نشر التنمية الزراعية بدولة الإمارات ومساهماته في عدد من الدول النامية، كما منحت المنظمة الشيخ زايد في عام 2001 “ميدالية اليوم العالمي للأغذية ” اعترافاً بجهوده في مكافحة التصحر ومواقفه المشرفة والعظيمة في خدمة البشرية جمعاء.

كما تسلم الشيخ زايد في 1997 شهادة الدكتوراة الفخرية في مجال الزراعة التي منحتها له جامعة عين شمس في مصر، في حين تلقى الوالد المؤسس في 2002 درعاً تذكارية من برنامج الأمم المتحدة للبيئة تقديراً وعرفاناً لجهوده المخلصة في مجال حماية البيئة ونشر الرقعة الخضراء وتسخير كل الإمكانيات للمحافظة على البيئة، إضافة إلى العديد من الجوائز والأوسمة وشهادة التقدير العربية والإقليمية والدولية.

 

قطاع زراعي مستدام

وبفضل الرؤية الثاقبة الشيخ زايد، تطور القطاع الزراعي بشكل سريع منذ عام 1971، حيث تم تأسيس قطاع زراعي مستدام في دولة الإمارات، وفي هذا الإطار أعرب الوالد المؤسس عن اعتزازه بما حققته الإمارات من إنجازات في مجال الزراعة والتشجير بقوله: “لقد تمكنا من تحويل أرض هذا الوطن التي قيل أنها لا تصلح للزراعة والتنمية إلى مزارع تنتشر على مدى البصر.. وإلى حدائق وغابات خضراء ومصانع إنتاجية”، كما قال الشيخ زايد: “إن ما يدعونا للفخر والاعتزاز أن دولة الإمارات العربية المتحدة استطاعت تحقيق نجاحات بارزة وباهرة في إعادة الخضرة إلى المناطق الصحراوية ولم يقتصر نجاحنا على زراعة تلك المساحات الواسعة من الصحراء بل تعداه إلى توطيد علاقة مجتمع الإمارات بالزراعة واستطعنا من خلال تكثيف حملات التوعية والإرشاد والتدريب والدعم المستمر واللامحدود توطيد علاقة العطاء المتبادلة القائمة بين الأرض والمواطن الذي صار أكثر حرصاً على حيازة الأراضي الزراعية وإدارتها وتطويرها”.

واستكمالاً لمسيرة الشيخ زايد، وبتوجيهات قيادة دولة الإمارات، واصلت الإمارات هذه المسيرة لاستدامة القطاع الزراعي، حيث تم إطلاق العديد من المبادرات والمشاريع المهمة بهدف زيادة نسبة الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية، وتحسين المردود الاقتصادي لقطاع الزراعة، وزيادة الاستثمارات وتوظيف التكنولوجيا فيه، ونتيجة لذلك دخلت الإمارات في عام 2019 موسوعة جينيس من حيث كونها الأولى عالمياً بأعداد أشجار نخيل التمر، حيث قدر عدد أشجار النخيل بأكثر من 40 مليون نخلة، كما بلغ إجمالي عدد المزارع في الدولة وفقاً لأحدث إحصائيات وزارة التغير المناخي والبيئة 38 ألف مزرعة تتبع أساليب زراعة متنوعة، فضلاً عن تصدر الإمارات دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على المؤشر العالمي للأمن الغذائي 2022.وام

 


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

رئيس مركز بحوث الصحراء يفتتح ملتقى مصر الدولي للتمور لزيادة الصادرات

افتتح الدكتور حسام شوقي رئيس مركز بحوث الصحراء معرض وملتقى مصر الدولي للتمور والذي ينظمه  الفريق الدولي للمعارض والمؤتمرات، بمركز مصر الدولي للمعارض بالتجمع الخامس، بمشاركة كبار الدول العربية المنتجة للتمور ونخبة من شركات ومصانع التمور المصرية المصدرة. 

مصانع التمور المصرية

تحت رعاية رئاسة مجلس الوزراء، ونيابة عن علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي وبحضور اللواء خالد شعيب محافظ مطروح.

وذلك في إطار رؤية الدولة المصرية لتعزيز الاهتمام بالمحاصيل القادرة على التكيف مع التغيرات المناخية والتحديات البيئية في الصحاري المصرية، ويأتي ذلك ضمن جهود وزارة الزراعة المصرية لتطوير قطاع النخيل والتمور، تعزيزاً لأهميته الاستراتيجية للاقتصاد والأمن الغذائي المصري.

وحضر الافتتاح، سفير المملكة العربية السعودية بالقاهرة صالح بين عيد الحصيني،

وذكر خالد شعيب محافظ مطروح ، أن مهرجان ومؤتمر التمور يعد منصة للابتكار والتصدير حيث يشهد مهرجان التمور في مصر مشاركة واسعة من المنتجين، المصنعين، والمصدرين، إلى جانب خبراء الصناعة والباحثين، كما أن المعرض  فرصة لعرض المنتجات الجديدة و أحدث تقنيات التصنيع، والأصناف المتنوعة من التمور، مما يجعله منصة لتبادل الخبرات وتطوير آليات التصدير، كما يهدف المهرجان إلى فتح أسواق جديدة للتمور المصرية، خاصة في أوروبا وآسيا، مما يعزز من قيمة الصادرات الوطنية.

"التغيرات المناخية وتأثيرها على الزراعة" ندوة بجامعة الفيوم

وأكد شوقي على أن مصر تسعى لتطوير قطاع النخيل والاستفادة من إمكاناته لتلبية احتياجات السوق المحلية والعالمية، مشيرًا إلى أن مصر تعد الأولى عالميًا في إنتاج التمور، حيث تنتج أكثر من 1.8 مليون طن سنويًا، ما يعادل 18% من حجم الإنتاج العالمي، وأضاف أن حجم صادرات مصر من التمور لا يتجاوز 50 ألف طن سنويًا.
وتطرق شوقي إلى نجاح مصر في تطوير هذا القطاع الحيوي، حيث تمتلك أكبر مزرعة نخيل في العالم في توشكي، بمساحة 38 ألف فدان، منتجة أكثر من 44 صنفًا من التمور وتم إعلان ذلك رسمياً في موسوعة جينس للأرقام القياسية في مايو 2023، كما أكد أن وزارة الزراعة تستهدف تطوير سلسلة الإنتاج بالكامل من خلال مراكزها البحثية، وتقديم الدعم الفني والاهتمام بالدور الارشادي والتدريب للمزارعين في مجال زراعة النخيل.

كما استطرد سيادته إلى أنه تم إطلاق استراتيجية لتطوير قطاع النخيل والتمور في مصر في فبراير 2024 ، بالتعاون مع منظمة الفاو ووزارة التجارة والصناعة ووزارة الزراعة ممثلة في المعمل المركزي لأبحاث النخيل، وتهدف إلى تحقيق نهضة مستدامة للقطاع باستخدام العلم والتكنولوجيا في مراحل الإنتاج والتصنيع والتصدير، مما يساهم في زيادة الدخل القومي وتحسين معيشة المزارعين إلى جانب المساهمة في حماية البيئة والتحول إلى الإنتاج الأخضر.

الزراعة تطلق ٣٠ منفذ متحرك لبيع منتجاتها بأسعار مخفضة بمحافظة المنيا

وفي ختام كلمته، شدد شوقي على أن التحدي الأكبر يكمن في تعزيز قدرة مصر على التصدير وزيادة حصتها في الأسواق العالمية، مشيرًا إلى أن تحسين جودة الإنتاج، وتطبيق تقنيات حديثة في الزراعة والتخزين، بالإضافة إلى تطوير استراتيجيات تسويقية فعّالة، سيسهم في تحويل إنتاج التمور المصري إلى ميزة تنافسية دولية، كما أن تعزيز التعاون بين الجهات الحكومية والمزارعين والمصدرين سيسهم في فتح أسواق جديدة وزيادة القيمة المضافة للتمور المصرية .

مقالات مشابهة

  • مهرجان الشيخ زايد.. وجهة مميزة للأنشطة الرياضية والتراثية
  • «الزراعة» تشارك في معرض الوادي الجديد الزراعي
  • مركز بحوث الصحراء يشارك في معرض الوادي الجديد الزراعي -EGY AGRI
  • زايد العليا تفتتح مركزاً لتقديم الرعاية للمصابين الفلسطينيين من أصحاب الهمم
  • ذياب بن محمد بن زايد وبيل غيتس يبحثان سبل تعزيز الشراكات الدولية
  • رئيس مركز بحوث الصحراء يفتتح ملتقى مصر الدولي للتمور
  • رئيس مركز بحوث الصحراء يفتتح ملتقى مصر الدولي للتمور لزيادة الصادرات
  • سيف بن زايد: دعم أم الإمارات للمرأة والطفل والأسرة حاضر دوماً في جميع المحافل
  • سيف بن زايد: ثمرات الرعاية الحانية لأم الإمارات حاضرة في جميع المحافل
  • سيف بن زايد: ثمرات الرعاية الحانية لـأم الإمارات حاضرة دوماً في جميع المحافل