فساد وعنف.. هكذا استعمرت بريطانيا فلسطين وظهرت إسرائيل
تاريخ النشر: 4th, December 2023 GMT
مثل المستعمرات البريطانية الأخرى، استعمرت بريطانيا فلسطين من خلال المعاملات المالية الفاسدة، واستغلال النفوذ، وعنف تم تبريره بمفاهيم التفوق العنصري، لكن مثل كينيا وزيمبابوي وجنوب أفريقيا، يثبت الفلسطينيون أنهم مصرون على النضال لتقرير المصير في وطنهم، بحسب ماري سيروماجان في تقرير بموقع "أفريكان أرجيومنتس" (African Arguments).
ماري تابعت، في التقرير الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أن "الإمبراطورية العثمانية سقطت بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، وبعدها قامت عصبة الأمم بجعل الأجزاء المكونة لها، بما في ذلك فلسطين، أراضٍ منتدبة".
وأضافت أنه "في المناقشات التي دارت في البرلمان البريطاني، تمت الإشارة إلى فلسطين (تحت الانتداب البريطاني) على أنها أرضٍ محتلة ومستعمرة. وعندما طالب بالسماح للشركات البريطانية ببعض الامتيازات لمشاريع التنمية في فلسطين، قال النائب ج. بوتشر: "نحن في فلسطين كدولة محتلة وطالبنا بأن يكون للعمال والمصنعين البريطانيين حصة في الغنائم".
ولفتت إلى أن "بريطانيا أبرمت اتفاقا مع المنظمة الصهيونية لمساعدة أعضائها في إنشاء وطن لليهود في فلسطين، وهو ما يُعرف باسم وعد بلفور لعام 1917".
وزادت بأنه "تم تشكيل اللجنة الصهيونية لتقديم عروض إلى عصبة الأمم، وأُتيحت لها الفرصة لتقديم حججها بشأن الوطن بناءً على ادعاءات تاريخية".
اقرأ أيضاً
محكمة فلسطينية تقضي بإدانة بريطانيا وبطلان وعد بلفور
هجرة صهوينية
و"فيما يتعلق بالصهيونية، ذكرت لجنة كينج- كرين (بريطانية) أن السياسة الصهيونية المتطرفة، المتمثلة في الهجرة غير المحدودة (إلى فلسطين)، والتي من شأنها أن تؤدي إلى إقامة دولة يهودية، تحتاج إلى تعديل جدي. وكان واضحا للجنة أن الصهاينة كانوا يستعدون لمصادرة ملكية الأشخاص غير اليهود عن طريق عمليات شراء"، كما أضافت ماري.
وتابعت أن "اللجنة أوصت بأن يكون لفلسطين الصوت الحاسم في تشكيل مستقبل البلاد. وأظهر استطلاع أن 90% من الفلسطينيين يعارضون بشكل قاطع البرنامج الصهيوني برمته".
وزادت بأن "اللجنة خلصت إلى أن الهجرة اليهودية غير المحدودة إلى فلسطين والضغوط المالية والاجتماعية للاستيلاء على الأرض ستشكل انتهاكا صارخا لحقوق الشعب (الفلسطيني)".
ماري لفتت إلى أنه "تم تعيين الصهاينة في مناصب حكومية رئيسية في فلسطين منها: السكرتير القانوني، مدير التجارة والصناعة، مدير المخازن المركزية، مدير العمل، مساعد مدير الأمن العام، مساعد مدير السكك الحديدية والمرور، مساعد مدير السكك الحديدية والمرور، مدير الهجرة في يافا، مدير الهجرة في حيفا".
اقرأ أيضاً
وزير إسرائيلي يصف نزوح سكان غزة بـ"نكبة 2023"
نكبة فلسطين
وفي مجلس العموم، بحسب ماري، قال وزير شؤون المستعمرات، دبليو تشرشل، كما فعل وكيل الوزارة وآخرون، إن بريطانيا لا يمكنها التراجع عن الضمانات الخاصة بالوطن الجديد التي قدمها بلفور للمنظمة الصهيونية.
تشرشل أردف أن "هذا التعهد لا يمكن تحقيقه إلا من خلال منح الامتيازات (لليهود). ولتحقيق النجاح، ستكون هناك حاجة إلى المهنيين والعمال، وبالتالي تم تشجيع زيادة الهجرة. وعند هذه النقطة تم دمج القضايا الثلاث: الوطن اليهودي والتنمية الاقتصادية في فلسطين ومنح الامتيازات"، كما زادت ماري.
وأفادت بأن "الهجرة إلى فلسطين تضاعفت تقريبا بين عامي 1923 و1924، ثم تضاعفت تقريبا مرة أخرى في العام التالي. وبلغ عدد سكان فلسطين عام 1922 757,182 نسمة: 590,390 مسلما، 83,694 يهوديا، 73,024 مسيحيا)".
وقالت إن انزلاق فلسطين التام إلى دائرة العنف أدى إلى قيام بريطانيا بتقديم طلب إلى الأمم المتحدة للتنازل عن انتدابها، وأُعلن قيام دولة إسرائيل (في عام 1948 على أراضٍ محتلة) وحصل الفلسطينيون عل وعد بتقرير المصير.
وأضافت أن "الطرد العنيف للفلسطينيين من فلسطين عام 1948، أو النكبة، أدى إلى طرد أكثر من 700 ألف فلسطيني من منازلهم. وهؤلاء هم الذين يقيمون في غزة وجنين (بالضفة الغربية) ومخيمات اللاجئين الأخرى في فلسطين وإسرائيل وما حولهما".
ماري ختمت بأنه "بينما تكتب هذا التقرير، كان القصف الإسرائيلي يدفع نحو تهجير الفلسطينيين من غزة. وبحسب ما ورد تلقت مصر عرضا من الولايات المتحدة لقبول نقل السكان الفلسطينيين إلى سيناء مقابل إلغاء الديون".
اقرأ أيضاً
تفرض على مصر استضافة مليون فلسطيني.. مبادرة أمريكية لتهجير سكان غزة
المصدر | ماري سيروماجان/ أفريكان أرجيومنتس- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: فساد عنف استغلال بريطانيا فلسطين إسرائيل إلى فلسطین فی فلسطین
إقرأ أيضاً:
دليل الشباب العربي لفهم الصهيونية ومخاطرها على العروبة
د. عبدالله الأشعل **
الصهيونية معناها الاستيلاء على فلسطين بدعوى مُختلفة وهي جريمة مركبة، وبسط هذه الفكرة تيودور هرتزل وبناها على فرضيات معينة، الأولى أنَّ اليهود عانوا طويلا من الاضطهاد في المجتمعات الذي عاشوا فيها، وإذا علمنا أنَّ الصهاينة لا علاقة لهم باليهود، سقط المشروع من بدايته.
أما الفرضية الثانية فهي أنَّ الصهاينة شعب، لكنهم بالفعل عصابة. الفرضية الثالثة أنَّ هذا الشعب اليهودي لا يُمكن أن يندمج مع الشعوب الأخرى، لأنها لا تتحلى بالتسامح الديني أو الاجتماعي؛ ولذلك تقوم الحركة الصهيونية على فكرة المظلومية! الفرضية الرابعة تقول إنه ما دام الاندماج مُستحيلًا فإنَّ الحل هو تجميع اليهود في دولة خاصة بهم. ثم الفرضية الخامسة وهي أن اليهود قومية وما داموا شعبًا فإن لهم الحق في إقامة الدولة القومية، وكذلك حق تقرير المصير.
وهنا يتضح التناقض بين عناصر الفكرة الصهيونية، ثم إنها تخلط بين القومية اليهودية، ومعنى ذلك أنه صراع قوميات بين القومية اليهودية والقومية العربية، وهذا غير صحيح؛ لأن الدين لا يُمكن أن يُشكِّل قومية، والصحيح أنَّ أنصار هذه الفكرة يُشكِّلون مافيا، لكي تنقض على فلسطين انطلاقًا من المظلومية، وكان هرتزل قد أصدر كتابه الدولة اليهودية باللغة الألمانية ثم ترجم إلى الإنجليزية عام 1946 قبيل قيام إسرائيل.
وقد أوضح هرتزل في كتابه مجموعة من القسمات والركائز للفكرة الصهيونية أولها أن الصهيونية تهدف إلى إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي من خلال استعمار فلسطين. وثانيها أنه اعترف في كتابه بأن الحركة الصهيونية حركة علمانية قومية وظهرت في أواخر القرن التاسع عشر كرد فعل لموجات الاضطهاد واللاسامية أي كراهية اليهود واضطهادهم والتمييز ضدهم. وثالثها أن هذه الفكرة تستحق إقامة الدولة عن طريق المستوطنين الصهاينة الذين وصلوا فلسطين في نهاية القرن التاسع عشر ومعهم بدأ الصراع مع الفلسطينيين. ورابعها أن الصهيونية أوفر حظاً في فلسطين من الناحية التاريخية من العرب. وخامسها أن الحركة تحتاج إلى مساندة دول كبرى. وسادسها تزعم الصهيونية أنها حركة تحرر وطني لتحرير فلسطين وردها إلى ملك أجدادهم، بينما رأى غيرهم أنها حركة استعمارية عنصرية أيديولوجية. وسابعها بصفتها حركة تحرر وطني لها الحق بتقرير المصير الذي ارتبط بظهور القومية في أوروبا في منتصف القرن التاسع عشر. وثامنها أن اليهود أُمَّة ولهم حقوق أدبية وتاريخية ولهم الحق في تقرير مصيرهم في فلسطين.
باختصار.. تقوم الحركة الصهيونية على استخدام العنف وإفراغ فلسطين من أهلها وإحلال اليهود محلهم تحت مُسمى التهجير أو التطهير العرقي؛ فالتهجير أيدلوجية صهيونية ولا يُمكن إدماج اليهود مع غير اليهود.
مخاطر الصهيونية على العالم العربي
الحركة الصهيونية حركة استعمارية إحلالية استيطانية، ولذلك تزعم ملكيتها لفلسطين والنتيجة لهم الحق في إبادة أهلها أو تهجيرهم، ويُعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رأس الحركة الصهيونية، وقال الرئيس جو بايدن إنه لكي تكون صهيونيًا لا يُشترط أن تكون يهوديًا، وتطبيقًا لذلك طالب ترامب مصر والأردن بأن يستقبلا أهالي غزة، وقد رفضت مصر والأردن والعرب جميعًا ذلك، كما رفض الفلسطينيون أنفسهم.
وكان الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز قد أصدر كتابًا في منتصف ثمانينيات القرن الماضي عنوانه "الشرق الأوسط الكبير"، بمعنى إلغاء العروبة وإحلال الهوية الصهيونية محل العربية، بحيث تكون إسرائيل مركز التفاعل بالمنطقة.
والشرق الأوسط يشير إلى الصهيونية، وبالفعل تم اختراق العالم العربي من جانب الصهيونية، وكادت الصهيونية أن تحل محل العروبة، ما لم تنهض الشعوب العربية وتؤكد الهوية العربية لهذه المنطقة، لكن انتصار المقاومة عطَّل تنفيذ هذا المشروع.
والغريب أن جامعة الدول العربية وصمت- في مرحلة ما- إحدى جماعات المقاومة بالإرهاب، بينما تصدت إيران غير العربية لدعم المقاومة العربية، واليوم تجري شيطنة إيران في سوريا وغيرها، كجزءٍ من مخطط إسرائيل لضرب المقاومة تحت عنوان "تخليص سوريا من الإرهاب".
ويبدو أن لُعبة خلط الأوراق في المنطقة، نجحت بشكل مؤقت لصالح إسرائيل، والواقع أن الحكام العرب- وهم الواجهة للدول العربية- يجب أن ينحازوا بوضوح للعروبة في معركة الهُوِيَّة.
** أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا
رابط مختصر