الدروس المستفادة من الحرب الإسرائيلية على غزة
تاريخ النشر: 4th, December 2023 GMT
لقد أحدثت الحرب تغييرًا إستراتيجيًا في الأوضاع على المستويين الدولي والإقليمي، حيث لن تعود الأوضاع كما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر 2023، حصلت حماس على الشرعية سواء بالتفاوض المباشر مع الولايات المتحدة الأمريكية أو بإبرام اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، لقد أثبت التاريخ دائمًا أن الدول والقيادات الشاذة تكون نهايتها مأساوية، وفي هذا الصدد برزت دروس مستفادة عديدة في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والإعلامية والاجتماعية ستؤدي حتمًا إلى تغيرات في تلك المجالات الأمر الذي سينعكس على مجمل الأوضاع ليس فقط في الشرق الأوسط بل يتعداه إلى الأوضاع الدولية.
كانت أبرز الدروس في المجال السياسي هي ما ظهر من صمود نادر للمدنيين العزل داخل القطاع، حيث رفض معظمهم المغادرة رغم إلقاء ما يزيد على ما يساوي قنبلتين ذريتين على المناطق المدنية في القطاع ورغم سابق ترحيل المناطق السكانية الفلسطينية في الحروب السابقة بدون إشكاليات تذكر، اختلف الأمر هذه المرة ووعى الفلسطينيون الدرس في هذه المرة، كما أبرزت الحرب أن حقوق الدول لا تمنح، ولكن تُنتَزع انتزاعًا والأمثلة عديدة كما حدث في تأميم قناة السويس وعودتها إلى السيادة المصرية وحروب التحرير كحرب فيتنام، حيث انتصرت القوات الأمريكية في معظم المعارك، لكن هزمتها إرادة المقاومين الفيتناميين وطبيعة الأرض وحدث نفس الشيء في حرب تحرير الجزائر، حيث قاتلت القوات الفرنسية وانتصرت أيضًا في معظم المعارك وهزمتها إرادة المقاومة الجزائرية.
أنهت الحرب مستقبل نتنياهو السياسي ومعه معظم القادة الحاليين في إسرائيل، كما ظهر جليًا أن محور المقاومة ليس جبهة واحدة أو شيئًا واحدًا وأن كلا له حساباته (إيران وحزب الله - سوريا - حماس.. .) وأن ما يربط الأطراف ببعضها هو التضامن وليس التحالف وفي هذا الأمر تفاصيل كثيرة، حيث لدى حزب الله حسابات داخلية طائفية لبنانية كثيرة وعدم الرغبة في تدمير البنية التحتية اللبنانية كما حدث عام 2006، بالإضافة إلى عدم رغبة الداعم الرئيسي له وهو إيران في الدخول إلى مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية نظرًا للاتفاق الأمريكي- الإيراني الذي أفرجت بموجبه أمريكا عن ستة مليارات دولار مودعة في البنك المركزي القطري ويجري السحب منها طبقًا لسلوك إيران في المنطقة وحاجة إيران الماسة بسبب أزمتها الاقتصادية، الأمر الذي أدى إلى قيام حزب الله بتسخين الجبهة الشمالية في إسرائيل دون الدخول في معارك رئيسية، أما الميليشيات الموالية لإيران في سوريا والعراق فلم تقم بأي أعمال رئيسية ضد التواجد الأمريكي وتكتفي بالمناوشات ربما لعدم الحصول على الضوء الأخضر من إيران، فيما يخص الحوثي فرغم أنه يدين بالولاء لإيران، لكن لديه بعض الاستقلالية في القرار نتيجة اجتياح إيران لموقع اليمن الاستراتيجي في مدخل البحر الأحمر ورغبتها في أن تكون شريكًا في أي ترتيبات أمنية فيه فيقوم بإطلاق الصواريخ الباليستية على إسرائيل وإن كانت محدودة التأثير مع عدم مهاجمة الأهداف الأمريكية القريبة في البحر الأحمر وجيبوتي.
أظهرت الحرب مرة أخرى أكذوبة حقوق الإنسان التي تتغنى بها الولايات المتحدة، حيث تم تجاوز كل القوانين والأعراف الدولية لحماية المدنيين والمستشفيات ودور العبادة، إن عدد الشهداء وضرب وتدمير مناطق سكنية كاملة بما فيها، في القرن الحادي والعشرين والإمداد الأمريكي لإسرائيل بكل ما يلزم لذلك، لهو جريمة مكتملة الأركان تستوجب المحاسبة الدولية وهي جرائم لا تسقط بالتقادم (بقتل طفل في غزة كل عشر دقائق) مع التساؤل عن وظيفة المحكمة الجنائية الدولية التي أصرت على محاكمة الرئيس السوداني الأسبق على جرائم غير مؤكدة ولا ترقى لمستوى الجرائم التي ارتكبت في حق سكان غزة.
كما أبرزت الحرب الحاجة إلى المزيد من التنسيق العربي ولدى العرب وسائل ضغط كبيرة لوقف تدمير غزة.
كما برز جليا أن مشكلة احتلال إسرائيل لأراضٍ عربية ليست إلا مشكلة مباشرة مع الولايات المتحدة، حيث تتحدى بشكل سافر كل العالم العربي وتدعم أي عدوان إسرائيلي ضد أي دولة عربية بكافة الإمكانات المالية والعسكرية والسياسية غير عابئة بأي قوانين أو تشريعات دولية والأمثلة تشير لنفس الشيء سواء في الحروب السابقة أو في الغطاء السياسي أو ما تفعله في مجلس الأمن والمنظمات الدولية لأي خروج إسرائيلي على الشرعية الدولية مع ملاحظة كم استخدام حق النقض (الفيتو) لصالح إسرائيل، لقد ضغطت أمريكا على معظم النظم العربية لأجل التطبيع مع إسرائيل وقايضتها بمسائل استراتيجية هامة لأمنها مقابل التطبيع (المغرب في مشكلة الصحراء الغربية، السودان في مسألة رفع العقوبات).
وساهمت بالمال والتكنولوجيا في معظم المنتجات المتقدمة المصنعة في إسرائيل، مثال ما حدث في حرب أكتوبر 1973، حيث تحملت قطع إمدادات البترول العربي عنها والذي كان يشكل 45% من احتياجاتها البترولية في ذلك الوقت، الأمر الذي جعل المواطن الأمريكي يعاني بشدة في شتاء ذلك العام مع انخفاض طاقة المصانع نتيجة النقص في الطاقة، حيث قدمت مصالح إسرائيل على مصالح مواطنيها في أغرب علاقة بين دولة عظمى ودولة صغيرة، كما ضغطت على كل الدول الأوروبية لتقديم الدعم المادي والعسكري لإسرائيل لدرجة قيام رئيس وزراء بريطانيا بزيارة إسرائيل على متن طائرة نقل عسكرية محملة بالأسلحة والذخائر وشوهد يخرج من الباب الخلفي من بين صناديق الأسلحة في مشهد يندر رؤيته في أي مكان في العالم، يعتقد البعض أن ما تقوم به أوروبا مع الولايات المتحدة الأمريكية في دعم إسرائيل في هذه الحرب هو عودة للحروب الصليبية وهو تقدير غير دقيق، هذه الدول تدرك جيدًا حجم المصالح المشتركة بينها وبين العالم العربي، لكن تكمن المشكلة في ممارسة الولايات المتحدة ضغوطًا كبيرة عليها، تحتفظ وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بملفات مخالفات وفضائح لمعظم قادة دول أوروبا علاوة على امتلاكها لأدوات ضغط على جميع الأحزاب السياسية فيها وأجبرتها على دخول الحرب الأوكرانية- الروسية داعمة لأوكرانيا رغم مصالحها الاستراتيجية مع روسيا، الأمر الذي تسبب في أزمة طاقة لدى تلك الدول مع ارتفاع كبير في أسعارها وموجات غلاء غير مسبوقة بها، رغم ذلك لا تملك تلك الدول سوى الانصياع للإرادة الأمريكية.
أثرت حرب غزة على الحرب الروسية- الأوكرانية، حيث لم تعد الأضواء مسلطة عليها وتأثرت الإمدادات الغربية لأوكرانيا وأصبحت تعاني من النقص في الأسلحة والمعدات والذخائر مما ساعد على تحقيق نجاحات روسية كبيرة بهدوء ودون ضجة إعلامية.
أما في المجال العسكري فأظهرت أهمية تجهيز مسرح العمليات (إشاري- إداري - هندسي)، حيث نجحت حماس في ذلك والتفاصيل متعددة لكن أبرزها شبكة الأنفاق التي وفرت مراكز قيادة مؤمنَّة وشبكة اتصالات خطية يصعب التنصت عليها وبها كميات ضخمة من التكديسات من جميع الأنواع علاوة على تحقيق وقاية عناصرها، كما قامت بتنفيذ الدفاع الإيجابي (نجحت حماس خارج نطاق غزة في إرباك التجمعات والاستعدادات الخاصة بالقوات المهاجمة بطرق ووسائل عديدة)، لقد أظهرت الحرب بجلاء صعوبة قتال الجيوش النظامية في الحالات الخاصة (المدن - المناطق الزراعية الكثيفة)، حيث يحتاج الأمر إلى وحدات ذات إعداد خاص والدروس كثيرة (فيتنام - بور سعيد عام 56 - الإسماعيلية والسويس عام 73 - جنوب لبنان عام 2006)، والقتال في المدن والمناطق السكنية يحتاج إلى قوات ذات طبيعة خاصة وتدريب خاص وألا تشترك القوات الاحتياطية في مثل تلك المهام، إن استخدام عناصر من القوات الاحتياطية قليلة التدريب بأعداد كبيرة في عمليات ذات طبيعة خاصة يؤدي غالبًا إلى عدم تحقيق المهام بالمستوى المطلوب مع ارتفاع نسب الخسائر، كما ثبت أن تحقيق الجيوش النظامية النصر في حروبها ضد الميليشيات لا يكون بالنجاح في احتلال الأرض ولكن بكسر إرادة المقاومة التي تنفذ حرب استنزاف وتدمير بنيتها التحتية.
نجحت حماس رغم أنها ليست جيشًا نظاميًا في تطبيق مبادئ الحرب اعتمادًا على شبكة أنفاق ليس لها نظير في التاريخ العسكري وأهمها (المبادأة - المفاجأة - المناورة - السيطرة - التعاون - التأمين الشامل) بشكل متميز يتجاوز بمراحل القوات الإسرائيلية المدربة والملفوفة تكنولوجيًا وفي الجو والبر والبحر.
إن ضعف المعلومات المخابراتية لدى إسرائيل والولايات المتحدة، رغم التفوق التكنولوجي والسيبراني مع نجاح حماس في القضاء على شبكة العملاء داخل القطاع واستخدامها لوسائل اتصال مؤمَّنة أفقد القوات الإسرائيلية ميزة التفوق في مجال الاستخبارات، حيث لا تغني التكنولوجيا الحديثة عن العملاء والجواسيس، أما فيما يخص تدفق الإمداد بالذخائر والأسلحة فهو من الأمور الهامة لاستمرار الجيوش في القتال لفترة طويلة (احتاجت روسيا وهي قوة كبرى إلى امدادات وذخائر عندما طال أمد الصراع مع أوكرانيا) وهو ما قامت به أمريكا والدول الأوروبية تجاه إسرائيل، أما حماس فمكنتها التكديسات المخزنة لديها مع وجود تصنيع عسكري في الأنفاق من الصمود حتى الآن، لكن يظل ذلك مرهونًا بقدرات التصنيع وحجم ما هو مخزَّن لديها، إن ضياع الهالة الكبيرة للدبابات الميركافا مرة أخرى بعد ما حدث لها في حرب لبنان عام 2006، وكذلك مركبات النمر، حيث دمرت بأسلحة بسيطة وبدائية (مع الاستخدام الخاطئ لهما في الدفع بهما داخل المناطق المبنية) أثبت أن السلاح بالرجل وليس الرجل بالسلاح، أثبتت الحرب أهمية الإعداد النفسي والمعنوي والرغبة في الشهادة والقتال عن عقيدة (يقاتل الفلسطينيون عن عقيدة باستبسال للدفاع عن أرضهم وإنقاذ المسجد الأقصى في الوقت الذي يقاتل فيه جنود إسرائيل ولا يتوافر لديهم الإحساس بالانتماء لهذه الأرض)، إن رقعة الصراع مرشحة للزيادة وحجم الهجمات على الأهداف والقوات الأمريكية بالمنطقة في ازدياد في حالة استمرار الممارسات الإسرائيلية الحالية وإطالة أمد الحرب.
أما في المجال الإعلامي فتفوقت حماس إعلاميًا ونجحت في أن تكون موادها الإعلامية ذات مصداقية وتمكنت من إحداث التأثير النفسي على المجتمع الإسرائيلي، كما تسببت الحرب في فقدان وكالات الأنباء الغربية مصداقيتها مع المواد الإعلامية الكثيرة المؤيدة لإسرائيل نتيجة أنها لم تعد الوسيلة الوحيدة في نقل الأخبار للعالم، وأصبحت هناك قنوات متعددة للإعلام موازية، الأمر الذي جعل حجب الحقائق أو تزييفها من الأمور بالغة الصعوبة، كما برزت الحاجة لوجود قنوات/أدوات إعلامية مؤثرة عربية تخاطب العالم الخارجي خاصة أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
في المجال الاجتماعي تسببت الحرب في المزيد من التفكك داخل المنظومة المجتمعية الإسرائيلية المفككة أصلًا مع زيادة المخاوف الأمنية ولكن تسببت في زيادة الهجرة العكسية من إسرائيل.
أثبتت الحرب أن إسرائيل مشروع فاشل والتفاصيل كثيرة في هذا الشأن.
(كل مواطن إسرائيلي لديه جواز سفر لدولة أجنبية وهو وضع لا نظير له في العالم) الأمر الذي يجعل مسائل هامة مثل الولاء والانتماء والرغبة في الذود عن الوطن من المسائل التي تحتاج إلى دراسة.
إن دروس تلك الحرب عديدة ولقد تناولنا أهمها في المجالات المختلفة وأثبتت تلك الحرب أن إرادة الشعوب لا يمكن أن تُقهَر وأن وحدة الرأي العام في أي أمة وصلابتها هي التي تصنع حاضرها ومستقبلها.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمریکیة مع الولایات المتحدة الأمر الذی فی المجال ما حدث
إقرأ أيضاً:
نيويورك تايمز: ما الذي يمنع اندلاع حرب واسعة بين إسرائيل وإيران؟
حذرت صحيفة نيويورك تايمز من أن العالم يحبس أنفاسه مع احتمال تفجر الصراع بين إسرائيل وإيران في أي وقت، وذكرت أن ما يقرب من شهر قد انقضى منذ هاجمت إسرائيل قواعد إيران العسكرية، ولا يزال العالم يترقب كيف سترد طهران.
وتتساءل الصحيفة، في تقرير لمراسلتها في روما، لارا جايكس، عن الأسباب التي تمنع القوتين في الشرق الأوسط من الدخول في حرب أوسع نطاقا بدت للوهلة الأولى أنها على وشك الانفجار.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الحرس الثوري الإيراني: مواجهتنا مع إسرائيل لها امتداد دوليlist 2 of 2إعلام إسرائيل يتساءل: متى سترد إيران؟ وكيف؟end of listوربما كان المحللون يتوقعون، منذ وقت ليس ببعيد، أن أي ضربة مباشرة من إيران على إسرائيل، أو من إسرائيل على إيران، ستؤدي إلى اندلاع حريق فوري، إلا أن الأمور لم تسر على هذا النحو.
كواليسوذكرت الصحيفة أن أحد أسباب ذلك التحركات الدبلوماسية المحمومة "خلف الكواليس" من الولايات المتحدة ودول عربية.
ومع ذلك، فإن تبادل الهجمات "المدروسة والمحدودة" بين إسرائيل وإيران تنذر أيضا بحرب "صدمة وترويع" بينهما، قد تكون لها عواقب وخيمة ليس فقط على منطقة الشرق الأوسط فحسب، بل على معظم دول العالم.
وفي هذا الصدد، نقلت الصحيفة عن جوليان بارنز داسي، مدير شؤون الشرق الأوسط في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، قوله إن طبيعة الهجمات المتبادلة تشي -على ما يبدو- بأن الدولتين تدركان مدى خطورة نشوب حرب إقليمية أشد ضراوة، ترغب كلتاهما -على الأرجح- في تفاديها.
واستدرك أن ذلك لا يعني أن النهج الحالي يخلو من مزالق، فهو "مسار محفوف بمخاطر جمة وغير مستدام، سرعان ما قد يخرج عن السيطرة".
التصعيد تدريجياوأضاف أن إسرائيل ربما تتعمد التدرج في التصعيد بنية القيام، في نهاية المطاف، بشيء أوسع نطاقا وأكثر حسما.
ورغم كل ذلك، فإن نيويورك تايمز ترى أن الهجمات المتبادلة بين إيران وإسرائيل لا تشبه كثيرا الحرب المعروفة باسم الصدمة والترويع التي تُستخدم فيها القوة النارية الماحقة والتكنولوجيا المتفوقة والسرعة لتدمير قدرات العدو المادية وإرادته في المقاومة، وهو مدلول أطلقه لأول مرة خبيران عسكريان أميركيان عام 1996.
ولعل أبرز مظاهر الصدمة والترويع التي لا تنسى -حسب الصحيفة- تلك التي تجلت في وابل الضربات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة في بداية غزوها العراق عام 2003، وحربها على أفغانستان عام 2001.
وتعتقد الصحيفة أنه سيكون من الصعب تنفيذ حرب "الصدمة والترويع" في الصراع الدائر حاليا في الشرق الأوسط، ذلك أنه يستدعي إشراك قوات برية وتزويدها بعتاد بري وجوي وبحري أكثر مما قد ترغب إسرائيل أو إيران في نشره عبر مئات الأميال التي تفصل بينهما.
الصدمة والترويعولا تزال الأوساط العسكرية تتداول في إذا ما كان هجوم "الصدمة والترويع" قابلا للتطبيق. وهذا ما ناقشه رئيس هيئة الأركان المشتركة المتقاعد، الجنرال الأميركي مارك ميلي، والرئيس التنفيذي السابق لشركة غوغل، إريك شميت، في مقالهما التحليلي الذي نشرته مجلة فورين أفيرز أغسطس/آب الماضي.
وفي ذلك المقال، كتب الاثنان أن عصر حروب الصدمة والترويع، "التي كانت واشنطن قادرة فيها على القضاء على خصومها بقوة نيران قاهرة، قد ولى"، وأن الأسلحة ذاتية التشغيل والذكاء الاصطناعي يغيران طبيعة الحرب.
وقد رد محللان في مركز الدراسات الإستراتيجية التابع للبحرية الملكية البريطانية، الشهر الماضي، على المقال المذكور بأن حرب الصدمة والترويع تتطور ولم تنتهِ، واستدلا على ذلك بهجوم إسرائيل على حزب الله في لبنان عبر أجهزة النداء واللاسلكي المفخخة.
ووفقا لتقرير نيويورك تايمز، فإن تبادل الهجمات الأشهر الماضية بين إسرائيل وإيران جعل المسؤولين حول العالم في حالة تأهب لحرب إقليمية أوسع نطاقا. وبعد ساعات من الضربات، قال القائد العام للحرس الثوري الإيراني الجنرال حسين سلامي إن بلاده قررت خلق "معادلة جديدة" في صراعها المستمر منذ سنوات مع إسرائيل.
مخاطرغير أن فرزان ثابت، وهو محلل متخصص في السياسة الإيرانية والشرق أوسطية في معهد جنيف للدراسات العليا في سويسرا، صرح للصحيفة الأميركية بأن وابل الهجمات الصاروخية المنضبطة يبدو أنه يشير إلى نوع جديد من الحروب.
لكنه حذر أيضا من الأسوأ ربما يحدث حتى الآن، إذ أشارت إيران مؤخرا إلى أنها مستعدة لضرب مصادر الطاقة الرئيسية في إسرائيل -بما في ذلك حقول الغاز ومحطات الطاقة ومحطات استيراد النفط- في حال استُهدفت بنيتها التحتية المدنية.
ويعتقد ثابت أن إيران "تحاول أن تكون لها الكلمة الأخيرة"، بمعنى أنها "تريد أن تُظهر لشعبها وللرأي العام الإقليمي أنها فعلت شيئا، لكنها لا تريد تصعيد الصراع".
ومع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب للسلطة، فإن نيويورك تايمز تتوقع على نطاق واسع أن ينتهج سياسة خارجية مواتية لإسرائيل، و"يحشد صقورا مناوئين لإيران في حكومته"، مما قد ينقل الحرب بين إيران وإسرائيل إلى مضمار جديد.