أصل الحكاية ( ٧ ) اغتيال الملك عبد الله الأول
تاريخ النشر: 4th, December 2023 GMT
في المقال السابق أراد الملك عبد الله ضم الجزء الذي تحتله قواته من فلسطين إلى شرق الأردن وتوحيد الضفتين بمقايضة ١٨% من مساحة فلسطين لإسرائيل. وأعلن ذلك. وسرعان ما اعترفت أمريكا وبريطانيا بالوضع الراهن ولكن الدول العربية عارضت ذلك وأوشكت على فصل الأردن من الجامعة العربية ولكن الضغط الأنجلوأمريكي جعلها تَعدِلُ عن الفصل مكتفية بأن تصرح الأردن بأن هذا الضم مؤقت.
في أول أبريل١٩٥٠ قرر مجلس الجامعة العربية أنه لا يجوز لأي دولة من دول الجامعة العربية عقد صُلح أو أي اتفاقٍ سياسي أو اقتصادي مُنفَرِد مع إسرائيل والا أُعتُبِرَت الدولة التي تفعله منفصلة من الجامعة و يتم قَطع العلاقات وإغلاق الحدود المشتركة معها، ومَنْع التعاملات المالية المباشرة وغير المباشرة مع رعاياها.
بعد هزيمة الجيوش العربية وحدوث النكبة توالت العمليات الفدائية الفلسطينية ضد الاحتلال الصهيوني.
وفي جمعة ٢٠ يوليو١٩٥١ اغْتِيل الملك عبد الله في باحة المسجد الأقصى وقُتِل عشرون مُصَليا. فتولَّىٰ الحُكم بعده ابنه طلال بن عبد الله الذي ترك الحكم في ١٩٥٢ لأسباب صحية فتولي بعده ابنه الملك " حسين بن طلال" منذ ١٩٥٣حتي وفاته في ٧فبراير ١٩٩٩وتولى بعده عبد الله الثاني الملك الحالي للأردن.
وفي أول سبتمبر١٩٥١ تقدمت إسرائيل بشكوى لمجلس الأمن لإصدار قرار يدعو فيه مصر لرفع قيود الملاحة في قناة السويس. ومعروف أن الهُدنة مهما طال أَمدُها لا تُنهي ( قانونا ) حالة الحرب القائمة، فكل طرف يستطيع ممارسة كافة حقوقه عدا أعمال القتال كحق تفتيش السفن وضبط المُهَرَبات ومصادرة أموال العدو واستمرار تنفيذ الحصر البحري، أما الحرب فلا تنتهي إلا بالصُلح وتصفية الموقف نهائيا.
كانت الهزيمة في فلسطين تؤلم قلب كل عربي والأكثر من الهزيمة كان معرفة أسبابها وتسَرُّب فضائح عدم الاستعداد والتدريب الجَيِّد لها بالإضافةِ إلى صفقات السلاح الحقيرة ( المتورط فيها بعض حاشية فاروق ) التي لم تكن تتاجر في سلاح فاسد فقط بل في دم الجنود المصريين أيضا، لذلك كانت الحرب أحد دوافع ثورة يوليو ١٩٥٢ حيث أدرك الضُباط الذين شاركوا فيها أن المعركة مع العدو الصهيوني والاستعمار البريطاني تبدأ من القاهرة.
* نجحت ثورة ٢٣يوليو ١٩٥٢ ووضعت على رأس أهدافها بناء جيش وطني قوي كما أوْلَت المشكلة الفلسطينية اهتمامًا خاصًا.
وكانت إسرائيل تراقب ما يدور في مصر باهتمام بالغ لتعرف هل كان لحرب فلسطين أثر على معنويات من اشتركوا فيها من رجال الثورة فأصبحوا أكثر رغبة في الانتقام أم أن الهزيمة والخيانة ستجعلهم مُنْكَسِرين مُذْعِنين للأمر الواقع.
نكمل لاحقا..
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: عبد الله
إقرأ أيضاً:
الجامعةُ العربية ابنةُ أُمِّها
د. محمد عبد الله شرف الدين
الذاكرةُ الجمعية العربية تحيلُ على شيم وقيم ومبادئ وأعراف وتقاليد تَصُبُّ في حياض العروبة، وتذودُ عن عرينها، بشُمِّ العرانين، وهي كذا، ولا زالت؛ وإن طفا عليها زبد اللاعروبة، فالزبد -حتمًا- يذهب جفاء.
وفي زمكانية بلوغ الطغيان ذروة التقدم الخداعي؛ إذ رنا ببصره الأعمى أقصى آفاق المخاتلة، ليدعي زوراً الحفاظ على الإنسانية؛ فهو إنما يدعي ذلك لينتهك حرمة الإنسانية، ويدعي بهتاناً أنه يحرّر المرأة؛ ليغتصبها، وينقذ الشعوب؛ ليستعبدهم، ويحث على وحدة الأمم؛ ليبعثرها، بل يجعل من دهاليز كينونة الوحدوية الأممية أنفاقاً مظلمة قاتمة السواد، يمرر عبرها مؤامراته، ويصدرها للشعوب مغلفة بغلاف الحب الخلودي، وفي جوفها السم الزعاق.
لقد أنشأ الغرب الكافر بعد الحرب الغربية العالمية في سنة (١٩١٩م): (عصبة الأمم)، مؤذنًا بمرحلة جديدة ظنتها البشرية شط الأمان؛ لكنها -فعلاً- عصابة شر قادت العالم في سنة (١٩٣٩م) إلى حرب عالمية غربية ثانية أفتك من سابقتها؛ إذ أودت أقطابها بأكثر ممن قتلتهم أولاهما.
وفي سنة (١٩٤٥م) أنشأ الغرب الكافر منظمة الأمم المتحدة، وبتكتيكات جديدة تتطلبها المراوغة، باستراتيجيات تواكب متطلبات المرحلة، وتحت عباءتها غزا الغرب الكافر الشعوب، واحتل دولاً بأكملها، ونهب ثروات الأمم، وكلّ ذلك بغطاء شرعية تلك المنظمة شرعية الغاب مجازاً، وإلا فقانون الغاب أرحم منها.
وفي السنة ذاتها (١٩٤٥م) أنشأت جامعة الدول العربية بميثاق عربي في ظاهره، وفي باطنه ميثاق عبري بامتيَاز.
لقد تواكب إنشاء المنظمتين في أعتاب حقبة مروعة، وذلك لتهيئة البشرية لأشد نكبة إنسانية عرفتها البسيطة، إنها نكبة احتلال فلسطين، فاعترفت مباشرة منظمة الأمم المتحدة بكيان العدوّ الإسرائيلي الغاصب لفلسطين؛ لتلعب من ثم جامعة الدول العربية دوراً أشد قذارة وانحطاطاً من أمها العهور.
– من أهداف هذه الجامعة:
(1) السعي نحو تحقيق مزيد من الوحدة بين الدول العربية الأعضاء بها، وغير الأعضاء.
(2) صيانة استقلال الدول الأعضاء.
(3) المحافظة على السلام والأمن العربي.
من الطبيعي أن تضم لوائح جامعة الدول العربية شعار الشرف والعفة والعز والتحرّر، فهي استراتيجية الفراعنة: (وما أهديكم إلا سبيل الرشاد)، وذلك لتمرير مؤامرات تصفية قضية فلسطين، فالابنة، كأمها في الخطط الاستراتيجية، وبشبكة علاقات تنهض وفق تناوب الأدوار، وبشكل تكاملي.
إن من أخطر ما جنته جامعة الدول العربية على قضية فلسطين هو إطلاق مبادرة (السلام -الاستسلام)، معلنة بذلك تسليم فلسطين على طبق من ذهب للعدو الإسرائيلي، في نقض صريح لمبادئها المعلنة، وفي مخالفة صريحة لقيم العروبة، وتنكر تام لمبدأ الجهاد في سبيل الله.
وعلى هذا المنوال استمرت عجلة تصفية القضية، حتى بلغت منتهاها قبيل معركة (طُـوفَان الأقصى) من خلال صفقة القرن (صفقة ترامب)، وتسريع وتيرة التطبيع، وتجريم حركات الجهاد والمقاومة، وتغييب ملف الأسرى، وأخيرًا التحضير لعملية عسكرية صهيونية لاجتياح غزة.
كلّ ذلك على مرأى ومسمع الجامعة العربية العبرية.
بلا شك أن كيان العدوّ العبري يدير تلك الجامعة، تختم مقرّراتها بختم عبري قاني؛ إذ عناوينها تجاه العدوّ الإسرائيلي الاستسلام، بينما عناوينها تجاه العرب الأقحاح الحرب، بلا هوادة، كما حدث في العدوان السعوأمريكي على اليمن، والعدوان الداعشي الصهيوني على سورية.
وأمام هذا السقوط الرهيب كان الرهان على وعي الشعوب، ونجح الرهان، فهَـا هي حركات الجهاد العربية الإسلامية الشعبوية تدك معاقل العدوّ الإسرائيلي، من اليمن ولبنان والعراق، متجاوزة عبرية جامعة زعماء العرب المنبطحين، فالشعوب العربية هي الممثل الشرعي للعرب والعروبة، وما سواهم لا شرعية لهم، والكلمة الأولى والأخيرة هي للشعوب صاحبة القرار، والقول، والفعل.