لوموند: نتنياهو يهرب إلى الأمام في الحرب
تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT
سرايا - تحت عنوان: “هروب نتنياهو إلى الأمام في الحرب”، قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية إن رئيس الوزراء الإسرائيلي، المهووس ببقائه السياسي، يرفض فكرة الدولة الفلسطينية ولا يقدم سوى حلول افتراضية لمستقبل القطاع الساحلي.
وبحسب الصحيفة “بعد نحو شهرين من الحرب كانت النتائج هزيلة.. عاد أقل من نصف عدد “الرهائن”، وما زالت حماس تسيطر على غزة بشكل جيد لدرجة أن الهدنة استمرت سبعة أيام دون أي انتهاك كبير، قبل أن تقرر الحركة الفلسطينية، توقعاً لفشل المفاوضات الهادفة إلى تجديد “الهدنة الإنسانية” الجمعة صباحاً، إطلاق صواريخها على الأراضي الإسرائيلية، لتظهر بذلك احتفاظها بزمام المبادرة” بحسب ما قالت الصحيفة.
ومع مقتل 75 جندياً على الجانب الإسرائيلي وأكثر من 15 ألفاً على الجانب الفلسطيني، غالبيتهم العظمى من المدنيين، فإن هذه المواجهة هي بالفعل الأطول والأكثر دموية في سلسلة الحروب بين المعسكرين، والتي بدأت في عام 2008. وإذا كانت أهداف إسرائيل هي “تدمير” الحركة الإسلامية، فإن الطريق سيظل صعباً.
في هذه الأثناء، يعزز بنيامين نتنياهو سجله باعتباره أطول رئيس وزراء بقاء في تاريخ إسرائيل. وعلى الرغم من عدم شعبيته، والتي أبرزتها المظاهرات الضخمة ضد إصلاح المحكمة العليا، وعلى الرغم من مسؤوليته عن الفشل الأمني الذي وقع في 7 أكتوبر، وهو تاريخ هجوم حماس المباغت الذي تسبب في مقتل 1200 شخص في إسرائيل، فلا شيء يضمن أنه سيبقى في السلطة. سيستقيل في نهاية المطاف.
وتنقل “لوموند” عن لكسينيا سفيتلوفا، عضو الكنيست السابق وعضو المجلس الأطلسي الأمريكي قوله: “رئيس الوزراء يقتطع مساحة سياسية لنفسه بينما يقضم الجانبين. فهو (نتنياهو) يقاتل من أجل بقائه، ويسمح لليمين المتطرف بالقول إنه يجب إعادة احتلال غزة، وإعادة بناء المستوطنات.
ويقول إنه الوحيد الذي يستطيع منع قيام دولة فلسطينية. ومن ناحية أخرى، فهو يسوق نفسه على أنه رجل السلام، في إطار منافسته مع رئيس الأركان السابق بيني غانتس، وهو شخصية كهنوتية، ويتعايش معه بنيامين نتنياهو في إطار حكومة وحدة وطنية مسؤولة عن إدارة الحرب الجارية”.
وتابعت “لوموند” القول إن بنيامين نتنياهو منذ دخوله عالم السياسة في أوائل التسعينيات عارض دائمًا إنشاء دولة فلسطينية. لكن تحت ضغط الرئيس الأمريكي باراك أوباما أصبح نتنياهو عام 2009 أول زعيم لليمين الإسرائيلي يقبل علناً فكرة حل الدولتين – ولكن في ظل ظروف باهظة للغاية لدرجة أن هذا الالتزام فقد كل معنى.
وفي عام 2017، في أعقاب وصول دونالد ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة، حيث كان حينها يعد بـ“صفقة القرن”، وعد المسؤولين التنفيذين في حزب الليكود أنه يريد فقط أن يقدم للفلسطينيين “دولة صغيرة”.
لذلك يطلب الأمريكيون، من خلال صوت المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، والرئيس جو بايدن نفسه، من حليفهم الإسرائيلي تنفيذ عمليات عسكرية أكثر حذرًا على غزّة.
ومع ذلك، فإن احتمالات امتثال الإسرائيليين، بدءاً ببنيامين نتنياهو، لحل الدولتين ضئيلة ويكتفي بنيامين نتنياهو بتكرار رسالته: “طالما جلست على هذا الكرسي، فإن السلطة الفلسطينية، التي تدعم الإرهاب وتموله، لن تحكم غزة في أعقاب رحيل حماس”.
قال ذلك خلال اجتماع مجلس الوزراء الحربي خلال زيارة أنتوني بلينكن لإسرائيل، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، رداً على الخطة الأمريكية لإعادة السلطة الفلسطينية إلى غزة بعد انتهاء الحرب.
ومضت “لوموند” قائلة إنه ليس على بنيامين نتنياهو سوى أن يقدم استراتيجية افتراضية، ويحافظ على نهجه الذي أدى مع ذلك إلى كارثة 7 أكتوبر. فحماس، التي توصف بأنها “كيان معادٍ”، خدمت لفترة طويلة رئيس الحكومة لتقسيم الحركة الوطنية الفلسطينية وتشويه سمعتها.
وهذا النموذج لإدارة الصراع، الذي صممه وحافظ عليه نتنياهو، انهار في يوم هجوم حماس، حيث يعتبر الكيان المعادي الآن عدوا وجوديا يجب طرده من غزة مهما كان الثمن الذي سيتحمله السكان.
حتى لو كان ذلك يعني النظر في الحلول الأكثر جذرية. بحسب صحيفة إسرائيل هايوم، طلب بنيامين نتنياهو من مستشاره رون ديرمر خطة “لتقليل عدد سكان غزة إلى أدنى مستوى ممكن”، والنظر في فتح الحدود البحرية للقطاع، للسماح بـ”رحلة جوية واسعة النطاق نحو الدول الأوروبية والإفريقية”.
في هذه الأثناء- تتابع “لوموند”- ينظم الجيش الإسرائيلي عملية تهجير قسري جديدة. وبعد إفراغ شمال قطاع غزة من جزء كبير من سكانه، يطلب من سكان غزة المتواجدين في خان يونس جنوب شرق القطاع، ومن بينهم مئات الآلاف من النازحين، إخلاء هذه المنطقة، في ظل خطر حشر مليوني شخص في رفح، أقصى جنوب القطاع. في الوقت نفسه، أبلغت إسرائيل عدة دول عربية أنها تعتزم إقامة منطقة عازلة على أراضي غزة، بحسب وكالة رويترز.
فما كان بالفعل أحد أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم معرض لخطر الانكماش.. وبعد تقطيع الضفة الغربية، يقوم رئيس الوزراء بتقسيم غزة.
هذه الحكومة ستفضل البقاء في شمال القطاع، للسيطرة عليه قدر الإمكان، حتى لا تفسح المجال للسلطة الفلسطينية وتستمر في الضغط على حماس. والحل هو ترحيل قيادة حماس بمساعدة قطر والمصريين والأمريكيين بحسب الصحيفة.
وهذا من شأنه أن يحقق النجاح لإسرائيل. وقال مايكل هراري، الدبلوماسي الإسرائيلي السابق: “في المستقبل، مع حكومة أخرى، يمكننا أن نقبل عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة، وإنشاء قوة دولية، والعودة إلى الهدف الاستراتيجي المتمثل في حل الدولتين”.
للقيام بذلك، سيكون من الضروري استفزاز رحيل بنيامين نتنياهو الذي لا يمكن إزالته، والذي يكرر مراراً وتكراراً: “سنواصل حتى النهاية، حتى النصر. لن يوقفنا شيء”، من دون أن نعرف إن كان يتحدث عن إسرائيل أو عن نفسه، فالرجل ربط مصيره بمصير بلاده منذ زمن طويل.
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: بنیامین نتنیاهو
إقرأ أيضاً:
يديعوت أحرونوت تكشف محاولة نتنياهو تزوير أدلة عن تحذيرات قبل طوفان الأقصى
كشف تحقيق استقصائي نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت اليوم الاثنين، عن حقائق جديدة تتعلق بجانب مهم من التحقيقات الجارية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومسؤولين كبار في مكتبه، والتي تتعلق بالاشتباه في أن مكتبه غيّر في بروتوكولات (تسجيلات رسمية) تتعلق بمعرفته بتحركات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مساء السادس من أكتوبر/تشرين الأول 2023 قبيل هجوم "طوفان الأقصى" على مستوطنات غلاف غزة.
عملية بطاقات الهواتفوسلط التحقيق الذي نشره الصحفي الاستقصائي رونين بيرغمان الذي يكتب لـ"يديعوت أحرونوت" و"نيويورك تايمز" الأميركية، الضوء على تجاهل نتنياهو لتحذيرات أمنية حول تحركات استباقية لحركة حماس قبل هجوم السابع من أكتوبر، تم الكشف عنها عبر ما سمي بـ"عملية شرائح الهواتف" التي أطلقها جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) لرصد تحركات وتواصل عناصر حماس.
وترجع بداية "عملية شرائح الهواتف" إلى توجيهات الشاباك لرصد إشارات استخدام محددة لشرائح هواتف إسرائيلية خاصة، تستخدمها الكتائب المقاتلة التابعة لحماس للنقل الفوري لأحداث الهجوم وتنسيق العمليات بين مقاتليها في قطاع غزة.
وحسب تحقيق بيرغمان، فقد أظهرت وثيقة استخباراتية لعام 2022، أصدرها قائد الاستخبارات في القيادة الجنوبية، أن وحدات "النخبة" في كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، تستخدم تكنولوجيا مشفرة تتيح لهم التواصل فيما بينهم، وبث الفيديو المباشر عن الهجمات باستخدام تطبيقات مثل "iVideo" بالاعتماد على حزم بيانات إسرائيلية.
بحسب الوثيقة، أكدت الاستخبارات أن تشغيل هذه الهواتف المرتبطة بالبطاقات يشير إلى نشاطات استثنائية قد تكون بمثابة استعدادات لعمليات كبيرة. ومع ذلك، فقد أكدت أن تشغيل هذه الأجهزة لا يُعتبر دائما تحذيرا نهائيا، إذ يجري تشغيلها أحيانا لأغراض فحص الأجهزة أو تحديث التطبيقات.
ويشير التحقيق إلى أنه في الأيام التي سبقت الهجوم، أظهرت أجهزة الاستخبارات تصاعدا في إشارات استخدام شرائح الهواتف الخاصة داخل بعض وحدات حماس، وخاصة في منطقتي خان يونس وشمال القطاع. وفي ليلة 6 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بدأت هذه الإشارات تتزايد بشكل لافت، حيث تم إرسال تقارير مفصلة إلى كبار المسؤولين في الجيش، بما في ذلك مكتب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي.
وحسب التقرير، فقد ورد في أحد التقارير "خلال اليومين الماضيين تم رصد تفعيل غير معتاد للهواتف المتصلة بشرائح الهواتف في وحدات حماس المختلفة.. هذه الإشارات ربما تشكل دلالة على استعدادات حماس لتنفيذ عمليات طارئة أو هجومية".
ووفقا لمصادر بيرغمان "تم نقل هذا التقرير بدوره إلى مكتب رئيس الوزراء نتنياهو من خلال قنوات اتصال سرية، ولكن لم يُتخذ أي إجراء حاسم بناء على هذه المعلومات. في المقابل، سارع مكتب رئيس الوزراء إلى نفي تلقيه أي تحذيرات أو إشارات تتعلق بتصاعد استخدام شرائح الهواتف ليلة الهجوم".
تلاعب وابتزاز
ولكن الأمر لم يتوقف عند حد تجاهل هذه الإشارات، فحسب تحقيق بيرغمان فإن أحد المحاور البارزة في التحقيقات يتعلق بمحاولة ابتزاز ضابط استخبارات إسرائيلي يحمل رتبة عقيد، والذي أدلى بشهادة حساسة تفيد بأن مسؤولي مكتب رئيس الوزراء ربما حاولوا التلاعب به بهدف إسكات شهادته. حيث ذكر هذا العقيد الذي أشير له بالرمز (ش) أن بعض المسؤولين البارزين في مكتب نتنياهو قد أشاروا إلى امتلاكهم مواد قد تضر بمسيرته، في إشارة فهِمها كوسيلة للضغط عليه لمنع تسريب معلومات تتعلق بمسؤولية الحكومة عن الأحداث.
كما كشفت التحقيقات عن ادعاءات حول تلاعب في تسجيلات محادثات مهمة جرت في الصباح الباكر من يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، بعد ساعات من بدء الهجوم، حيث قدم السكرتير العسكري الأسبق اللواء آفي جيل شكاوى رسمية مفادها أن مسؤولين في مكتب رئيس الوزراء طلبوا منه تغيير توقيت ومحتوى محادثات حاسمة جرت بين مكتب نتنياهو وقيادات الجيش. وأثناء فحص هذه المحادثات لاحقا، تبين أن سجلات الاتصالات وملخصات بعض الاجتماعات قد جرى تعديلها، مما يعطي انطباعا بأن مكتب رئيس الوزراء كان لديه معلومات أقل مما كان عليه الوضع في الواقع بخصوص "عملية شرائح الهواتف".
وحسب بيرغمان، فإن التحقيقات تشير إلى أن التساؤلات حول عملية شرائح الهواتف قد تؤدي إلى اتهامات خطيرة تتعلق بإساءة استخدام السلطة ومحاولات التلاعب بالأدلة والتهرب من المسؤولية، كما قد تؤثر على مسار التحقيقات المتعلقة بمسؤولية نتنياهو المباشرة عن فشل الردع في مواجهة هجوم حماس، وما إذا كان مكتبه قد حاول بشكل متعمد طمس أي إشارات إلى علمه المبكر بخطط حماس.
ونقل بيرغمان عن مسؤول استخباراتي كبير وصفه للتحقيقات الجارية بأنها "أكبر تحدّ قانوني يواجهه نتنياهو ومسؤولوه"، مشيرا إلى أن "تجاهل التحذيرات الأمنية وادعاءات الابتزاز والتلاعب بالوثائق يجعل القضية تتجاوز المساءلة السياسية لتصل إلى أبعاد قانونية وتاريخية خطيرة".
من جهته، نفى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي كافة الادعاءات المتعلقة بتجاهل التحذيرات أو التلاعب بالبيانات، واصفًا التقارير بأنها "أخبار زائفة تهدف إلى إسقاط الحكومة اليمينية".