غزة/ نور أبو عيشة/ الأناضول بخلاف سياستها منذ سنوات، تبنت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” وجناحها المسلح “كتائب عز الدين القسام”، خلال الأشهر الأخيرة، عددا من العمليات التي نفّذها فلسطينيون في الضفة الغربية ضد الجيش الإسرائيلي أو مستوطنين. فبعد أن كانت الحركة تكتفي بمباركة العمليات التي أخذت خلال السنوات الأخيرة “طابعا فرديا”، أصبحت تعلن بشكل صريح مسؤوليتها عن تنفيذها، في تحول يرى محللون سياسيون أنه “يعكس رغبة الحركة في تعزيز حضورها العسكري والجماهيري بالضفة”.

هذا التبني، وفق قول المحللين في حوارات منفصلة مع الأناضول، يساهم في انتقال “العمل المقاوم في الضفة من طابعه الفردي إلى المنظّم”، خاصة في ظل نشاط مجموعات مسلحة أخرى في المدن الفلسطينية أبرزها “كتيبة جنين” التابعة لـ”سرايا القدس” الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي. ويرى المحللون أن بدء العمل العسكري المنظّم الذي تتبناه حماس في الضفة من شأنه أن “يغيّر السياسة التي تتبعها إسرائيل ضد حماس وقياداتها في الضفة والخارج، وقد يمتد إلى مستوى محدود في قطاع غزة”. ويندرج في إطار ذلك عدة أدوات أبرزها “الاستهداف المباشر لقيادات من الحركة مسؤولة عن ملفات الضفة، أو اغتيال صامت لقيادات ميدانية في الحركة من غزة ذات صلة بملف الضفة، أو توظيف الأدوات الاقتصادية بين التشديد والاحتواء”. واستبعد المحللون أن تخوض إسرائيل “معركة واسعة ضد قطاع غزة في إطار ردها على العمليات التي تبنتها حماس، وذلك لحرصها على عدم فتح عدة جبهات في آن واحد”. ** عمليات مُعلنة أعلنت الحركة خلال 2023 مسؤولياتها عن عدد من العمليات وقعت بالضفة، إما بشكل مباشر أو عن طريق تبني منفذيها واعتبارهم من عناصرها. جاء ذلك بعدة بيانات صدر منها واحد في 10 مارس/ آذار الماضي، حيث أعلنت “حماس” مسؤوليتها عن عملية إطلاق نار في تل أبيب، نفذها فلسطيني في 9 مارس، وأسفرت عن إصابة 5 إسرائيليين. وفي 7 مارس، تبنت كتائب “القسام” فلسطينيين اثنين قتلهما الجيش الإسرائيلي في مدينة جنين شمالي الضفة، لتنفيذهما عملية إطلاق نار في “حوارة” في 26فبراير/ شباط الماضي، أسفرت عن مقتل مستوطنين، حيث قالت الكتائب إن العملية ردا على “جرائم المغتصبين”. أما في 4 يوليو/ تموز المنصرم، تبنت “حماس” عملية دهس في تل أبيب أسفرت عن إصابة 7 إسرائيليين بجراح بينهم 3 إصابات خطيرة. وفي 6 يوليو الماضي، أعلنت كتائب “القسام” مسؤوليتها عن عملية إطلاق نار بمستوطنة “كيدوميم” شمالي الضفة، أسفرت عن مقتل حارس أمن إسرائيلي. وخلال أسبوعين، أعلنت “كتيبة العياش” في جنين، التي تقول إسرائيل إنها تابعة لـ”القسام”، عبر مقاطع فيديو، إطلاق صواريخ من نوع “قسام 1” باتجاه مستوطنات، بينها مستوطنة “شاكيد” غربي جنين. ** دلالات محتملة يرى الكاتب والمحلل السياسي أحمد رفيق عوض، أن إعلان حماس مسؤوليتها عن العمليات في الضفة يعود إلى عدة أسباب منها “رغبة الحركة في الحضور بالمشهد الفلسطيني بالضفة، والمشاركة في صنع القرار السياسي والأمني والعسكري”. وذكر عوض للأناضول أن “من دلالات هذه المشاركة أيضا ثقة الحركة بقدرتها على الرد على أي عدوان”. كما أن وجود محور كبير يحمي “حماس” شكّل دافعا لها في الإعلان عن مسؤوليتها عن عدد من العمليات في هذه المرحلة، وفق عوض. ويعتقد عوض أن مشاركة “حماس” العلنية في الضفة من شأنه أن “يترك أثرا في طبيعة الصراع القائم حاليا في الأراضي الفلسطينية”. واستكمل: “هذا الأمر يجعل إسرائيل تفكر كثيرا قبل أن تقدم على أي خطوة في الضفة أو غزة، فإعلان المسؤولية يعني تفعيل ساحة جديدة ضد إسرائيل لا ترغب بها الأخيرة”. ويرى عوض أن هذا الإعلان يقلل من “الجهود الإسرائيلية الرامية لفصل الساحات (المقاومة) عن بعضها البعض”. ** خيارات الرد يقول عوض إن إسرائيل “لن تتوانى عن الرد على هذه العمليات باستخدام أدواتها العسكرية الانتقامية”. وحول ذلك قال: “إسرائيل مستمرة في مجابهة الرد على حماس وحركات المقاومة الأخرى بالضفة، إما بالاغتيال أو الإغارة على غزة”. من جانبه، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم إعلان “حماس” مسؤوليتها عن العمليات الأخيرة في الضفة، “نقلة نوعية في ظل تصاعد المقاومة هناك”. وقال للأناضول، إن “تبني حماس لهذه العمليات، في ظل التهديدات والتحريض الإسرائيلي ضد الحركة ينبع من ثقة في موقفها وقدرتها على الرد”. ويصف الوضع الحالي في الأراضي الفلسطينية بـ”المعقد والشائك والذي لن تسمح إسرائيل باستمراره لفترة من الزمن”. ويرى أن المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية وفق ما يرشح عنها، “تنظر بخطورة إلى هذه العمليات وردود فعلها عليها، لكنها في ذات الوقت تدرك أن التخطيط لها لم يكن من غزة لذا توجه أنظارها لمسؤول ملف الحركة في الضفة صالح العاروري الذي اتهمته أكثر من مرة في التخطيط لهذه العمليات”. ولا يستبعد إبراهيم تنفيذ إسرائيل عمليات اغتيال ضد قيادات من حركة “حماس” في الخارج، أو قيادات ميدانية من غزة تدعم الضفة بحيث يكون “اغتيالا صامتا”. وأردف: “الاغتيال بدون بصمة، ربما هذه الطريقة التي تتبعها إسرائيل منذ سنوات بحيث تترك المنطقة في حالة من الحيرة والغموض لكنها بالنسبة للفلسطينيين تكون بصمات العدو فيها واضحة”. وتابع: “الاحتمالات مفتوحة وإسرائيل لن تصمت كثيرا على ما يجري في الضفة، خاصة أن العمليات التي تبنتها حماس نوعية وتنظر إليها حكومة الاحتلال بخطر”. ** أداة اقتصادية وفي السياق، يرى إبراهيم أنه من الوارد أن تكون أداة الرد الإسرائيلي على هذه العمليات “اقتصادية”. وقال عن ذلك: “يمكن أن تقلص إسرائيل من التسهيلات التي تقدمها للفلسطينيين في غزة كنوع من العقاب، أو زيادتها للاحتواء مع اختلاف السياقات لكل واحدة منها”. ففرض عقوبات اقتصادية على غزة قد يزيد من حالة التوتر الأمني في القطاع بما يسرع أي مواجهة عسكرية مقبلة، بالتالي قد تلجأ إسرائيل إلى سياسة الاحتواء من خلال تقديم مزيد من التسهيلات، وفق إبراهيم. وأشار إلى أن إسرائيل “تمتلك عدة أدوات للرد على ذلك، لكنها في الوقت ذاته تدرك أن أي أداة لن يكون استعمالها سهلا وسيكون لها في المستقبل ثمن واستحقاق”. من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني، إن “تجارب تاريخ النضال الفلسطيني كان يبدأ بأعمال فردية ثم منظّمة، وهذا ما حدث مؤخرا في الضفة”. وأوضح الدجني للأناضول، أن “وضع الضفة بعد موجة من العمليات الفردية ساهمت في الوصول لمرحلة يتم فيها قيادة وتنظيم العمليات ضد إسرائيل لإيلامها”. ويتوقع أن يكون الرد الإسرائيلي على هذه العمليات منسجما مع الموقف الدولي، فقد يكون أقل كلفة على الاحتلال بحيث يشمل “المزيد من الأموال والمعالجات الاقتصادية للواقع الصعب مع رد ميداني في الضفة”. ** معركة في غزة استبعد المحللون في حواراتهم المنفصلة مع الأناضول، أن تقدم إسرائيل على معركة في قطاع غزة ردا على تبني “حماس” للعمليات في الضفة. وأشاروا إلى أنه “حتى هذه اللحظة المعركة بعيدة خاصة لو كانت عنوانها حماس، فإن فتح إسرائيل جبهة جديدة في غزة سينعكس سلبا على أولوياتها في فصل الساحات ومواجهة الملف النووي الإيراني”. وأوضحوا أن إسرائيل في الوقت الحالي “تفضل فصل الساحات عن بعضها البعض، لذا قد تتروى كثيرا في توجيه ضربة قد تكون تكلفتها أكبر من إنجازاتها”.

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: فی الضفة

إقرأ أيضاً:

اعتقالات وهدم منزل بالضفة ودعوات لتدنيس الأقصى في قربان الفصح (شاهد)

انسحبت قوات الاحتلال الإسرائيلي فجر الخميس من مخيم بلاطة شرق مدينة نابلس، بعد يوم من اقتحامه وتنفيذ عمليات اعتقال وتحقيق ميداني واحتجاز مواطنين، أُفرج عن معظمهم لاحقاً. 

وقال رئيس اللجنة الشعبية لخدمات المخيم، أحمد ذوقان، إن الاقتحام أسفر عن نحو خمسين إصابة بين المواطنين، نتيجة الضرب أو الاختناق بالغاز المسيل للدموع أو الإصابة بالرصاص، من بينها 14 إصابة بالرصاص الحي، حالتان منها في وضع حرج وسبع إصابات وصفت بالمتوسطة. 

وفي مدينة طولكرم، فجّرت قوات الاحتلال منزل الأسير محمد الشحرور في الحي الشرقي، بعد إخلاء عدد من المنازل المجاورة، فيما دفعت بتعزيزات عسكرية إلى مخيمي طولكرم ونور شمس، مع استمرار العدوان الإسرائيلي على المنطقة منذ أكثر من شهرين.

#شاهد | الدمار الذي خلفه تفجير قوات الاحتــلال منزل الأســير محمد الشحرور في الحي الشرقي من مدينة طولكرم pic.twitter.com/La2eoBa4Tb — المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) April 10, 2025
كما كشفت صور حديثة التُقطت بالأقمار الصناعية عن دمار واسع في مخيمي جنين ونور شمس شمال الضفة الغربية، نتيجة العدوان الإسرائيلي المتواصل، والذي ترافق مع تهجير عدد كبير من الأهالي من منازلهم. 


 واعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي، وفقاً لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، بمقتل مدنيين فلسطينيين خلال العمليات التي نفذها في الضفة الغربية، زاعماً أن نسبتهم لا تتجاوز 4% من إجمالي 800 قتيل سقطوا خلال نحو 12 ألف عملية منذ اندلاع الحرب قبل نحو عام ونصف. 

وفي تطورات ميدانية أخرى، اقتحمت قوات الاحتلال مخيم الأمعري قرب رام الله، بينما أُصيب أربعة شبان فلسطينيين جراء اعتداء جنود الاحتلال عليهم عند حاجز "البنانا" شمال مدينة أريحا، وفقاً لما أفادت به جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني. 

وفي سياق متصل، اعتقلت قوات الاحتلال الشاب رسلان عبد الباسط عوض من قرية بدرس غرب رام الله، كما اعتقلت الصحفي سامر خويرة من منزله في مدينة نابلس، في حين شهدت البلدة القديمة في نابلس اقتحاماً جديداً لقوات الاحتلال. 

وفي مدينة القدس، تصاعدت الدعوات من قبل جماعات استيطانية متطرفة لاقتحام المسجد الأقصى خلال عيد الفصح اليهودي. 

وأعلنت منظمة "جبل الهيكل في أيدينا" عن جدول لاقتحامات مرتقبة للحرم القدسي بمرافقة حاخامات وقيادات متطرفة، على مدى أربعة أيام تبدأ من الاثنين المقبل وحتى الخميس 17 نيسان/أبريل الجاري.
نشرت منظمة "جبل الهيكل في أيدينا" المتطرفة جدول اقتحامات المسجد الأقصى خلال ما يسمى "عيد الفصح" العبري بصحبة حاخامين وقيادات متطرفة.
وحسب الجدول فإنالاقتحامات ستتم بواقع خمس جولات على مدار 4 أيام بدءا من الاثنين المقبل وحتى يوم الخميس 17 أبريل.
هذا ووقع أكثرمن 300 مستوطن متطرف… pic.twitter.com/j4wR2921Md — قناة فلسطين اليوم (@Paltodaytv) April 10, 2025
 كما وقع أكثر من 300 مستوطن متطرف عريضة تطالب بفتح المسجد الأقصى يوم السبت، والسماح لهم بأداء طقوس "قربان الفصح" داخله.


ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ 21 كانون الثاني/يناير الماضي تنفيذ عملياته العسكرية في مدن وبلدات ومخيمات شمال الضفة الغربية، في إطار تصعيد مستمر تزامن مع عدوانه المتواصل على قطاع غزة.

ومنذ بدء الحرب على غزة، كثّف جيش الاحتلال والمستوطنون اعتداءاتهم في الضفة الغربية، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 947 فلسطينياً، وإصابة ما يقارب 7 آلاف آخرين، إلى جانب اعتقال نحو 15 ألفاً و800 شخص، وفقاً لإحصاءات رسمية فلسطينية.

وفي قطاع غزة، تتواصل العمليات العسكرية الإسرائيلية بدعم أمريكي منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، في ما يوصف بأنه إبادة جماعية، أسفرت حتى الآن عن سقوط أكثر من 166 ألف شهيد وجريح، غالبيتهم من النساء والأطفال، بالإضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود.

مقالات مشابهة

  • العدو الصهيوني يعتقل 800 فلسطيني بالضفة الغربية خلال مارس
  • اعتقالات وهدم منزل بالضفة ودعوات لتدنيس الأقصى في قربان الفصح (شاهد)
  • حماس : لم يتم عرض أية مقترحات جديدة على الحركة
  • حواجز الاحتلال بالضفة.. مصائد وتنكيل وإعاقة لحياة الفلسطينيين
  • تراجع امريكي عن التهديد باستمرار العمليات ضد “الحوثيين”
  • الرئاسة الفلسطينية: نحذر من مضي العدو الصهيوني في إنشاء محور “موراغ” لفصل رفح عن قطاع غزة
  • “هيئة الطرق” تعلن افتتاح الحركة المرورية على جسر وادي بوا جنوب محافظة الطائف
  • الرئاسة تعقب على احتلال إسرائيل لمحور "موراغ" وهذا ما طالبت به حماس
  • الاحتلال يقتل فلسطينية بالضفة بزعم محاولتها تنفيذ عملية طعن
  • هكذا يستبيح المستوطنون حقول الفلسطينيين بالضفة