الخرطوم- طغت مواقف الرئيس الكيني وليام روتو ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد تجاه الخرطوم على نتائج قمة زعماء دول اللجنة الرباعية للهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (إيغاد) لحل الأزمة السودانية، وأدت إلى توتر بينهم وتلويح السودان بتعليق عضويته في المنظمة الأفريقية التي كان أبرز مؤسسيها عام 1996.

واستضافت العاصمة الإثيوبية أديس أبابا أول أمس الاثنين قمة "إيغاد" لحل الأزمة السودانية بحضور الرئيس الكيني وليام روتو ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، وغاب عنها رئيسا جييوتي إسماعيل عمر جيلي وجنوب السودان سلفاكير ميارديت.

وانسحب الوفد الحكومي السوداني الموجود في أديس أبابا بقيادة سفير السودان لدى إثيوبيا جمال الشيخ بعد تقديمه طلبا بتغيير رئاسة كينيا للجنة "إيغاد"، بسبب عدم حياد الرئيس الكيني في الأزمة، وفق بيان الخارجية السودانية.

وشارك في الاجتماع يوسف عزت المستشار السياسي لقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي"، وسمح لوفد من قيادات تحالف قوى الحرية والتغيير "الائتلاف الحاكم" في السلطة الانتقالية بالسودان سابقا بحضور الجلسة الختامية للاجتماع.

ودعا البيان الختامي للقمة طرفي الصراع إلى الوقف الفوري لإطلاق النار والاحتكام إلى الحوار، مشددا على أنه لا حل عسكريا للصراع، كما طالب بعقد لقاء مباشر بين قائدي الأطراف المتحاربة يهدف في النهاية إلى وقف العنف بشكل فوري، والتوقيع على اتفاق غير مشروط وغير محدد المدة.

ودعا البيان إلى عقد قمة لدول القوة الاحتياطية لشرق أفريقيا (إيساف) للنظر في إمكانية نشر قوة في السودان لحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية.

جدل بالجلسة المغلقة

وعقب القمة، قال الرئيس الكيني إن الوضع في السودان يتطلب بشكل عاجل قيادة جديدة تكون قادرة على إخراجه من الكارثة الإنسانية.

بدوره، قال رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد إن السودان يعاني من فراغ في القيادة، مضيفا "يجب ألا نقف مكتوفي الأيدي، فالعواقب وخيمة عليه وعلى المنطقة، لذلك نحن في حاجة إلى إجراءات فورية تشمل فرض منطقة حظر طيران ونزع المدفعية الثقيلة".

وكشف مراقب حضر الاجتماع المغلق -الذي استمر 5 ساعات- أن جدلا دار في الجلسة بشأن غياب وفد الحكومة، حيث رأى مشاركون أن رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ونائبه السابق محمد حمدان دقلو "حميدتي" انقلبا على الشرعية في أكتوبر/تشرين الأول 2012 وأزاحا حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.

وذهبت آراء في الجلسة -حسب المراقب الذي تحدث للجزيرة نت- إلى أن القوى المدنية التي فوضتها قوى الثورة ووقعت الاتفاق الإطاري مع المكون العسكري هي صاحبة الشرعية ويمكن أن تمثل السودان، وتم إقرار مقترح يدعو للسماح لممثلي القوى المدنية "قوى الحرية والتغيير" بحضور الجلسة الختامية للاجتماع.

وأوضح المتحدث أن موقفي وليام روتو وآبي أحمد بشأن وجود فراغ سياسي في السودان والتشكيك في قيادته لم يردا في البيان الختامي للاجتماع، وأنهما موقفان يعبران عنهما ولا يعكسان موقف دول "إيغاد".

نشر قوة أفريقية

وبشأن نشر قوات أفريقية في السودان، قال رئيس أركان القوة الاحتياطية لشرق أفريقيا العميد عثمان محمد عباس إنه تلقى أوامر بالتخطيط لانتشار محتمل لقواته في السودان، واعتبره إجراء روتينيا يحدث عند وقوع أي أزمة في أي من دول "إيساف" العشر، مؤكدا أن هذا الأمر لا يمكن تنفيذه إلا بموافقة الحكومة السودانية.

وأوضح عباس عبر حسابه في تويتر أن إجراءات نشر القوات تمر بـ4 مراحل، هي: عقد اجتماعات للخبراء من الدول الأعضاء للخروج بتوصيات فنية، ثم اجتماع رؤساء الأركان لمناقشة تقرير الخبراء، واجتماع وزراء الدفاع، وقمة رؤساء الدول المعنية لاتخاذ القرار النهائي.

وفي هذا السياق، اعتبر المسؤول السياسي لحزب التحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية مبارك أردول حديث وليام روتو وآبي أحمد مدخلا لتدويل الأزمة السودانية وتنفيذ أجندة خاصة بالدولتين.

وتوقع أردول أن تتقدم القوات الإثيوبية شمالا وبمشاركة من القوات الكينية باسم التدخل الإنساني في السودان بطلب من حكومة منفى يفكر تحالف قوى الحرية والتغيير في تشكيلها خلال الفترة المقبلة.

ويرى أن لإثيوبيا وكينيا تاريخ تدخلات في المنطقة، حيث تدخلتا في الصومال خلال عامي 2006 و2011 على التوالي، واحتلالهما جزءا من أراضيه "أوغادين" و"جوبالاند" والتأثير على سيادته وقراره السياسي، مضيفا أن السودان ليس الصومال ولم يتفكك، وجيشه والشعب أكثر وحدة وتماسكا من أي وقت مضى.

استبعاد التدويل

بدوره، استبعد الباحث في شؤون القرن الأفريقي حسن رمضان تدويل الأزمة السودانية، وقال إن مجلس الأمن الدولي اعتبر ما يجري في السودان شأنا داخليا، وأي توصيف مخالف لذلك لن يجد قبولا من المجتمع الدولي.

وفي حديث مع الجزيرة نت، رأى رمضان أن غياب رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيلي -الذي ترأس بلاده الدورة الحالية لـ"إيغاد"- ورئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت عن القمة الرباعية يعكس انقساما أو عدم توافق بين الدول الأربع بشأن الأزمة السودانية.

ويعتقد المتحدث أن الانقسام في مجلس الأمن بين روسيا والصين من جهة والولايات المتحدة والدول الأوروبية من جهة أخرى يجعل من الصعب تمرير قرار بشأن السودان، ولم يستبعد أن يستغل رئيس الوزراء الإثيوبي ظروف السودان الحالية ومحاولة السيطرة على أراضي الفشقة الزراعية الخصبة التي استعادها الجيش السوداني من بلاده.


مواقف الفرقاء

وتبنى الفرقاء السودانيون مواقف متباينة تجاه ما جرى في أديس أبابا، وقالت وزارة الخارجية إن حكومة السودان "ترفض نشر أي قوات أجنبية في السودان وستعتبرها قوات معتدية"، مستنكرة تصريحات الرئيس الكيني ورئيس الوزراء الإثيوبي.

وأضافت الوزارة "نستنكر دعوة آبي أحمد لفرض حظر جوي ونزع المدفعية الثقيلة خلافا لمواقفه وتفاهماته المباشرة مع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان"، واعتبرتها مساسا بسيادة الدولة السودانية.

وفي رسالة إلى قمة "إيغاد"، قالت الخرطوم إن "عدم احترام آراء الدول الأعضاء سيجعل حكومة السودان تعيد النظر في جدوى عضويتها في المنظمة".

في المقابل، رحبت قوى الحرية والتغيير بمخرجات القمة، وتأسفت على قرار وفد الجيش السوداني بعدم المشاركة في الاجتماع.

كما رحبت بتجديد وتأكيد المجتمعين الإقليمي والدولي العمل على إنهاء الحرب، وإشراك المدنيين، وتحقيق تطلعات الشعب السوداني في استعادة الانتقال الديمقراطي، وتسليم السلطة كاملة للمدنيين.

وجدد التحالف المعارض دعمه مبادرة "إيغاد" وجهود السعودية والولايات المتحدة المنظمتين لمنبر جدة، كما رحبت بقمة زعماء دول الجوار السودان التي تستضيفها القاهرة غدا الخميس، ودعت إلى تكاملها مع الجهود المبذولة لإنهاء الحرب واستعادة الاستقرار في السودان.

من جانبها، رأت قوات الدعم السريع أن غياب الجيش عن مؤتمر أديس أبابا "يعكس عدم رغبته وعدم جديته في وقف الحرب وعدم شعوره بمعاناة المدنيين".

وحسب مسؤول في إعلام الدعم السريع (رفض الكشف عن هويته) تحدث للجزيرة نت، فإن تعدد المنابر يطيل أمد الحرب ويؤدي إلى المنافسة بين الوسطاء، ودعا إلى توحيد المنابر، مؤكدا استعدادهم للمفاوضات من أجل اتفاق لوقف الحرب واستعادة التحول الديمقراطي والحكم المدني.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الأزمة السودانیة الرئیس الکینی فی السودان أدیس أبابا آبی أحمد

إقرأ أيضاً:

رئيس مجلس النواب اللبناني: وضعت شروطا في مشاورات حول استمرار تفاهم وقف إطلاق النار

لبنان – أعلن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، أنه اشترط وقفا فوريا لإطلاق النار والخروقات وتدمير المنازل والتعهد بموضوع الأسرى.

وجاء ذلك خلال التشاور مع رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي حول استمرار العمل بموجب تفاهم وقف إطلاق النار حتى 18 فبراير 2025.

وقال بري في تصريح يوم الاثنين تعليقا على تصريح ميقاتي بعد لقائه الوفد الأمريكي، إنه “تشاور معنا (الوفد) حول إعطاء مهلة إلى 18 فبراير المقبل مقابل الضغط لوقف الخروقات والاعتداءات الإسرائيلية”.

وأضاف رئيس مجلس النواب “الحقيقة أنني اشترطت وقفا فوريا لإطلاق النار والخروقات وتدمير المنازل وغيرها بالإضافة للتعهد بموضوع الأسرى”.

وتابع بري قائلا “اتصلت برئيس الجمهورية متمنيا عليه تبني هذا الاقتراح”.

وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي قد أعلن في بيان صباح الاثنين تأكيد الحكومة اللبنانية استمرار العمل بموجب تفاهم وقف إطلاق النار حتى 18 فبراير 2025.

وقال ميقاتي في بيانه “بعد الإطلاع على تقرير لجنة مراقبة التفاهم والتي تعمل على تطبيق قرار مجلس الأمن الرقم 1701، فإن الحكومة اللبنانية تؤكد الحفاظ على سيادة لبنان وأمنه واستمرار العمل بموجب تفاهم وقف إطلاق النار حتى 18 فبراير 2025، كما تتابع اللجنة تنفيذ كل بنود تفاهم وقف إطلاق النار وتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701”.

وأضاف ميقاتي في البيان “بناء على طلب الحكومة اللبنانية، ستبدأ الولايات المتحدة مفاوضات لإعادة المعتقلين اللبنانيين في السجون الإسرائيلية والذين اعتقلتهم إسرائيل بعد السابع من أكتوبر 2023

وأفاد بأنه أجرى مشاورات مع الرئيس جوزيف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري بشأن المستجدات في الجنوب، وفي نتيجة الاتصالات التي جرت مع الجانب الأمريكي المعني برعاية التفاهم على وقف إطلاق النار.

وكان اللبنانيون قد توجهوا الأحد والاثنين للعودة إلى قراهم المحتلة في جنوب لبنان بعد انتهاء مهلة ال60 يوما المحددة في اتفاق وقف إطلاق النار.

وأطلقت القوات الإسرائيلية النار على اللبنانيين خلال محاولتهم الدخول إلى بلداتهم ما أدى إلي سقوط قتلى وجرحى.

وواكبت وحدات من الجيش اللبناني دخول اللبنانيين إلى البلدات الجنوبية بالرغم من رفض القوات الإسرائيلية الإنسحاب من الأراضي اللبنانية التي احتلتها منذ أكتوبر 2024.

كما أعلنت قيادة الجيش اللبناني في بيان أن الجيش انتشر في بلدة دير ميماس في القطاع الشرقي في جنوب لبنان ومناطق حدودية أخرى بالتنسيق مع اللجنة الخماسية للإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار.

يذكر أنه تم الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل في 26 نوفمبر الماضي، وبدأ تنفيذ وقف إطلاق النار فجر اليوم التالي.

وينص الاتفاق على انتشار الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية في منطقة جنوب لبنان، وسحب إسرائيل قواتها تدريجيا من الجنوب باتجاه الخط الأزرق الحدودي مع إسرائيل خلال فترة تصل إلى 60 يوما.

وتخرق إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار منذ دخوله حيز التنفيذ بشكل يومي.

المصدر: وكالات

مقالات مشابهة

  • أزمة أخلاق «2»
  • الوثائقي «الخرطوم» أول فيلم عن السودان في مهرجان سندانس الأميركي
  • رئيس أركان الجيش السوداني يطلق تصريحات جديدة بشأن المهددات الخارجية ووالي الخرطوم يسجد شكرا أمام مقر القيادة العامة
  • قوات الدعم السريع بالسودان تعلن مقتل القيادي البارز "جلحة"
  • السودان: مقتل قائد ميداني بارز بقوات الدعم السريع في معارك الخرطوم
  • الاحتلال الإسرائيلي يهدم مسجدا في جنين والأوقاف تستنكر
  • السلمية: قوة المستقبل.. ثورة ديسمبر السودانية نموذجاً
  • رئيس مجلس النواب اللبناني: وضعت شروطا في مشاورات حول استمرار تفاهم وقف إطلاق النار
  • رئيس أركان الجيش السوداني: وصلنا إلى نقاط فاصلة
  • عشرات القتلى والجرحى في معارك الفاشر السودانية.. هل تحقق النصر؟