الخرطوم تستنكر موقفي نيروبي وأديس أبابا.. هل وضعت قمة إيغاد أزمة السودان أمام شبح التدويل؟
تاريخ النشر: 12th, July 2023 GMT
الخرطوم- طغت مواقف الرئيس الكيني وليام روتو ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد تجاه الخرطوم على نتائج قمة زعماء دول اللجنة الرباعية للهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (إيغاد) لحل الأزمة السودانية، وأدت إلى توتر بينهم وتلويح السودان بتعليق عضويته في المنظمة الأفريقية التي كان أبرز مؤسسيها عام 1996.
واستضافت العاصمة الإثيوبية أديس أبابا أول أمس الاثنين قمة "إيغاد" لحل الأزمة السودانية بحضور الرئيس الكيني وليام روتو ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، وغاب عنها رئيسا جييوتي إسماعيل عمر جيلي وجنوب السودان سلفاكير ميارديت.
وانسحب الوفد الحكومي السوداني الموجود في أديس أبابا بقيادة سفير السودان لدى إثيوبيا جمال الشيخ بعد تقديمه طلبا بتغيير رئاسة كينيا للجنة "إيغاد"، بسبب عدم حياد الرئيس الكيني في الأزمة، وفق بيان الخارجية السودانية.
وشارك في الاجتماع يوسف عزت المستشار السياسي لقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي"، وسمح لوفد من قيادات تحالف قوى الحرية والتغيير "الائتلاف الحاكم" في السلطة الانتقالية بالسودان سابقا بحضور الجلسة الختامية للاجتماع.
ودعا البيان الختامي للقمة طرفي الصراع إلى الوقف الفوري لإطلاق النار والاحتكام إلى الحوار، مشددا على أنه لا حل عسكريا للصراع، كما طالب بعقد لقاء مباشر بين قائدي الأطراف المتحاربة يهدف في النهاية إلى وقف العنف بشكل فوري، والتوقيع على اتفاق غير مشروط وغير محدد المدة.
ودعا البيان إلى عقد قمة لدول القوة الاحتياطية لشرق أفريقيا (إيساف) للنظر في إمكانية نشر قوة في السودان لحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية.
جدل بالجلسة المغلقةوعقب القمة، قال الرئيس الكيني إن الوضع في السودان يتطلب بشكل عاجل قيادة جديدة تكون قادرة على إخراجه من الكارثة الإنسانية.
بدوره، قال رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد إن السودان يعاني من فراغ في القيادة، مضيفا "يجب ألا نقف مكتوفي الأيدي، فالعواقب وخيمة عليه وعلى المنطقة، لذلك نحن في حاجة إلى إجراءات فورية تشمل فرض منطقة حظر طيران ونزع المدفعية الثقيلة".
وكشف مراقب حضر الاجتماع المغلق -الذي استمر 5 ساعات- أن جدلا دار في الجلسة بشأن غياب وفد الحكومة، حيث رأى مشاركون أن رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ونائبه السابق محمد حمدان دقلو "حميدتي" انقلبا على الشرعية في أكتوبر/تشرين الأول 2012 وأزاحا حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.
وذهبت آراء في الجلسة -حسب المراقب الذي تحدث للجزيرة نت- إلى أن القوى المدنية التي فوضتها قوى الثورة ووقعت الاتفاق الإطاري مع المكون العسكري هي صاحبة الشرعية ويمكن أن تمثل السودان، وتم إقرار مقترح يدعو للسماح لممثلي القوى المدنية "قوى الحرية والتغيير" بحضور الجلسة الختامية للاجتماع.
وأوضح المتحدث أن موقفي وليام روتو وآبي أحمد بشأن وجود فراغ سياسي في السودان والتشكيك في قيادته لم يردا في البيان الختامي للاجتماع، وأنهما موقفان يعبران عنهما ولا يعكسان موقف دول "إيغاد".
نشر قوة أفريقيةوبشأن نشر قوات أفريقية في السودان، قال رئيس أركان القوة الاحتياطية لشرق أفريقيا العميد عثمان محمد عباس إنه تلقى أوامر بالتخطيط لانتشار محتمل لقواته في السودان، واعتبره إجراء روتينيا يحدث عند وقوع أي أزمة في أي من دول "إيساف" العشر، مؤكدا أن هذا الأمر لا يمكن تنفيذه إلا بموافقة الحكومة السودانية.
وأوضح عباس عبر حسابه في تويتر أن إجراءات نشر القوات تمر بـ4 مراحل، هي: عقد اجتماعات للخبراء من الدول الأعضاء للخروج بتوصيات فنية، ثم اجتماع رؤساء الأركان لمناقشة تقرير الخبراء، واجتماع وزراء الدفاع، وقمة رؤساء الدول المعنية لاتخاذ القرار النهائي.
وفي هذا السياق، اعتبر المسؤول السياسي لحزب التحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية مبارك أردول حديث وليام روتو وآبي أحمد مدخلا لتدويل الأزمة السودانية وتنفيذ أجندة خاصة بالدولتين.
وتوقع أردول أن تتقدم القوات الإثيوبية شمالا وبمشاركة من القوات الكينية باسم التدخل الإنساني في السودان بطلب من حكومة منفى يفكر تحالف قوى الحرية والتغيير في تشكيلها خلال الفترة المقبلة.
ويرى أن لإثيوبيا وكينيا تاريخ تدخلات في المنطقة، حيث تدخلتا في الصومال خلال عامي 2006 و2011 على التوالي، واحتلالهما جزءا من أراضيه "أوغادين" و"جوبالاند" والتأثير على سيادته وقراره السياسي، مضيفا أن السودان ليس الصومال ولم يتفكك، وجيشه والشعب أكثر وحدة وتماسكا من أي وقت مضى.
استبعاد التدويلبدوره، استبعد الباحث في شؤون القرن الأفريقي حسن رمضان تدويل الأزمة السودانية، وقال إن مجلس الأمن الدولي اعتبر ما يجري في السودان شأنا داخليا، وأي توصيف مخالف لذلك لن يجد قبولا من المجتمع الدولي.
وفي حديث مع الجزيرة نت، رأى رمضان أن غياب رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيلي -الذي ترأس بلاده الدورة الحالية لـ"إيغاد"- ورئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت عن القمة الرباعية يعكس انقساما أو عدم توافق بين الدول الأربع بشأن الأزمة السودانية.
ويعتقد المتحدث أن الانقسام في مجلس الأمن بين روسيا والصين من جهة والولايات المتحدة والدول الأوروبية من جهة أخرى يجعل من الصعب تمرير قرار بشأن السودان، ولم يستبعد أن يستغل رئيس الوزراء الإثيوبي ظروف السودان الحالية ومحاولة السيطرة على أراضي الفشقة الزراعية الخصبة التي استعادها الجيش السوداني من بلاده.
مواقف الفرقاء
وتبنى الفرقاء السودانيون مواقف متباينة تجاه ما جرى في أديس أبابا، وقالت وزارة الخارجية إن حكومة السودان "ترفض نشر أي قوات أجنبية في السودان وستعتبرها قوات معتدية"، مستنكرة تصريحات الرئيس الكيني ورئيس الوزراء الإثيوبي.
وأضافت الوزارة "نستنكر دعوة آبي أحمد لفرض حظر جوي ونزع المدفعية الثقيلة خلافا لمواقفه وتفاهماته المباشرة مع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان"، واعتبرتها مساسا بسيادة الدولة السودانية.
وفي رسالة إلى قمة "إيغاد"، قالت الخرطوم إن "عدم احترام آراء الدول الأعضاء سيجعل حكومة السودان تعيد النظر في جدوى عضويتها في المنظمة".
في المقابل، رحبت قوى الحرية والتغيير بمخرجات القمة، وتأسفت على قرار وفد الجيش السوداني بعدم المشاركة في الاجتماع.
كما رحبت بتجديد وتأكيد المجتمعين الإقليمي والدولي العمل على إنهاء الحرب، وإشراك المدنيين، وتحقيق تطلعات الشعب السوداني في استعادة الانتقال الديمقراطي، وتسليم السلطة كاملة للمدنيين.
وجدد التحالف المعارض دعمه مبادرة "إيغاد" وجهود السعودية والولايات المتحدة المنظمتين لمنبر جدة، كما رحبت بقمة زعماء دول الجوار السودان التي تستضيفها القاهرة غدا الخميس، ودعت إلى تكاملها مع الجهود المبذولة لإنهاء الحرب واستعادة الاستقرار في السودان.
من جانبها، رأت قوات الدعم السريع أن غياب الجيش عن مؤتمر أديس أبابا "يعكس عدم رغبته وعدم جديته في وقف الحرب وعدم شعوره بمعاناة المدنيين".
وحسب مسؤول في إعلام الدعم السريع (رفض الكشف عن هويته) تحدث للجزيرة نت، فإن تعدد المنابر يطيل أمد الحرب ويؤدي إلى المنافسة بين الوسطاء، ودعا إلى توحيد المنابر، مؤكدا استعدادهم للمفاوضات من أجل اتفاق لوقف الحرب واستعادة التحول الديمقراطي والحكم المدني.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الأزمة السودانیة الرئیس الکینی فی السودان أدیس أبابا آبی أحمد
إقرأ أيضاً:
نوازع السيطرة عند بريطانيا وإنكارها مسؤوليات ودور الحكومة السودانية
من أحاجي الحرب( ٨٦٩٥ ):
○ كتب: السفير عبدالمحمود عبدالحليم
□□ استخدم وفد الاتحاد الروسي بمجلس الأمن صباح الاثنين بنيويورك حق النقض فاحبط مشروع قرار قدمته بريطانيا وسيراليون حول موضوع “حماية المدنيين ” بالسودان، وكان القرار الذى نال موافقة ١٤ وفدا قد شمل ١٥ فقرة عاملة و ٨ فقرات تمهيدية، وجاء تركيزه على الترتيبات المتصلة بحماية المدنيين تحديدا خلافا للقرارات السابقة للمجلس حول السودان التى شملت عدة موضوعات متنوعة amorphous. ، كما أعاد الفيتو الذى يحدث لأول مرة منذ امد بعيد إلى الأذهان الفيتو المزدوج الذى استخدمته روسيا والصين ضد مشروع قرار خاص بزمبابوى عام ٢٠٠٨م ….اذا كانت بريطانيا كما هو معلوم هى حامل القلم ورئيس مجلس الأمن لشهر نوفمبر فان استصحاب سيراليون جاء لإظهار وإعطاء انطباع بتوافق افريقى حول المشروع، بهدف احراج الدول التى قد يكون رايها سالبا حوله، وتحديدا روسيا والصين، فتمتنع عن معارضته حتى لا توصم بالوقوف ضد الإجماع الأفريقي.. من باب التذكر نشير إلى أن بريطانيا كانت قد تدخلت عسكريا في الحرب الاهلية في سيراليون فى مايو ٢٠٠٠ عبر الكتيبة البريطانية التي كانت هناك لأغراض الإجلاء وتمكنت من الحاق الهزيمة”بالحركة الثوريه المتحدة ” المتمردة بقيادة فودى سانكوح على مشارف العاصمة فريتاون والتى كانت مدعومة مقابل الماس السيراليوني من قبل تشارلز تايلور رئيس ليبيريا المجاورة.. وكانت بريطانيا قد استخدمت ايضاً مواقع بسيراليون فى عملياتها العسكرية ضد الأرجنتين إبان حرب الفوكلاند.. وللتذكير أيضا ترأست سيراليون فى أواخر سبعينيات القرن الماضى على عهد رئيسها سياكا استيفنز لجنة الوساطة السودانية الأثيوبية بعد توتر علاقات البلدين إبان حكم الرئيسين جعفر نميري ومنقستو هايلى مريام…
□ بدأ وكأن القرار قد شرع من جديد في رسم بناء معمارى لمسالة حماية المدنيين في السودان فى أعقاب تحشيد وترويج كبير حفلت به الفترة الماضية وتصريحات من عدة جهات دولية وعلى رأسها المبعوث الأمريكي بريللو مبشره بتدخل عسكري وخطة ب وتم إنشاء تحالف فى اجتماع جنيف ” لإنقاذ الأرواح “كما دخلت في خط ذلك التحشيد لجنه تقصى الحقائق لمجلس حقوق ألأنسان، والاجتماعات رفيعه المستوى التي عقدت على هامش دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك إلا ان إقرار الامين العام للأمم المتحدة قوتيريش امام مجلس ألأمن مؤخرا بعدم توفر الظروف المتصلة بنشر قوة عسكرية صب ماءا باردا على ذلك التحشيد لتنطلق بعده عدة مسارات هادئة من بينها زيارة وفد مجلس السلم والأمن الأفريقي الذى أكد فى بيانه الصادر عقب الزيارة ضرورة الحوار مع السودان بمافى ذلك الأفكار التى طرحها على الوفد السيد رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان كما تقرر اعادة فتح مكتب الاتحاد الأفريقي بالسودان تسهيلا للحوار المبتغى حيث يأمل السودان أن يتم فك تجميد عضويته بالاتحاد الإفريقي دون إبطاء، وجاء كذلك الى السودان وزير خارجية جيبوتي مبعوثا من الرئيس الجيبوتي رئيس الإيقاد برسالة حول عوده السودان لموقعه بالهيئه، وتم كذلك تأجيل اجتماع اللجنة الأفريقية الرئاسية برئاسة الرئيس اليوغندى يورى موسفيني.. ويبدو ان كافة هذه التطورات قد القت بظلالها على نبرة ومحتوى المشروع البريطاني وهو يعاود الكرة ويدخل المباراة المسماة حماية المدنيين بخطه جديدة قوامها إظهار احترام الخصم وتقليل اللعب على الأجسام فيسمى مجلس السيادة الانتقالي باسمه ويطلب منّ الامين العام التشاور معه حول آليات التحقق، ويسجل ادانته المباشرة في فقرات عاملة وتمهيدية للدعم السريع، ويطالب بلجم تدخلات الدول وتوريدات السلاح لدارفور مهددا بعقوبات ومسترجعا منطوق قرارى مجلس الأمن ١٥٩١ و١٥٥٦ لعام ٢٠٠٤ ( وهو القرار الذي كان قد طالب وقتها حكومة السودان بنزع سلاح الجنجويد ) ويكرر القرار المطالبة بوقف أطلاق النار ووقف التصعيد وتعزيز المرور الآمن للمساعدات الإنسانية عبر الحدود والخطوط ويرحب في هذآ الإطار بقرار السيادى بشأن معبر أدرى…وسعى المشروع في سبيل هدفه لخلق ظروف ووقائع على الأرض توفر الشروط المفضية لنشر قوات عسكرية عبر تقرير كلف الامين العام بتقديمه الى أعطاء الشعور بمرونة رغم التفخيخ الذي استوطن بعض الفقرات مثل الفقرة العاملة ١٥ وصياغتها التى تبيح وتشرعن للعمل خارج إطار مجلس ألأمن بما يعرف بتحالفات الراغبين، ولم يكن صعبا للوفد الروسي بحاسه الشم القوية
التى عرف بها إزاء محاولات التدخل الخارجية عبر تلك الصياغات ان يقف عند ذلك بل افاض فتحدث عن روح الاستعمار الجديد ونوازع السيطرة عند بريطانيا وإنكارها مسؤوليات ودور الحكومة السودانية وضرورة تجنب فرض مؤسسات العدالة..لم تغادر ذاكرة المندوب الروسي غضب بلاده وتصريحات الرئيس بوتين في ذات اليوم
المنددة بمنح الدول الغربية الضوء الأخضر لأوكرانيا لاستخدام الصواريخ بعيدة
المدى ضد روسيا …. فى الوقت الذي يتوقع أن تنشغل الأوساط الدبلوماسية بتبعات الفيتو الروسي وسيناريوهات اليوم التالى فإننا نأمل ان تستجمع بلادنا قواها ومواردها لحماية مدنييها .. فما حك جلد مواطنيها مثل ظفرها…..
#من_أحاجي_الحرب