«لا هدنة مع الفقر».. توحش الكماليات وماذا بعد؟
تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT
هل هو قدر أن يعيش الإنسان فقيرا؟ هل هو قدر أن يعيش الإنسان غنيا؟ هل هو قدر أن يقفز فرد ما من حالة العسر إلى حالة اليسر؟ هل هو قدر أن يضحي الفرد بحالة اليسر، ليعيش في حالة العسر؛ من غير سابق إنذار؟ وإذا سلَّمَ الإنسان لمفهوم القدرية هذه؛ فما الداعي إذن لهذا الهيجان الحميم الماثل في مختلف الصراعات القائمة على وجه الأرض؟ وإذا كانت الموارد متاحة بالصورة التي يقيمها البعض بأنها «سهلة» فما المانع لدى كل فرد من أن يسير في اتجاه الغنى، ولا يقبع في مستنقع الفقر متحملا هموما وأعباء نفسية لا طاقة له بها؟ ومع الفهم الواعي بكل هذه التناقضات، والفهم المماثل لأسباب الفقر؛ على وجه الخصوص؛ لم لا تكون هناك نقطة نهاية لمارد الفقر؟ وإذا تم التسليم أن الفرد يدرك مسببات الفقر؛ فإذن كيف له ألا يتقاطع مع هذه الأسباب، ويذهب في الاستهلاك غير المقنن، مع معرفته أنه وحده من سوف يدفع ثمن فاتورة هذا الاستهلاك؟ وإذا تم تصنيف السلع الكماليات على أنها الوحيدة التي تقع في خانة الاستهلاك غير المقنن، فلم يبالغ في الإمعان فيه، ويغمض عينيه، وهو يدفع فاتورته المرتفعة؟ فـ «النفس راغبة؛ وإذا ترد إلى قليل تقنع».
تستوقفني هنا في سياق هذه المناقشة؛ مقولة: «إن الفرد إذا اشترى اليوم ما لا يحتاج إليه سيبيع غدا ما يحتاجه» وهذه المقولة واقعة في مستنقع الوفرة، والرغبة، بلا أدنى شك، لأنه عندما تستعر الرغبة، تتلبس الفرد حالة من اللا وعي، فيقبل على شراء ما لا يحتاج إليه، يحدث هذا انطلاقا من شيء اسمه المباهاة، أو التقليد، دون النظر إلى القيمة الحقيقية لذات المشترى، أو ماهية الضرورة التي اشتري من أجلها، ولحظة اللا وعي هذه هي التي تغرق مجموعة المهرولين نحو شراء ما لا يحتاجون في مستنقع الديون؛ غالبا؛ لأن صاحب الثراء، ووفق ما يكتب، وما نسمع أيضا؛ أنه ينأى بنفسه كثيرا عن الوقوع في ذات المستنقع للقناعة الموجودة عنده، أن عنده القدرة على أن يشتري ما يريد في أي وقت، وليست ثمة ضرورة لأن يخضع لهيلمان الإعلانات أو الدعاية التجارية التي تمارسها الشركات المصنعة لمختلف الأدوات، والتي تجعل الطرف الأول - غير الثري - يقبل وهو مغمض العينين، على اعتبار أن هذه العرض أو ذاك؛ ربما؛ لن يتكرر ثانية، وبالتالي فهنا الفرصة متاحة لأخذ هذه السلعة، ولو لزم الأمر ادخار ما تم شراؤه، ولو أن الحاجة الفعلية لا تقتضي ذلك إطلاقا في ذات اللحظة الزمنية، مع اليقين أيضا؛ أن السلع الأساسية لا تحتاج إلى كثير من الدعاية التجارية «إعلانات الترويج» وإنما لمن يستوقفه هذا الأمر؛ يجد أن أغلب الدعاية التجارية متركزة على الكماليات، لذكاء المعلن أن المستهلك لا يلتفت كثيرا إلى الحاجيات الأساسية، وإنما إلى الحاجيات الاستهلاكية، ومن الذكاء المفرط عند البائع أن يتعمد تضعيف جودة جل المواد الاستهلاكية، والعمل الجاد على تنوعها، وإضافة لمسات جمالية عليها، حتى يجعل المستهلك يقتفي أثره على امتداد خط السير الأفقي للسلع، بمعنى يجعل المستهلك لا يلتفت إلى الجودة بقدر ما يسعى إلى امتلاك ذات السلعة، ولو كانت ضعيفة الجودة، وهذا ما هو حاصل في جل؛ إن لم تكن؛ كل السلع الكمالية، وفي الآونة الأخيرة حتى السلع الأساسية بدأ التلاعب بها، والمسألة لا تقتصر على السلع، بل بدأت تمخر في حيوية البرامج المهمة في حياة الناس، كالتعليم، والصحة، والترفيه، فمع الحرص من قبل المؤسسات المعنية بهاتين الخدمتين على تجويدهما، إلا أن هناك دعاية؛ أغلبها تجارية تركز على البديل المتاح، وتتوسع في تبسيط هذا المتاح؛ وفي الحقيقة ليس متاحا بالمعنى المباشر، ولكن لأن تدافع الدعاية التجارية عليه بصورة مكثفة تحول هذا المنتج البديل إلى إغراء، ولذلك فهناك ما يشير إلى أن هذا النوع من المنتج لا يقدم منتوجا يفوق التصور، فالمسألة برمتها لا تخرج عن سياقاتها الطبيعية، بل ربما تكون الأسوأ، وهذا أمر واقع فيه جمع من الناس في كل بقاع العالم، ولكم شاهدنا ذلك التزاحم الشديد على مصائد الدعايات التجارية «إعلانات الترويج» في بقاع كثيرة من العالم، وصل إلى حد التشابك بالأيدي، والتدافع غير المسؤول، وكأن ما هو معروض نازل في فوق سبع سماوات؛ «شيء غريب فعلا».
فطر الإنسان على الرغبات أكثر من الحاجيات، على اعتبار أن الحاجيات في أغلب الأحيان في متناول اليد، وتؤدي إلى الاكتفاء، سواء هذا التناول بجهد الفرد نفسه، أو بمساعدة الآخرين من حوله «عطفا ورحمة» وتعاونا وتآزرا، فالإنسانية لن تتنازل عن إنسانيتها في مختلف الظروف الآمنة، فما بالكم بالظروف القاهرة؟ إذن الإشكالية الأزلية هي في الرغبات، وما ثَوَّرَ هذه الحروب منذ ذلك الزمن البعيد، وإلى اليوم، وسوف تستمر إلى الغد؛ إلا هذه الرغبات الموجودة عند الفرد، في أي بقعة جغرافية يكون، ومن أي ثقافة ينطلق، وذلك لسبب بسيط وهو أن «الرغبة تولد الشراهة». وهنا يمكن طرح التساؤلات التالية: هل لذلك علاقة بالسياسة؟ هل لذلك علاقة بالدين؟ هل لذلك علاقة بالثقافة؟ هل لذلك علاقة بالحالة المادية على مستوى الفرد والجماعة؟ هل لذلك علاقة بالسيطرة والتحكم؟ هل لذلك علاقة بمقاييس القوة والتسلط؟ هل لذلك علاقة بالوفرة والندرة (الفقر/ الغنى)؟ هل لذلك علاقة بالحاجة والرغبة (الكفاف/ الشراهة)؟ نعم كل ذلك وارد هنا، وكل هذه السياقات حاضرة ومطبقة، ومقبولة، ومستساغة، ونافذة، ولا ينكرها ناكر بمعرفة، ولا يسقطها جاهل بجهل، فالطفل؛ وهو للتو يبدأ في خطواته الأولى نحو الحياة، لو خيرته بين شيئين متماثلين وظيفة، ولكن أحدهما يفاضل الآخر بشيء ما، لاختار الثاني، مع أن الوظيفة التي يؤديها ذلك الشيء هي واحدة، هذا في تقييم طفل، ربما لا يتجاوز عمره السنوات الخمس الأولى على أكثر تقدير، فما بال الأمر عند من بلغ من العمر عتيا، وقد خبر الحياة كثيرا، وعايش الكثير من الأحداث والمواقف، والحرمان، فالفطرة البشرية سوف تقود الكبير؛ كما تقود الصغير إلى الرغبة، وليس إلى الحاجة.
يسعى المشروع التنموي الذي تتبناه المؤسسات إلى تأصيل الفهم الحقيقي للتنمية، على اعتبار أن التنمية ليست مقتصرة فقط على توفير الخدمات الاستهلاكية والمعيشية، وإنما التنمية في مفهومها الشامل تأخذ البعدين الرأسي والأفقي: الرأسي المتمثل في تنمية الوعي الذي يصل بصاحبه إلى القدرة على التمييز بين السلوك الإيجابي والسلوك السلبي، وعلى التفريق بين الخطأ والصواب، وعلى الانتباه عن الوقوع في مستنقع الاستغلال، وعلى القدرة على المفاضلة بين المهم والأهم منه، فالمركبة؛ على سبيل المثال مهمة للتنقل، ولكن ليس المهم هنا أن تكون المركبة بسعر ليس في متناول من يريد امتلاكها؛ فيجازف باقتراض أو استدانة لامتلاك مركبة باهظة الثمن، فالمشروع التنموي يحقق الكثير الكثير من الحاجيات الأساسية، من تعليم، صحة، حياة اجتماعية، أما ما زاد عن الحاجيات الأساسية في ذات الموضوعات أعلاه، فذلك ينتقل صاحبه وبإرادته المطلقة من الحاجة إلى الرغبة والشراهة، وعليه أن يتحمل تبعات ذلك بنفسه.
يقوم الصراع الأزلي؛ على امتداد عمر البشرية؛ بين مفهومين: الوفرة والندرة، وبين الغنى والفقر، وبين الحاجة والرغبة، ووفق هذين المفهومين؛ واللذين يعدان عاملين أساسيين في هذه الحياة، تنبري مساحات الصراع بين الناس، وهو صراع لا هوادة فيه، ولا رحمة، لأنه مصير، فإما أن تبقى وإما أن تموت، ولا خيار ثالث لهما، وهذا البقاء؛ المشار إليه هنا؛ نقطته الصفر هو الفقر، ويظل يتمدد إلى ما لا نهاية إلى الموت، وهذا الموت هو أيضا نقطته الصفر، ويظل في تراجعه إلى ما لا نهاية له إلى نفسه «الفناء» المطلق، ولذا نعيش هذا التكالب المحموم في العلاقات البشرية، لأن الجميع أمام مفترق طرق إما أن يكونوا، وإما ألا يكونوا، ولأن البشرية على مفترق الطرق هذه، فبتالي لن تكون هناك هدنة مع الفقر، وذلك ليبقى أمل الحياة في مقاومة الفقر، وليس التسليم له، وإن ظل أمل صغير على امتداد مساحة العمر المتاحة عند كل واحد فينا، فمقاومة الفقر يبقى قدرٌ محببٌ.
أحمد بن سالم الفلاحي كاتب وصحفي عماني
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی مستنقع
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: الفقر والجهل والمرض ثلاثية خطيرة تُغذي الفكر المتطرف
ألقى الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، محاضرة بعنوان "التطرف وأثره على المجتمع"، بجامعة عين شمس، ضمن ندوة تثقيفية أقامتها الجامعة بحضور نخبة من القيادات الأكاديمية والطلابية.
وقد استقبل الدكتور محمد ضياء زين العابدين، رئيس جامعة عين شمس، فضيلة المفتي بكل حفاوة وتقدير، مشيرًا إلى دَور دار الإفتاء المصرية في تعزيز القيم الإنسانية ونشر الوعي الديني الوسطي. وأكد رئيس الجامعة أن الحوار هو السبيل الأمثل للقضاء على التطرف، وأن التعاون بين المؤسسات الدينية والأكاديمية ضروري لفهم هذه الظاهرة والتصدي لها.
صرَّح الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، بأن الحديث عن التطرف ليس من باب الرفاهية، بل هو من الأمور التي ينبغي أن تسير عليها المؤسسات، خاصة في ظل مواجهة المؤسسات الدينية باتهامات باطلة تربطها بالإرهاب.
وأضاف أن التطرف ليس مقتصرًا على الدين فقط، بل هو مجاوزة الحد في الفكر، سواء كان ذلك بالتشدد أو بالتحرر المبالغ فيه، حيث يدعو البعض إلى تمييع الدين واجتزاء النصوص، موضحا أن الغلو في التمسك بأمور خارجة عن المألوف يُعَدُّ من أشكال التطرف التي يجب التحذير منها.
وأضاف المفتي أنه عندما نتحدَّث عن التطرف يجب التفرقة بين الدين نفسه وبين أتباعه، فالحكم على الدين من خلال تصرفات المنتسبين إليه ظلم بيِّن، موضحا أن الدين جاء لتحقيق مجموعة من المقاصد، وإذا تمَّ الاعتداء على هذه المقاصد يكون ذلك تطرفًا فكريًّا واضحًا. فالمقاصد الكلية للدين إذا غابت، أدى ذلك إلى فساد الدنيا والدين معًا.
وأشار المفتي إلى أن هناك بعضَ أصحاب الأجندات المختلفة الذين يسعون إلى تشويه صورة الدين وتقليل قيمة العقل والاستهانة بالدماء، مؤكدًا أنَّ الدين في جوهره رسالة إصلاحية تحقِّق الصلاح في الدنيا والفلاح في الآخرة، وتضع إطارًا للعلاقة بين الإنسان وربه، وأضاف أن هذا الدين العظيم لم يترك حتى العلاقات الإنسانية دون ضوابط دقيقة تنظِّمه، بل وضع أطرًا للتعامل مع الجميع.
وأكَّد المفتي أنه من الخطأ الكبير إلصاق التشدد بالدين، موضحًا أن أسباب التطرف بعيدة كل البُعد عن جوهر الدين. وأوضح أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم بُعث بالحنيفية السَّمحة التي تراعي حقوق الله والكون والبلاد والعباد دون إفراط أو تفريط، معربا عن شُكره للمؤسسات التربوية والجامعات التي تهتمُّ بمثل هذه القضايا المهمة، لأن هذه المؤسسات تعدُّ من أهم الأماكن التي ينبغي أن تُعنى بتشكيل وعي الأجيال لمواجهة التطرف.
وأردف المفتي أن التطرف ليس ظاهرة حديثة، بل هو نتاج تراكمات اجتماعية وثقافية وتربوية وسياسية واقتصادية. قد تكون هناك أسباب دينية، لكنها ليست الأكثر تأثيرًا في نشأة التطرف وانتشاره. لذا، فإن مواجهة هذه الظاهرة تتطلَّب تكاتف جميع المؤسسات للعمل وَفْقَ رؤية واضحة وشاملة، وأكَّد أن الدين هو طوق النجاة للأمم، حيث نجد أنَّ الحضارات التي ازدهرت ماديًّا شهدت في الوقت نفسه انحدارًا أخلاقيًّا وسلوكيًّا، وهو ما يعكس أهمية الحفاظ على القيم الدينية والأخلاقية.
كما أشار المفتي إلى أن الله أيَّد الخلق بوحيين: الوحي المنظور وهو العالم الخارجي الذي نراه ونتأمله، والوحي المسطور وهو الكتاب السماوي. وبيَّن فضيلته أن هناك جوانب يتشابك فيها العلم مع الدين وجوانب أخرى تستقل كل منهما عن الآخر، وهذا يعكس التكامل بينهما لا التعارض.
وأكَّد أن الإنسان يجب أن يُترك للبحث دون قيود، ولكن في إطار أخلاقيات البحث العلمي حتى لا نصل إلى مرحلة "نشتري الموت بأيدينا".
وشدَّد المفتي على أن الإنسان قد غزا الفضاء، واستولى على البر والبحر، وحقَّق إنجازاتٍ عظيمةً ورفاهية غير مسبوقة، لكنه يبقى عاجزًا أمام سرِّ وجوده في الحياة الدنيا. وأشار إلى أنَّ العلم رغم تقدماته لا يمكنه تفسير كل شيء، وأن هذا يؤكد محدودية العلم، مضيفا أن {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85] هي حقيقة علمية تؤكِّد أن الإنسان لا يستطيع إدراك كل ما يتعلق بالوجود.
وتابع قائلًا: إنه عندما يُقحم العقل في أمور ليست من مجاله، فإن ذلك يؤدِّي إلى الغلوِّ والتطرُّف. لذلك، يجب أن تسلط المناهج التربوية الضوءَ على محاسن الدين، الذي بدأ مع خلق الإنسان تحت شرائع مختلفة تدعو للتعايش والتسامح والتراحم. وأوضح أن الرسالات السماوية جاءت بالوصايا العشر التي يجب أن تكون جزءًا أصيلًا في المناهج التعليمية.
وأضاف فضيلةُ المفتي أنه على الرغم من وصولنا إلى القرن الواحد والعشرين، ما زلنا نواجه مشكلة الثأر، رغم أن أطراف النزاع قد يكونون من ذوي العلم والوجاهة. وقال إن العقلية التي تقول: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف: 23] ما زالت سائدة في بعض البيئات التي تُحكم بالعادات أو الفهم الخاطئ لثقافة معينة، مما قد يُنتج تطرفًا فكريًّا.
مما يؤكد على دَور المورثات الخاطئة أيضًا في تفشي ظواهر التطرف لدى المجتمع.
كما أشار إلى أنَّ الصحبة لها تأثير كبير في تكوين الفكر، حيث إنَّ الكثير من العائدين من الجماعات الإرهابية أشاروا إلى أن الصاحب والصديق كانا البوابة الأولى للتطرف. لذلك، شدد المفتي على ضرورة تحري الصاحب الصالح الذي يأخذ بيد صاحبه إلى الحق والثبات عليه.
وفي حديثه عن العوامل التي تؤدي إلى التطرف، ذكر المفتي أن الفقر والجهل والمرض هي ثلاثة أضلاع خطيرة تهدد المجتمع، حيث إن الكثير ممن انضموا إلى الجماعات المتطرفة كانوا ضحية للفقر المدقع والجهل.
وأضاف أن الإعلام قد يكون أداة بناء أو هدم، حيث يمكن أن يُسهم في نشر القيم السلبية من خلال الترويج لمسلسلات وأفلام تدعو للمثلية والانحلال الأخلاقي.
كما أكد على ضرورة مواجهة الفكر بالفكر والآلة بالآلة، واستخدام المحتوى الإعلامي والتربوي لنشر القيم الصحيحة.
وأضاف أنَّ المؤسسات التعليمية والإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي يجب أن تتكاتف للتصدي للألعاب الإلكترونية التي تدعو للعنف والقتل وللحدِّ من تصدير الفكر المتطرف. وأشار إلى أن بعض القضايا قد تكون بسيطة، لكن بعض وسائل الإعلام قد تعمَّد إلى تضخيمها لتحقيق "الترند"، دون مراعاة للمآلات والآثار والنتائج؛ مما يستوجب من الإعلاميين تحرِّي المسؤولية في نشر الأخبار.
وتوجَّه المفتي للإعلاميين قائلًا: أنتم على ثغر خطير من ثغور الدين والوطن، فاتقوا الله فيما وضعكم فيه.
وفي ختام كلمته، أشار المفتي إلى أن الغلو والتشدد يؤديان إلى تضييق الحياة على الناس من خلال التكفير والتفسيق، مما يعطي مبررًا للتخريب بدلًا من الإعمار. وأكد أن العلم مفتاح التطور، ويجب الانفتاح على مختلف مجالاته، بما فيها علم الفلك، للاستفادة من أدواته لتحقيق التقدم والرقي.
وفي ختام الندوة تقدَّم رئيس الجامعة بالشكر له مهديًا إليه درع الجامعة في لفتة تقدير وامتنان لما يبذله فضيلة المفتي من جهود لنشر الوعي والفكر الوسطي.