الوطن:
2024-07-06@18:53:31 GMT

د. يوسف عامر يكتب.. مقومات الإسلام (6)

تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT

د. يوسف عامر يكتب.. مقومات الإسلام (6)

المعجزة: أمر خارق للعادة يجريه الله تعالى على أيدى الأنبياء تأييداً لدعواهم النبوة، فهى تبرهن على أنهم مؤيدون من قبَل من لا يعجزه شىء فى الأرض ولا فى السماء.

وكان من فضل الله على خلقه أن جعل معجزات الأنبياء من جنس ما برع فيه أقوامهم؛ ليكون هذا أدل على صدقهم، وأدعى إلى تصديقهم، فمثلاً سيدنا عيسى، عليه السلام، لما برع من بُعث إليهم فى الطب أيده الله تعالى بمعجزات خارقة يعجز أطباء قومه عنها، فصار يداوى المرضى الذين عجز أطباء ذلك الزمن عن مداواتهم كالأبرص والأكمه -وهو من يولد أعمى- إضافة إلى تأييده بمعجزة إحياء الموتى، والنفخ فى صورة طائر من طين فيصير طيراً حقيقياً {أَنِّى قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّى أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِى الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ} [آل عمران: 49].

وكذلك أيد سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بعدد كبير من المعجزات الحسية، كانشقاق القمر، حين سأله أهل مكة معجزة لتصديقه، فلما رأوا القمر منشقاً ادّعوا أن هذا سحر، فقال رجل منهم: فاسألوا من يأتيكم من بلد آخر هل رأوا هذا، فأتوا، فسألوهم فأخبروهم أنهم رأوا مثل ذلك، فأنزل الله تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ، وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} [القمر: 1، 2].

ومثل هذه المعجزات لا يؤمن بها أهل زماننا لمعاينتها وإنما لثبوتها عن طريق الخبر الصادق الذى ليس فيه أدنى ريب، ولما كان سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مبعوثاً للعالمين كان لا بد من معجزة باقية، وليس هذا من شأن المعجزات الحسية، لذا كانت معجزة عقلية، وهى القرآن الكريم الذى تعددت وجوه إعجازه، فأخبر عن أمور تاريخية لا يتسير الوقوف على دقائقها، إضافة إلى إخباره بأمور مستقبلية جاءت مطابقة لما أخبر به، ثم هو بهذه الألفاظ المحفوظة لم يجد البشر أى معارضة بين آياته وبين ما يقفون عليه من حقائق ثابتة، كما أنه فى تشريعاته ليس مقيداً بزمان معين أو بمكان محدد، بل هو مجاوز لحدود الزمان والمكان والأشخاص والأحوال.

ومن أهم وجوه إعجازه عجز العرب -وهم أهل فصاحة وبلاغة- عن معارضته، وقد تحداهم فى أن يأتوا بمثله {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} [الإسراء: 88]، أو بعشر سور مثله {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ} [هود: 13]، أو بسورةٍ واحدةٍ {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ} [يونس: 38]، ولا ريب أن الكلام أسهل من القتال، فلما اختاروا سبيل القتال دل هذا على عجزهم التام عن معارضته.

وحتى يظل هذا الوجه الإعجازى حياً لا بد من الاهتمام بدراسة اللغة العربية التى بها نقف على مفارقة القرآن الكريم لكلام البشر مهما ارتقوا فى سُلَّم البلاغة، فاللغة من هذا المنطلق ليست فقط منطق تفكير، وأداة حضارة، وأساس هوية، بل هى برهان الرسالة الخاتمة، ودليل صدق كتابها

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: مقومات الإسلام المعجزة الأنبياء والرسل السماء والأرض

إقرأ أيضاً:

محمد يوسف يكتب: تغيير المجموعة الاقتصادية في الحكومة.. توجهات مرحلة جديدة

فاق حجم التغيير الحكومي كثير من التوقعات، منها الوزارات الخدمية والمجموعة الاقتصادية، خاصة وزارات التموين والمالية والكهرباء والبترول، وهي راهن البعض على استمرارها، في ظل الأزمة الاقتصادية.

ويعني تغيير المجموعة الاقتصادية، وهو أول تغيير كاملا لها منذ زمن بعيد، أن هناك سياسات مختلفة، بل مرحلة جديدة لم تعد فيها المجموعة القديمة قادرة على تنفيذ المطلوب، خاصة أن التحديات لا تتوقف إقليميا وعالميا، لذلك لا بد من خبرات وطنية لبناء اقتصاد قادر ليس فقط على التعافي من الأزمة، لكن أن يكون أكثر مرونة في امتصاص الصدمات العالمية والأقليمية التي لا تنتهي، ويبدو أنها ستظل معنا لفترة.

ويأتي تغيير المجموعة الاقتصادية مع تغيير في عدد من التوجهات الاقتصادية التي اتسمت بها المرحلة السابقة مثل الاقتراض وزيادة حجم الاستثمارات العامة، والتوجه بدلا من ذلك إلى زيادة مشاركة القطاع الخاص في مختلف المشروعات، وتقديم كل التيسيرات للمستثمرين المحليين والأجانب، إضافة إلى إعادة هيكلة ملف الديون، وخفض نسبة الدين من الناتج المحلي الإجمالي، وتقليل نسبة العجز في الموازنة.

ولم تمر مصر منذ مراحل تاريخية طويلة بمثل حجم التحديات التي تمر بها الدولة المصرية الآن، وهو ما يستوجب شحذ كل إمكانات الدولة في هذا التوقيت، لذ فأن الحكومة الجديدة في «مهمة صعبة»، لإنهاء المشاكل والأزمات التي يعاني منها المواطن كأولوية، خاصة أن الحكومة الجديدة تأتي مع ولاية جديدة للرئيس السيسي، ما يعني مرحلة تنمية الإنسان وتوفير حياة كريمة وخدمات، أهمها صحة وتعليم، إضافة إلى تنمية صناعية وزراعية وسياحية واستثمارات.

والوزراء الجدد يتناسبون مع المرحلة الجديدة بعد انتهاء مرحلة بناء البنية الأساسية أو التحتية، والانتقال من مرحلة بناء الوطن، من خلال مشروعات قومية كبرى، ومشروعات في كل أنحاء مصر، إلى انطلاق المرحلة الجديدة التي تستهدف تنمية الحياة، وتخفيف أعباء المواطن ومواجهة مشكلاته، وتوفير حياة كريمة لبناء الإنسان نفسه كهدف للتنمية، وأن يشعر المواطن أيضا بالتنمية وتخفيف الأعباء وتحقيق الرضا الشعبي، وهو ما يستوجب سياسات وخطة حكومية قوية تظهر الأسبوع المقبل، مع استعراض رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي بيان الحكومة أمام مجلس النواب الاثنين المقبل، وتقديم خطة الحكومة للحصول على ثقة المجلس.

ويمثل أهمية تغيير المجموعة الاقتصادية، في مواجهة الأزمة الاقتصادية، التي كانت تمثل العنوان الأكبر خلال الفترة الأخيرة، وسط تراجع في التنمية والنمو وعجز الموازنة، وتراجع الإيرادات غير الضريبية، وارتفاع فوائد وخدمات الدين، وهو ما يستوجب خطة عاجلة بشخوص جدد وحكومة قادرة على الخروج من الأزمة من خلال العمل على جذب استثمار أجنبي ومشروعات كبرى وجلب عملة أجنبية، ثم التركيز على التنمية السياحية والزراعية والصناعية، لزيادة حجم الصادرات، وتوفير عملة صعبة وموارد غير ضريبية لموازنة الدولة.

وبالفعل كان أثر التغيير الوزاري الجديد خاصة المجموعة الاقتصادية سريعا، حيث حققت السندات المصرية الأطول أجلا أكبر مكاسب، وارتفع سعر استحقاقها، إذ جاء إعلان مجموعة طلعت مصطفى خططها لاستثمار 21 مليار دولار لتطوير مشروع سياحي على ساحل البحر المتوسط، بالإضافة إلى مشروع  تطوير رأس الحكمة على الساحل الشمالي، بقيمة 24 مليار دولار.

ويتوافق تغيير المجموعة الاقتصادية في الحكومة الجديدة، مع توجيهات الرئيس السيسي خلال تكليف الدكتور مصطفى مدبولي بتشكيل الحكومة الجديدة، التي كانت تستهدف الاقتصاد في المقام الأول، وهي ضبط الأسواق وكبح جماح التضخم خلال الفترة المقبلة، ووضع خطة قصيرة تظهر أن هناك تعامل واقعي وملموس لمواجهة الأزمة الاقتصادية.

مقالات مشابهة

  • عمر هاشم: الهجرة النبوية الشريفة فرّقت بين الحق والباطل
  • ذكرى الهجرة.. مولد دولة وبناء أمة.. مركز عمليات تحت قيادة النبي.. المعجزات الربانية تحيط الرسول من مكة إلى المدينة.. و4 أفلام سينمائية تناولت الرحلة
  • انطلاق أولى حلقات الصالون الثقافي الصيفي بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية
  • د. يوسف عامر يكتب: قصة مهاجرة
  •   الشيخ ياسر مدين يكتب: كيف وصلتنا السُّنة (9)  
  • أوقاف الفيوم تفتتح المسجد العتيق بالجراي بعد إحلاله وتجديده
  • «الإفتاء» حكم الذكر جماعة وجهرا عقب صلاة العصر يوم الجمعة
  • محمد يوسف يكتب: تغيير المجموعة الاقتصادية في الحكومة.. توجهات مرحلة جديدة
  • تأملات قرآنية
  • كيفية تحصين النفس من الفتن؟.. «الإفتاء» تحدد 10 أمور مهمة