الوطن فى قلوب عشاقه مهما طال السفر، حقيقة أكّدها الإقبال الكبير على التصويت فى الانتخابات الرئاسية 2024، فقد خرج المصريون فى 121 دولة حول العالم، قطعوا المسافات، وتحمّلوا المشقة والنفقات، كى يصلوا إلى 137 «مقراً انتخابياً» داخل السفارات والقنصليات المصرية، خرجوا تدفعهم مشاعرهم الوطنية ليشيدوا جسور الانتماء للوطن الأم ويؤدوا دورهم فى صياغة مستقبل بلدهم واختيار رئيسه القادم، مؤكدين أن «جين» الحضارة المصرى لا يفنى مهما طالت سنوات الغربة.

والانتخابات الرئاسية 2024 هى أيام مشهودة فى تاريخ مصر المعاصر، لأنها تمثل الضلع المتمم الذى يتوج مسيرة الإصلاح السياسى، أبرز تحديات التنمية السياسية، التى أنجزت مصر فيها شوطاً كبيراً خلال العامين الأخيرين، ولعل ما جرى فى جلسات «الحوار الوطنى» وأروقته عجّل بالنتائج الإيجابية، وحقق طفرة قوية أضفت حيوية على المشهد السياسى، يؤسس عليها فيما هو قادم.

أجادت الدولة المصرية فى الإعداد لهذه الانتخابات الهامة، والتى عزز أهميتها ما يجرى على حدودنا الشرقية فى قطاع غزة، وما تطلبه الأمر من اصطفاف وطنى واحتشاد إنسانى خلف القيادة السياسية للحفاظ على أمن مصر القومى ونصرة الأشقاء فى فلسطين، فى مسارين لا يتقاطعان ولا يؤثر أى منهما على الداخل المصرى وترتيب أجندة الأولويات الوطنية وفى مقدمتها الانتخابات.

لقد انطلق ماراثون «الانتخابات الرئاسية 2024»، والجميع يدرك أنها التحدى السياسى الأهم فى مسار مصر نحو ديمقراطية كاملة غير منقوصة، لهذا تعاملت الحكومة المصرية وأجهزتها التنفيذية بشفافية ونزاهة حتى اللحظة لتحقيق المنافسة الشريفة فى الانتخابات، فيما قامت القوى السياسية من أحزاب وتجمعات فاعلة بأداء ما عليها، سواء بتقديم مرشحين من العيار الثقيل ارتقوا لقيمة المنصب وأهميته، وتنظيم فعاليات سياسية للدعاية لكل مرشح، سادها الود والاحترام، وبقى الضلع الثالث والذى تقع مسئوليته على المصريين أنفسهم، بالمشاركة الإيجابية فى التصويت كى يكتمل البناء الديمقراطى للنظام السياسى فى الجمهورية الجديدة، وهو ما ظهرت بشائره وتجلت فى لجان الخارج، والتى تمنحنا ثقة وتفاؤلاً فى إقبال الناخبين داخل جمهورية مصر العربية على التصويت.

والمصريون بالخارج هم قطاع حيوى ومؤثر ضمن النسيج الوطنى المصرى، وإن كان حقهم فى التصويت قد مُنح لهم بحكم قضائى عام 2011، فإن حقوقهم فى الوطن قاد عادت لهم بعودة وزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين للخارج عام 2015، والتى لم تكن عودة شكلية، فلم يكن أداؤها بيروقراطياً، كما يوصف أحياناً بعض الأداء الحكومى فى وزارات أخرى، فكانت وزارة عصرية جداً، يشع من داخلها روح جديدة فى العمل الحكومى، وكان اختيار الوزيرتين (السفيرتين) نبيلة مكرم ثم سها جندى موفقاً، فقد منحتا العمل روحاً مختلفة، فانطلقت المبادرات وتعددت الفعاليات، والتى كان أبرزها مؤتمر المصريين بالخارج الذى عُقدت نسخته الرابعة فى يوليو الماضى بحضور رئيس الحكومة.

منحت الوزارة الثقة للمصريين بالخارج ودفعتهم لتقديم أفضل ما لديهم لخدمة وطنهم، ويُعزى نجاح الوزارة فى دورها إلى اهتمام ودعم الرئيس، وهو ما أسس لتشييد جسور متينة بين مصر وأبنائها فى الخارج، تجلى عطاؤهم واضحاً فى المشاركة المدهشة فى التصويت لاختيار رئيس مصر القادم، والتى أظهرت المؤشرات الأولية أنها ستتفوق على سابقتها من مشاركات أدلى فيها مصريو الخارج بأصواتهم سواء على مستوى الرئاسة أو استحقاقات سياسية أخرى.

وقد تباينت أعداد المصريين بالخارج ما بين 14 مليوناً، وهو الرقم الذى أعلنته وزيرة الهجرة مؤخراً، وما بين رقم سابق يرجع لعام 2021 صادر عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء يقدرهم بحوالى 9 ملايين مواطن يرتكز 70% منهم فى الدول العربية، وتتصدر السعودية القائمة بنحو 3 ملايين مصرى.

فيما لم يتم الإعلان رسمياً عن عدد من يحق لهم التصويت من المصريين بالخارج، بينما أكد رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات المستشار وليد حمزة أن قرابة 65 مليون مواطن مصرى يحق لهم التصويت فى الانتخابات الرئاسية الجارية، وجدير بالذكر أن آخر انتخابات رئاسية عُقدت عام 2018، شارك فيها 24.3 مليون ناخب من إجمالى 59.1 مليون مواطن لهم حق التصويت بنسبة مشاركة بلغت 41.05٪.

وقد أشارت بيانات وثّقها تقرير سابق لـ«ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان»، أن عدد المصوّتين فى الانتخابات الرئاسية عام 2012 بلغ نحو 314 ألفاً، ليرتفع فى 2014 إلى أكثر من 318 ألفاً، وتراجع فى انتخابات 2018 إلى أكثر من 157 ألف صوت فقط، وذلك بحسب ما نشرت صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، وهى أرقام ستختلف كثيراً هذه المرة بفضل جهد متميز فى تذليل عقبات التصويت، واهتمام صادق بتنمية علاقة المصريين بوطنهم، ليبقى كما عهدنا «الكنز اللى اسمه المصريين»، ثروة الوطن فى الخارج، وفى الداخل.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الانتخابات الرئاسية انتخابات المصريين بالخارج المصريون يبهرون العالم فى الانتخابات

إقرأ أيضاً:

ترامب.. والعدل المفقود!!

شىء غريب فعلًا.. جهل وغباوة منقطعة النظير.. يمارسها الرئيس الأمريكى بكل بجاحة.. دون أى حياء أو خجل!!
فبدلًا من أن يضرب على يد مغتصب الأرض وسافك الدم ومشرد النساء والأطفال..جاء ليمارس أبشع صور الابتزاز لقادة دولنا.. لإجبارهم على التخلى عن أراضيهم ومنحها للشعب الفلسطينى الشقيق.. ليتم تهجير أصحاب الأرض والحقوق.. لمصلحة مجموعة من حثالة البشر.. جاءوا من كل بقاع الأرض كالكلاب المسعورة.. ليستولوا على الأرض ويستبيحوا الدم والعرض والأرض.. فهل هذا معقول؟!
وهل هذه هى العدالة الأمريكية التى يريد الكاوبوى الأمريكى.. تطبيقها على الدول الأخرى؟!
فبدلًا من أى يفكر هو فى استقبال هؤلاء المغتصبين وإجبارهم على الانصياع لقرارات الشرعية الدولية.. والتى حرمت الإستيلاء على الأرض واحتلال الاوطان.. تحت أى مسمى!!
لكن هو يتخيل أننا ضعفاء نستجيب لتهديداته الجوفاء.. والتى ألمح اليها قائلًا بأننا قدمنا الكثير لقادة مصر والأردن وعليهم أن يستجيبوا لمطالبنا بتوطين الفلسطينيين على أراضيهم!!
وكأن الأرض العربية بلا صاحب.. يجلى. من عليها من يشاء.. ويوطن عليها من يشاء!!
بل إنه يتصرف فى الأراضى العربية وكأنها ضيعة ورثها جنابه عن الست الوالدة!!
منتهى البجاحة والوقاحة.. رغم أن سيادته يمتلك ملايين الأفدنة فى بلاده والتى تتسع لأضعاف أضعاف عصابة الخنازير التى يحميهم!!
وبهذا يكفينا شرهم ونأمن غدرهم.. لكن هيهات أن يتخلى هذا المعتوه عن شبر من أرضه.. لكن هو يطلب منا نحن أن نتخلى عن الأرض والعرض لمصلحة مجموعة من حثالة البشر.. وكأن الأرض العربية رخيصة أو بلا صاحب أو رابط!!
ولكن علينا أن نلقن هذا الرجل درسًا لا ينساه.. وعلى قادة مصر والأردن التمسك بما أعلنوه عن رفضهم القاطع للتخلى عن شبر من أراضيهم.. وأن حل القضية الفلسطينية لن يكون إلا بإقامة دولتهم على أرضهم وليس على حساب أراضى غيرهم!!
على القادة العرب أن يؤكدوا لهذا القرصان أن وراءهم شعوباً تأكل الزلط.. وترفض التخلى عن شبر من أراضيهم.
ولو أراد هو مجاملة اللوبى الصهيونى فى بلاده.. ففى الأراضى الأمريكية متسع لكل مجرم فى العالم.

مقالات مشابهة

  • خصوصية جبل الطور حتى يتجلى الله تعالى عليه
  • زيارة نائب وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج للمستشفى القبطى بزامبيا
  • أهم وأسرع مصادر العملة الأجنبية.. إشادة برلمانية بدور المصريين بالخارج في رفع الاحتياطي النقدي
  • د.حماد عبدالله يكتب: قراءة فى صفحات تاريخ الوطن !!
  • خبير عقاري: تراجع شراء المصريين للعقارات بالخارج نتيجة للنهضة العمرانية بمصر
  • محمد عبدالقادر يكتب عن رحلة المخاطر والبشريات
  • د. محمد بشاري يكتب: الإمام أحمد الطيب .. خمس سنوات من ترسيخ الأخوة الإنسانية والتسامح
  • ترامب.. والعدل المفقود!!
  • وكيل اقتصادية النواب: نثمن دور المصريين بالخارج في رفع الاحتياطي النقدي
  • الحكومة: الدولة اتخذت إجراءات استباقية ساهمت في جذب العملة الصعبة.. نواب: الإصلاحات الاقتصادية حققت نموا مستداما.. وتحويلات المصريين بالخارج تدعم الاحتياطى النقدى