واشنطن – تتواصل الأزمات القضائية التي يواجها الرئيس السابق دونالد ترامب، إذ تعرض لضربة قضائية مزدوجة نهاية الأسبوع الماضي تمثلت في رفض محكمة فدرالية منحه الحصانة الرئاسية في قضية اقتحام الكونغرس عام 2021، وقبول محكمة أخرى دعوى قضائية مدنية رفعها ضده ضابطا شرطة كانا مكلفين بحماية الكونغرس، مطالبين بتعويضات ضخمة، لما لحق بهما من إصابات بالغة.

في القضية الأولى، رفضت قاضية فدرالية محاولة ترامب إسقاط اتهامات بالتدخل في الانتخابات على أساس "الحصانة الرئاسية"، وأكدت أن لائحة اتهام ترامب لا تنتهك التعديل الدستوري الأول المتعلق بحرية التعبير عن الرأي. ويُتهم ترامب بمحاولة إلغاء هزيمته الانتخابية بشكل غير قانوني.

وقدم محامو ترامب في أكتوبر/تشرين الأول الماضي عدة طلبات لرفض القضية، مشيرين إلى سلسلة من الأسس الدستورية بما فيها التعديل الأول للدستور والمحاكمة المزدوجة والإجراءات القانونية الواجبة. في حين لم يبت بعدُ في طلبين إضافيين برفض الدعوى، لأسباب قانونية وادعاءات بالمقاضاة الانتقائية أو الانتقامية.

ووجدت رئيسة المحكمة -القاضية تانيا تشوتكان- أنه لا يوجد أساس قانوني لاستنتاج أن الرؤساء لا يمكن أن يواجهوا اتهامات جنائية بمجرد عدم وجودهم في مناصبهم.

وكتبت القاضية تشوتكان "مهما كان حجم الحصانات التي قد يتمتع بها الرئيس، فإن الولايات المتحدة لديها رئيس تنفيذي واحد فقط في كل فترة حكم، وهذا لا يمنح تصريحا مدى الحياة للرئيس بعد انتهاء فترة حكمه". وذكرت أن "خدمة المدعى عليه مدة 4 سنوات كقائد أعلى للقوات المسلحة لم تمنحه الحق الإلهي للملوك في التهرب من المساءلة الجنائية التي تحكم مواطنيه".

ونفى الرئيس السابق ارتكاب أي مخالفات، وندد بالاتهامات ووصفها بأنها "اضطهاد لمعارض سياسي"، وفي طلبهم للرفض، جادل محامو ترامب بأن طعن ترامب في نتائج الانتخابات كان جزءا من واجباته الرسمية.

وهذا الحكم هو الأول الذي تصدره محكمة أميركية تؤكد أنه يمكن محاكمة الرؤساء مثل أي مواطن آخر، وترامب هو أول رئيس أميركي، حالي أو سابق، يواجه تهما جنائية. ومن المقرر حاليا أن تبدأ محاكمة ترامب في هذه القضية في الرابع من مارس/آذار من العام المقبل.


قضية جديدة

وفي القضية الثانية، قضت محكمة استئناف فدرالية بأنه يمكن مقاضاة ترامب في محكمة مدنية لدوره المزعوم في التحريض على اقتحام مبنى الكونغرس في السادس من يناير/كانون الثاني 2021.

ورفع ضابطا شرطة الكابيتول، جيمس بلاسينجيم وسيدني هيمبي، دعاوى قضائية ضد ترامب بسبب أفعاله. ويسعى الضابطان للحصول على تعويضات مالية ضخمة من الرئيس السابق، مشيرين إلى الإصابات العاطفية والجسدية التي لحقت بهما بسبب ما ذكره ترامب في خطابه للحشود الغاضبة من ضرورة "القتال بكل قوة" قبل وقت قصير من بدء أعمال العنف.

وجادل محامو ترامب بأنه محمي من الدعاوى القضائية المتعلقة بأي شيء فعله كجزء من واجباته الرسمية. وكانت المحكمة العليا قد قضت في وقت سابق بأنه لا يمكن تحميل الرؤساء المسؤولية إلا عن أي شيء يقع "خارج نطاق" مسؤولياتهم.

ولكن القضاة وجدوا أن ترامب كان يتصرف كمرشح عندما خاطب الحشد، مشيرين إلى أنه لم يقدم أي سبب يجعل الخطاب "يعامل مثل خطاباته الرسمية كحالة الاتحاد، أنه لم يكن أكثر من عمل ضمن إطار سعيه الانتخابي للفوز بفترة حكم ثانية".

وكتب رئيس المحكمة سري سرينيفاسان "عندما يختار رئيس في فترة ولايته الأولى السعي لولاية ثانية، فإن حملته للفوز بإعادة انتخابه ليست عملا رئاسيا رسميا. وأضاف القاضي أن الرئيس "لا يقضي كل دقيقة من كل يوم في ممارسة المسؤوليات الرسمية".

ولا يزال بإمكان ترامب أن يجادل في القضايا المستقبلية بأنه كان يتصرف كرئيس وليس كمرشح. ويمكنه أيضا الطعن في الحكم أمام المحكمة العليا التي تضم 6 قضاة من المحافظين و3 قضاة من الليبراليين.

ومع ذلك، فإن القرار، والذي اُتخذ بالإجماع، يمكن أن يمهد الطريق لمزيد من الدعاوى القضائية ضد ترامب، بسبب دوره المزعوم في التحريض على العنف.


تقدم في السباق

كما يواجه ترامب 4 تهم جنائية منفصلة -منها التآمر للاحتيال على الولايات المتحدة- تتعلق بجهوده المزعومة لإلغاء هزيمته في الانتخابات الرئاسية لعام 2020 في ولاية جورجيا، واتهامات في واشنطن العاصمة لدوره في هجمات الكونغرس.

ويواجه أيضا لوائح اتهام جنائية تتعلق بتعامله مع وثائق حكومية سرية في ولاية فلوريدا. وفي ولاية نيويورك يواجه ترامب وعائلته والمسؤولون التنفيذيون في منظمة ترامب، اتهامات في محاكمة احتيال مدنية. وقد حكم القاضي في القضية بالفعل بأن "منظمة ترامب ارتكبت احتيالا".

ولم تؤثر المتاعب والتحديات القانونية الضخمة التي يواجها ترامب على فرص ترشحه الرئاسية لفترة حكم ثانية. ولا يزال يتقدم حاليا مجموعة الجمهوريين الذين يسعون للحصول على ترشيح الحزب لانتخابات 2024 ضد بايدن.

وأشار موقع "ريل كلير بوليتكس" (Real Clear Politics) إلى تقدم ترامب بمتوسط بلغ 62% من الأصوات، مقابل 13.6% لأقوى منافسيه حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، و9.6% لنيكي هيلي، حاكمة ولاية كارولينا الجنوبية السابقة.

يذكر أن أعمال الشغب اندلعت بينما كان المشرعون يجتمعون داخل الكونغرس للتصديق على فوز الرئيس جو بايدن في انتخابات 2020. وفي الساعات التي سبقت ذلك، خاطب ترامب تجمعا حاشدا في واشنطن العاصمة حث فيه أنصاره على السير إلى مبنى الكونغرس، قائلا "لن تستعيدوا بلادنا أبدا بالضعف، عليكم أن تظهروا القوة وعليكم أن تكونوا أقوياء".

وكان قد نتج عن عملية الاقتحام مقتل عدد من رجال الشرطة، وإصابة ما لا يقل عن 138 من ضباط شرطة الكونغرس على يد مثيري الشغب، وقتل 4 من ضباط الشرطة منتحرين في الأسابيع التي تلت الهجوم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترامب فی

إقرأ أيضاً:

أستاذ علوم سياسية: لقاءات الرئيس بالقمة العربية الإسلامية أكدت رفض تصفية القضية الفلسطينية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن لقاءات الرئيس السيسي على هامش القمة العربية الإسلامية شهدت توافق على رفض تصفية القضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن هناك تكتل كبير من الدول العربية الإسلامية وتتمثل أهميتها من حيث التوقيت والأعداد المشاركة بها من الدول.

وأضاف «بدر الدين» خلال مداخلة هاتفية عبر قناة «إكسترا نيوز»، أنه في إطار القمة العربية الإسلامية كان هناك لقاءات ثنائية تأتي على هامش القمة، موضحًا أن الرئيس عبد الفتاح السيسي التقى بالملك الأردني عبد الله الثاني بن الحسين.

ولفت إلى لقاء الرئيس السيسي مع رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، متابعًا: «اللقاء المصري الأردني كان يبحث عدد من المباحثات الهامة والنقاط، ونوع من التأكيد على وجهة النظر المصرية الأردنية من حيث رفض التهجير القسري للفلسطينيين، ورفض إنهاء وتصفية القضية الفلسطينية».

وأشار إلى أن إحداث أي تغيرات في الإقليم كانت مرفوضة بين مصر والأردن، إلى جانب أنه تم التوافق على ضرورة وأهمية اتخاذ موقف حاسم لإنهاء الحرب في المنطقة، وإطلاق مبادرة سياسية تؤدي إلى تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية. 
 

مقالات مشابهة

  • قبل ولاية ترامب.. الرئيس الصيني يحذر من "أحادية العالم"
  • أستاذ علوم سياسية: لقاءات الرئيس بالقمة العربية الإسلامية أكدت رفض تصفية القضية الفلسطينية
  • سياسي: لقاءات الرئيس على هامش القمة العربية أكدت رفض تصفية القضية الفلسطينية
  • الرئيس الأمريكي المنتخب ‘‘ترامب’’ يستعد لتوجيه ضربة قاصمة للحوثيين
  • بعد “تعيينه” من ترامب.. مخاوف من عدم نيل غيتز تأكيد الكونغرس
  • هيمنة الجمهوريين على غرفتي الكونغرس.. ماذا تعني لترامب؟
  • الأمير تركي الفيصل لترامب: "سيادة الرئيس أمامك الكثير لإكمال ما بدأته".. فما راي رواد مواقع التواصل؟
  • بعد فوز الجمهوريين| مصير أوكرانيا والحرب على غزة وجنوب لبنان إلى أين؟.. أستاذ علوم سياسية: لا يمكن لترامب إنهاء الصراع في المناطق المشتعلة «بزر واحد»
  • الرئيس الأمريكي الجديد وإيران وأوروبا.. معضلة طهران الدبلوماسية.. وهل يمكن أن يؤدي الاتفاق مع ترامب إلى التغيير؟
  • لماذا تترك الموسيقى التي تسمعها في سنوات شبابك تأثيرًا خالدا؟