أزمة خطيرة تهدد إسرائيل بالانهيار واجتماع طارئ لحكومة الاحتلال
تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT
تحدثت صحف إسرائيلية، اليوم الأحد، عن أزمة حادة تهدد دولة الاحتلال الإسرائيلي بالانهيار، وتدفع الحكومة لعد اجتماع طارئ لمناقشة سبل الحلول المتعلقة بها.
وفقاً لصحيفة “Ynet” الإسرائيلية فإنه من المتوقع أن تعقد وزارة المالية الإسرائيلية جلسة نقاش طارئة حول الوضع “الخطير” الذي وصل إليه سوق العقارات في تل أبيب، خاصةً بعد أن شهد انخفاضاً في بناء الوحدات السكنية، ونقصا حادا في عمال البناء نتيجة لغياب العمال الفلسطينيين ورحيل العمال الأجانب، وارتفاعاً في أسعار المواد الخام والنقل، متأثراً بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وأكد تقرير الصحيفة أن عشرات من شركات المقاولات الصغيرة في إسرائيل تتعرض لخطر الإفلاس، بعد مواجهتها صعوبات مالية، وذلك في ظل ارتفاع الفائدة وانخفاض الطلب على السكن.
وأشار تقرير الصحيفة إلى تحذير جمعية المقاولين ومسؤولين كبار في صناعة البنية الأساسية والذي أكد أن الصناعة “معرضة للانهيار” .
ونتيجة لذلك، من المتوقع أن تعقد وزارة المالية الإسرائيلية جلسة نقاش طارئة اليوم الأحد، بشأن الوضع الخطير الذي وصلت إليه الصناعة، إذ وصف كبار المسؤولين الحكوميين هذه الأزمة بأنها أصعب أزمة تتعرض لها الصناعة منذ عقود.
وأوضح التقرير أنه من المتوقع أن يشارك في الاجتماع كبار المسؤولين الماليين، منهم المدير العام لوزارة المالية شلومي هيسلر، وكبار المسؤولين في قسم الميزانية الذي يرأسه يوغيف جيردوس، ومسؤولون كبار آخرون في الهيئات الاقتصادية ومصلحة الضرائب.
“الوضع خطير”
وقالت الصحيفة نقلاً عن مسؤول كبير في وزارة المالية: “الوضع خطير، وهذا واضح لنا جميعاً”، مؤكداً أنه لا خيار سوى مساعدة مختلف القطاعات وحل أزمة العمل، وخفض أسعار المواد الخام.
كما أعرب مسؤول حكومي كبير عن أمله في أن يخفض بنك إسرائيل في يناير/كانون الثاني المقبل، أسعار الفائدة بنسبة نصف بالمئة.
وبحسب الصحيفة، فإنه من المتوقع أيضاً أن يشارك رئيس جمعية البنّائين راؤول سارجو، في مناقشة وزارة المالية الطارئة، حيث قال: “كثير من الشركات العقارية المعروفة، وبعضها حكومية، تعرضت لأضرار مالية بسبب الحرب وبعض الشركات كانت في وضع سيئ حتى قبل الحرب نتيجة زيادة أسعار الفائدة، وأنا لا أقول إن هذه الشركات على وشك الانهيار، لكنها بالتأكيد تفكر 10 مرات قبل أن تشتري قطعة أرض وتبدأ عليها مشاريع بناء”.
وإلى ذلك، قال سارجو محذراً: “إذا لم تعمل الحكومة على تسهيل الأمور على الصناعة الآن، فسوف نشهد مأساة حقيقية، ونرى البنوك تشدد الشروط على المطورين الذين فازوا بمناقصات سلطة الأراضي الإسرائيلية، والشركات الكبيرة التي لم تدفع بعدُ ثمن الأرض تدرس إن كانت ستدفع أم ستطلب التأجيل، لأن الظروف حالياً لا تشجع على الشراء، فهل ستصمد صناعة البناء في هذا الوضع؟ اليوم احتمال تعرضها لانهيار شامل أكبرُ من أي وقت مضى”.
– النقص الحاد في العمالة
وفي السياق، أكد سارجو ضرورة زيادة جلب العمال الأجانب إلى الصناعة بسرعة وبأعداد كبيرة، واصفاً هذه الأزمة بالأخطر، ورغم إعادة فتح مواقع البناء، لا يزال الإنتاج عند مستوى 30% فقط، وهي نتيجة واضحة لغياب نحو 80 ألف عامل بناء فلسطيني.
ومع ذلك، تواجه دولة الاحتلال الإسرائيلي أيضاً مشكلة ندرة العمال الأجانب في قطاع البناء، وتواجه البلدان التي يأتي منها هؤلاء العمال، الصين ومولدوفا بصفة رئيسية، صعوبات، بحسب الصحيفة.
وقالت الصحيفة: عارضت الصين دخول عمال جدد بسبب التوترات الجيوسياسية، وكان جلب عدد كافٍ من عمال البناء من مولدوفا صعباً أيضاً، وبينما وافقت الحكومة على زيادة حصة العمالة الأجنبية من 30 ألفاً إلى 50 ألفاً عبر اتفاقيات ثنائية، دفعت الإجراءات المطولة إلى اتخاذ قرار باستقدام 10 آلاف عامل إضافيين عبر اتفاقيات خاصة.
من جانبه، أكد رئيس رابطة شركات القوى العاملة في صناعة البناء، إلداد نيتسان، التزام الرابطة بتوظيف 10 آلاف عامل من خلال اتفاقيات خاصة إلى حين إبرام اتفاقيات ثنائية جديدة مع دول مثل سريلانكا وأوزبكستان، ويعتبر نيتسان هذا النقص في العمالة “فشلاً”، وشدد على ضرورة الإسراع بإدخال العمال إلى السوق.
– انخفاض الطلب على الوحدات السكنية
وفي هذا الصدد، كشفت دراسة أجراها معهد رسم الخرائط الجغرافية في إسرائيل، أن شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، شهد انخفاضاً كبيراً في الطلب على الشقق، خاصةً في المدن التي كان الطلب عليها كبيراً قبل الحرب.
وتوضح البيانات عن تغيُّر التفضيلات، مع انخفاض ملحوظ بنسبة 83%، و45%، و50% في الطلب على الشقق في عسقلان، وأسدود، وتل أبيب، على التوالي.
وبدورها، أشارت مستشارة الاقتصاد الحضري وصاحبة معهد رسم الخرائط الجغرافية الذي أجرى الدراسة، الدكتورة رينا ديجاني، إلى حدوث تغيير في أنماط البحث عن العقارات، ففي السابق، كان الأفراد يستكشفون موقعين أو ثلاثة، بينما يركزون الآن على 1.5 موقع في المتوسط.
فيما تشير بيانات أخرى إلى أن نحو 30% ممن يخططون للانتقال من منازلهم يعزون قرارهم إلى الحرب، وتحول الاعتبار الأهم في اختيار مكان العيش إلى الشعور بالأمان في المبنى ومحيطه، وليس عوامل أخرى مثل عدد الغرف، والقرب من العائلة والأصدقاء، ومستوى التعليم، والقرب من مكان العمل.
وتعليقاً على ما سبق، يلاحظ الرئيس التنفيذي للمركز العقاري، دان كاتشانوفسكي، تحولاً في خريطة الطلب على الوحدات السكنية، وينعكس الشعور بالأمان بين الإسرائيليين الآن في سوق الإسكان، الأمر الذي أدى إلى إعادة النظر في مشاريع جديدة بمناطق مضطربة، مثل الجنوب والمناطق الحدودية في الشمال.
– “سيناريو صعب”
وإلى ذلك، وصف الرئيس التنفيذي ومالك شركة Dra Marketing Real Estate، درور أوبيه تسيون، سيناريو صعباً عام 2023، ينخفض فيه الطلب على الوحدات السكنية بنسبة 90% في أعقاب ارتفاع أسعار الفائدة وشهر سبتمبر/أيلول مضطرب.
وظلت أحجام المعاملات أقل بنسبة 50% في نوفمبر/تشرين الثاني عن العام السابق، ويتكيف المطورون مع السوق عبر اللجوء إلى استراتيجيات مثل عمليات التمويل والقروض المدعومة، لكن الصراعات المستمرة وبيئة أسعار الفائدة المرتفعة تشكل تحديات خطيرة لبعض الشركات.
– مصانع مهددة بالإغلاق
أشارت صحيفة “إسرائيل هيوم” إلى أن المصانع على الحدود الشمالية والجنوبية مهددة بالإغلاق بعد اندلاع الحرب على غزة، فمنذ الشهر الماضي، تواجه العديد من المصانع نقصاً حاداً في العمال أو نقصاً في الطلبيات
ورغم أن جميع الشركات الواقعة على مسافة تصل إلى 7 كيلومترات من الحدود (مثل عسقلان) يحق لها الحصول على تعويض بنسبة 100% من الخسارة التي تكبدتها، فمن الواضح أن الدولة بحاجة إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات لضمان بقاء الصناعة المحلية ونموها المستقبلي، وفقاً للصحيفة.
ونوهت الصحيفة أن بعض المصانع في مناطق القتال فقدت زبائنها من الخارج (من لا يريدون المخاطرة)، وبعضها عاجز عن إعادة العمال بعد إجلائهم إلى الفنادق واستلام أجورهم، والبعض يطالب بجلب عمال أجانب بدلاً من العمال الفلسطينيين الذين ربما لن يعودوا إلى إسرائيل قريباً، والبعض يتساءل عن كيفية التعامل مع الاستثمار الجديد الذي خططت له في الوقت الذي لا تعمل فيه بكامل طاقتها.
وأيضاً، هناك وفقاً للصحيفة، مصانع لم يتعافَ أصحابها بعد من صدمة 7 أكتوبر/تشرين الأول، وهم ليسوا جاهزين نفسياً وجسدياً للتنقل بين ضريبة الأملاك والتأمين الوطني وخدمة التوظيف.
“انهيار المبادئ الاقتصادية”
من جهته، وجه المدير العام لوزارة الاقتصاد والصناعة الإسرائيلية، أمنون مرحاف، انتقادات حادة لمسؤولي المالية، وقال لصحيفة Israel Hayom: إن “المبادئ الاقتصادية انهارت أيضاً في هذه الحرب”.
وأشار إلى أن قسم الموازنة بوزارة المالية يواصل ارتكاب أخطاء كبيرة في إدارة الحملة الاقتصادية، فبدلاً من أن يشجع الاستثمارات في الصناعة والمشاريع وتسريع نمو الاقتصاد ودعم الأنشطة التجارية التي من شأنها توليد الإيرادات وزيادة الإنتاج وتوفير فرص العمل، يقتطع مئات الملايين من تمويل هذه القطاعات.
وتجدر الإشارة إلى أن وزارة الاقتصاد والصناعة الإسرائيلية ليست الوزارة الوحيدة التي واجهت تخفيضات بالميزانية في ما تبقى من موازنة 2023، والهدف واضح ومفهوم: تخصيص الأموال للحرب، حسب ما ذكرته الصحيفة.
المصدر: مأرب برس
كلمات دلالية: الوحدات السکنیة وزارة المالیة أسعار الفائدة من المتوقع الطلب على إلى أن
إقرأ أيضاً:
"فورين بوليسي": اقتصاد الحرب في روسيا "قنبلة موقوتة" تهدد أوروبا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن الوضع الحقيقي لاقتصاد الحرب في روسيا أصبح حاليا أكثر أهمية من أي وقت مضى، خاصة مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض لفترة رئاسية ثانية،وقناعة بعض مستشاريه بأن أوكرانيا يجب أن ترضى بالسلام بأي وسيلة ضرورية "لوقف القتال"؛ انطلاقا من فرضية أن روسيا لديها القدرة على إدامة الحرب لسنوات عديدة قادمة.
ورأت المجلة الأمريكية أن المرونة الواضحة للاقتصاد الروسي حيرت العديد من الاستراتيجيين الذين توقعوا أن تؤدي العقوبات الغربية إلى شل جهود موسكو الحربية ضد أوكرانيا، معتبرة أن الفضل في هذه المرونة يعود إلى استمرار روسيا في تصدير كميات هائلة من النفط والغاز والسلع الأخرى نتيجة للتهرب من العقوبات والثغرات ذات الصلة، إلى جانب الإدارة الذكية للاقتصاد الكلي لاسيما من جانب محافظ البنك المركزي الروسي؛ مما مكن الكرملين من الحفاظ على النظام المالي الروسي في وضع صحي نسبيا.
وللوهلة الأولى، تبدو الأرقام قوية بشكل مدهش. ففي عام 2023، نما الناتج المحلي الإجمالي الروسي بنسبة 3.6% وسط توقعات بأن يرتفع بنسبة 3.9% في عام 2024. وانخفض معدل البطالة من حوالي 4.4% قبل الحرب إلى 2.4% في سبتمبر الماضي.
ووسعت موسكو حجم قواتها المسلحة وإنتاجها الدفاعي، لتضيف أكثر من 500 ألف عامل إلى صناعة الدفاع، وحوالي 180 ألفا إلى القوات المسلحة، وآلاف أخرى إلى المنظمات شبه العسكرية والعسكرية الخاصة. كما ضاعفت روسيا من إنتاجها من قذائف المدفعية إلى 3 ملايين سنويا، مع التوسع في تصنيع الطائرات بدون طيار والقنابل الانزلاقية (هي قنابل يتم إطلاقها إلى الغلاف الجوي العلوي بنفس طريقة إطلاق الصواريخ، لكن بعد ذلك تنفصل عنها مركبة انزلاقية فائقة السرعة تحلق على ارتفاع أقل وبسرعة أكبر باتجاه الهدف؛ مما يجعل من الصعب رصدها. وتستخدم هذه التقنية في الصواريخ فرط الصوتية).
وأشارت المجلة إلى أنه رغم هذه الإنجازات، إلا أن اقتصاد الحرب في روسيا يتجه نحو طريق مسدود، حيث لا يستطيع الكرملين توسيع الإنتاج بسرعة كافية لاستبدال الأسلحة بالمعدل الذي يتم فقدها فيه في ساحة المعركة. وفي مرحلة ما في النصف الثاني من عام 2025، ستواجه روسيا -وفقا للمجلة الأمريكية- نقصا حادا في عدة فئات من الأسلحة.
ودللت "فورين بوليسي" على ما ساقته بالإشارة إلى أن روسيا تستهلك أسلحة بمعدلات أسرع بكثير من قدرتها على إنتاجها، فقد أحصى الباحثون خسارة موسكو ما لا يقل عن 4955 مركبة قتالية للمشاة منذ بداية الحرب، أي بمعدل 155 مركبة شهريا، في حين يمكن لشركات الدفاع الروسية إنتاج ما يقدر بنحو 200 مركبة سنويا، أي حوالي 17 مركبة شهريا فقط. وعلى نحو مماثل، فإن الإنتاج الموسع لروسيا الذي يبلغ ثلاثة ملايين قذيفة مدفعية سنويا يتضاءل مقارنة بالتقديرات المختلفة للاستهلاك الحالي على الجبهة، والذي بلغ 12 مليون طلقة أطلقتها القوات الروسية في عام 2022.
ولفتت المجلة إلى أن موعد وصول روسيا إلى نهاية الطريق بالنسبة لوفرة الأسلحة المطلوبة ليس معروفا، وإن كان الكرملين ليس أمامه الكثير للقيام به لتجنب ذلك اليوم، مؤكدة في الوقت نفسه أنه من عجيب المفارقات أن نفس العوامل التي تجتمع لتقييد قدرة روسيا على شن الحرب هي نفسها التي تؤشر على أنها لا تستطيع أيضا تحقيق السلام بسهولة.
وأوضحت "فورين بوليسي" أن الأداء الاقتصادي لروسيا الذي يتميز بانخفاض معدلات البطالة (نتيجة التشغيل والانتاج الهائل في القطاعات العسكرية) وارتفاع الأجور (لجذب العمال للعمل في هذه القطاعات) هو نتاج للمذهب الكينزي (نظرية تقوم على أهمية الاقتصاد المختلط)، بمعنى أن الإنفاق العسكري الهائل، الذي لا يمكن تحمله في الأمد البعيد، يعزز بشكل مصطنع فرص العمل والنمو.
ومع قفزة الإنفاق الدفاعي الروسي رسميا إلى 7% من الناتج المحلي الإجمالي، وسط توقعات بأن يستهلك أكثر من 41% من ميزانية الدولة في العام المقبل، فإن محاولة تقليص هذه النفقات الدفاعية الضخمة من شأنه أن يؤدي حتما إلى تباطؤ اقتصادي. كما أنه إذا خفض الكرملين أعداد القوات المسلحة، فسوف يجد عددا كبيرا من المحاربين القدامى المصابين بصدمات نفسية، والعاملين في مجال الدفاع ممن يتقاضون أجورا مرتفعة، زائدين عن الحاجة، ما يهدد بحالة من عدم الاستقرار السياسي.
ونبهت المجلة في هذا الصدد إلى أن حجم الركود الروسي بعد الحرب سيكون أسوأ كثيرا لأن الاقتصاد المدني في روسيا، وخاصة الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، انكمش حاليا بالفعل بسبب الحرب.
لذا، يواجه قادة روسيا مجموعة غير مرغوبة من المعضلات، من بينها: أن روسيا لا تستطيع الاستمرار في خوض الحرب الحالية بعد أواخر عام 2025، عندما تبدأ في نفاد أنظمة الأسلحة الرئيسية. وفي نفس الوقت، فإن إبرام اتفاق سلام من شأنه أيضا إثارة مجموعة مختلفة من المشاكل.
وبينت المجلة أن الكرملين سيكون عليه الاختيار بين ثلاثة خيارات غير مستساغة. يتمثل الأول في أنه إذا قلصت روسيا حجم القوات المسلحة والصناعات الدفاعية، فسوف يؤدي ذلك إلى إشعال شرارة الركود الذي قد يهدد النظام نفسه. بينما يتمثل الثاني في أنه، إذا حافظ صناع السياسات الروس على مستويات عالية من الإنفاق الدفاعي والجيش المتضخم في زمن السلم، فسوف يخنق ذلك الاقتصاد الروسي، ويزاحم الصناعة المدنية، ويخنق بالتالي النمو، وهو الخيار الذي سيتجنبه القادة الروس، الذين شهدوا بأنفسهم انهيار الاتحاد السوفييتي وسقوطه لأسباب اقتصادية مماثلة.
أما الاختيار الثالث المتاح والأكثر إغراء على الأرجح، فيتمثل في استخدام موسكو القوات العسكرية الضخمة والتلويح بالغزو (لدول مجاورة) والتهديد به؛ للحصول على الموارد الاقتصادية اللازمة لدعم هذه القوات، ودفع تكاليف الجيش. وهناك العديد من السوابق والأمثلة التاريخية، ومنها: الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت في عام 1803، حينما أنهى 14 شهرا من السلام في أوروبا لأنه لم يكن بوسعه أن يتحمل تكاليف تمويل جيشه، ولم يقبل في الوقت نفسه بفكرة تسريح هذا الجيش.
وشددت "فورين بوليسي" على أن هناك بعض الدروس المهمة التي يمكن استخلاصها من وضع اقتصاد الحرب الروسي حاليا، وهي: أن الاقتصاد الروسي لا يستطيع أن يستمر إلى ما لا نهاية في حربه ضد أوكرانيا، وسوف تحكم الاختناقات العمالية والإنتاجية على روسيا بالهزيمة طالما استمر حلفاء أوكرانيا في دعم كييف بعد النصف الثاني من عام 2025.
كما أن وقف القتال على نطاق واسع في أوكرانيا لن يؤدي إلى إنهاء مشاكل الغرب مع روسيا، خاصة وأن القطاع العسكري الضخم في روسيا يحفز الكرملين على استخدام الجيش للحصول على أموال وامتيازات من الدول المجاورة، وإلا فإن البدائل (تسريح القوات، وإحداث ركود اقتصادي، أو تمويل صناعة عسكرية ودفاعية متخمة إلى أجل غير مسمى) تشكل تهديدات وجودية لنظام الرئيس فلاديمير بوتين نفسه.
وأخيرا، وبغض النظر عن الطريقة التي ستنهي بها روسيا حربها الحالية، فإن الحقائق الاقتصادية وحدها كفيلة بخلق أنماط جديدة من انعدام الأمن بالنسبة لأوروبا؛ مما يتطلب من صناع السياسات بعيدي النظر أن يركزوا على الحلول والبدائل للتخفيف من حدة هذه التهديدات المستقبلية.