في صباح أحد أيام نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أقام ريوناش ني نيل ومجموعة من الأصدقاء منصة صغيرة أمام السفارة الأمريكية في العاصمة الأيرلندية دبلن، وفقا لميجان سبيسيا في تقرير بصحيفة "ذا نيويورك تايمز" الأمريكية (The New York Times) ترجمه "الخليج الجديد".

ثم أخرج هؤلاء المحتجون كومة من الأوراق، وعلى مدار الـ11 ساعة والنصف التالية، تناوبت السيدة ني نيل وآخرون على قراءة آلاف الأسماء من الشهداء الفلسطينيين؛ جراء حرب يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وقالت ني نيل (52 عاما): "أعتقد أن الأساس الحقيقي في أيرلندا هو أن حقوق الإنسان تحظى بالتقدير، وما يحدث الآن (في غزة) هو تدمير لحقوق الإنسان لا يمكن  تجاهله".

وبحسب ميجان، فإن "الدعم لفلسطين في أيرلندا عميق ومتجذر في ما يعتبره الكثيرون تاريخا مشتركا للاستعمار البريطاني وتجربة صراع مؤلم انتهى في حالة أيرلندا باتفاقية (الاستقلال) عام 1998".

وتابعت أنه منذ هجوم حركة "حماس" ضد مستوطنات محيط غزة، والذي قتلت فيه نحو 1200 شخص، وفقا للسلطات الإسرائيلية، والحرب المدمرة على غزة، "برزت أيرلندا باعتبارها دولة فريدة في أوروبا بسبب موقفها من الصراع"، وشارك عشرات آلاف الأيرلنديين في احتجاجات أسبوعية للمطالبة بوقف الهجمات على غزة.

وهجوم "طوفان الأقصى" شنته "حماس" ردا على اعتداءات الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى في مدينة القدس الشرقية المحتلة، التي يتمسك بها الفلسطينيون عاصمةً لدولتهم المأمولة، استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية.

وبينما أدانوا هجوم "حماس"، كان المشرعون من مختلف الأطياف السياسية الأيرلندية من بين الأوائل في أوروبا الذين دعوا إلى حماية المدنيين الفلسطينيين، وأدانوا حجم الرد الإسرائيلي، الذي خلف أكثر من 15 ألف قتيل، كما تابعت ميجان.

وفي الشهر الماضي، قال رئيس وزراء أيرلندا ليو فارادكار إنه يعتقد بقوة أن "إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها"، ولكن ما يتكشف في غزة "يشبه شيئا يقترب من الانتقام".

وشدد الرئيس الأيرلندي مايكل دي هيجنز على أن الضربات الإسرائيلية التي قتلت مدنيين تهدد بترك اتفاقيات حقوق الإنسان "في حالة يرثى لها".

وفي استطلاع للرأي نُشر الشهر الماضي، وصف حوالي 71% من المشاركين رد إسرائيل على "حماس" بأنه "شديد بشكل غير متناسب".

اقرأ أيضاً

وصفه بفاقد للبوصلة الأخلاقية.. وزير خارجية إسرائيل ينتقد رئيس حكومة أيرلندا

استعمار بريطاني

وبحسب جين أولماير، أستاذة التاريخ في كلية ترينيتي بدبلن ومؤلفة كتاب "صنع الإمبراطورية: أيرلندا والإمبريالية والعالم الحديث المبكر"، فإن وضع أيرلندا كمستعمرة بريطانية سابقة "شكل كيفية تعامل الأيرلنديين مع صراعات ما بعد الاستعمار".

وأضافت أن هذا "التاريخ يميز أيرلندا عن عدد من الدول الأخرى في أوروبا الغربية، والتي كان العديد منها في حد ذاتها قوى استعمارية، بينما يمنحها أرضية مشتركة مع الفلسطينيين".

ميجان لفتت إلى أنه "بعد هزيمة الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، حصلت بريطانيا على السيطرة الإدارية (انتداب) على فلسطين".

 وأردفت أن "وزير الخارجية البريطاني آنذاك، آرثر جيمس بلفور الذي كان سابقا السكرتير الأول لبريطانيا لشؤون أيرلندا والمعروف بقمعه الوحشي للمطالب الأيرلندية بالاستقلال، أعلن عن دعم بلاده لـ "إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين"، وهو ما يُعرف بوعد بلفور عام 1917".

وبعد بضع سنوات، منحت بريطانيا الاستقلال لجزء كبير من جزيرة أيرلندا، لكنها احتفظت بالمقاطعات الست التي لا تزال تشكل أيرلندا الشمالية وتظل جزءا من المملكة المتحدة، كما استطردت ميجان.

ووفقا لأولماير فإن هذا التقسيم قدم نموذجا للتقسيم في المستعمرات البريطانية السابقة الأخرى، بما في ذلك الهند وباكستان في عام 1947، وإسرائيل وفلسطين في العام التالي.

اقرأ أيضاً

برلمانية أوروبية تهاجم فون دير لاين: أغسلي يديكي من دماء أطفال غزة

حل الدولتين

وعلى الرغم من أن أيرلندا، مثل بقية دول أوروبا، فضلت على مدى عقود حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني وتواصلت مع قادة الجانبين، إلا أن علاقاتها مع إسرائيل توترت في الأسابيع التي تلت 7 أكتوبر، كما زادت ميجان.

ولفتت إلى أن الخارجية الإسرائيلية استدعت السفير الأيرلندي لدى تل أبيب لتوبيخه بسبب منشور لفارادكار على منصة "إكس" وصف فيه إسرائيلية- أيرلندينة كانت محتجزة لدى "حماس" بأنها كانت "مفقودة" ولم يستخدم كلمة "مخطوفة".

وفي 7 أكتوبر، أسرت "حماس" نحو 239 شخصا في مستوطنات محبط غزة، بادلت العشرات منهم قبل أيام مع الاحتلال، الذي يحتجز في سجونه 7800 فلسطيني، بينهم أطفال ونساء.

وتوقفت مفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي منذ أبريل/ نيسان 2014 لأسباب بينها تمسك الاحتلال باستمرار البناء الاستيطاني في الأراضي المحتلة وتنصله من إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود ما قبل حرب 1967.

اقرأ أيضاً

أيرلندا تستدعي السفير الإسرائيلي احتجاجا على مجزرة غزة

المصدر | ميجان سبيسيا/ ذا نيويورك تايمز- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: حالة أوروبية فلسطين دعم أيرلندا إسرائيل حرب غزة

إقرأ أيضاً:

“إسرائيل اليوم وأميركا غدا”.. لهذا تخشى واشنطن مذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت

#سواليف

مثّل إصدار #المحكمة-الجنائية-الدولية مذكرتي توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين #نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف #غالانت صدمة في العاصمة الأميركية #واشنطن.

وقالت المحكمة الجنائية الدولية إنها وجدت “أسبابا معقولة” لاتهامهما “بجريمة الحرب المتمثلة في التجويع كوسيلة من وسائل الحرب، و #الجرائم_ضد_الإنسانية المتمثلة في #القتل والاضطهاد وغيرها من الأعمال غير الإنسانية”. كذلك تحدثت عن وجود “أسباب معقولة للاعتقاد” بأن كليهما يتحمل “المسؤولية الجنائية كرؤساء مدنيين عن #جريمة-الحرب المتمثلة في تعمّد توجيه هجوم على السكان المدنيين”.

وعبّرت إدارة الرئيس جو بايدن عن رفض صارم لقرار المحكمة الجنائية الدولية. وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي إن الولايات المتحدة “ترفض بشكل أساسي قرار المحكمة بإصدار مذكرات توقيف لكبار المسؤولين الإسرائيليين”، وإنها “تشعر بقلق عميق من اندفاع المدعي العام لطلب مذكرات توقيف وأخطاء العملية المقلقة التي أدت إلى هذا القرار”.

مقالات ذات صلة سؤال موجع من قلب مظلوم على خارطة الوطن .. بأي ذنب سجنت ؟ 2024/11/22

كما قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إنها ترفض قرار المحكمة الجنائية الدولية على الرغم من أنه “ليس لدينا تقييم قانوني للإجراءات الإسرائيلية في غزة لكننا نرفض قرار الجنائية الدولية”. وانتقد بايدن قرار الحكمة واعتبره عملا “شائنا”.

“اليوم.. وغدا”

اعتبرت افتتاحية صحيفة وول ستريت جورنال المحافظة قرار المحكمة الجنائية الدولية بمنزلة هجوم على إسرائيل والولايات المتحدة معا. وقالت الصحيفة إن مذكرتي الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت “سيضرّان بقدرة جميع الديمقراطيات على الدفاع عن نفسها ضد الجماعات أو الدول الإرهابية”، على حد وصفها.

وأضافت افتتاحية الصحيفة أن “هذه السابقة ستستخدم ضد الولايات المتحدة التي هي مثل إسرائيل لم تنضم أبدا إلى المحكمة الجنائية الدولية”.

وعلى موقع مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات بواشنطن، وهي مؤسسة بحثية قريبة من الحكومة الإسرائيلية، كتب ريتشارد غولبرغ، الباحث والمسؤول السابق بإدراة دونالد ترامب، يقول “إنهم إسرائيليون اليوم، لكنهم سيكونون أميركيين غدا”.

وأضاف غولبرغ محذرا “نحن بحاجة إلى التفكير بشكل أكبر من حظر التأشيرات على مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية؛ نحن بحاجة إلى تشويه المحكمة الجنائية الدولية نفسها وقطع وصولها إلى المال والخدمات. يجب أن نطلب من جميع حلفائنا الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية أن يعلنوا أنهم لا يعترفون بأوامر الاعتقال على أنها شرعية ولن ينفذوها، يجب على كل حليف أن يسجل الآن”.

 تمهيد الطريق

تشير كل المؤشرات إلى أن الكونغرس ذا الأغلبية الجمهورية، والذي تبدأ دورته الجديدة في الأول من يناير/كانون الثاني المقبل، سيقوم بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية.

واستبق السيناتور جون ثون، الذي سيصبح زعيم الأغلبية الجديد في مجلس الشيوخ، قرار المحكمة في 17 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، ودعا مجلس الشيوخ لتمرير عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية على الفور، واستكمال خطوات مشروع قانون عقوبات المحكمة الجنائية الدولية الذي أقره مجلس النواب في يونيو/حزيران الماضي.

وهدد مايكل والتز، النائب الجمهوري من ولاية فلوريدا، والذي اختاره ترامب مستشارا للأمن القومي في إدارته الجديدة، المحكمة الجنائية الدولية، وتوعد قادتها وقادة الأمم المتحدة كذلك.

وقال والتز في تغريدة على منصة إكس “المحكمة الجنائية الدولية ليس لها مصداقية، وقد دحضت الحكومة الأميركية هذه الادعاءات. لقد دافعت إسرائيل بشكل قانوني عن شعبها وحدودها من إرهابيي جماعة حماس. يمكنك أن تتوقع ردا قويا على التحيز المعادي للسامية من قبل المحكمة الجنائية الدولية والأمم المتحدة في يناير/كانون الثاني المقبل”.

وردّ البروفيسور كريغ مارتن، من كلية واشبورن للقانون بجامعة ولاية كانساس، على هذه التهديدات. وقال للجزيرة نت إن “المحكمة الجنائية الدولية هي مؤسسة رئيسية في النظام القانوني الدولي الذي يقوم عليه ويجعل سيادة القانون الدولي ممكنة، وهو نظام لعبت الولايات المتحدة دورا مركزيا في بنائه. وبقدر ما تريد الولايات المتحدة الترويج لسيادة القانون والاعتماد على هذا النظام في المستقبل، لتقييد تصرفات دول مثل روسيا والصين، على سبيل المثال، يجب أن تفكر مليا في حكمة مهاجمة المؤسسات الأساسية التي تجعل ذلك ممكنا”.

واتفق مع الطرح السابق البروفيسور أسامة خليل، رئيس برنامج العلاقات الدولية بجامعة “سيرايكوس”، بولاية نيويورك، في حديث مع الجزيرة نت، وقال إن “إدارة بايدن لن تتصرف بناء على مذكرتي التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو وغالانت. وبدلا من ذلك، من المتوقع أن تهاجم شرعية المحكمة الجنائية الدولية والمدعي العام كريم خان”.

وبرأي خليل، فإن هذا من شأنه “أن يمهد الطريق أمام إدارة ترامب لاتخاذ إجراءات أكثر عدوانية ضد المحكمة الجنائية الدولية وأي هيئات دولية تتحدى سياسات واشنطن أو تنتقد تصرفات إسرائيل”.

أميركا والمحكمة

ورغم أن الولايات المتحدة وإسرائيل ليستا عضوتين بالمحكمة الجنائية الدولية، فإن مسؤولين أميركيين عبّروا عن الغضب من توجه المحكمة، خاصة أنها المرة الأولى التي تسعى فيها لمحاكمة حليف لأميركا.

ويفسّر الموقف الأميركي من المحكمة الجنائية الدولية بخوف واشنطن من تعرض الجنود والساسة الأميركيين للمحاكمة دون حماية دستورية أميركية، ومن قضاة دوليين.

وبدلا من ذلك، تتكئ واشنطن على قوانينها المحلية وقانون جرائم الحرب لعام 1996، وهو قانون يطبق إذا كان أحد الضحايا أو مرتكب جريمة الحرب مواطنا أميركيا أو عضوا في الجيش الأميركي.

وجدير بالذكر أن معارضة واشنطن للمحكمة الجنائية الدولية وصلت إلى ذروتها خلال إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، التي تعهدت بفرض عقوبات على القضاة والمدعين العامين في المحكمة إذا شرعوا بالتحقيق في ما قالت عنه المحكمة إن “أفرادا من الجيش الأميركي ووكالة الاستخبارات المركزية ربما ارتكبوا جرائم حرب بتعذيب المعتقلين في أفغانستان عام 2016″.

وبالفعل، فرضت واشنطن عقوبات على أعضاء المحكمة، وحظرت الحسابات المصرفية لرئيسة المحكمة السابقة فاتو بنسودا، لكن العلاقات بدأت بالتحسن مع بدء عهد الرئيس جو بايدن قبل ما يقرب من 4 سنوات خاصة بعد تعهده باحترام قواعد القانون الدولي، وأسقطت واشنطن العقوبات.

وسبق أن طالب قادة الكونغرس، من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي، البيت الأبيض بتقديم كل الدعم الممكن لمحكمة العدل الدولية في سعيها لتضييق الخناق على روسيا، إلا أن الموقف الأميركي تغير تماما حينما تعلق الأمر بإسرائيل وبانتهاكاتها المستمرة المرتبطة بعدوانها على قطاع غزة.

ومرّ التشريع الذي حمل الرقم (8282) ويدعو لفرض عقوبات على أعضاء المحكمة، وجاء كرد فعل على إصدار المحكمة أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت في يونيو/حزيران الماضي، بتأييد أغلبية 247 صوتا مقابل معارضة 155، حيث صوّت لمصلحة مشروع القرار جميع النواب الجمهوريين و42 نائبا ديمقراطيا.

وتجمد مشروع القانون عند عتبة مجلس الشيوخ، وذلك بإيعاز من البيت الأبيض الذي خشي من أن تدفع العقوبات الأميركية على المحكمة الجنائية الدولية إلى ملاحقة إسرائيل بشكل أقوى، وأن يجبر مشروع القانون الولايات المتحدة على فرض عقوبات على الحلفاء المقربين الذين يمولون المحكمة وقادتهم والمشرعين والشركات الأميركية التي تقدم خدمات للمحكمة.

مقالات مشابهة

  • منطقة الخيام.. لهذا السبب تريدها إسرائيل
  • مقتل رهينة لدى حماس والجيش الإسرائيلي يتحرى
  • ناصر الخليفي: أخشى موت باريس سان جيرمان لهذا السبب
  • أسهم أوروبا تسجل ارتفاعا أسبوعيا بدعم من قطاع العقارات
  • “إسرائيل اليوم وأميركا غدا”.. لهذا تخشى واشنطن مذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت
  • إسبانيا تُؤكد إلتزامها بدعم دولة فلسطين
  • إسرائيل اليوم وأميركا غدا.. لهذا تخشى واشنطن مذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت
  • تقارير: برشلونة يؤجل عودته لملعب «كامب نو» لهذا السبب
  • خبير: متلازمة بين السلوك الإسرائيلي في غزة والدعم الأمريكي والعجز الدولي
  • خبير سياسي: هناك متلازمة بين السلوك الإسرائيلي في غزة والدعم الأمريكي والعجز الدولي