لجريدة عمان:
2025-04-16@23:06:19 GMT

نوافذ: نسخة كئيبة من العجز البشري!

تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT

قد لا يتمكن الأجداد من فهم ما يردده الأحفاد عندما يصفون أنفسهم بكلمة: «تعب!»، فلديهم تصوّر جاهز بأنّ هذا الجيل المدلل لم يُكابد «تعبًا» مُماثلا لما عايشوه هم في عقود مضت، عندما كانت أياديهم العارية تنسجُ تفاصيل علاقتهم الشاقة بالحياة وبلقمة العيش.

قد يبدو الأمر عسيرا على الفهم حقا، إلا أنّ الحياة ـ شئنا أم أبينا ـ تختلقُ صنوفا من المعاناة لم تكن موجودة من قبل! فالتعب -وإن تغير الزمان والظروف والمفردات والأعراض والتفسيرات- لا يخفت ولا ينطفئ بتغير الأعمال الخشنة، «يبدو أنّه مترسخٌ في الأجساد مسجلٌ أيضا عبر القرون في الوعي وفي البنيات الاجتماعية إلى أن يصيبنا في العمق».

في الحقيقة لفتني أن يكون «التعب» موضوعا ومادة دراسة. قرأتُ هذا في فصول كتاب «تاريخ التعب» للكاتب جورج فيغاريلو،ت : محمد نعيم، دار: صفحة ٧، فتراجع الأعمال المُنهكة التي حلّت محلها الآلة، لا يعني بالضرورة أنّنا قلصنا العقبات المحتملة وصنوف الهشاشة وقابلية العطب البشري.

يتتبع الكتاب تاريخ التعب من العصر الوسيط وحتى أيامنا هذه، فعلى سبيل المثال يتبدى «المحارب» كأنموذج مركزي في العصور الوسطى، يُقاس تعبه بعدد الطعنات التي يتلقاها في ساحات المبارزة. يتحدث فيغاريلو عن العصر الوسيط الذي عظّم التعب المرتبط بالقتال وليس المرتبط بالعمل، فما يثيرُ التقدير هو الزبد الخارج من الفم، قصص المنهكين التائهين في الصحاري، الأرجل الدامية، ولأنّ الخارج يفرض نفسه كأولوية، فقيمة المعركة تكمن في أن تكون طويلة وطاحنة. ولكي يتكثف معنى النصر ينبغي أن يكون المحارب صلبا، فالأشياء تُقدر قيمتها بمشقتها. أمّا المتفرجون في العصور الوسطى فيثمنون الضراوة وعدد الضربات. ولا أدري لماذا أحالني هذا المشهد من الكتاب إلى الحرب على «غزة»، حيث يتحول بعضنا إلى مجرد «مشجعين» في حلبة مصارعة، مُتناسين الحيوات التي تُهدر والدماء التي تُراق دون ذرة عاطفة واحدة! بل إنّ حماسهم يدفعهم لأن ينتظروا من الأبطال أن ينجزوا مهمتهم كما يفعل الخارقون في الأساطير دون توجع أو تفجع، وكأنّهم بذلك -أي المشجعون- يعوضون خرابهم الداخلي ووضاعة أحوالهم!

في القرن السابع عشر ظهرت مفردات جديدة، من قبيل كلمة «فتور» التي أثارها الأثرياء الذين بدأوا يشكون من أوجه ضعف وهشاشة. وأيضا ثمّة آلام لم تكن تسترعي انتباه الإنسان القديم ولكن في القرن الثامن عشر أطلق عليها «تصلب عضلي»، ثمّ تناسلت كلمات العياء ودلالاتها. أمّا السفر في وقت كان بلا خرائط، فقد كان يعني ملء الفراغات بمزيد من التعب. فالمسير بقدر ما يصنع التقدم، بقدر ما يمد أشكال المعاناة. فالخارج الجغرافي يؤكد «ألم» الداخل الجسدي.

لقد تأكد «العياء العام وهيمنته أكثر من أي وقت مضى، بل وتحول إلى بداهة يومية». ففي القرنين 20-21 ارتبط التعب بالهم والقلق، وتلك الفكرة التي تطارد الجميع بضرورة تحقيق الذات، فالظروف المعيشية الحديثة تحرض على التنافس، والاعتراف المهني يغدو أشبه بمكافأة عاطفية، الأمر الذي يُضاعف أرباح منتجي مضادات الاكتئاب، وكأنّ «لا شيء من رؤية العياء والإنهاك سيتغير مع الوقت»!

كنا نظن أنّ الحياة اليوم بدخول الألفية الجديدة ستلغي مفردة «التعب» من قاموسها إلا أنّ المفردات تتزايد! إذ «يحل العبء المعلوماتي محل العبء الجسدي، وتظهر التمزقات الشخصية أو الجماعية» بصور لا يمكن إنكارها، فيبطل الإحساس بالقوة والحماسة في ظل اجتياح النفايات الكيميائية للأجساد كما يصورها فيغاريلو.

فهذا العالم في فوران حواسه المحتدمة، من الأكيد أن يترك انطباعا على الأبدان، فها نحنُ على سبيل المثال محاطون برعب المشاهدة التي تخترق بيوتنا، الرسائل والمشاهدات التي تعصف بنا بكثافة مرعبة فتضع عدسة مكبرة على حوادث الزمان، بينما لم يكن الإنسان فيما سبق محاطا بثورة معلوماتية كما هو الحال الآن والتي رغم أهميتها: «تجفف الأبدان البشرية وتؤدي إلى خراب الأرواح الحية».

إننا في حقيقة الأمر نتمرغُ في القلق! بسبب السيلان الإخباري الذي يقض مضجعنا فلا نروم التخلي عنه ولا نروم الاتصال اليومي المعذب به! الأمر الذي يُؤكد أنّ التعب لن يغادرنا أبدا، فهو «نسخة كئيبة وحتمية من العجز البشري».

هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التی ت

إقرأ أيضاً:

تسلا تطلق أرخص نسخة من سايبرتراك بمدى هو الأطول في فئتها

أميرة خالد

كشفت تسلا عن إطلاق نسخة جديدة من شاحنتها المثيرة للجدل “سايبرتراك”، تحمل اسم الطراز أحادي المحرك طويل المدى، وتعد الأقل سعرًا بين فئات الشاحنة حتى الآن، وذلك في ظل التحديات التي تواجهها الأسواق العالمية والانخفاض الملحوظ في مبيعات السيارات الكهربائية.

ويبدأ سعر النسخة الجديدة من 71,985 دولارًا أمريكيًا، شاملًا رسوم الوجهة، رغم أن الشركة لم تُعلن عن “سعر أساسي” رسمي حتى الآن، لكنها، ورغم كونها الأرخص، تقدم مدى قيادة هو الأطول بين جميع طرازات سايبرتراك، حيث تصل إلى نحو 350 ميلاً في الشحنة الواحدة، أي بزيادة 25 ميلاً مقارنةً بنسخة الدفع الرباعي الأعلى تكلفة.

وتعتمد هذه الفئة على محرك وحيد مثبت في المحور الخلفي، وتقول تسلا إنه قادر على دفع السيارة من الثبات إلى 60 ميلاً في الساعة خلال 6.2 ثانية، وهي أرقام أهدأ من النسخ الأخرى، لكنها لا تزال قوية، خاصة مع وجود ترس تفاضلي قابل للقفل لتحسين الأداء في الطرق الوعرة.

وتأتي المقصورة بمقاعد نسيجية مدفأة دون تهوية، ونظام صوتي يضم 7 مكبرات فقط، مقارنة بـ15 في الطرازات الأعلى، كما تم الاستغناء عن بعض المزايا مثل غطاء الصندوق الكهربائي والمقابس بجهد 120 فولت، وإن كانت تسلا توفر محولًا خارجيًا لتعويض ذلك جزئيًا.

وتم الاستعاضة عن نظام التعليق الهوائي القابل للتعديل بنوابض لولبية متكيفة، ما يعني ثباتًا في ارتفاع الركوب دون القدرة على تغييره، وتم تقليص قدرة السحب القصوى إلى 7,500 رطل، مقارنةً بـ11,000 في النسخ الأخرى، مع الإبقاء على قدرة تحميل محترمة تبلغ 2,006 رطل.

وتتيح تسلا للمستخدمين مجموعة من الإضافات، منها عجلات بقياس 20 بوصة، وغطاء صندوق ناعم يُسهم في رفع المدى إلى 362 ميلاً، كما يمكن للمستخدمين طلب نظام القيادة الذاتية الكاملة مقابل 8,000 دولار، أو إضافة ملحقات عملية مثل المظلات وسجادات الأرضية بأسعار تبدأ من أقل من 300 دولار.

ومقارنةً بالمنافسين، يبدو أن تسلا تسعى إلى جذب العملاء الباحثين عن مدى طويل وأداء أساسي بسعر منافس، لكن دون رفاهيات مفرطة، فعلى سبيل المثال، يبدأ سعر فورد F-150 Lightning من 65,190 دولارًا بمحركين، بينما تُطرح شيفروليه سيلفرادو EV 2WT بسعر 57,095 دولارًا بمحرك واحد، وتبدأ ريفيان R1T من 71,900 دولارًا بمحركين وبقوة 533 حصانًا.

إقرأ أيضًا:

حادث تسلا سايبرتراك في فلوريدا يجدد الجدل حول أمان القيادة الذاتية

مقالات مشابهة

  • EDGEx 2025.. الرياض تفتح نوافذ التعليم نحو المستقبل
  • ملتقى القاهرة الأدبي يفتح نوافذ جديدة على الأدب والكتابة كأداة للتعافي
  • حكم النيابة فى الحج عن الغير .. الإفتاء توضح
  • «ماراثون دبي» يفتح باب التسجيل لـ «نسخة اليوبيل الفضي»
  • كتاب: اغتصاب العقل البشري
  • OpenAI تطلق أحدث نسخة من نموذج الذكاء الاصطناعي GPT-4.1
  • البشري يتفقد سير الأنشطة والدورات الصيفية في مديرية الزهرة
  • مزور: 1905 مشاريع لاستبدال الواردات وتخفيف العجز التجاري ستخلق 433 ألف منصب شغل
  • تركيا.. زيادة في عجز الحساب الجاري
  • تسلا تطلق أرخص نسخة من سايبرتراك بمدى هو الأطول في فئتها