أطلق مغني الراب البريطاني لوكي، ومواطنته المغنية مي خليل عملا غنائيا لافتا بعنوان "فلسطين لن تموت أبدا" يجمع بين الغناء والراب، والكلمات العربية والإنجليزية، وفنون الكلام والشعر والنثر والأداء الغنائي.

وقال لوكي للجزيرة نت إنهم استلهموا العمل من أعمال الفنان والمغني والمؤلف الموسيقي اللبناني أحمد قعبور المعروف بأعماله التي تحمل آمال الشعب الفلسطيني وآلامه، ومن أشهرها "أناديكم" و"يا نبض الضفة" (في الضفة لي أطفال سبعة) وغيرها.

وأضاف لوكي أن الأغنية -التي تتميز بتعدد الإيقاع والشعر- هي "مساهمتنا المتواضعة لهذه القضية العادلة ومحاولة لتمكين الشباب في الغرب ممن لديهم شغف بتحرير فلسطين"، معتبرا أن الكلمات أصابتهم بالقشعريرة وهي تعكس الواقع الحالي.

وأردف "نتمنى أن تمنح الأغنية شجاعة وجرأة أكثر لمن يتكلمون عن فلسطين فلا يخافون من مواجهة اللوبي الصهيوني في بلدانهم"، معتبرا أن الظروف التي ألهمت الأغنية هي "الإحساس بالعجز والشلل السياسي.. ومن حقنا في الغرب التضامن مع شعبنا".

وأشار لوكي إلى أنهم اختاروا المزج بين العربية والإنجليزية في الأغنية، لأن ذلك المزيج "يعكس الواقع الذي نعيشه"، مؤكدا أنهم استلهموا كلمات تراثية لتفيد الأجيال الجديدة، وتعمق صلتها بماضيها.

مزيج الراب والأداء الغنائي

وعن استخدام الأجناس الموسيقية المختلفة في أغنية واحدة اعتبر لوكي أنهم أرادوا إثبات أن "العرب ليسوا في حالة انفصام ثقافي بالعكس تعرضنا لفنون متعددة يؤدي إلى إثراء قدراتنا على توصيف واقعنا المرير".

وقال إنه يرى الراب "جزءا مهما في هذه العملية، خصوصا كيف يجعل الإنسان يتفاعل مع الآخر بشكل مباشر".

وشرح لوكي أن تاريخ الراب انبثق من معاناة الأميركيين الأفارقة "بسبب التفرقة العنصرية"، مشيرا إلى أنه يرى "الاحتلال الصهيوني فرعا من الشجرة نفسها، يعني أنه نظام عنصري أوروبي فرض على أناس من الجنوب العالمي".

وبدأت الأغنية بكلمات عربية أدتها خليل قائلة "وقف الطفل وحده والأغاني، ورصاصٌ من حوله وجنود، وقف الطفل والحجارة أكوام، وعيناه عزمة وصعود"، ثم تحولت للراب بالإنجليزية حيث قال لوكي "من النهر إلى البحر فلسطين حرة"، وتابع بالراب أن صور جثث الأطفال لا تغادر قلبه، ومن الواضح أن هناك حاجة لأكثر من مسيرة آلاف المحتجين وأكثر من خطاب وأكثر من قصيدة أو مقطوعة موسيقية، حتى استدعاء السفراء يعد عديم الفائدة طالما يتم ضخ الوقود لطائرات الأباتشي والدبابات.

وأضاف لوكي -بينما يعرض الفيديو صور القصف والدمار في غزة- وهو يغني "أصابعي تشير إلى تلك الحكومة، أنتم قتلتموهم جميعا.. أخبرني أنك لن تحمل السلاح لو كان هؤلاء أطفالك، الحقيقة هي أن القنابل يتم تصنيعها هنا، أشعر بالموت يملأ الهواء، بينما نحن نقف ونتفرج، وطفل صغير يطلب خصلة شعر أخيه.. لا أعرف كيف يمكن لأي شخص أن يعيش بعد ذلك.. إسرائيل دولة إرهابية والتلفزيون ينقل الأكاذيب.. هذه ليست حرب إنها إبادة جماعية ممنهجة، ولكن مهما فعلوا فلسطين لن تموت أبدا".

وأكملت خليل -المولودة في سوريا- وصلة الغناء بكلمات الشاعر الفلسطيني توفيق زياد "أناديكم وأشد على أياديكم وأبوس الأرض تحت نعالكم وأقول أفديكم"، وختمت الأغنية بكلمات (غير غنائية) لأحد الآباء المكلومين في غزة يؤكد أنهم لن يستسلموا ولن يرحلوا من بلادهم وأرضهم.

الأغنية عمل مشترك بين الفنانين لوكي ومي خليل (مواقع التواصل) الغناء والنشاط السياسي

ورغم أن موسيقى الراب ليست جديدة على الساحة الشبابية العربية، إذ يعود تاريخها لمطلع الألفية تقريبا، فإنها تعززت في السنوات الأخيرة بسبب تطور علاقة الأجيال الشابة بمواقع التواصل الاجتماعي لتجاوز تعتيم وسائل الإعلام التقليدية والتعبير عن تسارع وتيرة الأحداث، كما يقول ناقدون موسيقيون.

وفي كتابه "موسيقى المتمردين: العرق والإمبراطورية وثقافة الشباب المسلم الجديد"، اعتبر المؤلف هشام عيدي أن بعض أنواع الموسيقى -مثل الهيب هوب والجاز والألحان الأندلسية و"الكناوة" المغربية- أصبحت تتقاطع معا لتمثل هوية، ووسيلة احتجاج على "سياسات الحرب الغربية".

وفي حواره السابق للجزيرة نت قال لوكي "عندما بدأت مشوار الموسيقى، كنت أقدم كثيرا من التفاهات، ولم يكن ما أقدمه له علاقة بالسياسة، ولم يكن لدي هدف من الأساس. لكن بعد مدة، أدركت أنني ينبغي أن أستخدم الموسيقى لهدف أكثر سموا ونبلا وقوة. في ذلك الوقت، انشغلت بطغيان الثقافة الأميركية على المجتمع البريطاني، ورأيت أن "الهيب هوب" وسيلة للتعبير عن الذات، خاصة في مرحلة المراهقة، وحاولت التعبير عن مشاعري من خلال الراب، لكن مع الوقت رأيت أيضا أنه يصلح كأداة من أدوات العمل السياسي".

وأردف لوكي "جاء الإلهام الأعمق من القضية الفلسطينية والأبطال الذين ناضلوا من أجل الحرية والمستقبل، ورأيت كثيرا من المشتركات بين الفلسطينيين والشعوب التي ناضلت من أجل التحرر من الاستعمار، وتجلت المعاناة الفلسطينية أمامي كمرآة لمعاناة البشرية كلها من الظلم".

مع تصاعد وتيرة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تعج مواقع التواصل الاجتماعي بالعديد من المبادرات الغنائية والأعمال الفنية والإبداعية للتضامن مع سكان القطاع المحاصر ضد القصف واستهداف المدنيين والتهجير القسري.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

ألسنة وتكنولوجيا.. غوغل تضيف الأمازيغية لخدمة الترجمة

أعلنت شركة غوغل الأميركية إضافة 110 لغات جديدة، من بينها الأمازيغية، إلى خدمتها للترجمة، ضمن هدفها لإتاحة 1000 لغة جديدة في خدمة الترجمة الإلكترونية الأكثر استخداما عالميا.

وتأتي الخدمة الجديدة بغرض تسهيل ترجمة الأمازيغية المكتوبة بالخط اللاتيني وخط تيفيناغ، وكلاهما يدعمهما ترجمة جوجل.

و"تيفيناغ" حرف تقول بعض الروايات والأبحاث التاريخية إن الأمازيغ استعملوه في عصور ما قبل الميلاد للتعبير عن لسانهم، ثم اختفى لتقتصر شعوب المنطقة على الحكي الشفهي، وتستعين لاحقا بالحرف العربي لكتابة لغتها إثر الفتوحات الإسلامية، قبل بروز نقاش حاد في نهاية القرن الماضي بين نخبة مطالبة بالعودة إلى الحرف العربي وتيار فرانكفوني متمسك بالحرف اللاتيني، حسمه في المغرب العاهل محمد السادس عام 2003 بحل وسط من خلال المصادقة على "تيفيناغ"، ليكون حرفا رسميا وحيدا لكتابة الأمازيغية في المغرب.

الترجمة الإلكترونية

وقالت غوغل إن خدمتها للترجمة تتخطى الحواجز اللغوية لتعزيز التواصل وفهم العالم بشكل أفضل، وتسعى لمساعدة الناس على التواصل عبر استخدام أحدث تقنيات الذكاء الصناعي.

وظهرت منذ الخميس الماضي اللغة الأمازيغية في خدمة الترجمة الخاصة بغوغل، وتعد اللغات الجديدة المضافة لخدمة الترجمة التوسعة الأكبر للخدمة على الإطلاق منذ تأسيسها، لتشمل أكثر من نصف مليار شخص.

وقالت الشركة في مدونتها الرسمية إنها في عام 2022 أضافت 24 لغة جديدة باستخدام الترجمة الآلية بدون نماذج (Zero-Shot Machine Translation)، حيث يتعلم نموذج التعلم الآلي الترجمة إلى لغة أخرى دون الحاجة إلى رؤية أي أمثلة سابقة، كما أعلنت الشركة عن مبادرة "1000 لغة"، وهي التزام ببناء نماذج الذكاء الاصطناعي التي ستدعم اللغات الألف الأكثر انتشارا في العالم.

وأضافت الشركة أن هذه اللغات الجديدة المضافة يتحدثها أكثر من 614 مليون إنسان، ما يفتح المجال للترجمة لحوالي 8% من سكان العالم، وتشمل اللغات الجديدة لغات عالمية رئيسية تضم أكثر من 100 مليون متحدث، بالإضافة إلى لغات يتحدث بها مجتمعات صغيرة من السكان الأصليين، وبعض اللغات الأخرى، التي لم يتبقَّ لها إلا عدد قليل جدا من المتحدثين الأصليين، ولكن هناك جهود نشطة لإحيائها.

ترجمة نص عربي للأمازيغية بخط تيفيناغ عبر خدمة غوغل للترجمة (الجزيرة)

ويأتي حوالي ربع اللغات الجديدة من إفريقيا، وهو ما يمثل أكبر توسع للغات الأفريقية حتى الآن، ومن أمثلة اللغات الجديدة المضافة إلى ترجمة جوجل، العفرية، وهي لغة نغمية يتحدث بها في جيبوتي وإريتريا وإثيوبيا، والكانتونية التي كانت واحدة من أكثر اللغات المطلوبة لترجمة جوجل، والمانكسية وهي اللغة الكلتية لجزيرة مان، وكادت تندثر تماما بوفاة آخر متحدث أصلي لها عام 1974، ولكن بفضل حركة إحياء على مستوى الجزيرة، أصبح هناك الآن الآلاف من المتحدثين بها.

وأيضا لغات النكو وهي شكل موحد للغات الماندينغية في غرب أفريقيا، والذي يوحد العديد من اللهجات في لغة مشتركة، وتم اختراع أبجديته الفريدة عام 1949، ويوجد مجتمع بحث نشط يعمل على تطوير موارد وتقنيات لها حتى اليوم، والبنجابية وهي لغة السكان الذين يعيشون منطقة البنجاب التاريخية في باكستان وشمال غرب الهند، وتكتب بالخط العربي الفارسي، وغيرها من اللغات.

وقالت غوغل إن هناك الكثير مما تجب مراعاته عند إضافة لغات جديدة إلى ترجمة جوجل، بدءا من التنوعات اللغوية واللهجات، وحتى قواعد الإملاء المعيارية، إذ تحتوي اللغات على قدر هائل من التنوع، بما في ذلك التنوعات الإقليمية واللهجات ومعايير الإملاء المختلفة.

الأمازيغية في المغرب

وفي العقود الأخيرة انتعشت اللغة الأمازيغية، وكان من نتائج ذلك اندماجها في التعليم المغربي منذ عام 2003، حيث إن 20% من تلاميذ المستوى الابتدائي يدرسون اليوم الأمازيغية، وأطلقت شعبة مستقلة بها في بعض الجامعات. واعترف دستور 2011 بالأمازيغية لغة رسمية للبلاد إلى جانب العربية، وصار لها حضور في الإعلام من خلال قناة ناطقة بها.

وفي حديث سابق للجزيرة نت، يعزو محمد أفقير، الأستاذ في شعبة الدراسات الأمازيغية بجامعة ابن زهر بأكادير التطور في الإنتاجات الأدبية باللغة الأمازيغية إلى الواقع الجديد للأمازيغية بالمغرب، بعد الاعتراف الرسمي بها وما تلاه من إجراءات أسهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في تطور الإبداع الأدبي الأمازيغي، ومن ذلك تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ودمج الأمازيغية في جزء من التعليم الابتدائي، وتأسيس مسالك للإجازة (الليسانس) والماجستير خاصة بالدراسات الأمازيغية ببعض الكليات، إلى جانب تأسيس تكتلات تجمع الأدباء والكُتاب الأمازيغ على شكل اتحاد جهوي للكتاب، وتنظيم مسابقات للإبداع الأدبي ومنح جوائز للفائزين.

ويبدو أن التنوع الإثني الذي تتمتع به دول المنطقة المغاربية أخذ بالانعكاس أيضا على مشهدها الإعلامي، الذي تمكنت ضمنه الصحافة الأمازيغية -رغم حداثة نشأتها- من توطيد مكانة مهمة لدى الجمهور، بدءا من كونها متخصصة في قضايا الأمازيغ بلغات مختلفة، مرورا بتوظيف الحرفين العربي واللاتيني لتحرير المادة الأمازيغية، وصولا إلى مخاطبة القارئ بـ"تيفيناغ".

مقالات مشابهة

  • الغناء أسلوب جديد لمقاومة قمع وتعسفات مليشيا الحوثي
  • الرئاسة الفلسطينية توضح موقفها من تسليم غزة لقوات دولية
  • السفير حسام زكي: فلسطين طلبت عقد دورة غير عادية لمجلس الجامعة العربية للتصدى لجرائم الإبادة
  • 110 لغة جديدة تنضم إلى خدمة ترجمة “غوغل”
  • السيسي يشيد بالمصريين: يضربون أروع الأمثلة في التماسك.. ويجدد العهد: مصرون على عبور كافة التحديات
  • في ذكرى 30 يونيو.. السيسي: مصر لن تتخلى أبدا عن إصرارها على عبور كل التحديات
  • السيسي في ذكرى 30 يونيو: أؤكد أن مصر لن تتخلى أبداً عن إصرارها على عبور كل التحديات
  • ألسنة وتكنولوجيا.. غوغل تضيف الأمازيغية لخدمة الترجمة
  • كورال أطفال وفنون شعبية في احتفالات ثقافة مطروح بثورة 30 يونيو
  • معتصم أقرع: هكذا تموت الإمبراطوريات