جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-01@15:48:57 GMT

الطوفان نَبه الوَسنان

تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT

الطوفان نَبه الوَسنان

 

 

ماجد المرهون

MajidOmarMajid@outlook.com

 

إننا نُدرك بوعينا المعتاد استنكار إلقاء الأحكام التقويميةِ علينا، وهو أمر يرفضه الإنسان في الظروف الطبيعية المأنوسة؛ بسبب ركاكة الإحاطة التامة بحيثيات المكابدة التي خبِر عُسرها من أُلقيت عليه تلك الأحكام، وإن كان المُحكِّم أو الناصح مُلمًّا بشيءٍ منها بيد أن الأحوال تختلف من شخصٍ لآخر، ويتباين تأثير وقعها حتى مع التشابه الظاهر لنفس المعاناة، والإنسان يكره من يُصدر عليه حكمًا نهائيًا بالملامة؛ إذ إن معظم هذه الأحكام تستند إلى إدانة الوقائع الظاهرية منها وليس الضمنية الباطنية، كاتهام أحدهم لآخر بسوء النِّية حيال أمرٍ ما ثم إلقاء حكمًا مباشرًا علية بالاستناد إلى غيبيات النوايا.

يظن الإنسان بغروره أن أناته الواعية هي المتحكمة بدفة القيادة والتوجيه وتمسك بزمام الأمور بثقةٍ واقتدار، بينما تقبع في حقيقتها على طرف المفازة البعيد عن مركز التحكم وتتخذ لنفسها مجلسًا قصيًا في تشكيل وعيه المسيطر على المدى الطويل، والواقع أن الذات اللاواعية هي ما يشكل المركز الفعلي للتحكم، والتي تبني شخصية الإنسان منذ مراحل نموه الأولى وهي من يصنع ذاته الواعية التي يعتقد عبثًا بسيطرتها؛ وذلك من خلال ما يعايشه ويسمعه ويراه ويتعلمه بحسب الممارسات الصغيرة والكبيرة المستمرة دون انقطاع، وبحسب المعيارية السائدة في مجتمعه على الصعيد الدراسي والفكري والديني والثقافي والإعلامي، وقد تُصدم هذه الأنا الواعية المغرورة إلى حدٍ ما بحقيقة مختلفة تنبهها بما هي معتقدةً أو مقتنعة به كاعتناق أحدهم للإسلام مثلًا ليكتشف الوهم الذي كان متخبطًا بين جدرانه طيلة سنينٍ ماضية من اعتناق أسئلة لا جواب لها، أو جواباتٍ ملتوية بالغة التعقيد تفضي بالمسؤول إلى نفاق التجاوب والسائل إلى التثاؤب.

إنَّ الحقيقة واضحة جلية للمسلمين في كل مجتمعات العالم، لكنها غائبة عن غير المسلمين في المجتمعات الغربية بسبب قناعتها التامة بأناتها الخادعة إذ تشكلت الذات اللاواعية لديهم على مدار مئات السنين من تزييف الحقائق وتغيير الوقائع ونالت الوعي العام للمجتمع وطالت المناهج الدراسية ونظم وأساليب التعليم، مدعومة من الإعلام الموجه من ثلةٍ عليمةٍ مسيطرةٍ على دفة القيادة وتعمد إلى تسييرها بنفس النهج الخفي مع ضمان استمراره وبقائه، ولكن تُصدم تلك المجتمعات عندما تكتشف في عدة أيام حقيقة ما قام به خبراء الكذب والتضليل لأكثر من 75 عامًا.

لن تستفيق تلك الذات التي تعتقد بصلابة موقفها من خدرها إلا بصدمة صارخة توقظها من وسنها وما تحياه من غلواءٍ وغي، وفي المقابل ستكون صدمة عكسية تودي بصاحبها إلى الكره والحقد وربما الانتقام، وهو فعلا ما وقعت فيه السياسة الإعلامية الغربية التي تُقنن عمادتها ضلالات الصهيونية، رغم كل جُدر الحماية ومحاولات الغربلةِ والانتحال والتلاعب والتلفيق؛ وقد لاحظنا الثورة الضارية لتلك الشعوب وبشكل يدعو للغرابة عند الجاهل بحقيقة الأمور أو المشوش الذي يلقي بأحكامه السريعة المبنية على الوقائع الظاهرية، وإجماع معظم العامة على التصدي بحزم لمحاولات التضليل الجديدة المصاحبة للأحداث في غزة؛ حيث لامس الأمر الوقائع الضمنية الباطنية، مما دفع بحكوماتهم سريعًا لسن تشريعات جديدة تمنع التعاطف مع الفلسطينيين والمقاومة، ولم يجد كل ذلك قبولًا على المستوى الشعبي بعد أن اتخذت أفعال الكيان المحتل خرقًا سافرًا لكل المعاني والمفاهيم الإنسانية، ومن هنا اشتعلت شرارة التنبيه للذات الواعية لدى المجتمعات الغربية الغارقة في محيط الأوهام والسابحة في خضم الساسة والإعلام، ولن يوقف انتشارها شيء بعد انكشاف الحقيقة.

فمارست الحكومات الغربية منذ ستينيات القرن الماضي سياسة إبقاء شعوبها تحت مسكنات إعلامها غير النزيه، وإن حاول حقن بعض جرعات المهنية على مَشاهدهِ الظاهرية من ناحية تقعيد حرية التعبير وأهمية الرأي الآخر، إلا أنها جرعات مقننة ومحسوبة بتقنية عالية لضمان عدم استثارة الرأي العام، ولكن يبدو أن تلك المعايير اللاأخلاقية قد فرطت من أيدي حراس بوابات القنوات الإخبارية العريقة مع الأحداث الجارية بغزة، وفي ظل وفرة تطبيقات مواقع التواصل وتنافسها المحموم.

صحيح أنَّ تلك الشعوب ليس لها من أمرها شيء سوى الكلام والاحتجاج أو تظاهرٍ ضعيف التأثير لا جدوى منه حسب اعتقادنا العربي وثقافتنا العامة، لكنه ليس كذلك في الثقافة الغربية وقوانينها، بل إنَّ أكثر ما يخيف حكوماتهم ويرعبها هو تأجج الرأي العام الداخلي وانعكاساته التي ستطال كل السياسيين وبالطبع سيعود الضرر على مصالحهم ومكاسبهم؛ وما إن بدأ الرأي العام بالانتفاض قليلًا من تخديره الطويل حتى تغيرت لهجة قياداتهم وكبار ساستهم فوريًا، ودخلت كلماتٍ جديدةٍ كانوا يعتقدون بكبرهم وغرورهم أنها ذات طابع يشي بالضعف أو الخضوع، تقلبت آراؤهم على جمر القلق يمينًا ولهيب التوتر يسارًا حتى استوت بعد شهر من نيران القتل والتنكيل وباتت تميل إنسانيًا إلى الأبرياء مع ميول الملايين المتظاهرة وما كان ذلك ليحدث لولا أنهم استشعروا الخوف، وعلى كل حال فإن المستقبل المهني لكل القادة السياسيين المتورطين في التعاطف مع جرائم الكيان المحتل لم يعد ينظر له بموثوقية كما كان قبل 7 أكتوبر.

لقد وقع الغرب بشقيه في الغرور العام بحسب ما حققوه من مكاسب دنيوية ورفاه، مع أن ما يقومون به الآن ما هو إلا من الأعمال الحسية وبمقدور كل من أوتي علمًا عقليًا الإتيان بتلك الأعمال ولن تستعصي عليه؛ لذلك يقف كل العالم الغربي وقفة رجل واحد في وجه التقدم العلمي للشعوب وخصوصًا الإسلامي، حتى وإن أظهروا جوانب سطحية من الدعم المالي المباشر والتعاون المادي في مناحي الاقتصاد والصحة والزراعة والبيئة وغيرها، لكنهم لن يُقدموا على الدعم الصناعي المتقدم وسيستلون نصالهم ضده بندية صلبة؛ لأن ذلك عمق تنافسي من شأنه تشكيل حضارة جديدة تُهمش حضارتهم وتُضعف سيادتهم وتُفقد مصالحهم وتُفقر شعوبهم.

ومع كل ذلك، فإن التأثير البنيوي على مستوى الإرادة الحرة لا يمكن تغييره وسوف يتبين الحق فجأة أو بعد حين جراء موقفٍ أو حدثٍ لم يخطر على بال كل مُشكك مستهين أو عارفٍ خبير مهما طال زمن التضليل والهيمنة والتحقير وأيًا كانت البيئة التي نشأ وتشكل وعي الإنسان الصغير فيها قبل الكبير، والحقيقة المشهودة في طوفان الأقصى أنه كشف الخيانات المتعددة والمكائد المترصدة وفضح النفوس الحاسدة والشخوص الفاسدة، وحرك المياه الراكدة في الأفواه الحاقدة ونبه العقول المتبلدة والأعصاب المتجمدة.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

انتعاش سياحة السفاري في الصحراء الغربية

بعد سنوات عجاف استعادت سياحة السفاري عافيتها بعد عودة الامن على سائر البلاد بما فيها الصحراء الغربية بعد حوادث الارهاب المتفرقة التي ضربت السياحة عموما وسياحة السفاري خاصة في صحراء مصر الغربية وواحاتها، كانت حركة سياحة السفاري بالصحراء الغربية والواحات قد توقفت تماما عده سنوات منذ مقتل السياح المكسيكيين بطريق القاهرة الواحات البحرية و تعرض كمين قوات حرس الحدود 101 في 19 يوليو 2014 الى عملية ارهابية كبيرة وهو ما ادى الى البطالة لكل العاملين في هذا المجال وانقطاع مصدر رزقهم ومرورهم بظروف اقتصادية سيئة دفعت البعض منهم الى القبول في العمل في مجالات اخرى لتوفير لقمة العيش لافراد اسرهم وبعد انتعاش سياحة السفاري وسماح الأن بمزاولة العمل مرة اخرى بدء من نهاية عام 2022 عاد كثير من هؤلاء العاملين الى اعمالهم.

وبدأت تحسن التدريجي في أحوالهم المعيشية وسياحة السفاري تجتذب الكثير من السياح سواء المصريين أو العرب أو الأجانب لأسباب كثيرة منها التنوع الذي تحظى به صحراء مصر الغربية وواحاتها من مقومات فريدة لصحاريها وجبالها ووديانها وواحاتها من عيون كبريتية وساخنة وحدائق وأبار وآثار فرعونية وبطلمية ورومانية ومسيحية وإسلامية ومن اهم المقاصد الرئيسية لهذه السياحة تاتي الصحراء البيضاء وجبل الكريستال بواحة الفرافرة في المقدمة ثم الصحراء السوداء، والديست والمعرفة وجبل الانجليز بالواحات البحرية والغابات المتحجرة في طريق القاهرة الواحات البحرية ومعبد امون وجبل الموتى والبحيرات بواحة سيوة اما المساحات الخضراء وسط الصحراء من اشجار النخيل والزيتون وابار المياه الساخنة والكبريتية فهي منتشرة بكل الواحات.

ويقول أشرف لطفى كحيل رئيس مجلس إدارة جمعية محبى الصحراء المشهره منذ عام 2006 ان الجمعية المسؤولة عن تنظيم رحلات السفاري بالتنسيق مع الجهات الامنية من شرطة السياحة وقوات حارس الحدود والمخابرات الحربية.

و تقوم الجمعية بتدريب الكوادر السياحية وعمل دورات اسعافات اولية وحملات نظافة بكل انحاء الواحات البحرية ويبدا الموسم السياحي من اول سبتمبر حتى نهاية شهر مايو وتبلغ ذروة الموسم السياحي في اعياد الكريسماس اما متوسط الرحلات اليومية فهي تبلغ حوالى 50 رحلة بسيارات الدفع الرباعي.

وعن كيفية جلب السياح لهذه الرحلات يقول هاني يسري المصري عضو جمعية محبى الصحراء وصاحب سيارة رحلات سفاري ان هذا يتم عن طريق شركات السياحة او من خلال كل صاحب سيارة رحلات عبر مواقع التواصل الاجتماعي من انستجرام وفيسبوك وغيرها او من خلال السائح الذي قام برحلة سفاري من خلال حديثه مع اصدقائه وأقاربه او من خلال صفحاتهم على منصات التواصل الاجتماعي وخاصه اذا ما اعجب سائح واستمتع بهذه الرحلات فأنه يسجل هذا على هذه الصفحات ويضيف انه منذ ست سنوات شاركت محافظة الفيوم في سياحة السفاري التى لم تكن موجوده من قبل واصبح لديهم مركز لتنظيم هذه الرحلات وهذه الرحلات غالبا هي ذات اليوم الواحد نظرا لقربها من القاهرة لزيارة بحيرة قارون ووادي الحيتان كما توجد مراكز لتنظيم هذه الرحلات في كل من واحة سيوة وواحة الداخلة وواحة الخارجة.

وعن مدة الرحلة تتوقف على طلب السياح فمنهم من يريد رحلة يومين او ثلاثه ايام او اسبوع كما يقول احمد عبد الله سيد صاحب سياره سفاري وتبدا الرحلة بزياره كل من المعالم السياحية بالواحات البحرية مثل الصحراء السوداء والدست والمغرفة وجبل الانجليز والاستحمام في مياه الابار الساخنه والكبريتية ثم الذهاب لواحة الفرافرة ويتم المبيت في الصحراء البيضاء ليله او ليلتين مع زيارة كل من جبل الكريستال والوديان الملاصقه للصحراء البيضاء ثم زيارة المعالم السياحيه لواحتي الداخلة وواحة الخارجة مثل معبد هيبس وغيره من المعالم الاخري وتنتهي بزيارة بالاقصر او تبدأ الرحلة من الواحات البحرية وتنتهي بواحة سيوة والرحلات التي تزيد مدتها من اسبوع يمكن ان تتضمن رحلة مشي وركوب الجمال وهي من الرحلات المفضلة للسياح الفرنسيين والالمان وقبل عام 2012 كان اقبال السياح من جنوب شرق اسيا والصين نادرا لكن بعد هذا التاريخ بدا الاقبال لهذه الشريحة من السياح واصبحوا مورد اساسي في هذه السياحة وهم غالبا ياتون للاستمتاع بهذه الرحلات في حين السياح الالمان والفرنسيين يأتون الى هذه الرحلات للثقافة والمتعه معا ويريدون معلومات صحيحة من المصاحب لهم لانهم قراء جيدون لكثير من المراجع والكتب عن هذه المناطق.

مقالات مشابهة

  • تحرك فوري.. محافظ الغربية بجولة منتصف الليل لمتابعة شكوى تسريب المياه بنفق قحافة
  • المتحدث الأمني بوزارة الداخلية يؤكد تنفيذ العقوبات بحق مخالفي التعليمات التي تقضي الحصول على تصريح لأداء حج هذا العام 1446هـ
  • الجيش الإسرائيلي يهدم منزلي عائلتين في قرية قبيا شمال الضفة الغربية المحتلة
  • انتعاش سياحة السفاري في الصحراء الغربية
  • جيش الاحتلال يقتحم بلدة حجة شرق قلقيلية في الضفة الغربية
  • وزير الطوارئ والكوارث يناقش مع المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر التحديات التي تواجه الشعب السوري
  • ثقافة الغربية تكرم اسم الدكتور نبيل فاروق في مؤتمر اليوم الواحد الأدبي
  • 10 سنوات سجنا لمسبوق ضمن عصابة أبرمت صفقة بيع 1 كلغ ” كوكايين “
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مدن الضفة الغربية
  • جهاز مستقبل مصر: رؤية الرئيس الواعية تصنع الفارق في القطاع الزراعي