علي بن سالم كفيتان

بات من الضروري أن تعيد السلطة الفلسطينية التفكير في قيادة جديدة للشعب الفلسطيني، تحظى باحترام كل الحركات وجميع فصائل المقاومة، وهذا في حقيقة الأمر يصب في صالح جميع الأطراف، بمن فيهم الولايات المتحدة الأمريكية والغرب الغارق في خياراته السيئة ورهاناته على شخصيات باتت خلف الكواليس منذ فجر السابع من أكتوبر، ونعتقد أن خروج المناضل مروان البرغوثي من سجون الصهاينة وتوحيد الجبهة الفلسطينية هو الخيار الأنسب للتعامل مع الشتات الفلسطيني الحالي، فلا توجد شخصية توافقية في الوقت الحاضر تتمتع بصفات البرغوثي من حيث سجله النضالي وانتمائه لحركة فتح المناهضة لحركة حماس وشعبيته الطاغية بين الفلسطينيين وقبوله في العالم لقيادة مرحلة استقلال فلسطين كدولة كاملة السيادة، ليعيش من خلالها شعب فلسطين حياة الكرامة والاستقرار والأمن والتنقل بحرية، حتى يكتب لله لحظة التخلص من اغتصاب الصهاينة لكل فلسطين، وهو غير بعيد على الله تعالى.

لقد انتهج الغرب في العالم العربي تأييد قيادات ضعيفة لا تحظى بتأييد الشعوب، ليسهل عليهم خلعها متى ما أرادوا، لكن ذلك التوجه بات اليوم يهدد بقاء الثقافة الرأسمالية الغربية ويقلص النفوذ الأمريكي بالذات، فما حدث في فلسطين جرَّد الحكومات الغربية من شعبيتها في داخل بلدانها بعد خروج الملايين منددين بسياسات بلدانهم الوحشية وغير الإنسانية في غزة، فكيف يستطيع الرئيس الأمريكي جو بايدن اليوم شرح انحيازه العلني والمفضوح -مع كامل أعضاء حكومته- للكيان الصهيوني الذي ينفذ عمليات تطهير عرقي غير مسبوقة بقتله ما يربو على 16 ألف إنسان في خمسة أسابيع، جلهم من الأطفال والنساء والمدنيين العزل؟ ووسط هذه المعمعة كيف لرئيس السلطة الفلسطينية أن يجد له آذنًا صاغية بين أبناء جلدته المنكل بهم ليل نهار؟ ومن هنا نعتقد أنَّ السلطة الفلسطينية باتت مدعوة الآن وقبل فوات الأوان لتوحيد الصفوف، فخيار السلام الوهمي في "أوسلو" أصبح في مهب الريح، فبعد ثلاثين عامًأ من توقيعه لا دولة ولا سلام.

العالم الغربي المهيمن إلى الآن على القرار العالمي لن يسمح باعتلاء سدة الحكم لفصائل المقاومة ذات النهج الإسلامي مثل "حماس"، وتبين لنا ذلك من خلال حشدهم كل طاقاتهم العسكرية والسياسية ضد فصائل المقاومة الفلسطينية، وسعيهم لاستئصال شأفتها بدعم من بعض الأنظمة العربية التي يتم تخويفها باستمرار من بروز التيارات الإسلامية؛ لذلك يتوجب على الفلسطينيين أن يستشعروا المسؤولية لتوحيد جبهتهم في هذه الظروف العصيبة، وهذا يحتم اللجوء لمراجعات عميقة للسلطة الفلسطينية، وانتخاب قيادات جديدة تحظى بالقبول الشعبي وتمتلك المرونة المقبولة وليست المهينة مع الغرب، بحيث تحفظ خيار المقاومة وتفتح صفحة للسلام الحقيقي لكي يتنفس الشعب الفلسطيني نسمات الحرية والكرامة، ويؤسس لمرحلة الجلاء التام عن فلسطين التي بدأت منذ السابع من أكتوبر 2023.

وكأمة إسلامية وانتماء عربي، لا بد من دفع القيادات الفلسطينية لردم خلافاتها، واختيار سلطة تحرير وطنية يدعمها العالم الإسلامي ويحتضنها الانتماء العربي، وهذا سيسهل وجود مؤسسة يمكن التفاوض معها والوثوق بتعهداتها، وتحظى بتأييد شعبي فلسطيني، فلا يمكن للعالم أن يتعامل مع سلطة هشة ليس لها قرار أو مقاومة شرسة لا تفتح مجال للحديث والتفاوض، في الوقت الذي لا يختلف فيه اثنان على أنَّ "حماس" أبدت مرونة وذكاءً سياسيًّا في التعامل مع الحرب، وظهر ذلك جليًّا في ملف تبادل الأسرى والمحتجزين، وعظمت المكاسب السياسية والتأييد الإنساني للقضية الفلسطينية في مختلف أصقاع الدنيا، فخروج الأسرى والمعتقلين الصهاينة وهم يلوِّحون بأيديهم لعناصر المقاومة ويرسمون ابتسامات عريضة لهم، مسحت "البروبجندا" الغربية التي تُشَيْطِن "حماس" وتلطخها بالإرهاب، فقد نجحت "حماس" في تقديم نفسها كحركة تحرير وطنية، باعتراف كثيرين كانوا يؤمنون برواية الصهاينة وأمريكا. لكن هل تستطيع "حماس" أن تصل منفردة لقيادة المشهد الفلسطيني المبعثر والمخترق؟

يتمُّ تداول اسم المناضل الفلسطيني الذي قضى ما يزيد على 20 عاما في غياهب سجون الصهاينة كأحد الذين تصر حركة "حماس" على خروجه، بينما يشاع أن فصائل أخرى مناوئة تبذل قصار جهدها لمنع حدوث ذلك، خوفاً من تصدر الرجل للمشهد السياسي في فلسطين، فهل يخرج المناضل مروان البرغوثي من زنزانته في حيفا ويلتف حوله الشعب الفلسطيني ليقودهم إلى التحرُّر كما فعل نيلسون مانديلا في جنوب إفريقيا؟ هذا ما نتمناه.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

نائب رئيس فلسطين يشكر القيادة المصرية والشعب المصري على موقفهم الداعم للشعب الفلسطيني

توجه نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ونائب رئيس دولة فلسطين، حسين الشيخ بالشكر والتقدير للقيادة المصرية والشعب المصري على موقفهم التاريخي الداعم للشعب الفلسطيني في محنته منذ بدء العدوان وللجهود التي بذلتها مصر للتخفيف عن معاناة الشعب الفلسطيني ونصرة قضيته العادلة في إنهاء الاحتلال.

جاء ذلك خلال اللقاء الذى عقده السفير إيهاب سليمان، سفير مصر في رام الله، مع حسين الشيخ، حيث قدم له السفير التهنئة على قرار تعيينه بمنصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ونائب رئيس دولة فلسطين، متمنياً له التوفيق والسداد في منصبه الجديد في ظل المرحلة التاريخية التي تمر بها القضية الفلسطينية.

وأكد السفير المصري، دقة المرحلة الحالية التي يتولى فيها مسؤولية المنصب، مشيداً بجهود السلطة الوطنية الفلسطينية في الإصلاحات المختلفة خلال الفترة الأخيرة والتي سبق وأن أعلن عنها الرئيس الفلسطيني محمود عباس «أبومازن» خلال القمة العربية غير العادية الأخيرة في القاهرة.

كما أكد سليمان، استمرار دعم مصر الكامل للسلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني خلال المرحلة الحرجة الراهنة، ومواصلة جهودها الحثيثة لاستئناف وقف اطلاق النار في قطاع غزة ونفاذ المساعدات الإنسانية للبدء في عملية التعافي المبكر وإعادة الإعمار وفقاً للخطة العربية - الإسلامية، مشدداً على رفض مصر لتصفية القضية الفلسطينية من خلال تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه.

اقرأ أيضاًأبو الغيط يرحب بتعيين حسين الشيخ نائبا لرئيس فلسطين

مصر ترحب باختيار حسين الشيخ نائبا لرئيس دولة فلسطين

«نائب رئيس حزب المؤتمر»: الرؤية الفلسطينية خطوة مهمة لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني

مقالات مشابهة

  • نائب رئيس فلسطين يشكر القيادة المصرية والشعب المصري على موقفهم الداعم للشعب الفلسطيني
  • المقاومة الفلسطينية تكشف: فككنا عدد من أجهزة تنصت زرعها العدو بغزة
  • حماس: “الحرب الشاملة محاولة إسرائيلية يائسة لكسر المقاومة الفلسطينية
  • حماس: الاحتلال يُحاول يائسا كسر المقاومة الفلسطينية
  • من لاهاي إلى فلسطين.. تاريخ طويل بين محكمة العدل الدولية والقضية الفلسطينية
  • البيت الفلسطيني.. ماذا يحدث بين حماس وفتح؟
  • عاجل - المقاومة الفلسطينية تستهدف جنود الاحتلال شرقي حي التفاح بمدينة غزة
  • حماس تنفي رفض المقاومة الفلسطينية “صفقة شاملة” توقف الحرب على غزة
  • كاتب ومحلل فلسطيني: المقاومة الفلسطينية منفتحة على التفاوض لكن وفق شروطها
  • البرغوثي في مؤتمر الـPJD: استشهد أو جرح من سكان فلسطين 10%.. تخيلوا أن يحدث ذلك لدولة عربية