حرب المائة عام على فلسطين
تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT
علي الرئيسي *
مع المجازر التي يرتكبها العدوان الصهيوني يوميا على غزة؛ حيث بالمعدل هناك استشهاد أكثر من مائة طفل يوميا وآلاف المدنيين من النساء وكبار السن، وحيث تقوم الولايات المتحدة بتزويد إسرائيل بأحدث أسلحة الدمار أمام صمت عربي وعالمي مشين، قد يكون من المفيد مراجعة سريعة لكتاب "حرب المائة عام على فلسطين"، وهو لأحد أبرز المثقفين الفلسطينيين حاليا في الولايات المتحدة، والذي برزت كثيرا من مقالاته مؤخرا في "نيويورك تايمز" و"ذي نايشن" وصحف أخرى مهمة على الساحة الأمريكية، يتناول فيها النضال من وجهة نظر فلسطينية.
رشيد الخالدي.. مؤرخ أمريكي معروف من أصل فلسطيني يرأس كرسي إدوارد سعيد للدراسات الحديثة في التاريخ، في جامعة كولومبيا في نيويورك، لديه العديد من الدراسات حول القضية الفلسطينية. كتابه "حرب المائة عام على فلسطين" يقدم تحليلا شاملا وثاقبا للصراع في المنطقة، فيقدم الخالدي استكشافا عميقا ودقيقا للتعقيدات التاريخية والسياسية والاجتماعية التي شكلت النضال من أجل فلسطين على مدى القرن الماضي، معتمدًا ليس على الوثائق التاريخية فحسب بل على أرشيف عائلته المتجذرة في القدس. فيكتب عن عمه فخري الخالدي الذي سجنته بريطانيا ونفته سنوات في جزر السيشل، وعن والده إسماعيل رجب الخالدي الذي كان دبلوماسيا في الستينيات من القرن الماضي في الأمم المتحدة في نيويورك، وعن زوجته منى الراشدي التي عملت في بيروت في وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" في السبعينيات من القرن الماضي، وعلى كثير من المقابلات والحوارات الشخصية.
ويتتبع الكتاب بدقة نضال الشعب الفلسطيني، بدءًا من أواخر الفترة العثمانية ومرورا بالانتداب البريطاني، وإقامة دولة إسرائيل، والعقود اللاحقة من النضال. ويمزج الخالدي بمهارة الروايات التاريخية والأحداث الشخصية والتحليل السياسي، لتقديم فهم متعدد الأوجه للقوى المؤثرة في المنطقة.
ويتناول الخالدي نكبة فلسطين عام 1948، أو ما يسميه هو "الإعلان الثاني للحرب على الفلسطينيين"؛ حيث يوضح بدقة التآمر الغربي مع الصهيونية في إنشاء دولة إسرائيل، وكذلك تآمر بعض الدول العربية، واستمرار المؤامرة في نفي الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في إنشائه دولته المستقلة.
وتتمثل إحدى نقاط القوة في الكتاب في تركيزه علي أصوات وتجارب الفلسطينيين العاديين، الذين غالبا ما يتم تجاهل قصصهم في المناقشات السائدة حول النضال الفلسطيني؛ من خلال تركيزه على وجهات نظرهم، ويؤنسن الخالدي النضال من أجل الحقوق الفلسطينية؛ وذلك من خلال سرد الحكايات والنضال الشخصي للأفراد العاديين، ويسلط الضوء على التأثير طويل الأمد للنزوح وتجريد الملكية والاحتلال.
علاوة على ذلك، يتعمَّق تحليل الخالدي في دور القوى العالمية الكبرى والجهات الفاعلة الإقليمية والمؤسسات الدولية في تشكيل مسار النضال، ويدرس بشكل نقدي تواطؤ القوى العالمية في إدامة معاناة الشعب الفلسطيني، فضلا عن تعقيدات السياسة العربية والإسرائيلية في السياق الأوسع للشرق الأوسط.
كتابات الخالدي علمية، لكنها متاحة للقراء العاديين؛ مما يجعل من قراءة الكتاب قراءة ممتعة لكل من الأكاديميين والقراء العامة المهتمين بفهم تعقيدات النضال الفلسطيني والمؤامرات الدولية ضد هذا النضال. تجعل أبحاثه الدؤوبة وراوية القصص المقنعة "حرب المائة عام على فلسطين" مساهمة قيمة ووثيقة مهمة في تاريخ النضال الفلسطيني.
.. إنَّ "حرب المائة عام على فلسطين" هو سرد مدروس ومثير للتفكير بدقة بالنضال الفلسطيني من أجل تقرير المصير، ويوفر تحليل الخالدي وسرده المقنع للقراء فهما أعمق للأبعاد التاريخية والسياسية والإنسانية للنضال الفلسطيني. الكتاب بحق مرجع مهم ولا غنى عنه لأي شخص يسعى لفهم تعقيدات النضال المستمر من أجل العدالة والسلام في فلسطين.
* باحث في قضايا التنمية والاقتصاد
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مهرجان “بلد بيست 2025” ينطلق بعروض مبهرة تشعل سماء جدة التاريخية
جدة- البلاد
أطلقت شركة “مدل بيست”، الشركة السعودية الرائدة في الترفيه الموسيقي، فعاليات مهرجان “بلد بيست 2025” أمس الخميس 30 يناير، محولةً شوارع جدة التاريخية، المدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو، إلى احتفالية مبهرة جمعت عراقة الثقافة وحداثة الموسيقى. وقد مزج المهرجان في نسخته لهذا العام بين التراث والإيقاعات العالمية، مقدّمًا عروضًا ضوئية آسرة وتجارب فنية غامرة في قلب البلد، إحدى أبرز المناطق التاريخية في المملكة.
انطلقت الفعاليات بعروض حماسية على عدة مسارح تألقت فيها المواهب المحلية والعالمية بأداء استثنائي. فعلى مسرح “باب”، قدّم الفنان سعودي المولد ليل إيزي مزيجًا فريدًا من الهيب هوب والآر آند بي، تبعه النجم البريطاني مايكل كيونوكا بأداء أسر قلوب الحضور، فيما أشعل نجم الراب العالمي 21 سافج المسرح بأسلوبه المميز وأدائه النابض. كما أبدعت فرقة ديسكو مصر في تقديم عروض مبتكرة لإحياء الأغاني العربية الكلاسيكية بأسلوب يجمع بين الديسكو والفانك المستقبلي.
أما عشاق الموسيقى الإلكترونية، فقد عاشوا تجربة استثنائية على مسرح “عمدة”، حيث افتتح النجم أرجي الأجواء بإيقاعاته العميقة التي أسرت الجمهور، تلاه أداء مشحون بالطاقة من كورولوفا ودِش داش، حيث قدّما مزيجًا متقنًا من إيقاعات الهاوس والتكنو، محولين المسرح إلى ساحة نابضة بالحياة والإيقاع.
وشهد مسرح “روشان” عروضًا مفعمة بالطاقة، حيث أمتع قونر وماجد الجمهور بإيقاعاتهما التي حافظت على أجواء الحماس في قمتها. في الوقت ذاته، استضاف مسرح “سوق” تشكيلة موسيقية متنوعة، تألق فيها بلاك لووبس وبيرد بيرسون وحمدي رايدر، ليضيفوا مزيدًا من التنوع إلى المشهد الموسيقي الفريد للمهرجان.
وعلى أصداء الإيقاعات التي ترددت في أرجاء جدة، تحولت مباني البلد التاريخية إلى لوحة بصرية مذهلة عبر عروض ضوئية ساحرة، خلقت تجربة بصرية غامرة تأسر الأنظار. هذه العروض أضاءت الليل وأضفت لمسة سحرية جعلت من تاريخ المنطقة جزءًا حيًا من الاحتفال، الذي مزج الماضي بالحاضر في تناغم إبداعي غير مسبوق.
أما “مدل تاون” (سوق البلد)، فقد احتضن مجموعة واسعة من الأطعمة التي منحت الزوار فرصة تذوق النكهات المحلية أثناء استكشافهم التجارب الغامرة. ولعشاق المنتجات الحصرية، قدم متجر “بقالة بيست” تشكيلة من الملابس الحصرية المميزة والمستوحاة من نوافذ الروشان الأيقونية في البلد، إلى جانب الإصدارات الخاصة من قمصان Since 2087 x Hadeed التي تحتفي بثقافة كرة القدم في جدة.
ومع إسدال الستار على فعاليات اليوم الأول، تتصاعد وتيرة الحماس استعدادًا لليوم التالي، الذي يعد بليلة استثنائية من العروض الموسيقية التي لا تُنسى، حيث إيقاعات لوست فريكوينسز المبهرة، وأداء نجم الهيب هوب وز خليفة، وأنغام متروبومن التي تكسر القوالب الموسيقية التقليدية، إضافة إلى السحر الصوتي للمطربة الكندية جوستلي كيسز والطاقة المتفجرة للفنانة تينا سافج.