رأي اليوم:
2024-12-18@07:40:55 GMT

د. شذى جرّار: قصة: الجشعة

تاريخ النشر: 12th, July 2023 GMT

د. شذى جرّار: قصة: الجشعة

د. شذى جرّار – أينكِ يا أحلام، ماذا طهوت لنا اليوم؟ – لم أطهُ شيئًا –  تمضين الوقت كله على التيليغرام والتُكْتُك، وتتركيننا دون طعام! – اسمهما Instagram  و Tik Tok يا فالح! – المهم الآن أريد أن آكل؛ لأعود لعملي! – اذهب وتناول الطعام عند أمك، الوقت الذي سأزهقه في الطهو يدرّ عليّ مبالغَ طائلةً من “reel” واحدة على الإنستغرام حول دروس الطهو، أو “post” واحدة على التيك توك حول التنمية البشرية.

–  مبدعة يا زوجتي، دورس الطهو ، وأهل بيتك جياع، سأقترح عليك اقتراحًا، اصنعي أطباقُا نستطيع تناولها بعد التصوير، وبذلك تكونين قد ضربت العصفورين بحجر واحد. _ أرجوك أرجوك فالح، لا تتدخل في عملي. وفكُر في طريقة تزيد بها دخلك! _ أي عمل؟ وأي دخل؟ سيدتي، بنتك تراجعت في دراستها، وابنك يمضي وقته كله في الشارع باللعب مع أقرانه. وأنت غارقة بعالمك الافتراضي! _ إن كنت مقصّرة، فما رأيك أن تلتفت أنت إليهما؟ _ والدروس الخاصة التي التزمتُ بها لتغطي طموحاتك؟! هذه حالهما كل يوم، بعد أن أصبح لها مئات آلاف المتابعين. كانت أحلام طالبة في سنتها الجامعية الثالثة عندما تُوفيَ والدها، وتركها وأخاها لأم قانعة قابعة في منزلها، فوحيد ظهر نبوغه باكرًا، ولم تكن أحلام أقل من أخيها تميّزا، لكنّها بعد توعّك والدتها لفراق والدها المفاجئ اضطرت لترك الجامعة كي تعمل، الغريب أن من يسمع قصة تضحيتها من أجل أخيها يحسن الظن بها، لكنها كانت في الحقيقة تطمح، أو ربما تطمع، إلى ما لم تدركه أسرتها وهي صغيرة، كانت تحلم بأن تصبح مليونيرة، ولذلك اختارت دراسة الاقتصاد، بينما استطاع وحيد تلبية رغبة والديه بدراسة الطب.  والده، أستاذ التاريخ المثقف الملتزم الحسن الصيت. ووالدته، الأم البسيطة المكافحة التي تعمل في الحياكة لتساعد زوجها الكادح. تزوجت أحلام من فالح، أستاذ التاريخ، وكأن التاريخ يعيد نفسه، لكنها رفضت أن تعيش حياة الستر والتعفّف التي ارتضتها والدتها، وبقيت طوال الوقت تحلم بتحقيق حلمها. كانت كلما سنحت لها الفرصة منّنت أخاها، فقد أصبح طبيبًا ماهرًا بفضل تضحيتها، وعليه أن يؤديَ لها الجزية وهو صاغر. كانت تبتزّه كلما استطاعت. أتيحت لها فرصة إكمال دراستها غير مرة لكنها رفضت، فورقتها الرابحة التي تظهرها في وجه أسرتها ستفقدها إن هي همّت بالأمر. لطالما حثّها زوجها على تجاوز هذا الحاجز النفسي، وفي البدء أظهر تعاطفًا صادقًا معها، إلى أن باتت أطماعها تصرخ مفتضحة إياها كلما امتلكت مزيدًا من المال. لقد وجدت ملاذها في هذين التطبيقين: كلام تافه تنظّر به على نساء جاهلات، و طبخات بلا هُوية تبتكرها وتعرضها،  ويكون مصيرها القمامة بعد العرض. ومع كل روبية مال تضعها في خزنتها كانت تستنشق عطر الثروة. تُوهم زوجها بمساعدته في نفقات المنزل، بينما تقتصد بدهائها في مصاريفها المنزلية. وفي الوقت نفسه، تتصل بأخيها لتذكرٌه بتضحيتها، وبحال ولديها المزرية بسببه، وبسبب زوجها! زوجها فالح، الرجل الكريم القدوة، الذي رهن حياته لراحة زوجته المتمردة، ورَغَدِ عيش أولاده. أخنقته مقارنات أحلام أولادَها بأولاد أخيها، كما أشعرته بالعجز لحديثها المتعمّد عن مجوهرات زوجة أخيها! كيف له أن يرضيها؟ لقد وافق على مخططاتها لزيادة دخله؛ وارتضى لنفسه أن يعمل مساء رغم حاجته الاعتناء بصحته، فالعمل كَدّهُ، ومع ذلك، احتمل جبروتها وطمعها من أجل ولديه، أجمل جوهرتين في صندوق حياته، وكان كل الذي يطلبه منها الاعتناء بهما! – أحلام، التفتي لأولادك قليلا، ابنتك في سن المراهقة، وابنك لم يشتد عوده بعد. – وماذا عليّ أن أفعل بعدُ؟ أنا أبني مستقبلهما كما يجب أن يكون. – أن تبنين مجدك، وتركضين وراء أحلامك، ولا أدري ما نفعك من ذلك إن أصاب ولديك مكروهٌ. – كلام أساتذة التاريخ المحترمين جدًا في مدينة إفلاطون الفاضلة! – والدك _ رحمة الله عليه_  كان…. – والدي تركنا نملك العفاف، العفاف الذي اضطرني إلى التخلي عن شهادتي الجامعية. – ارضي بما قسمه الله لك، ولا تكوني معترضة على حكمته في توزيع رزقه على عباده. – طالما أنت خانع عديم الطموح سنبقى كادحين فقراء، وسيصبحان من بعدنا يتيمين محتاجين. – استغفري الله أيتها المغرورة، وهل أوتيتِ المال على علم عندك؟ – أنفقتَ نصف ساعة الآن وأنت تجادلني جدلًا بيزنطيًا، كم أهدرتَ من المال وأنت تحاورني؟ صرخ الولد: أمي، أريد أن أطلب وجبة delivery ؟ يا عيني عليك يابن بطني، توفر الجهد والمال على أمك! فتحت الإضاءة وأدارت الكاميرا، وبدأت بتسجيل درس افتراضي كاذب عن التربية الحديثة. قاطعتها ابنتها، تريد أن تشكوَ لأمها أمرًا يقلق مراهِقة بعمرها، فما كان منها إلّا أن تلقت وسادة على وجهها كانت بجانب أمها أثناء التصوير، وتوبيخًا سمعه الجيران بعده. ازدادت أحلام بخلا وأنانية يومًا بعد يوم، أصبحت تنفق أكثر من ثلثي يومها على وسائل التواصل الاجتماعي، وتهتم فقط بشكلها عندما تظهر أمام متابعيها. أُصيب ولدها بتسمم غذائي غير مرة، وطلبت مديرة مدرسة ابنتها الاجتماع بذويها بشكل طارئ. ولكن أحلام مازالت غارقة! في يوم بينما كانت تسجّل حلقة في الطهو، قُرع الباب بشدة، الجار يحمل ولدها، بعدما دهسته مركبة وهو يلعب في قارعة الطريق. احتاج الولد لعملية جراحية، اتصلت بأخيها، وطلبت منه المال، تفاجأ الزوج، أمازلت تطلبين المال منه؟! بعد عدة أشهر من خروج الولد مجبور الساق من المشفى، استلمت أحلام قرار المحكمة بحضانة الأب وَلديه بعد الطلاق؛ بسبب فقد الأم الأهلية لحضانتهما! دكتوراه اللغة العربية/ اللغة والنحو البرازيل

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

حين يتحول المال من نعمة إلى نقمة..

عين على المجتمع
حين يتحول المال من نعمة إلى نقمة..
يقطع الميراث صلة الرحم.. وتجفى القلوب بين أصحاب الدم الواحد..
هم أبناء بطن واحدة، ينشئون تحت سقف واحد، يجمعهم نفس الفراش ويأكلون من نفس الصحن. ترعاهم أم حنونة وأب قوي يجاهد في سبيل سعادتهم، ثم يشتد عضدهم، يكبرون وتكبر طموحهم. يبلغ الوالدين الكبر فيتوسمون من أولادهم الرحمة في الضعف والوهن. لكن المال يفعل فعلته بالقلوب ويحولها إلى قنابل موقوتة تنتظر رحيل الوالدين، لتنفجر مخلفة ورائها قطيعة وشتات وصراع قد يتوارثه حتى الأجيال..

المال يتحول الى نقمة

أجل إنه “المال” تلك النعمة التي من المفروض أن تكون زينة الحياة الدنيا، حوّلها موت الضمائر وطمس القيم إلى نقمة. وأصبح الأشقاء بسببه في خصام فينعزلون ويبتعدون عن بعض، وأحيانا كثيرة يسوقهم أروقة العدالة. والأمر والأصعب من هذا وذاك هو حين تسول لهم أنفسهم. ويعتدون ويتطاولون على أجساد بعضهم مخلفين ندوب تنزف ألما وجفاء، استلموا لهوى المال، متناسين الدم بعروقهم وشرايينهم. واللقب الذي يربطهم، فكيف بالأخ أن يصبح عدوا لأخيه؟ أين تقوى الله في الرحم؟ أين بر الوالدين الذين كسرت ظهورهم في سبيل أولادهم؟
هو موضع في غاية الخطورة مهما أسلنا الحبر لن ننتهي من وصف وجعه، اردنا ان نسلط الضوء عليه ولول بالشيء القليل. للتذكير فغن الذكرى تنفع المؤمنين، مستدلين في ذلك بعينات من مجتمعنا أبطالها إخوة من بطن واحد:

السيدة نصيرة من عنابة:

أخي استغل غيابي.. أخذ منزل أبي ورماني إلى الشارع رفقة ابني

السيدة نصيرة وكما ذكرت من خلال مكالمتها في المركز، كانت متزوجة وراضية بحياتها، فجأة انقلبت الأوضاع. وعادت إلى بيت أهلها تجر أذيال الخيبة مطلقة، احتضنها والداها بصدر رحب وعاشت معه، تقول أن كل إخوتها وأخواتها متزوجون وكلٌ مستقلٌ بحياته. بعد مدة من الزمن توفي الوالدان، وبقيت هي رفقة ابنها في ذلك المنزل، وهو الأمر الذي لم يرق لبعض إخوتها. لم يجدوا الفرصة ولا السبب لإخراجها من المنزل. تعرضت لتعقيدات صحية واضطرت إلى التنقل لولاية أخرى من أجل العلاج، كانت تعاني من إعاقة حركية. فاستغل أخوها الأكبر الفرصة ودخل منزل العائلة وغير الأقفال، ولما عادت وجدت الصدمة، لقد قام بكرائها لأشخاص آخرين، فمن هو الأولى بهذا السكن..؟؟. وما زاد من ألمها أنها لم تجد المساندة من باقي إخوتها، ومن عيشة كريمة تحولت إلى متوسلة تحيا حياة مزرية. فما ذنب امرأة لا حول ولا قوة لها؟ وأين قيم والنخوة من كل هذا؟

سهيلة من الشرق:

أفنيت شبابي لأجل أخي ولما كبر تطاول على أملاكي

من جهتها تروي لنا أخرى من شرق البلاد، قصة موجعة حقا، سيدة حملت على عاتقه مسؤولية أخا بعد ان توفي والديهما. اعتبرته ابنها، ورعته برموش أعينها، سهرت وعملت إلى أن وفقها الله وفتح عليها بعمل بسيط، فمشروع في البيت. رويدا رويدا كبر المشروع، لم يأتي النصيب ورضيت بما كتب الله لهان لم تتوانى يوما على رعاية أمانة والديها. فلم يعد لها هم سوى توفير حياة مستقرة لأخيها، فكبر هذا الأخير في العز والدلال. وجد كل شيء متوفراً أمامه على طبق من ذهب، دخل عالم الشغل هو الأخر، وبدأ لعابه يسيل على أملاك أخته. لتوسل له نفسه بأن ينصب على اليد التي سخرها له الله وكانت سببا في رزقه، ويسلبه مبالغ كبيرة. حقا ضربة في مقتل أوجعتها وجعلت القطيعة تحل محلها بينهما بعد أن كان هو العزيز على قلبها.

حليمة من غرب البلاد

زور هويتي ليستحوذ على تركة أبي

هي قصة أبلغ ما يقال عنها أنها ضرب من الخيال، شابة وجدت نفسها أمام العدالة في قضية إسقاط النسب من اخ لها. ادعى أنه الابن الوحيد لأب ترك ثروة طائلة..
كانت رسالة مكتوبة بحروف اليأس وخيانة تعرضت لها صاحبة الرسالة من أخيها الوحيد، تقول: “تزوج أبي أكثر من امرأة. كلهن بعقد شرعي دون وثائق مدنية، ماعدا والدتي التي كان له معها عقد زواج موثق شرعا وقانونا. طلقّ أغلبهن، وترك في عصمته أمي وسيدة أخرى له ابن معها. لنصبح أنا وأخي الوريثين الشرعيين لتركة أبي، حصل بيينا نزاعات كثيرة، وعدم اتفاق، لنجد أنفسنا أمام العدالة لفك النزاع. لكن الأمر الذي لم أحسب له حساب هو أن أجد أخي يرفع ضدي قضية إسقاط نسب، مدعيا أنني لست أخته، ليستولي وحده على تلك الثروة”..
هذا ما أمكنني اقتطاع من الرسالة للحفاظ على سرية بعض التفاصيل، فهل يعقل هذا..؟ هل يعقل أن يزرو الأخ هوية أخته. من أجل شيء سيرحل في آخر المطاف بكفن ليس فيه جيوب.. فهلّا استفتوا إخوة الإيمان، هذا أخوك، وتلك أختك. لا تستسلموا لجنون حب المال، ولا تسمحوا له بأن يفعل فعلته ويهيمن على عقولكم. فمن ذا الذي أنت تنافسه، وتجره إلى المحاكم؟ إنه أخوك، الذي من المفروض أمامه تهون العقارات والأملاك. فهل امتد الجشع إلى قلوبنا وهل أصبح المال هو كل شيء في حياتنا..؟؟ أين الأخوة أين المصالح المشتركة أين التماسك والتعاون أين ما أوصانا به الله في القرآن الكريم؟ أين خوفنا على بعضنا، وأين حبنا للآخرين؟. وأين حق اليتيم؟ إنه حقا مدهش سواد القلوب لأخوين يتشاجران أمام الناس وكأنهم أعداء، وأقول لمن يتشاجر أين الإيمان بالله؟

كلمة في الصميم..

إن من الأمور التي قد تفسد الود بين الأخوة والأخوات هو المال الذي جبلت النفوس على حبه. فاجعله سببا لاجتماعك وقوة علاقتك مع إخوتك وأخواتك، بدلا من أن يفرق بينكما. إذ يندى الجبين ألما حينما يتنازع إخوة على إرث وقد يصل الحال بهم إلى المحاكم..، لذا لابد أن يكون هناك. وضوح شديد في الأمور المالية، وتقسيمها بالرضا كما تنصه عليه الشريعة، فعلاقتك بإخوتك وأخواتك ممتدة. إلى أبنائكم وبناتكم فلا تكن سببا في القطيعة وكن خير قدوة لأبنائك في توثيق الصلة وحسن التواصل وليكن كل أخ مع إخوته. وأخواته عونا لهم على الطاعة والاستقامة والعمل الصالح وقد ضرب القرآن لنا مثلا حسنا بتعاون موسى وهارون عليهما السلام. على الدعوة وتبليغ دين الله، ومن كان مقصرًا فليتدارك تقصيره وليعد النظر في تعامله مع إخوته وأخواته.
من كان له أخ أو أخت ميت فالبر باقي وهم أحوج ما يكونون لدعائك واستغفارك لهم وبذل الصدقة عنهم ووقف الأوقاف عليهم.
دمت في رعاية الله ودامت المحبة بينكم..

مقالات مشابهة

  • الأحلام من وجهة نظر العلم: «من أحلام الإنسان إلى أحلام الروبوت»
  • مزايا المقر الإقليمي…لقجع يُقبر أحلام الجزائر بضم “البوليساريو” للكاف والفيفا
  • البيت الأبيض: المسيرات التي شوهدت بسماء نيوجيرسي كانت تطير بشكل قانوني
  • «البيت الأبيض»: المسيرات التي شوهدت في سماء نيوجيرسي كانت تطير بشكل قانوني
  • اعلان غير سار من اليونيسيف للأسر اليمنية التي كانت تحصل على مساعدات نقدية
  • "خليجي 26".. يوسف ناصر يحمل على عاتقه أحلام المنتخب الكويتي
  • لقاء بين باسيل ووفيق صفا.. كيف كانت أجواء الاجتماع؟
  • ميليشيا العصائب:لن يحل الحشد وخامئني موجود
  • حين يتحول المال من نعمة إلى نقمة..
  • ما بين أحلام بناء “سورية” الجديدة.. تنازع الفصائل وأطماع القوى العالمية “بالمرصاد”