مفتي الجمهورية: الشرع نهى عن الاحتكار وحرَّمه واعتبره من أعظم المعاصي
تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT
قال الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم إنه لا خلاف بين الفقهاء في أن الاحتكار حرامٌ في الأقوات، حيث إن الشرع الشريف قد نهى عن الاحتكار وحرَّمه، ودَلَّت النصوص الشرعية على أَنَّ الاحتكار من أعظم المعاصي، فقد اشتملت الأخبار على لعن المحتكر وتَوعُّدِه بالعذاب الأخروي الشديد، وكذلك تم وصفه بالخاطئ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ» وغيره من الأدلة.
جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج نظرة مع الإعلامي حمدي رزق على فضائية «صدى البلد»، مضيفًا أن المحتكر منعدم الضمير وآثم إذا قصد حجب السلع عن أيدي الناس إضرارًا بهم حتى يصعب الحصول عليها وترتفع قيمتها، وبهذا يحصل المحتكرون على الأرباح الباهظة دون منافسة تجارية عادلة، وهو من أشدِّ أبواب التضييق والضرر، والسلع التي يجري فيها الاحتكار هي كل ما يقع على الناس الضرر بحبسها، ولا مانع من اتِّخاذ الدولة لإجراءات تمنع الاحتكار.
وأشار إلى حرص الشريعة على تحري الكسب الحلال وكذلك إظهار الرضا الصحيح من العقود والمعاملات، حيث إن العقود الأصل فيها الرضا، لقول الله سبحانه وتعالى: {إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} بمعنى لا تدليس ولا نزاع ولا جهالة ولا غش، وغيرها من الضوابط والمعايير التي رسختها المذهبية الفقهية وهي الموافقة للشرع الشريف في الحفاظ على المال.
وأكد فضيلة مفتي الجمهورية على أن الله سبحانه وتعالى أباح لنا الكسب المشروع الذي يكون مبنيًّا على الرضا وطيب النفس لَا على الغش والخيانة، وحَرَّم علينا اتخاذ الأسباب المحرَّمة في المكاسب، وأمر بالسعي في طلب الرزق الحلال والبعد عن الكسب الحرام، وأن يكون الإنسان حريصًا على إطابة ماله، لأنه مسئول أمام الله سبحانه وتعالى.
وأوضح فضيلة المفتي أن المكسب المقبول هو الذي أصله مشروع لا غش فيه ولا خيانة ولا خداع، ولا شك في أنَّ المكسب المبني على الغش والكتمان واستخدام الحيل المنهي عنها التي يستغل بها احتياج الناس إلى السلع أمر محظور شرعًا، لما فيه من الإضرار بالناس والتضييق عليهم.
وشدد مفتي الجمهورية على أن معايير الكسب الحلال تغيب عن عمل بعض التجار الجشعين. فمَنْ يَسْتَغل ظروف الناس ويبيع بأسعار مُبالغ فيها فقد ارتكب مُحرَّمًا، للضرر الناجم عن استغلاله احتياج الناس إلى مثل هذه السلع، فهو يضر الناس ويضيق عليهم وهذا يؤدي إلى إيذائهم ماديًّا ومعنويًّا وقد نهى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن الإضرار.
وناشد فضيلته التجار بضرورة الكسب الحلال وتحري الصدق والأمانة وتفعيل وترسيخ قيمة المراقبة، وهي قيمة عظيمة في الشريعة الإسلامية، حيث إنها أساس تربية الضمير، وإرساء قواعد التعامل مع النفس ومع الآخر ومع الله، وذلك من خلال المكاشفة التي تحافظ على اتساق الإنسان مع نفسه، فإذا ما التزم كل واحد منا بهذه القيمة العظيمة في نفسه أولًا ومع غيره ثانيًا فضلًا عن علاقته بربه يصبح عامل بناء في مجتمع يحاول أن تكون نفوس أبنائه سوية، وعلاقاتهم صحيحة، بعدها يبدأ بناء الحضارة والرقي والازدهار وإفشاء السلام والأمان في المجتمعات.
وردًّا على سؤال عن حكم احتكار العملة الأجنبية لبيعها بسعر أعلى، وهل يدخل في الاحتكار المحرم، قال مفتي الجمهورية: «نعم، يدخل ذلك في الاحتكار المحرم شرعًا، وهو أيضًا مُجَرَّمٌ قانونًا، ومرتكبُ هذا الفعل مرتكبٌ لإثمٍ كبير، لأنه يضيق على عامة الناس من خلال ارتفاع أسعار السلع والخدمات ومتطلبات الحياة بسبب شحِّ العملة، فيلحق الضرر باقتصاد البلاد، ويؤثر سَلْبًا في الاستقرار ومسيرة البناء والتنمية، ويوقع المحتاجين في المشقة والحرج».
وشدد فضيلته على أنه لا يجوز التعامل في النقد الأجنبي إلا عن طريق البنوك وشركات الصرافة المعتمدة المرخص لها في هذا النوع من التعامل، والمال المكتسب مما يعرف بـ«تجارة السوق السوداء» كسبٌ غير طيِّبٍ.
اقرأ أيضاًشيخ الأزهر يستقبل رئيس جامعة قيرغيزستان الإسلامية ومفتي الجمهورية ورئيس اللجنة الدينية
مفتي الجمهورية يناشد التجار ضرورة الكسب الحلال وتحري الصدق والأمانة
مفتي الجمهورية: بيع الدولار في السوق السوداء حرام شرعا
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الاحتكار الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية مفتي الجمهورية مفتی الجمهوریة الکسب الحلال
إقرأ أيضاً:
خطيب بالأوقاف: الاحتكار خطيئة اقتصادية ومعصية دينية تهدد كيان المجتمع
قال الشيخ الدكتور محمود الأبيدي، خطيب وأحد علماء وزارة الأوقاف، إنه في وقت تتزايد فيه الأزمات الاقتصادية وتضيق الأحوال المعيشية على المواطنين، يطلّ شبح الاحتكار كواحد من أخطر الظواهر التي تنخر في جسد المجتمع، وتضرب قيم العدالة والرحمة في مقتل، فقد حذرت الشريعة الإسلامية من هذا الفعل المشين، وجعلته من الكبائر التي تفسد حياة الأفراد وتشيع الكراهية بين الناس، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يحتكر إلا خاطئ”.
وأضاف خلال ظهوره في برنامج “فاسألوا” على قناة أزهري، أن المحتكر لا يعاني فقط من انعدام الضمير، بل هو في حرب صريحة مع المجتمع والدين، مؤكداً أن المال حين يُجمع دون بركة، يصبح نقمة تهلك صاحبها قبل أن تضر غيره.
وأضاف أن من يحتكر السلع الأساسية مثل الغذاء والدواء، إنما يعتدي على حق الفقير والمريض، ويُعرض الأمن المجتمعي لخطر الانهيار.
وسلط الضوء على شخصيات تاريخية ضربت أروع الأمثلة في الكرم والرحمة، مثل الصحابي الجليل عثمان بن عفان، الذي رفض احتكار الطعام زمن المجاعة، وفضّل بيع بضاعته للفقراء بسعر الكلفة، قائلاً: “أربح بها عند الله”، كما استُشهد بسير أعلام من العصر الحديث، أبرزهم الحاج محمود العربي، الذي عرف كيف يوازن بين الربح والتقوى، فترك وراءه إرثًا من المحبة والاحترام.
وأكد أن الاحتكار ليس قضية اقتصادية فقط، بل هو أزمة أخلاقية وسقوط في مستنقع الأنانية والجشع. ومن هنا تأتي دعوة العلماء بضرورة قيام الجهات الرقابية بدورها، ووعي المواطنين بأهمية دعم التجارة النزيهة، ومقاطعة المحتكرين الذين يسعون لمراكمة الأموال على حساب آهات الجائعين والمحرومين.