البوابة نيوز:
2024-07-02@11:56:00 GMT

قراءة حديثة لكتاب "زيارة جديدة للتاريخ"!"6"

تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT

فى المقال السابق توقفت عند  تعليق ملك إسبانيا على ملاحظة الأستاذ  "هيكل" لوجود نماذج متفاوتة الأحجام لسفينة  "سانت ماريا" على مكتبه حيث قال له:

أنت تتحدث عن ماض بعيد...لقد تغيرت الدنيا!

لكن الكاتب الكبير  استفاد  من رد الملك عليه وقال له:

- إنك اقتربت بي مما أريده...دعنا من الماضي البعيد أريد أن أسمع منك عن الماضي القريب  والذى  يكاد أن يكون معاصرا.

..حيث اوضح له الكاتب ان سبب مجيئه  لاجراء هذا الحوار معه   سؤال لم يعرف إجابته وهو كيف استطاعت اسبانيا ان  تعبر مشاكل مرحلة الانتقال إلى تطبيق الديمقراطية  مع ايمانه بان  لكل بلد خصائصه  وظروفه  كما ـن تجارب الشعوب غير قابله للنقل او التقليد لكنها بالتاكيد قابله للدرس والاستيعاب ثم انه  يدرك ان القياس بالغير  له مزالق فالقياس الصحيح لا يصدق الا في حاله التماثل التام وهو مستحيل من شعب الى آخر...

ثم أكمل الكاتب حديثه للملك بقوله إنه خطر له ان هناك أوجه شبه بين ما  كان عند الاسبان وتغير وما زال عند مصر ولم يتغير  حتى الثمانينيات...

وأوضح  الاستاذ "هيكل" سؤاله بان  فى اسبانيا  كان يوجد رجلا واحدا على القمة وكذلك كان فى مصر   وهو  الرئيس "عبد الناصر"وكان تحت الرجل الواحد تنظيم سياسي من صنعه...ففى أسبانيا كان تنظيم "الفالانج" وكذلك كان هناك تنظيما واحدا فى عهد  "عبد الناصر"...

واتجه الكاتب الكبير الى سؤاله مباشرة إلى الملك وهو كيف عاد الاشتراكيون الى السلطة بانتخابات حرة وهى  ظاهرة لا يستطيع أحد إنكار دلالتها...

ثم كان السؤال الآخر الأكثر وضوحا منه  هو كيف استطاع  ان يدير   بدرجه عالية من الكفاءة حركة توازنات كان يمكن أن تفلت  من بين أيديه خاصة وان هذه  التجربه لم تكن بالنسبه إلى الملك مجرد نزهة...!

وقال إنه  يريد أن يعرف ماذا حدث وكيف استطاع الملك السماح بهذه التجربة وهو كملك كان يجب أن يكون المفهومه التقليدي عنده  أنه "ظل الله على الارض"، وبعد أن قال هذه العبارة  استدرك بسرعة شديدة  باعتذار عنها لانها  صدرت منه دون قصد...

لكنه لم يكد يفرغ من كلامه حتى شهق الملك مروعا -كما بدا للكاتب - مما قاله لكنه فوجئ بضحكة الملك المجلجلةوهو يقول له:

- وتريديني أن أتحدث في ذلك كله؟!

ثم سكت وسكت الكاتب هو الآخر منتظرا... ثم عاد الملك" خوان كارلوس" يتكلم... فقال له:

- انت تعرف انني كملك دستورى لايحق لي أن اتكلم في السياسه...لكننى بالطبع  إنسان ولى   آرائى ولكن من غير  ان أنشرها  على الناس..."

وأكد الملك بان خلاصة مايمكن  قوله هو انه يحترم الدستور وانه فيما يتعلق بدستور اسبانيا ليست له آراء اواجتهادات فيه...وان واجبه  ان يطيع الدستور   وان  طاعته جاءت من قلبه وليست من لسانه...!


ثم استعاد الملك الأحداث وقال ان  الانتخابات أجريت وظهرت نتائجها وفاز الاشتراكيون...

إذن فهذا ما يريده الشعب  -وهو كملك- بارك  ما يريده الشعب عن اعتقاد بان هذا التصرف هو الصواب وفهم صحيح للتاريخ...وان هذه هى مفاهيم العصر الذى يعيش فيه...

 وقال الملك  ان نموذجه هو "الملكه اليزابيث" ملكه بريطانيا  اي

"عرش يرتفع فوق كل الأحزاب وحكم لا تطلب مشورته الا في ظروف استثنائيه"...

وفجأ الملك" خوان كارلوس" الكاتب الكبير بسؤاله:

-وأنتم كيف أحوالكم في العالم العربي...؟

اجابه الكاتب:

-بأن الديمقراطيه  فى المجتمع العربى  هى  قضيه القضايا... ثم أكمل حديثه بان المجتمعات العربية نمت وتطورت وتغيرت كما حدث في اسبانيا ولكن لم تحقق الديموقراطية ولم تفلح   أفكار  الرئيس " عبد الناصر"  فى تحقيقها ولم يكن لها تاثير وذلك   لوجود  مستجدات جديده مثل 
البترول وهو من  ايجابيات  المجتمعات العربية  وأيضا من  سلبياته...

وأشار إلى الديموقراطية  لم تتحقق بالرغم من اتساع  نطاق التعليم  اتساعا هائلا كما اتسع نطاق التصنيع  وأيضا اتسعت حجم الطبقه المتوسطه...  واصبح العاملون فى مجال الانتاج بعشرات الملايين  كما خرجت المرأة  للعلم والعمل وكان  المجتمع بعد ذلك جاهزا  بادواته ورموزه وقيمه  للانتقال الى عصر  الديموقراطيه   الا ان المجتمع العربى  لم يحققها  ... 
  
وفوجئ الكاتب الكبير باندهاش الملك وقوله:

-  ولماذا لم تحققوها حتى الآن...؟

ولم يجد   الكاتب الكبير اجابة على سؤال الملك له الا بقوله:

-لم نحققها  بعد  ...

ولم يعلق الملك خوان  وبعدئذ وانتهى اللقاء...

"الأسبوع القادم باذن الله احدثك عن النهاية الغير متوقعة للملك "خوان كارلوس " ملك اسبانيا  ونفيه خارج البلاد..."

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: قراءة حديثة لكتاب زيارة جديدة للتاريخ الأستاذ هيكل الکاتب الکبیر

إقرأ أيضاً:

قراءة إناسية في نشأة الدولة الإسلامية الأولى

الدراسات الحديثة المهتمة بنشأة الدولة الإسلامية قدمت العديد من الأطروحات عنها، ركز معظمها على لحظة الصراع الذي جرى بين المسلمين ومناوئيهم.. سواء في مكة كقريش، أم المدينة كالأوس والخزرج واليهود، أم القبائل التي دخلت بنفسها في حروب مع المسلمين، وأثر ذلك في نشأة الدولة، دون أن تسبر جذور المجتمع العربي ذاته.

من الدراسات العميقة التي بحثت نشأة الدولة الإسلامية في بواكيرها الأولى كتاب «من المَيسِر الجاهلي إلى الزكاة الإسلامية.. قراءة إناسية في نشأة الدولة الإسلامية الأولى» لمحمد الحاج سالم، وأصله رسالته في الدكتوراه، صدر عن دار المدار الإسلامي عام 2014م. وقد أهداني المؤلف مشكورًا نسخة ممهورة بتوقيعه: (الأخ الصديق خميس العدوي.. كي نعيد قراءة تأريخنا وديننا بعين أخرى. مع مودتي البالغة.. أخوكم محمد الحاج سالم، بيروت في 20/ 1/ 2018).

عالج الباحث الموضوع انطلاقًا من فكرة النظام الاقتصادي ببنيته الأساسية وهي الدين، وتوسع كثيرًا في التدليل على فكرته ببناء «نظام المَيسِر الجاهلي» معرفيًّا، حيث لم يرد قبله ذكر لهذا النظام إلا نادرًا ومحدودًا، فعمله مبتكر، وقد دعّمه بمئات الأدلة والاقتباسات، حتى تحولت فكرته من أشتات في كتب كثيرة: القرآن والشعر الجاهلي والسيرة والتاريخ والأدب، إلى نظرية متكاملة في كتاب جامع. وإن كان من ملاحظة أذكرها فهي ضخامة الكتاب، التي تأخذ القارئ إلى شُعب شتى، ولتمام الفائدة فينبغي لصديقنا الحاج سالم، أو غيره من المهتمين بالموضوع، أن ييسرها بمختصر غير مخل، حتى تنتشر الفكرة وتعم الفائدة.

الدراسة.. بحثت في جذور نشأة الدولة عبر فكرة «اللَّقاحية»؛ أي عدم السماح بتشكل سلطة سياسية على العرب، فهناك معتقدات وطقوس وممارسات تقف خلف «الحالة اللَّقاحية»، فكان على الإسلام وهو «يؤسس لدولته» أن يقوم على أعقاب «الدين الجاهلي» الحاضن لهذه اللَّقاحية، وهو ليس أفكارًا عابرة، أو معتقدات ساذجة، وإنما بُنية عقدية عميقة اجتماعيًا؛ شملت مناحي «الحياة الجاهلية»، جاء في مقدمة الكتاب: (إن هذا البحث ينخرط في سياق توجه نظري مفاده أن لا وجود لحقل ديني مستقل بذاته يمكن الحديث عنه وحوله بصفته تلك، فما من حقل ديني إلا وهو يتضمن إشكالات هي التي تحدد في المقام الأخير اتجاهه ومواقفه، وما من حقل ديني يروم أو يدعي التجديد إلا وهو يتخذ شكله الاجتماعي من خلال تلك المواجهة بين الرهانات الجديدة التي أفرزته بقدر ما بشّر بها، والرهانات القديمة التي أرهصت بولاته) [ص16].

إذًا؛ لم تنشأ الدولة في الإسلام من فراغ.. بل إثر نظام كان قائمًا، تشكلت له معتقداته وطقوسه عبر تاريخ الجزيرة العربية، أسماه الحاج سالم «المَيسِر الجاهلي». ولأن من طبيعة الحياة التغيّر، وإفراز مسار جديد من الأحداث؛ فإن المجتمع العربي دخل في جدل المعتقدات التي أفرزت واقعًا جديدًا، فرض نفسه بآليات جديدة، وبمعتقدات جديدة أيضًا، هذه المعتقدات كما يراها مؤلف الكتاب ليست من قبيل استنساخ المعتقدات؛ كما يرى بعض الدارسين بأنها نسخة معدّلة من اليهودية أو النصرانية.. بل هي «تطور جدلي» من الموروث العربي السائد. وبنظري؛ بناءً على هذه الرؤية لا يمكن استبعاد اليهودية والنصرانية من مكونات الموروث العربي، والقرآن خير شاهد على ذلك.

«من المَيسِر الجاهلي إلى الزكاة الإسلامية».. كتابٌ عملَ على تجميع الشظايا المتفرقة لمعتقدات المَيسِر الجاهلي، ذلك الدين الذي كان يمارسه العربي قبل الإسلام. لقد كانت عملية التجميع شاقة، استطاع الحاج سالم بجدارة وبجهد مضن، عبر البحث في بطون الكتب وأشعار العرب وآدابهم وأيامهم، أن يبني معمار دين طمسته معارف المسلمين اللاحقة، وعملت على تناسيه عن قصد وغير قصد، يقول الحاج سالم: (فإن عملنا الأساسي يستهدف في المقام الأول إثبات كلية ظاهرة المَيسِر الجاهلي في العموم، وغائيتها السياسية الخافية على وجه الخصوص، ومن ثمة اختبار فرضيتنا الزاعمة بأن المَيسِر كان إوالية لَقاحية تتكامل فيها جملة أبعاد دينية واجتماعية واقتصادية، وتتضافر للعمل بفاعلية على منع تركّز سلطة سياسية، وانبثاق نصاب سلطوي منفصل عن المجتمع هو الدولة) [ص:58].

السؤال: كيف استطاع المَيسِر الجاهلي أن يمنع انبثاق الدولة؟ ثم ما الدافع الذي أدى إلى انبثاقها في الإسلام؟

يرى الحاج سالم أن ذلك جرى عبر نظام المَيسِر، (ويعرّف البخاري المَيسِر بأنه القداح يستقسمون بها في الأمور؛ أي بمعنى الأزلام) [ص:152]، ومن المَيسِر انبثق القمار، وهو لعبة يشارك فيها المياسير؛ الذين هم من أصحاب الغنى واليسر، يقوم كل واحد منهم باختيار قدح، ثم يدفعون بأقداحهم إلى «رجل متأله عدل»، يلقيها فيخرج القدح الفائز. وجعلوا لكل قدح عددًا من الإبل ينحرها المياسر، قد يصل عددها إلى مائة بعير، ولم يكن القمار قبل الإسلام عيبًا، بل كان من الدِّين، و(الدِّين كان المحور الأساسي الذي تدور عليه الحياة الجاهلية) [ص:289]، و(كثيرًا ما عاب شعراء الجاهلية الممتنع عن الدخول في المَيسِر عن بخل ولؤم، وسمّوه «البَرَم»، وذموه في أشعارهم ونعتوه بخسيس الصفات كالنذالة والحقارة والخسة والدناء، في مقابل مدح المياسرين) [ص:305].

محمد الحاج سالم.. يذهب إلى أن العرب كانوا يعيشون في «حالة لَقاحية»، ولا يرتضون أن تكون عليهم سلطة، ولا قانون فوقهم، إلا أعراف القبيلة وتقاليدها، وأما شيخ القبيلة فلا سلطان له عليهم. ودوره فيهم أنه ممثلهم وحامي حماهم، ولا ينال هذه المنزلة إلا بالشجاعة والكرم، وكيلا يكون لشيخ القبيلة سلطة؛ فإن عليه أن يكون من المياسرين، فيدخل في القمار لكي تتبدد ثروته، فإذا خسر فعليه أن يدفع، وإذا ربح أطعم به الفقراء والمحتاجين، وليس له أن يأخذ من اللحم شيئًا، (وهذا ما يشير إليه الزمخشري أيضًا، إذ يركز على أن الأغنياء كانوا يدفعون تلك الأنصباء إلى الفقراء ولا يأكلون منها) [ص:295].

هكذا استطاع العرب بنظام المَيسِر في فترتهم اللَقاحية أن يمنعوا انبثاق الدولة بمنع تجمّع الثروة في أيدٍ قليلة تسود عليهم بيسرها. ولما جاء الإسلام حرّم المَيسِر، لأجل أن تحل محله الزكاة، لكيلا يكون دُولة بين الأغنياء، ويقصد بالزكاة الصدقات، وجعلها بيد «رئيس الدولة» فينفقها في وجوهها: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ) [التوبة:60].

أما السبب الذي أدى إلى انبثاق الدولة؛ فيطرح الحاج سالم فكرة أن المجتمع أصبح بذاته يحمل مشروع دولة، وقد حاول العرب بالمَيسِر أن يحافظوا على «لَقاحيتهم»، بيد أنهم فشلوا [ص:57-58]. والسبب الآخر.. هو أن أطراف الجزيرة العربية خضعت للدول المجاورة (كخضوع الغساسنة في الشام للروم في بيزنطة، واللخميين في العراق للساسانيين في فارس، وقبائل عربية من اليمن للحبشة أو لفارس) [ص:51].. بل جرت محاولة إقامة مُلك في مكة كما ذكروه عن عثمان بن الحويرث المعروف بالبطريق. فكان قد حان وقت قيام الدولة، والذي عمل النبي محمد على تأسيسه بـ«أسلمة المجتمع الجاهلي».

(لقد انبنت حركة الأسلمة التصاعدية للمجتمع الجاهلي باتجاه بناء الدولة الإسلامية، عبر ما يمكن وصفه بجدلية هدم وبناء مؤسسية، ارتكزت على ثلاثة متغيرات؛ هي: التحريم والإقرار والتغيير. تم بموجبها إنشاء مؤسسات بديلة لمؤسسات جاهلية قديمة؛ شُجبت ورُفضت وبالتالي هُدمت، أو إقرار مؤسسات موجودة على حالها، أو إدخال تحويرات على مؤسسات موجودة بما يتماشى مع متطلبات الدولة الإسلامية الناهضة) [ص:25]، وبالتالي؛ لم يحرّم الإسلام المَيسِر لذاته، وإنما لأنه جزء من منظومة عقدية دينية قديمة، كانت تمنع قيام الدولة، وأبدلها بالزكاة، أي الصدقات لتكون محور قيام الدولة.

خميس العدوي كاتب عماني مهتم بقضايا الفكر والتاريخ ومؤلف كتاب «السياسة بالدين»

مقالات مشابهة

  • بمبادرة من المملكة د. الربيعة .. اعتماد يوم عالمي للتوائم الملتصقة يمنحهم الأمل لحياة جديدة خالية من التشوهات
  • القيادة تهنئ رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية بمناسبة إعادة انتخابه لمدة رئاسية جديدة
  • وزيرة الثقافة تكرم الفائزين بجوائز مسابقة «القومي للترجمة»
  • قراءة إناسية في نشأة الدولة الإسلامية الأولى
  • وزيرة الثقافة تُكرم الفائزين بجوائز الدورة الثانية لمسابقة المركز القومي للترجمة .. صور
  • شرور الديكتاتورية وترياق الأدب.. رحيل كاتب ألبانيا الكبير إسماعيل قدري
  • «إكسترا نيوز» تحتفي بذكرى ميلاد الكاتب وحيد حامد.. أحد أهم رواد السينما
  • مع البخاري في صحيحه.. قراءة سياسية
  • قراءة في المواجهة الكبرى
  • للتاريخ.. ليس كل ما يعرف يُقال