جريدة الوطن:
2024-11-27@01:23:32 GMT

قصة قصيرة : ميت جاي ينشد عن حي

تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT

قصة قصيرة : ميت جاي ينشد عن حي

في زمن من الأزمان، أسرة تسكن في بلدة بدائية ساحلية، أغلب ما يجاورهم بيوت من العريش وبضع من الخيم، رقدت إلى جانب الطريق ذي التربة الصفراء الصبخة، بيوت عرشان تمر عليها نسائم الهواء مرة وتسعفها أيام الصيف مرات أخر، وإلى جانب هذه البيوت خور لمياه البحر. فرض الفطر البحري الأصفر اللون كنبات الذرة نفسه فوق هذه الأرض، وتناثر هناك وهو نبات ذو شكل هرمي مدبب أصفر اللون، وتتناثر على الجانب الآخر شجيرات نبات الهرم والأراك.

هنا يعيش الناس على ما تجود به الطبيعة، في يوم من الأيام أصيب أحد أبناء هذه الأسرة بمرض وأضحى طريح الفراش لأيام، مرت الأيام شديدة عليهم، قرر الابن الآخر للأسرة الذهاب إلى معلم في قرية نائية، يقرأ في (كتاب).
في يوم معربد قرر الابن الذهاب إلى تلك البلدة البعيدة للنظر في أمر أخيه، عند هذا المعلم، رجل عجوز صاحب إلتماعات، يعرف أمور شتى، رجل حكيم. سيرا على الأقدام مارا بطريق قفر، تحيط به أشجار مغسولة بالشمس، ما من أحد، ما من صوت، ظهيرة مسحورة ساكنة سكون عجائبي إلا من صوت طائر الرمل يُسمع من مكان قصي، ونعق البوم آتٍ من مكمن شجري عميق مجوف، تابع سيره على الأقدام، خبا النهار حين وصوله إلى وجهته.
بيت طيني بدائي عتيق له مدخل ونافذتان تنبئان عن سكون داخلها ضوء كهرماني خافت آت من آلة حديدية صدئة مغطاة بزجاجة، تسمى (صراي)…
الزائر :
السلام عليكم معلم، كيف الحال؟
المعلم:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ولدي، الحمدلله بخير ونعمة ما شاكين بأس، كيف حالكم والأهل هناك في البلدة؟
الزائر:
الحمدلله أطياب، لكن يالوالد أنا جاينك في أمر أخي المريض، لم يجد معه دواء حتى الآن وهو طريح الفراش منذ أسبوع، قلنا نجي معك تكشف عنه في الكتاب.
المعلم :
إن شاء الله ولدي ما يهمك.
دقائق بعدها أخذ المعلم الكتاب من روزنة ذات تقويسة مزخرفٌ أعلاها بآي القرآن الكريم،.
أخذ المعلم الكتاب المغلف بقطعة قماش حفاضا عليه من تسربات السقف بمياه الأمطار ومن (الرِّمة) التي لا تبقي شيئا ولا تذر، كتاب ذو لون بندقي أوراقه من الرق المصقول القديم، فتح الكتاب وعليه الكثير من الرسومات والحروف والأرقام، كأنه مخطوطة أثرية قديمة، فتح المعلم الكتاب وتمعن فيه وأخذ وقته فيه، والزائر بانتظاره. فجأة سُحب لون وجه المعلم من هول ما وجد، لاحظ الزائر تغير لون المعلم فيما رأى، ولكن كلاهما لم ينبتا ببنت شفه، بعد انتهاء المعلم من الكشف في الكتاب، أخبر الزائر أن لا بأس لا تخف على أخيك هي حمى وستغادره.
وقال المعلم في نفسه هذه العبارة (كيف ميت جاي ينشد عن حي)… كيف لمن هو أقرب للمنية يأتي سائلا عن من العمر لازال أمامه، مرت الأيام وعادت للأخ صحته وعافيته، وتوفي الزائر.
مع هذه القصة والراوي وسامعيها تقوس الليل، وعتمت البلدة البكر، وبعثت الأشجار رائحة نفاذة، تلمس الابن طريقه عائدا، خلا الطريق من المارة وقت المغرب، ذلك الطريق الذي يعبق برائحة الليل والعودة، والقمر يومض منعكسا على أشجار الأراك والغاف، فتدفقت السكينة مع هذا الهدوء..

فتحية الفجرية
كاتبة عمانية

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

في ذكرى رحيل الشيخ المعلم.. ما سر بقاء صوت الحصري خالدا في القلوب؟

صوتٌ يأخذك إلى عالمٍ من الخشوع والسكينة، وأداءٌ يعكس جمال القرآن وروعة أحكامه.. تحل اليوم ذكرى رحيل الشيخ محمود خليل الحصري، أحد أعظم قراء القرآن الكريم في تاريخ مصر والعالم الإسلامي، بصوته الفريد، وأسلوبه المتقن، وأعماله الخالدة، صنع الحصري إرثًا لا يزول، تاركًا بصمةً مضيئةً في قلوب المسلمين، وفي كل بيت يصدح فيه كتاب الله، لأنّه لم يكن مجرد قارئ بل كان سفيرًا للقرآن وملهمًا للأجيال.

وُلد الشيخ الحصري في 17 سبتمبر 1917 بقرية «شبرا النملة» بمحافظة الغربية، ونشأ في بيئة تُقدِّر القرآن الكريم، حفظ القرآن في سن الثامنة، والتحق بمعهد طنطا الأزهري لدراسة علوم القرآن والقراءات.

أسلوبه المتزن في التلاوة

واشتهر الشيخ الحصري بصوته المميز وأسلوبه المتزن في التلاوة، وبرزت قدراته الاستثنائية في ضبط قواعد التجويد وإتقان أحكام القراءة، وكان أول من سجل المصحف المرتل برواية حفص عن عاصم عام 1961؛ ليصبح بذلك نموذجًا يُحتذى به في التلاوة الصحيحة، وانتشر صوته في أنحاء العالم الإسلامي، كما سجل الشيخ المصحف كاملًا بروايات مختلفة مثل ورش وقالون والدوري.

نشر وتعليم القرآن الكريم

وأسهم الحصري في نشر وتعليم القرآن الكريم داخل مصر وخارجها، إذ ألقى محاضرات وقدم تلاوات في العديد من الدول الإسلامية والغربية، وكان حريصًا على تعريف العالم غير الإسلامي بجماليات القرآن الكريم من خلال أسفاره الكثيرة، إذ زار دولًا مثل الهند وباكستان وبريطانيا والولايات المتحدة.

ولم يكن الحصري قارئًا فقط، بل كان عالمًا ومصلحًا دينيًا، كتب العديد من الكتب التي تناولت علوم القرآن، مثل كتاب «أحكام قراءة القرآن الكريم»، و«القراءات العشر من الشاطبية والدرة»، كما كان مهتمًا بتحفيظ القرآن للأطفال، وأسس العديد من الكتاتيب والمراكز لهذا الغرض.

الأوسمة والتكريمات

وعلى مدار حياته، حصل الشيخ الحصري على العديد من الأوسمة والتكريمات، وكان قارئًا رسميًا لمسجد الإمام الحسين بالقاهرة، وفي 24 نوفمبر 1980، توفي الشيخ الجليل عن عمر ناهز 63 عامًا، تاركًا إرثًا خالدًا من التلاوات العطرة والعلم النافع، ورحل الحصري بجسده، لكن صوته ما زال يصدح في بيوت المسلمين حول العالم، ملهمًا الأجيال بحسن الأداء وخشوع التلاوة، ليبقى اسمه خالدًا في سجل العظماء الذين خدموا كتاب الله بصدق وإخلاص.

مقالات مشابهة

  • أكثر من 100 عمل.. أفلام قصيرة وروائية ووثائقية تتنافس في مهرجان دهوك السينمائي
  • «الثقافة» تعلن عن وظيفة شاغرة في هيئة الكتاب.. وتحدد شروط وموعد التقديم
  • ثبات في لحظات صعبة ولكنها قصيرة غير مجرى الحرب برمتها
  • «العميد» ينشد تعزيز «الصدارة الخليجية» أمام دهوك
  • النقابة تهدد بالإضراب الشامل إذا لم تُلبَّ مطالب المعلمين
  • معرض الكتاب بالكويت يستعرض أسباب اختيارها عاصمة للثقافة العربية 2025
  • الثقافة تصدر «كل النهايات حزينة» لـ "عزمي عبد الوهاب" بهيئة الكتاب
  • في ذكرى رحيل الشيخ المعلم.. ما سر بقاء صوت الحصري خالدا في القلوب؟
  • المعلم الأول.. ذكرى وفاة الشيخ محمود خليل الحصري الـ 44
  • انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني