تكشف حرب الإبادة الجماعيَّة الَّتي يشنُّها كيان الاحتلال الصهيونيِّ وقطعان مستوطنيه على الأراضي الفلسطينيَّة عمومًا، وعلى وجْهِ الخصوص قِطاع غزَّة، الَّذي أمطرته تلك القوَّة الغاشمة المتغطرسة الإرهابيَّة بوابل من القذائف المتنوِّعة الفتَّاكة، الَّتي أسقطت مئات الشهداء والجرحى، من المَدنيِّين العُزَّل أغلبهم من النِّساء والأطفال، وسط صَمْتٍ دوليٍّ عاجزٍ تارةً ومتواطئ تارات أخرى، يدعم الكيان الصهيونيَّ في ارتكاب جرائم لَمْ يشهدها التاريخ الإنسانيُّ في تاريخه الحديث أو المعاصر، حتَّى في ظلِّ أسوأ الحكومات الفاشيَّة أو النازيَّة.

فما تشهده الأراضي الفلسطينيَّة وقِطاع غزَّة المحاصَر الممنوع عَنْه كافَّة الاحتياجات الإنسانيَّة، يتخطَّى مفهوم الإبادة، ولَنْ نجدَ في كافَّة اللغات مرادفات لِمَا يرتكبه الكيان الصهيونيُّ المارق من جرائم، تستهدف ملايين الفلسطينيِّين العُزَّل، الَّذين لَمْ يرتكبوا جريمة، غير دفاعهم عن أرضهم، ومطالبتهم المشروعة، بحقوقهم الَّتي تقرُّها كافَّة القوانين والمواثيق الدوليَّة.
ولعلَّ ما يُرتكب من جرائم يؤكِّد أنَّ الكيان الصهيونيَّ وحكومته الإرهابيَّة يتعاملان مع الشَّعب الفلسطيني بشكلٍ يتجرَّد من الإنسانيَّة، ما يتطلب موقفًا دَوليًّا حازم يوقف هذا العدوان السَّافر، وعلى مجلس الأمن الدوليِّ عدم التقاعس عن تحمُّل مسؤوليَّاته، وإلزام الكيان الصهيونيِّ بوقف إطلاق النَّار بشكلٍ كامل ومستدام لإنقاذ الأرواح البَشَريَّة، وتمكين وصول المساعدات الإنسانيَّة دُونَ عوائق، للتخفيفِ من معاناة الشَّعب الفلسطينيِّ الهائلة جرَّاء الكارثة الإنسانيَّة الَّتي تسبَّب بها كيان الاحتلال الصهيونيِّ وداعميه الغربيِّين الَّذين تشدَّقوا لسنوات عدَّة برعاية عمليَّة السَّلام، فما يحدُث من صَمْتٍ وتواطؤ سيكُونُ بداية النِّهاية للمنظومة الأُمميَّة الهشَّة، الَّتي تجلَّى عوارها، أمام هذا العدوان الصهيونيِّ المتجاهل لكافَّة القواعد الدوليَّة في عصرنا الحديث.
إنَّ استخدام كيان الاحتلال لكافَّة الأسلحة المحرَّمة دَوليًّا، وسرعة العدوان الَّذي أعقب الهدنة المؤقَّتة، يؤكِّد على النيَّة المبيَّتة لتدمير قِطاع غزَّة، حيث لَمْ يكتفِ بإسقاط أكثر من (١٥) ألف شهيد قَبل الهدنة المؤقتة، فسارع بإسقاط المزيد من الشهداء، بَيْنَما لا يزال آلاف المَدنيِّين مفقودين تحت الأنقاض، ومواصلة تهجير المَدنيِّين بشكلٍ قسري في قِطاع غزَّة، بعد أنْ قام بتهجير أكثر من (1.8) مليون فلسطينيٍّ قسرًا من منازلهم، كما لَمْ يَعُدْ هناك مكان آمن في القِطاع من حملة الإبادة الجماعيَّة والتطهير العِرقيِّ الَّتي يشنُّها كيان الاحتلال منذ أكثر من سبعة أسابيع. وهنا يبرز تساؤل مشروع: مَنْ سيحمي العائلات الفلسطينيَّة من آلة الحرب الصهيونيَّة؟ ومَنْ سيوقف التطهير العِرقيَّ للشَّعب الفلسطينيِّ من أرضه؟ ومن هذا المنطلق وكأحَدِ أهمِّ التَّبعات لِمَا يمارسه كيان الاحتلال الصهيونيِّ من إرهاب يستلزم تدخلًا دوليًّا أوَّلًا لوقفه، وثانيًا محاسبته على ما ارتكبَ من جرائم، فإنَّ تأخير العدالة الدوليَّة هو غياب للعدالة نَفْسِها، وعدم معاقبة كيان الاحتلال الصهيونيِّ في الماضي جعله يتمادى في الحاضر. فالمحاسبة على الجرائم ليس مطلبًا قانونيًّا فحسب، بل مطلب وضرورة أخلاقيَّة. وأمام هذا الواقع المرير تترتب على المؤسَّسات العدليَّة مسؤوليَّة أخلاقيَّة وقانونيَّة وإنسانيَّة بأنْ تقومَ بِدَوْرها المنوط بها.

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: کیان الاحتلال الصهیونی الکیان الصهیونی

إقرأ أيضاً:

كيان الاحتلال.. فرار جماعي ومقترح بترحيل الإسرائيليين إلى جرينلاند

تلقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دعوة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لزيارة البيت الأبيض الثلاثاء المقبل. وجاء في بيان لمكتب نتنياهو أن "رئيس الوزراء نتنياهو هو أول زعيم أجنبي يدعى إلى البيت الأبيض في الولاية الرئاسية الثانية لترامب".

في سياق متصل، اقترح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، على ترامب، إرسال الإسرائيليين إلى جرينلاند، وذلك ردا على دعوات الأخير إلى إعادة توطين فلسطينيي غزة في دول مجاورة. وقال عراقجي، في تصريحات لقناة سكاي نيوز البريطانية، "بدلاً من ترحيل الفلسطينيين، يجب على ترامب أن يرحل الإسرائيليين. ليأخذهم إلى جرينلاند. بذلك سيحققون هدفين بحجر واحد، وهما حل مشكلة إسرائيل وجرينلاند".

وكشفت صحيفة لوموند الفرنسية إن آلاف الإسرائيليين غادروا البلاد للاستقرار في الخارج، وإن مزيدا من الناس قد يفعلون ذلك في المستقبل، مشيرة إلى أن الوضع الاقتصادي له تأثير في ذلك، ولكن انعدام الأمن والحرب في غزة وسياسات حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والمكانة المتعاظمة للدين في المجتمع؛ كلها عوامل جعلت هذا الاتجاه يتسارع.

وبحسب بيانات المكتب المركزي للإحصاء الصادرة في ديسمبر2024، وصلت أعداد المغادرين إلى مستويات قياسية، إذ غادر البلاد 82 ألفا و700 إسرائيلي من دون أن تكون الحرب هي السبب. ويوضح إسحاق ساسون وهو أستاذ لعلم الاجتماع في جامعة تل أبيب أن 24 ألف إسرائيلي فقط عادوا في عام 2024 حسب التقرير، مما يعني أن هذه الفجوة "تمثل تغييرًا جذريا مقارنة بالعقد السابق".

في الأثناء، فرقت الشرطة الإسرائيلية مئات اليهود المتشددين (الحريديم) من رافضي التجنيد بعدما أغلقوا الطريق المؤدي إلى قاعة المؤتمرات الوطنية بالقدس المحتلة، وسط دعوات لحل أزمة القانون وأخرى لإجبارهم على الانضمام للجيش. وردد المئات هتافات من بينها "نموت ولا نتجند" و"السجن وليس الجيش".  وفرقت الشرطة الإسرائيلية المتظاهرين باستخدام الهراوات وخراطيم المياه. وألقى المتظاهرون الحجارة اتجاه عناصر الشرطة في المكان، ورددوا شعارات ضدهم من قبيل "نازيون" و"قتلة". وأصيب 3 عناصر من شرطة الاحتلال بجراح عقب وقوع مواجهات خلال المظاهرة.

مقالات مشابهة

  • شخصيات لـ”الثورة”: الوطن اليمني قادر على إسقاط قرار واشنطن وهزيمة الطغيان المعاصر
  • التأكيد على أهمية التعاون بين الجهات المعنية لتعزيز تطبيق القانون الدولي الإنساني
  • المكتب الإعلامي الحكومي يطالب بتسريع تطبيق البروتوكول الإنساني في غزة
  • شاهد | هجرة عكسية هي الأكبر منذ عقود في تاريخ كيان العدو الصهيوني
  • “الإعلامي الحكومي” يطالب بتسريع تطبيق البروتوكول الإنساني في غزة
  • وزير الحرب الصهيوني يُعلن توسيع العدوان على مخيمات الضفة الغربية
  • كيان الاحتلال.. فرار جماعي ومقترح بترحيل الإسرائيليين إلى جرينلاند
  • ماجد العنتبلي: توثيق الزواج للأجانب وضمان حقوق المرأة والطفل ضرورة لتحقيق العدالة
  • استراتيجية الأمن السيبراني ضرورة وطنية في ظل المواجهة مع الكيان الصهيوني
  • إيران ترفض اتهامات كيان العدو الصهيوني بشكل قاطع