قانون الدين العام لسلطنة عمان: توجه استراتيجي نحو تعزيز المؤشرات الاقتصادية والمالية المحلية
تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT
تعاني أغْلَب الدوَل من عجوزات ماليَّة في موازناتها العامَّة، ولسدِّ تلك العجوزات تلجأ إلى الاستدانة عن طريق إصدار الأوراق الماليَّة، كأذونات الخزينة والسندات أو الاقتراض من مؤسَّسات ماليَّة محلِّيَّة أو خارجيَّة. في الحقيقة الارتفاع الحادُّ في الدَّيْن العامِّ لأيِّ دَولة يسبب اختناقًا ماليًّا كبيرًا ويدفع الدَّولة لخفض الإنفاق الحكومي ورفع مستوى المعدَّلات الضريبيَّة.
وممَّا لا شكَّ فيه أنَّ سلطنة عُمان كغيرها واجهت تحدِّيات ماليَّة ومتغيِّرات اقتصاديَّة كبيرة خلال السنوات الماضية، إلَّا أنَّ الحزم الإصلاحيَّة والقوانين الَّتي تبنَّتها السَّلطنة خلال تلك الفترة كان لها أثَر فعَّال في تعزيز الضبط المالي والاقتصادي والَّذي انعكس إيجابًا على خفض حجم الدَّيْن العامِّ. وعلى سبيل المثال، كان لتطبيق رؤية «عُمان 2040»، بالأخصِّ ممكن الاستدامة الماليَّة؛ الأثر الكبير في السيطرة على الدَّيْن العامِّ والَّذي يهدف إلى تعزيز القدرة على التكيُّف مع الأوضاع الماليَّة واستيعاب أيَّة تحدِّيات ماليَّة ومتغيِّرات اقتصاديَّة مستقبليَّة وضمان الكفاءة الماليَّة. بالإضافة إلى أنَّ مشروع التوازن المالي أسفر بالفعل عن تراجع ملموس في حجم الدَّيْن العامِّ، وتحسُّن في الوضع المالي، والتصنيف الائتماني للسَّلطنة.
وكما لاحظنا في الفترة الماضية وجود تراجع في مستوى تمويل الميزانيَّة العامَّة وحجم الاقتراض الخارجي ولَمْ يشهد أيَّ سحبٍ من الاحتياطي العامِّ لتمويل الميزانيَّة العامَّة للدَّولة خلال العام الحالي مقارنة بالعام المنصرم 2022 حيث اضطرَّت السَّلطنة للسَّحب من الاحتياطيَّات العامَّة مبلغًا قدره (1.3) مليار ريال عُماني لاستخدامها في تمويل الميزانيَّة العامَّة للدَّولة. كما لوحظ أيضًا خلال الفترة الماضية تحسُّن كفاءة الإنفاق العامِّ وكفاءة الأداء الحكومي، وصاحب ذلك تحسُّن في الوضع المالي والاقتصادي ممَّا أسهَم في تعزيز التنوُّع الاقتصادي، وجلب الاستثمارات الخارجيَّة لسلطنة عُمان.
ولو عرَّجنا قليلا نَحْوَ قانون الدَّيْن العامِّ لسلطنة عُمان، وسلَّطنا الضوء حَوْلَ أهدافه، نجد أنَّه يسعى لتحقيق عدَّة أهداف مِنْها؛ تجنيب الدَّولة المخاطر الماليَّة والحدُّ من أعباء الدَّيْن العامِّ، وتعزيز الحكومة من إصدار أدوات الدَّيْن العامِّ. كما يهدف هذا القانون للإسهام في تطوير وتنويع السُّوق الماليَّة المحلِّيَّة، وتعزيز قوَّة الائتمان، وتلبية احتياجات التمويل الحكومي بأقلِّ تكلفة ممكنة. ووفقًا للقانون الجديد ستكُونُ هناك استراتيجيَّة واضحة لإدارة الدَّيْن العامِّ في سلطنة عُمان، وتحديد أدوات مُحدَّدة للدَّيْن العامِّ الخاصَّة بالقروض المحلِّيَّة والخارجيَّة. أمَّا السَّحب من الصندوق الاحتياطي سيكُونُ مستقبلًا وفق آليَّات وأُسُس مُحدَّدة. علاوةً على ذلك، سيُعزِّز هذا القانون من معايير الشفافيَّة والإفصاح عن الملاءة الماليَّة الحكوميَّة؛ حيث سيتمُّ الإفصاح عن المديونيَّة العامَّة ليس فقط على الشركات المملوكة للحكومة، بل سيطول حتَّى الشركات الَّتي يشرف عَلَيْها جهاز الاستثمار العُماني. كما أنَّ قانون الدَّيْن العامِّ يتيح تمويل المشروعات التنمويَّة خارج إطار الميزانيَّة وإمكان إعادة هيكلة الديون وتحديد حجم الاقتراض.
وأخيرًا، حسب تقرير صندوق النقد الدولي، أنَّ الاقتصاد العُماني سيواصل تعافيه، وأن يحققَ نُموًّا في عام 2024. لذا فإنَّ وجود قانون للدَّيْن العامِّ، سيُسهم في تعزيز ثقة المستثمرين وتعزيز المؤشِّرات الاقتصاديَّة والماليَّة وقوَّة التصنيف الائتماني لسلطنة عُمان.
د. يوسف بن خميس المبسلي
متخصص في العلوم المالية والاقتصاد
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: ی ن العام لسلطنة ع ة العام
إقرأ أيضاً:
مالي تعلن تجريم المثلية الجنسية في قانونها الجزائي الجديد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
اعتمد المجلس الوطني الانتقالي في مالي قانونًا يجرم المثلية الجنسية؛ حيث أعلن وزير العدل مامادو كاسوجو، أنه من الآن فصاعدا "ستتم ملاحقة أي شخص يروج لهذه الممارسة أو يشيد بها"، مؤكدا: "لن نقبل أن تنتهك عاداتنا وقيمنا من قبل أشخاص من مكان آخر".
ونقل "راديو فرنسا الدولي"، اليوم /الأحد/ عن مصدر قضائي - لم يسمه - القول: إنه تم اعتماد مشروعي قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجزائية، الذي يتضمن تجريم المثلية الجنسية في مالي، من قبل أعضاء المجلس الوطني الانتقالي بأغلبية 132 صوتًا مقابل صوت واحد معارض".
ووفقًا للمصدر القضائي؛ فإن قانون العقوبات الجديد لم يعتبر المثلية الجنسية جريمة مستقلة بعد، مرجعا السبب في ذلك إلى أن بلاده لم تنسحب بعد من مختلف المعاهدات والمواثيق التي تحمي الحقوق المدنية.