القانون وعلاقته بالدراسات المستقبلية والتخطيط الاستراتيجي
تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT
ما دَوْر القانون في صناعة المستقبل؟ وكيف تتأثر القوانين والدراسات القانونيَّة بالتغيُّرات المستقبليَّة؟ وكيف يُمكِن الاستفادة من التخطيط الاستراتيجي وفن الاستشراف في تطوير القوانين؟
كُلُّ تلك الأسئلة تحتاج إلى إعادة نظر ونقاشات تخصصيَّة معمَّقة؛ لأنَّنا بالفعل كمُجتمع نتأثر كثيرًا بأحداث مصدرها من الخارج، نتأثر بشكلٍ كبير بتلك التغيُّرات العابرة للحدود الوطنيَّة لدرجة أنَّها يُمكِن أن تهدِّدَ حاضرنا القائم ومستقبلنا القادم، وليس من طريقة لتوقِّي أخطارها سوى دراستها وتحليلها واستشراف آثارها، والسَّعي لإيجاد الحلول والوسائل المناسبة لاحتوائها بشكلٍ كامل أو على أقل تقدير التقليل من تهديداتها.
القوانين هي النظام لأيِّ أُمَّة واعية، وتُعدُّ من العوامل الأساسيَّة لنهوضها، هي العقل البَشَري؛ لأنَّها قواعد تحكم شعوب الأرض قاطبة، كما أنَّ «مصير الأُمم منوط بحكم القوانين وبلا معقوليَّتها»، بالإضافة إلى أنَّ «القانون بوصفه شعورًا ملائمًا هو سبب صحيح للتوافق مع الطبيعة ـ وليس مخالفًا لها ـ فالتنظيم والقانون هو الخطوة الأولى من أجْل تكوين إنسانيَّة الإنسان، والقواعد القانونيَّة في الأصل تسنُّ للحفاظ على مصلحة الجماعة ككُلٍّ وصيانة والحفاظ على الحقوق الأساسيَّة الَّتي دفعت الإنسان في مرحلة ما ولحاجة ما بالتضحية بالعديد من حُريَّاته لأجْلها بمجرَّد قَبوله الانضواء تحت مظلَّة الجماعة والمُجتمع والدَّولة».
على ضوء ما سبق، تبرز أهمِّية التعمُّق والتوسُّع في دراسات مستقبل القوانين الوضعيَّة في ظلِّ التحوُّلات التكنولوجيَّة والمستقبل، أهمِّية دراسة القانون في ظلِّ العولمة والعصر الرَّقمي، وما الأدوار الَّتي يُمكِن أن تؤدِّيَها القوانين في تعزيز مكانة الإنسان وحقوقه في المستقبل؟ كيف يُمكِن أن تؤثِّرَ القوانين في الاستقرار والأمن والحُريَّة؟ وبشكلٍ أشمل ما هو دَوْر القانون في صناعة المستقبل؟ في الجانب الآخر كيف يُمكِن الاستفادة من التخطيط الاستراتيجي والاستشراف والدراسات المستقبليَّة في تعزيز مكانة القانون ودَوْره في الحياة الوطنيَّة؟
وطنيًّا رغم وجود بعض المحاولات والجهود الرائعة لاستشراف المستقبل القانوني وتبادليَّة التأثير بَيْنَ القوانين والمستقبل، وفي الكيفيَّة الَّتي يُمكِن أن يستفادَ فيها من التخطيط الاستراتيجي والدراسات المستقبليَّة في القوانين كما هو الحال مع «مؤتمر القانون والثَّورة الصناعيَّة الرابعة: تشكيل مستقبل التشريعات في عصر التكنولوجيا» الَّذي انعقد بالجامعة العربيَّة المفتوحة، إلَّا أنَّ هذه المحاولات والخطوات تحتاج إلى مزيدٍ من المبادرات والجهود وفي مختلف أنواع القوانين وعلى مختلف المستويات والمؤسَّسات.
لعلَّ هذا المقال المختصر يصلح لِيكُونَ دعوة مفتوحة لمؤسَّساتنا الوطنيَّة ذات الاختصاص بالقوانين أو الاهتمام بالدراسات المستقبليَّة والتخطيط الاستراتيجي مِثل المؤسَّسات الأكاديميَّة (كلِّيات القانون والحقوق الخاصَّة والعامَّة) أو أكاديميَّة الدراسات الاستراتيجيَّة والدفاعيَّة، بالإضافة إلى الأكاديميَّة السُّلطانيَّة للإدارة، أو غيرها من المؤسَّسات الوطنيَّة لتوسيع دائرة البحث والتحليل في القضايا سالفة الطرح.
ختامًا.. يُمكِن أن أسهمَ بطرح بعض الأهداف الرئيسة الَّتي أجد أنَّها ذات أهمِّية ويُمكِن أن تنطلقَ مِنْها المؤتمرات والندوات القادمة في هذا السِّياق مِثل: العلاقة التبادليَّة بَيْنَ القانون والمستقبل، خصوصًا ما يتعلق مِنْها بالذَّكاء الصناعي والعولمة وتأثر رأس المال البَشَري القانوني بها، دَوْر القوانين وأهدافها وأهمِّيتها في رؤية عُمان 2040، كيف ترسم القوانين والتشريعات مستقبلنا الوطني؟ كيف يُمكِن الاستفادة من فنِّ الاستشراف والدراسات المستقبليَّة والتخطيط الاستراتيجي في تطوير القوانين؟
بالإضافة إلى أهمِّية البحث والتأليف الأكاديمي في تلك العلاقة بَيْنَ القانون والتخطيط الاستراتيجي والدراسات المستقبليَّة، ضرورة تدريس الطلبة في كلِّيات الحقوق مادَّة التخطيط الاستراتيجي واستشراف المستقبل المدمج مع الدراسات القانونيَّة.
محمد بن سعيد الفطيسي
باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية
رئيس تحرير مجلة السياسي – المعهد العربي للبحوث والدراسات الاستراتيجية
azzammohd@hotmail.com
MSHD999 @
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: والتخطیط الاستراتیجی التخطیط الاستراتیجی ر القوانین
إقرأ أيضاً:
الفريق أسامة ربيع يبحث أوجه التعاون المستقبلي مع ترسانة IHC الهولندية
استقبل الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، اليوم الاثنين، Derk te bokkel الرئيس التنفيذي لترسانة IHC الهولندية يرافقه وفد رفيع المستوى، لبحث أوجه التعاون المستقبلي، بحضور عدد من أعضاء مجلس إدارة الهيئة، وذلك بمبنى الإرشاد بمحافظة الإسماعيلية.
يأتي ذلك في إطار التعاون الممتد بين هيئة قناة السويس و ترسانة IHC الهولندية، وتعد الزيارة هى الزيارة الرسمية الأولى للهيئة منذ تولي السيد Derk te bokkel مهام منصبه رئيسا تنفيذيا للترسانة الهولندية.
في مستهل اللقاء، أعرب الفريق أسامة ربيع عن تطلعه لاستثمار علاقات التعاون والشراكة الممتدة بين الجانبين وتحقيق مزيدا من النجاحات و العمل المشترك لتحقيق هدف استراتيجي جديد ببحث سبل توطين صناعة بناء الكراكات في الترسانات الوطنية المصرية.
وأشاد رئيس الهيئة بالمستوى المتميز ومعدلات التكريك المتحققة للكراكتين "مهاب مميش" و"حسين طنطاوى" خلال مشاركتهم في مشروع تطوير القطاع الجنوبي بما يعكس إمكانيات وقدرات أحدث كراكتين بالأسطول البحري للهيئة من بناء ترسانة IHC الهولندية.
وأضاف رئيس الهيئة أن المستقبل يحمل فرصا واعدة لاستمرار الجهود المبذولة نحو تطوير الأسطول البحري للهيئة وضم كراكات ووحدات بحرية متنوعة تتلائم مع طبيعة الاحتياجات المتزايدة لتطوير المجرى الملاحي للقناة وتواكب الاتجاهات الحديثة لاستخدام تطبيقات صديقة للبيئة وفق التكنولوجيا الأحدث عالميا بالصناعة البحرية.
من جانبه، أكد Derk te bokkel الرئيس التنفيذي لترسانة IHC الهولندية أن هيئة قناة السويس تظل عميلا وشريكا مميزا تجمعنا به العديد من المشروعات الناجحة المشتركة وهو ما يجعلنا على استعداد دائم لمناقشة آليات العمل و سبل التعاون المستقبلي.
وأوضح الرئيس التنفيذي لترسانة IHC الهولندية أن الترسانة تتبني استراتيجيات عمل حديثة لبناء كراكات بتكنولوجيا جديدة تسمح لها بالعمل باستخدام الوقود التقليدي والوقود الأخضر بحيث يتم اختيار وقود التشغيل وفقا لاستراتيجيات التشغيل والمعايير المرتبطة بالتكلفة والإتاحة بما يحقق متطلبات العملاء ويواكب الإتجاهات الحديثة في الصناعة البحرية.