عربي21:
2024-09-20@05:38:53 GMT

ملهاة انتخابية بينما غزة تحترق

تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT

من سخريات السياسة المصرية أن النظام يشغل نفسه والمصريين معه بانتخابات هزلية هندسها على مقاسه، بينما النيران تمسك بملابسه من الحدود الشرقية، والمقصود هنا تلك الضربات الجديدة التي يوجهها جيش الاحتلال للآمنين في جنوب غزة وصولا إلى رفح الفلسطينية وحتى رفح المصرية (التي أصبحت وفقا لخرائط جيش الاحتلال أرض معارك)، مقررا غلق معبر رفح، ومنع دخول أي شاحنات إغاثة من خلاله استجابة لتعليمات إسرائيلية رغم أنه معبر مصري تماما لا سيادة لغير مصر عليه.



الانتخابات المقصودة هي الانتخابات الرئاسية التي انطلقت في السفارات والقنصليات المصرية في الخارج منذ الجمعة وتنتهي اليوم الأحد (3 كانون الأول/ ديسمبر 2023)، لتلحقها الانتخابات في الداخل بعد أسبوع، وهي عملية هزلية لا تحمل من الانتخابات إلا اسمها، ولا من صناديق الاقتراع إلا رسمها.

ملهاة بكل المقاييس تحاول إلهاء المصريين عن آلامهم المعيشية الداخلية مع التصاعد الجنوني للأسعار، والتراجع الكبير لقيمة الجنيه، والصعود الصاروخي للمديونيات الخارجية التي حل موعد سداد بعض أقساطها مع تعثر الحكومة في هذا السداد، وتحاول إلهاء المصريين عما يحدث على حدودهم الشرقية في قطاع غزة
هي ملهاة بكل المقاييس تحاول إلهاء المصريين عن آلامهم المعيشية الداخلية مع التصاعد الجنوني للأسعار، والتراجع الكبير لقيمة الجنيه، والصعود الصاروخي للمديونيات الخارجية التي حل موعد سداد بعض أقساطها مع تعثر الحكومة في هذا السداد، وتحاول إلهاء المصريين عما يحدث على حدودهم الشرقية في قطاع غزة الذي كان يوما تحت الإدارة المصرية (منذ العام 1949 وحتى هزيمة 1967)، ويرتبط الكثير من أهله بعلاقات مصاهرة مع المصريين.

المحاولة في الحالتين فاشلة إذ تظل الأوضاع المعيشية الصعبة هي الهم الأكبر للمصريين في الداخل، كما يظل العدوان على غزة هو الهم الأكبر لهم في الخارج، وهم يتسمرون أمام شاشات الفضائيات لمتابعة تطورات الحرب وكلمات وبيانات المتحدثين العسكريين، ويكثفون جهدهم لدعم غزة ومقاومتها من خلال حملات المقاطعة للشركات الداعمة للعدوان، ومن خلال حملات جمع التبرعات وتسيير قوافل الإغاثة التي لم تتمكن من الدخول إلا خلال فترة الهدنة المؤقتة.

أصوات كثيرة دعت النظام المصري لإلغاء تلك الانتخابات، ودعت المرشحين الشكليين للانسحاب، وتوفير مصروفات العملية الانتخابية فيما يفيد البلاد والعباد، والاكتفاء بتمديد فترة حكم السيسي، لكن النظام حريص على إكمال هذه الملهاة حتى النهاية، ليواصل محاولاته في إلهاء الشعب عن همومه الحقيقية، وليدعي حصوله على تفويض شعبي جديد للبقاء في مقعد الرئاسة الذي وصل إليه ابتداء على ظهر مدرعة وليس على ظهر الشعب.

هي انتخابات تثير السخرية لا الاهتمام، ستكون المقاطعة الواسعة هي سمتها الرئيسية رغم كل جهود الحشد والتعبئة ترغيبا وترهيبا، وسيتكرر فيها مظهر اللجان الخاوية إلا من بعض الموظفين والموظفات والعمال الذين تجبرهم جهات عملهم على المشاركة.

انتخابات تثير السخرية لا الاهتمام، ستكون المقاطعة الواسعة هي سمتها الرئيسية رغم كل جهود الحشد والتعبئة ترغيبا وترهيبا، وسيتكرر فيها مظهر اللجان الخاوية إلا من بعض الموظفين والموظفات والعمال الذين تجبرهم جهات عملهم على المشاركة
نحن أمام حاكم متغلب، تعهد بأنه لن يسمح لأي منافس حقيقي بالاقتراب من كرسي الرئاسة (مؤتمر حكاية وطن 19 كانون الثاني/ يناير 2018)، ونفذ تهديده بالفعل منذ انتخابات 2014 عبر إبعاده للمرشح المحتمل الفريق أحمد شفيق إلى الإمارات، ثم كرر هذا المسلك وبفظاظة في انتخابات 2018 مع شفيق نفسه مجددا، كما حبس الفريق سامي عنان، رئيس أركان الجيش الأسبق الذي أعلن اعتزامه الترشح أيضا، وتم حبس الضابط العقيد احمد قنصوة بسبب إبداء رغبته في الترشح، وبدلا من كل ذلك استعان في تلك الانتخابات بمرشح ديكوري من أنصاره، أعلن أنه سيمنح صوته للسيسي لأنه الأجدر بالموقع منه، كما سبق للسيسي أن أهان المرشح المنافس له في 2014، حمدين صباحي، بوضعه في المرتبة الثالثة بعد الأصوات الباطلة في نتيجة الانتخابات، رغم أن صباحي حصل على 4 ملايين صوت في انتخابات 2012 الحرة.

وفي هذه المرة رسم النظام حدود اللعبة، ومن يُسمح له بالمشاركة فيها، وحصة كل مرشح من الأصوات. وقد كشف موقع "عربي21" هذه الخطة مبكرا، وأكدت الأيام صدقها حتى الآن، حيث اقتصرت قائمة المرشحين على 3 شخصيات ضد السيسي شكلا، ولكنهم معه موضوعا، وجميعهم ينتمي لمعسكر 30 يونيو، مع عدم السماح أساسا لأي شخص من خارج هذا المعسكر بالترشح، بل تم استبعاد أحد المنتمين لمعسكر 30 يونيو، النائب أحمد طنطاوي، كونه جاء من خارج الإطار المتفق عليه، ولأنه بدا كمرشح جاد لا ينتظر دعم السلطة، أو رضاها، بل قدم نفسه كمنافس حقيقي للسيسي، ونجح في بناء حملة انتخابية غلب عليها الطابع الشبابي، وضمت عددا من الوجوه والرموز السياسية والنخبوية المتنوعة، وتمكنت من صناعة حالة سياسية افتقدتها مصر طيلة السنوات العشر الماضية، وتحركت لجمع توكيلات شعبية من مختلف المحافظات، ولكن السلطات حالت دون ذلك باستخدام أساليب غير قانونية، ولم تكتف بذلك بل أحالت طنطاوي وحملته إلى محاكمة جنائية بتهمة تزوير أوراق رسمية تمهيدا لإصدار حكم يحرمه من ممارسة العمل السياسي مستقبلا، وهو ما فعله نظام مبارك من قبل مع منافسه الشاب الدكتور أيمن نور في عام 2005.

حالة الاحتقان الشعبي تتصاعد في مصر لأسباب اقتصادية أساسا، وكان من الممكن أن تمثل الانتخابات فرصة للتغيير السلمي، أو حتى لخفض هذا الاحتقان لو توفرت نوايا مخلصة لذلك، ولو جرت وفق قواعد الشفافية والنزاهة الكافية، لكن إصرار النظام على استمرار احتكاره للسلطة عبر انتخابات هزلية جديدة هو صب للزيت على النار
رفض النظام السماح لمنافسين حقيقيين بخوض الانتخابات هو دليل ضعف وليس دليل قوة، فالحاكم القوي صاحب الإنجازات يحبذ المنافسة الشريفة، ليجدد شرعيته، لكن الحاكم الضعيف يخشى على نفسه من أي مرشح مغمور طالما ترشح من خارج الإطار المحدد، كما يخشى وجود رقابة حقيقية دولية، أو حتى محلية على الانتخابات، ويكتفي برقابة قضائية شكلية، أو حتى منظمات حقوقية هزلية. وهذا الحاكم الضعيف هو الذي منع المصريين من التظاهر دعما لأشقائهم في غزة خشية أن تنقلب ضده، وهو نفسه الذي سمح لسلطات الاحتلال الإسرائيلي أن تكون صاحبة الكلمة العليا في معبر رفح، وأن تمرغ هيبة مصر بالتراب، بينما هي ذات السلطات الإسرائيلية -وفي ظل حكم نتنياهو نفسه- التي خشت مواجهة مصر في 2012 حين هددها الرئيس مرسي -رحمه الله- أنه لن يترك غزة وحدها، وحين أرسل رئيس وزرائه إلى غزة تحت القصف فأوقفه، وفتح معبر رفح للمساعدات طيلة الوقت دونما انتظار لإذن إسرائيلي أو أمريكي.

حالة الاحتقان الشعبي تتصاعد في مصر لأسباب اقتصادية أساسا، وكان من الممكن أن تمثل الانتخابات فرصة للتغيير السلمي، أو حتى لخفض هذا الاحتقان لو توفرت نوايا مخلصة لذلك، ولو جرت وفق قواعد الشفافية والنزاهة الكافية، لكن إصرار النظام على استمرار احتكاره للسلطة عبر انتخابات هزلية جديدة هو صب للزيت على النار، والتي حين تشتعل فإنها ستحرق أولا من أشعلها

twitter.com/kotbelaraby

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المصرية غزة الانتخابات السيسي مصر السيسي غزة انتخابات أزمات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة رياضة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أو حتى

إقرأ أيضاً:

هل نجاة دونالد ترامب من محاولتي اغتيال حجة انتخابية جيدة؟

تزاديت الأقاويل والتساؤلات حول مدى تأثر شعبية الرئيس الأمريكي السابق ومرشح الحزب الجمهوري للانتخابات المرتقبة بعد تعرضه لمحاولتي اغتيال خلال حملته الانتخابية الجارية.

وقالت صحيفة "لوبوان" الفرنسية في تقرير ترجمته "عربي21": إنه "منذ بداية الحملة، لم يتوقف دونالد ترامب في مقابلاته ورسائله على الإنترنت وحتى لقاءاته، عن التبشير بالانتقام البغيض من جو بايدن ثم كامالا هاريس، خصميه المتعاقبين اللذين أصبحا أعداءه. وكلاهما متهمان بسرقة الانتخابات الرئاسية لسنة 2020 منه".

وأضافت الصحيفة أن "الأخطر من ذلك، ربما للمرة الأولى منذ الحرب الأهلية الأمريكية، أن يرى المواطنون الأميركيون أن الشخص الذي يطمح إلى أعلى منصب في بلادهم يشكك في الديمقراطية، من خلال الإشارة أولا إلى أنه، في اليوم الأول من ولايته على الأقل، لن يمتنع عن التصرف مثل الديكتاتور".


وبين أنه "من خلال التهديد بأشد العقوبات على كل من انتقد رفضه العنيد لقبول هزيمته في 2020، سيتم طرد أكثر الموظفين تواضعا من الإدارة دون مزيد من اللغط. أما الآخرون، فهم كل الذين خانوه الذين سيتم تقديمهم إلى المحاكم".

"حمام دم"
وبينت الصحيفة أن "ترامب اتهم مؤخرًا الديمقراطيين بتنظيم انقلاب حقيقي من خلال حرمانه من الخصم الذي كان يعلم أنه كان في متناول يده بسهولة (جو بايدن) ليحل محله. على منصة "تروث سوشيال" الخاصة به، كان تهديده الأخير يوم السبت ضد بايدن وهاريس بالتوعّد بـ "عقوبات سجن طويلة مقابل خداعهما وغشهما".

 وقد سبق هذه الهجمات الشخصية وغير المسبوقة في دولة ديمقراطية ضد المنافسين السياسيين تحذير أكثر عالمية وأكثر فظاعة، صدر قبل سنة، خلال اجتماع في دوبوك بولاية أيوا: لأنه في حالة حدوث ذلك، وهو أمر غير محتمل بالنسبة له، يمكن أن يحدث "حمام دم".

وأوردت الصحيفة أنه منذ أن كان في الحملة الانتخابية، مدفوعا بروح الانتقام المجنونة، لم يتردد دونالد ترامب أبدا في تأجيج التوترات السياسية، الموجودة بالفعل. وحتى لو كان مناخ التوتر الذي خلقه على هذا النحو غير منفصل عما حدث للتو مرة أخرى، فمن الواضح أن أيا من تجاوزاته لا تبرر محاولتي الاغتيال اللتين نجا منهما في أقل من شهرين، حيث تعد العملية الأولى الأكثر إثارة للقلق لأن الرصاصة أوشكت على إصابته في رأسه.


وبفضل يقظة ضباط الشرطة المسؤولين عن حمايته، تم إحباط التهديد الثاني بمحاولة اغتيال الرئيس السابق، لحسن الحظ، حتى قبل أن يتمكن مطلق النار من استخدام سلاحه. بعد ظهر يوم الأحد 15 أيلول/ سبتمبر، بينما كان دونالد ترامب يلعب جولة غولف في الملعب الخاص به في ويست بالم بيتش، رصد أحدُ ضباط الخدمة السرية الذي كان يقوم بمسحٍ أمنيٍّ على بُعد بضعة ثقوب أمامه، فوهةَ بندقية في أحد البساتين القريبة من الملعب. ودون تردد، أطلق النار في اتجاه التهديد المحتمل.

وأدى ذلك إلى فرار المشتبه به بسيارة نيسان سوداء، قبل أن يتمكن من إطلاق رصاصة واحدة. ولحسن الحظ، رأى أحد المارة، الذي سمع طلقات ضابط الشرطة، الهارب وكان حاضرا لالتقاط صورة لسيارته. مما جعل من الممكن إيقافه على بعد 45 ميلا.

مناخ غير ملائم
أبرزت الصحيفة أن مطلق النار المشتبه به يدعى رايان ويسلي روث، ويبلغ من العمر 58 سنة، وقد وُصف بشخصيته الغريبة على أقل تقدير. كعامل في مجال البناء، تصدر عناوين الصحف لأول مرة في سنة 2002، في جرينسبورو بولاية نورث كارولينا، بسبب تحصين نفسه بسلاح نصف آلي لأسباب لا تزال غامضة، دون عواقب جنائية خطيرة بالنسبة له.

ثم في سنة 2023، ظهر مرة أخرى في كييف، حيث ادعى أنه جمع "فرقة من المرتزقة الأفغان، واللاجئين السياسيين، للقتال إلى جانب الأوكرانيين ضد المعتدين الروس..." ويبدو أنه صوت لصالح ترامب في سنة 2016 ولبايدن في سنة 2020.


من الواضح أن الجمهوريين سيتذكرون من هذه المحاولة الثانية التي أفلت منها بطلهم أن الحظ معه وأنه سيكون من العار تفويت فرصة أن يكون على رأس البلاد رجل مثله. ومن جانبهم، لن يفشل الديمقراطيون في استخراج السيرة الذاتية لمطلق النار ــ الذي لا يزال مفترضا ــ والتي تشير إلى أنه كان بلا شك مضطربا عقليا بعض الشيء. وهو ما يؤكد مرة أخرى الخطر الذي يمكن أن يتمثل في المقام الأول في الحفاظ على مناخ غير ملائم، كما حدث لترامب.

لكن هذه المأساة التي تم تجنبها لم تمنع دونالد ترامب من السعي للاستفادة منها باتهام خصومه بالأعمال الشائنة التي طالته. وأعلن دون أن يرف له جفن أن "خطاب خصومي هو الذي يتسبب في استهدافي وإطلاق النار علي".

مقالات مشابهة

  • حلمي الأسمر يكتب .. وهم الإصلاح في الأردن وغيره
  • مصطفى بكري: فوز الإخوان في انتخابات البرلمان الأردنية ليس له تأثير (فيديو)
  • بين التضييق والإقصاء.. حملة انتخابات رئاسية باهتة في تونس
  • أسواق الذهب في الإمارات تشهد تراجعًا ملحوظًا بينما يشهد السوق المصري استقرارًا تامًا
  • هل نجاة دونالد ترامب من محاولتي اغتيال حجة انتخابية جيدة؟
  • ما بعد الانتخابات
  • مستوطنة كريات شمونة تحترق بصواريخ حزب الله
  • تقرير دولي يحذر من ضعف الديمقراطية في أوروبا
  • مناظرة انتخابية في البرازيل تنتهي بـالكراسي (فيديو)
  • لماذا لن تغير محاولة اغتيال ترامب الثانية مسار الانتخابات؟