وهم النجاح.. كيف تتجنب الوقوع في فخه؟
تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT
عمان- هل سبق أن وجدت نفسك تطارد النجاح باستمرار ثم تشعر وكأنك لا تصل إليه؟! إنها تجربة شائعة، ومن السهل جدا الوقوع تحت وطأة الضغوط لتحقيق النجاح.
ولكن، ماذا عن وهم النجاح؟ عندما يدخل الفرد في مرحلة السكون، ويضع نفسه في إطار من المبالغة في تقدير ذاته ومهاراته، مقترنا بتجاهل أخطائه وتكرارها واعتقاده بأن النجاحات السابقة هي مؤشر لنجاحات قادمة.
أو عندما يصنِّف الفرد جميع نجاحاته بأنها "وهم"، ويبنيها على شكه في قدراته وإمكاناته وكأنه ينتحل شخصية أخرى؛ فيدخل الخوف إلى نفسه ويلازمه.
هناك أشخاص يعتقدون أنهم ناجحون رغم عدم صحة ذلك (بيكسلز) وهم النجاح.. ما أثره؟يقول المختص بالطب النفسي الدكتور أحمد الشلبي: هناك الكثير من الأشخاص الذين يعتقدون أنهم ناجحون رغم عدم صحة ذلك.
ويرجع ذلك إلى كثير من الأسباب، فالنجاح هو تحقيق ما نصبو إليه بطريقة مرضية أو الوصول إلى الهدف المرجو، ولكن هناك من يتوهم ذلك بسبب المبالغة في تقديره لذاته، ويطالب الآخرين بتعظيمه وتقديره، ويتمتع بالتكبر عليهم واستغلالهم واستغلال إنجازاتهم ونسبها لنفسه.
كما أنه غالبا ما يتكلم فقط عن نفسه وإنجازاته، ويكثر من استخدام كلمة "أنا"، وغالبا ما يشعر المقربون منه -دون أن يشعروا- بعدم الأمان بسبب سمّية علاقته بهم، ومثال على ذلك الشخصية النرجسية، وفقا لحديث الشلبي للجزيرة نت.
ويتابع: تظهر هذه الأعراض عند وصول الشخص لمرحلة الزهو، وسرعان ما تذهب عند التزامه بالعلاج المناسب.
الدكتور أحمد الشلبي: هناك العديد من الأشخاص الناجحين في حياتهم ولكنهم لا يشعرون بذلك (الجزيرة) هل تستحق النجاح؟ويقول الشلبي: على الجانب الآخر، فإن هناك العديد من الأشخاص الناجحين في حياتهم ولكنهم لا يشعرون بذلك، ويعتقدون أنهم موهومون بالنجاح، أو لا يستحقون النجاح الذي وصلوا إليه، وغالبا ما ينسبون أسباب النجاح إلى عوامل خارجية أو أنها محض "حظ" أو "صدفة".
وهؤلاء تكون ثقتهم بأنفسهم معدومة وفق الشلبي، مما يولد في داخلهم الشعور بالقلق المستمر والاكتئاب كونهم يفشلون دائما في إرضاء الذات.
ويوضح: "للأسف في حال وجود أشخاص نرجسيين في حياتهم، فإنهم يكونون فريسة مثالية لهم ويتم استغلالهم واستغلال إنجازاتهم على أكمل وجه، وتُعرف هذه الظاهرة باسم متلازمة المحتال، كونهم يعتقدون أنهم ينتحلون شخصية الناجح دون استحقاق".
المديح والثناء غير العلمي المتكرر لأطفالنا يقودهم إلى الاعتقاد بأنهم مركز الكون (بيكسلز) التنشئة الاجتماعية.. كيف تؤثر؟من جانبه يقول المتخصص في علم الاجتماع الدكتور حسين محادين: تؤثر نوعية التنشئة الاجتماعية التي يتشربها الفرد ضمن أول مؤسسة للتنشئة وهي الأسرة، على تحديد وتوجه موقف الأفراد من أنفسهم ومن الآخرين لاحقا.
ويتابع في حديث للجزيرة نت، أنه غالبا ما تؤثر عملية التعزيز المبالغ فيها إضافة إلى العناية الزائدة من قِبل الأبوين تحديدا في مرحلة الطفولة، على السمات الشخصية للأفراد من الجنسين.. فكيل المديح والثناء غير العلمي المتكرر دون حاجة حقيقية لأطفالنا، إنما يقودهم إلى الإصابة بصفة "التذويت"، وهي اعتقاد الأبناء خطأ أنهم مركز الكون دون غيرهم ممن يحيط بهم.
الدكتور حسين محادين: الشخص الواهم بتراكم النجاحات أكثر عُرضة للانسحاب من الحياة العامة (الجزيرة)ويشرح محادين أن تلك المبالغة تجعل منهم أفرادا قليلي المرونة في تقبل الآخرين من جهة، ومن جهة ثانية يرون أن كل ما يقومون به نجاح على الدوام، وبالتالي تتورم ذواتهم، إضافة لعدم تمتعهم بالمرونة الذهنية والسلوكية المتداخلة بين الوهم الدائم بالنجاح. وبالتالي مجافاتهم لكل من يسعى إلى تقويم سلوكياتهم، وغالبا ما تتجلى صفات الوهم بالنجاح في الآباء الوحيدين ضمن أسرهم، وفق محادين.
ولعل أخطر ما ينجم عن أنواع التنشئة غير المتوازنة للأبناء من الجنسين -وفقا لمحادين- تصاعد أعداد الصدمات التي يتلقونها عندما يغادرون حدود أسرهم نحو رحابة الحياة، وتنوع المهارات الضرورية لهؤلاء الأفراد كي يتكيفوا مع الآخرين؛ بالمعنى السويّ للنمو النفسي الاجتماعي العام في المدارس والجامعات، وأماكن العمل لاحقا.
ويختم محادين بالقول: إن "الشخص الواهم بتراكم النجاحات كحالة دائمة أكثر عُرضة للنكوص أو الانسحاب من الحياة العامة، ولديه نزوع نحو الفردانية، وضعف قدراته على التأثير، وعدم التقبل له من قِبل الآخرين، لا سيما أقرب الناس له كالإخوة والأخوات، والأزواج والزوجات، وغيرهم".
بدلا من انتظار النجاح الكبير احتفِل بالانتصارات الصغيرة (بيكسلز) كيف تنجو من هذا الفخ؟لتجنب الوقوع في فخ وهم النجاح، من المهم تنمية منظور صحي ومتوازن إزاء ما يعنيه النجاح بالنسبة لنا، وفيما يلي بعض النصائح التي تساعد في تحقيق ذلك وفق موقع "ميديوم":
حدد النجاح وفقا لشروطك الخاصة: خذ بعض الوقت للتفكير في ما يهمك حقا، وما تريد تحقيقه في الحياة. اكتب أهدافك وتطلعاتك وتأكد من أنها تتماشى مع قيمك وشغفك. احتفل بالانتصارات الصغيرة: بدلا من انتظار النجاح الكبير، احتفل بالانتصارات الصغيرة، اعترف بتقدمك وإنجازاتك، وكن فخورا بنفسك على الجهد الذي بذلته. ركز على العملية وليس النتيجة فقط: بدلا من التركيز على النتيجة النهائية، ركز على عملية تحقيق أهدافك، استمتع بتجربة التعلم، وتقبل التحديات والنكسات كفرص للنمو، تذكر أن النجاح لا يقتصر فقط على الوصول إلى خط النهاية. كن لطيفا مع نفسك والآخرين: لا تقارن رحلتك مع الآخرين، ولا تحكم على نفسك أو الآخرين بناء على مقاييس خارجية للنجاح، تذكر أن كل شخص لديه طريقه الخاص وتعريفه الخاص للنجاح، كن لطيفا مع نفسك ومع الآخرين لتحقق أهدافك.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دون أن
إقرأ أيضاً:
انتخابات البلديات في ليبيا: إحراج للنخب السياسية وإثبات للقدرة على النجاح
ليبيا – سلط تقرير تحليلي نشرته مجلة “ميدل إيست مونيتور” البريطانية الضوء على الدروس المستفادة من نجاح ليبيا في تنظيم انتخابات بلدية في 58 بلدية، واصفًا يوم الـ16 من نوفمبر بـ”اليوم المهم”، مشيرًا إلى أنه كشف تناقضات ونفاق نخبة سياسية فاسدة تعيق المسار الديمقراطي.
وأكد التقرير، الذي تابعته وترجمت أبرز ما جاء فيه صحيفة المرصد، أن مفوضية الانتخابات أثبتت قدرتها على تنظيم استحقاقات ناجحة إذا ما تُركت لتعمل دون تدخل سياسي وحصلت على الدعم اللازم. ووصف التقرير أداء المفوضية في الانتخابات البلدية بالمثير للإعجاب، خاصة في ظل الانقسامات السياسية والنقص في الموارد.
دروس مستفادة من التجربة: إثبات القدرة على النجاح رغم الصعوبات:يرى التقرير أن تنظيم الانتخابات البلدية بنجاح يطرح تساؤلًا كبيرًا حول عدم المضي قدمًا في إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، مشيرًا إلى أن العوائق الحقيقية لهذه الانتخابات ليست فنية أو لوجستية بل سياسية بحتة. إحراج النخب السياسية:
يصف التقرير هذه الانتخابات بـ”الإحراج الكبير” لنخب سياسية متمسكة بالسلطة. وأكد أن تأجيل الانتخابات التشريعية والرئاسية في عام 2021 كان مجرد مناورة من حكام يخشون فقدان امتيازاتهم وسلطتهم. إمكانية تنظيم الانتخابات رغم الانقسامات:
أظهر نجاح الانتخابات البلدية أن ليبيا تمتلك الإمكانات البشرية والفنية لتنظيم انتخابات ناجحة حتى في ظل الانقسامات القبلية والإقليمية. تساؤلات حول الانتخابات الوطنية:
تساءل التقرير عن استعداد النخبة السياسية الحاكمة للسماح بإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، خاصة بعد أن أثبتت الانتخابات البلدية أن العقبات السياسية المصطنعة هي المانع الأساسي أمام إرادة الليبيين. كما لفت إلى دور قوى أجنبية في تعطيل المسار الانتخابي، مُرجحًا تكرار هذا التدخل في حال شعرت هذه القوى أو النخب المحلية بتهديد مصالحها.
ترجمة المرصد – خاص