لا تزال أصداء "طوفان الأقصى" تتردد بقوة داخل المجتمع الإسرائيلي، فيما يبدو أن أيام الهدنة استطاعت لفت الانتباه إلى الآثار النفسية التي خلّفها هجوم المقاومة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وما أعقبه من عدوان إسرائيلي على قطاع غزة في الداخل الإسرائيلي، الذي يبدو أنه يعاني من "أزمة نفسية عميقة" لن يكون من السهل تجاوزها.

في هذا السياق، نشرت صحيفة "هآرتس" (1) تقريرا عن مشاهد إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين خلال صفقة التبادل بين المقاومة الفلسطينية ودولة الاحتلال الإسرائيلي، واصفة إياها بـ"التعذيب النفسي الضروري". وأوضحت الصحيفة أن إسرائيل باتت تنقسم كل مساء بين أولئك الذين يقضون المساء يبكون على الأريكة بينما يشاهدون إطلاق شريحة يومية من الأسرى من غزة (لأن أسيرهم المُنتظَر لم يكن منهم)، وآخرين يواسون هؤلاء، قبل أن تتبدل الأدوار في المساء التالي.

بدورها، ذكرت (2) مؤسسة "مكابي للخدمات الصحية" (Maccabi health maintenance organization) أن عدد وصفات المهدئات الطبية والأدوية النفسية الخاصة بعلاج الاكتئاب ومضادات القلق والصدمات ارتفع بنسبة 20% خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول 2023 مقارنة بالشهر الذي يسبقه، فيما صرحت كبيرة أطباء الأمراض النفسية في المؤسسة ذاتها أنه "ليس كل مَن يزور الطبيب سيغادر بالضرورة بوصفة طبية، هناك أولئك الذين يكفيهم مكالمة طمأنينة أو إحالة للعلاج عبر الهاتف، وهناك أيضا أولئك الذين سيُوجَّهون لاستخدام المهدئات الطبيعية"، الأمر الذي يعني أن العدد الفعلي لمَن يمرون بأزمة نفسية في المجتمع الإسرائيلي يفوق كثيرا تلك النسبة المعلنة.

في السياق ذاته أعلنت مؤسسة "كلاليت" (Clalit health services)، وهي أكبر مؤسسة خدمات صحية في دولة الاحتلال وتختص بمعالجة أكثر من نصف الإسرائيليين، أن عدد الوصفات الطبية النفسية ارتفع بنسبة 11% خلال أكتوبر/تشرين الأول 2023، وقالت المؤسسة إن الزيادة تظهر أوضح ما يكون في مضادات الاكتئاب والهلع والقلق، مثل أدوية: سيتالوبرام وسرترالين وفلوكسيتين، وهي الأدوية المنتمية إلى عائلة "مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية" (SSRI)، فضلا عن أدوية من مجموعة البنزوديازيبين مثل: ألبرازولام وكلونازيبام.

 

عقدة التفوق.. حين ارتدت خرافة الاحتلال بنتائج عكسية نجح هجوم المقاومة الفلسطينية في كشف الغطاء عن وهم التفوق الإسرائيلي على الشرق العربي، وأزال ما كانت تتشدق به من تصديرها مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان واتفاقات السلام. (الفرنسية)

أحد الافتراضات التي ربما تُلقي الضوء على ما يتعرض له الداخل الإسرائيلي من صدمة نفسية هي نظرية "عقدة التفوق" (Superiority complex)، التي صاغها عالم النفس النمساوي "ألفرد أدلر" في كتابه "فهم الطبيعة البشرية" (Understanding human nature). ويشير "أدلر" إلى عقدة التفوق باعتبارها سلوكا يعتقد خلاله الشخص تفوقه على الآخرين، وغالبا ما يكون لدى الأشخاص الذين يعانون من تلك العقدة مواقف متفاخرة واستعلائية تجاه محيطهم. ويوضح "أدلر" أن تلك العقدة في الحقيقة تُعد آلية دفاع ضد مشاعر النقص والشعور بتدني الذات، إذ يرى ارتباطا وثيقا بين عقدة التفوق وعقدة النقص، وأن الشخص الذي يتصرف بشكل يوحي بالتفوق على الآخرين ويعتبرهم أقل جدارة يحاول بالأساس التكتم على شعوره بالنقص.

فرضية "أدلر" تنطبق بشكل كبير على الجماعات -ومنها الكيان الصهيوني- كما تنطبق على الأفراد، إذ تنبع عقدة التفوق لدى الإسرائيليين من شعارات ومفردات لاهوتية مثل "شعب الله المختار" و"أرض الميعاد" (3)، وتتسق مع ادعاءات دولة الاحتلال الحالية المتعلقة بتفوقها في المجالات كافة على دول الجوار، وتقديم ذاتها باعتبارها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، فيما يقبع في الذاكرة اليهودية تاريخ طويل من الشعور بالاضطهاد وأحاديث الشتات، وهي الأمور التي تروجها الآلة الإعلامية الصهيونية في سبيل اكتساب التعاطف والدعم الغربي، إلا أنها كذلك كفيلة بتوليد أحاسيس الدونية والنقص في لا وعي الأفراد.

يشير المستشار النفسي "مايكل شراينر" (4) إلى أن المعرفة تُعَدُّ شيئا خطيرا بالنسبة لأولئك المصابين بعقدة التفوق، لأنها تسمح بتسلل مشاعر الدونية إلى الوعي الجمعي. وبالإمكان النظر إلى يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول باعتباره نوعا إجباريا من المعرفة لإسرائيل، إذ نجح هجوم المقاومة الفلسطينية في كشف الغطاء عن وهم التفوق الإسرائيلي على الشرق العربي (5)، وأزال ما كانت تتشدق به من تصديرها مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان واتفاقات السلام وقواعد الحرب، مثلما أصاب الداخل الإسرائيلي بحالة ذعر وفقدان اطمئنان، تجلَّت في استدعاء وسائل الإعلام الإسرائيلية نبوءة العقد الثامن (6) التي تتنبأ بزوال الدولة العبرية، مما يشير إلى مدى التشاؤم والقلق الذي أصاب الداخل المحتل.

يعكس هذا التشاؤم الجمعي بوضوح تدهور الحالة النفسية على مستوى الأفراد، الأمر الذي تؤكده بيانات مؤسسة "ناتال" (Natal) الإسرائيلية المتخصصة في مجال علاج الصدمات النفسية (7)، إذ أفادت عالمة الاجتماع "نيرا كابلانسكي"، المشرفة على الخط الساخن في المؤسسة، أن المكالمات التي تطلب الدعم النفسي زادت من 25 مكالمة يوميا إلى نحو 1200 في اليوم، كما اضطرت المؤسسة إلى تدريب المزيد من المتطوعين لاستيعاب الكم الهائل من الاستشارات النفسية التي ترد عبر الإنترنت.

 

شعب محروث لبذور الخوف يسلط الخوف الدائم لدى اليهود من "الإبادة الجماعية" الضوء على الكيفية التي تنظر بها إسرائيل إلى العالم، وكيف ترد على التهديد وتُفضِّل الحلول العنيفة مثلما نرى في عدوانها الوحشي على قطاع غزة. (الفرنسية)

"العالم لديه العديد من الصور لإسرائيل، لكن إسرائيل لديها صورة واحدة فقط لنفسها: صورة شعب في طريقه إلى الزوال".

الفيلسوف اليهودي شمعون رافيدوفيتش

الصورة التشاؤمية في استدعاء نبوءة الزوال تُعَدُّ جزءا من مشاعر الخوف المتجذرة داخل المجتمع الإسرائيلي، فيما يسلط الخوف الدائم لدى اليهود من "الإبادة الجماعية" الضوء على الكيفية التي تنظر بها إسرائيل إلى العالم، وكيف ترد على التهديد وتُفضِّل الحلول العنيفة (8) مثلما نرى في عدوانها الوحشي على قطاع غزة. ويطرح الأكاديمي الإسرائيلي "دانيال بار تال" (9) تساؤلا عن سبب تفوق الخوف على الأمل داخل المجتمع الإسرائيلي، ويرى "تال" أن عاطفة الخوف مستمدة غالبا من الماضي المحفوظ "في إشارة إلى المنابع التوراتية وروايات الاضطهاد"، الأمر الذي يؤدي إلى ما يُعرِّفه بـ"العدوان الوقائي، وهو الشيء الذي يقوم به الاحتلال بين الفينة والأخرى حين يقصف الفلسطينيين". ويشير "تال" إلى أن الأمل في المقابل يتطلب نشاطا معرفيا وأفكارا جديدة، وهو الأمر الذي يعوقه التدخل التلقائي وغير الواعي للخوف، لأن الروابط من النظام العاطفي (حيث يتمركز الخوف) إلى النظام المعرفي أقوى من تلك الموجودة في الاتجاه المعاكس.

ويتطرق "تال" إلى نقطة مثيرة للاهتمام في الأدب الإسرائيلي الذي حوّل الإنسان العربي إلى كابوس شرير، مما يسمح للقارئ أن يُسقط عليه مخاوفه ورعبه. والأدهى أن حضور الفرد العربي أيضا في كتب الأطفال منذ الخمسينيات إلى أوائل الثمانينيات في القرن الماضي، وفق رؤية "تال"، اتسم بتجريده من إنسانيته واعتباره كيانا يُمثِّل تهديدا، الأمر الذي يكشف عن منهجية غرس الخوف بشكل مبكر لدى الصغار، وفيما بعد يظل الخوف ذاته ملازما هؤلاء الصغار في مراحلهم العمرية المختلفة من خلال وسائل الإعلام. ويوجه "تال" اتهاما إلى الصحافة الإسرائيلية، إذ يرى أنها ساهمت في تطور الخوف الجماعي وانتشار عقلية الحصار من خلال الإشارة بشكل متكرر إلى عالم مُعادٍ للسامية ولإسرائيل. ومن خلال سياق التخويف المستشري هذا يمكن أن نفهم أسباب الهشاشة النفسية الملحوظة التي تضرب الداخل الإسرائيلي منذ بدء "طوفان الأقصى".

 

فلسطين والمرونة النفسية.. دعوة للتأمل دون مبالغة تحضر روح الترابط بقوة في السياق الفلسطيني، حيث أصبح التعرض للعنف المزمن تجربة مشتركة، مما ساهم في تبادل الدعم بين الفلسطينيين (شترستوك)

على الجانب الآخر، يحضر الصمود النفسي الفلسطيني بشكل مثير للدهشة منذ نكبة 1948، وتؤكد ورقة بحثية بعنوان "البيئة الاجتماعية للمرونة والصمود لدى الفلسطينيين" (10) أن الصمود فكرة فلسطينية متشابكة على المستويين الشخصي والجماعي، وهي تشير إلى طرق البقاء على قيد الحياة في سياق الاحتلال والمحن المزمنة ونقص الموارد ومحدودية البنية التحتية. ويلفت البحث الانتباه إلى أن جذور المرونة النفسية في التاريخ العربي تبدأ من سيرة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- باعتباره القدوة في المرونة النفسية، فيما تأسست الفكرة بشكل واعٍ عبر آراء العالم العربي "أبي زيد البلخي" في القرن العاشر الميلادي، من خلال كتابه "مصالح الأبدان والأنفس". ويُعَدُّ "البلخي" أول مَن تكلم في مفاهيم الصحة العقلية والسلامة النفسية في علم النفس الإسلامي، واقترح إستراتيجيات للتعامل مع محن الحياة. أما في العصر الحديث، تجدر الإشارة إلى تركيز منظمة التحرير الفلسطينية عام 1978 على فكرة الصمود من أجل منع سياسة الاقتلاع التي يمارسها الاحتلال، مما انعكس على حضور الصمود بوصفه مفهوما وإستراتيجية وطنية أساسية لدى الفلسطينيين.

وترصد دراسة أخرى نُشرت عام 2006 (11) أهمية الرؤية الروحانية وارتباطها بتعزيز المرونة النفسية لدى الشباب الفلسطيني، إذ أكدت عينة من 114 شابا وشابة من الفلسطينيين، تراوحت أعمارهم بين 16-21 عاما، أن المعتقدات الدينية تُمثِّل مصدر قوة بالنسبة إليهم، كما أوضح الشباب أن تجاربهم في مواجهة الشدائد شكَّلت صمودهم. وتذكر الدراسة أن هؤلاء الشباب كانوا مختلفين بشكل كبير عن الشباب الآخرين الذين شملتهم الدراسة، حيث إنهم لم يستخدموا ضمير "أنا"، بل أشاروا إلى المجتمع بأكمله عندما أشاروا إلى هويتهم باستخدام عبارة "نحن فلسطينيون".

وتؤكد "ريتا جقمان"، أستاذة الصحة العامة في معهد الصحة المجتمعية والعامة في جامعة بيرزيت (12)، أن روح الترابط هذه تحضر بقوة في السياق الفلسطيني، وتفسر ذلك الأمر بأن التعرض للعنف المزمن تجربة مشتركة، ما ساهم في تبادل الدعم بين الفلسطينيين، وهو ما يمنح الناس شعور التعافي. وتقول "جقمان" إن أهل فلسطين ليسوا معزولين أو متناثرين، فالصغار والكبار على حدٍّ سواء محاطون بشبكات من العلاقات الداعمة مع الأسر والجيران، التي تساعد أيضا في الوصول إلى مجموعة من الموارد تجعلهم قادرين على تحمل الانتهاكات ومقاومتها وإعادة تشكيل الحياة اليومية، وهي سِمَة أخرى للقدرة على التحمل والمقاومة. غير أن "جقمان" تلفت الانتباه إلى نقطة محورية، وتقول إن المبالغة في تقدير صمود الفلسطينيين يُستخدم أحيانا وسيلةً لتجنب الاعتراف بالظلم الفادح الذي يقع عليهم. فإذا ما كانت المرونة النفسية والصمود فكرة فلسطينية متميزة للغاية، وتُمثِّل طريقا من أجل البقاء والازدهار في الوطن رغم المشقة وفي ظل ممارسات الاحتلال (13)، فلا يجب الارتكان إليها وتناسي الحاجة إلى حل عادل بدعم إنساني ودولي.

—————————————————————–

المصادر:

1) صحيفة هآرتس، 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 "For Israelis, the Hamas hostage release are necessary nightly psychological torture”

2) صحيفة هآرتس، 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 "Use of Anti-anxiety Medicine Soars in Israel Amid War With Hamas in Gaza Strip"

3) An analysis of Israeli mentality, new age, Nov. 2023.

4) Feelings Of Superiority and Neurosis, Maichael schreiner, evolution counseling, Aug. 2015.

5) "طوفان" يكشف كذبة إسرائيل الخارقة والغرب الديمقراطي، مركز الدراسات الفلسطينية، 28 أكتوبر /تشرين أول 2023.

6) لعنة العقد الثامن والنبوءات.. هل نحن على مشارف زوال إسرائيل؟، موقع الجزيرة، نوفمبر/تشرين الثاني 2023.

7) The Middle East crisis is stirring up a ‘tsunami’ of mental health woes, NPR, 25 Oct. 2023.

8) An ever-dying people: The existential underpinnings of Israelis’ perceptions of war and conflict, 2010.

9) Why Does Fear Override Hope in Societies Engulfed by Intractable Conflict, as It Does in the Israeli Society, Daniel Bar-Tal.

10) Social ecology of resilience and Sumud of Palestinians, Mohammad Marie, Ben Hannigan and Aled Jones, Jan 2018.

11) Resilience across Cultures, Michael Ungar, Feb. 2008.

12) Reflections on the meaning of ‘resilience’ in the Palestinian context, Rita Giacaman, 2020.

13) Teeffelen T, Bitar H, Al-Habash S (2005) Resilience in the Palestinian occupied territories

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المجتمع الإسرائیلی أکتوبر تشرین الأول الداخل الإسرائیلی الأمر الذی نفسیة فی من خلال

إقرأ أيضاً:

نتانياهو يدفع إسرائيل إلى حافة أزمة دستورية

على مدار 18 شهراً، انشغلت إسرائيل بمعارك مع خصومها الخارجيين، لكن انقساماتها الداخلية عادت إلى الواجهة بعد أن استأنفت حكومة بنيامين نتانياهو هجومها على ركائز الدولة، ما دفع البلاد إلى حافة أزمة دستورية، كما أوردت صحيفة "فايننشال تايمز".

تحرك نتانياهو وحلفاؤه لإقالة أكبر مسؤول قانوني في البلاد، وأقروا قانوناً يمنح السياسيين السيطرة على تعيينات المحكمة العليا، كما مضوا قدماً في خطط لاستبدال رئيس جهاز المخابرات الداخلية في إسرائيل، على الرغم من أمر المحكمة العليا بتجميد إقالته.

Benjamin Netanyahu pushes Israel to brink of constitutional crisishttps://t.co/7e4acfP6mO

— Shehzad Younis شہزاد یونس (@shehzadyounis) April 1, 2025 إضرابات ومخاوف

أثارت هذه التحركات تهديدات بالإضراب من قبل النقابات والجماعات التجارية، وأشعلت موجة من الاحتجاجات المناهضة للحكومة بين الإسرائيليين الغاضبين بالفعل من إنهاء نتانياهو وقف إطلاق النار مع حماس من دون إعادة 59 رهينة ما زالوا محتجزين في غزة.

كما زادت هذه الإجراءات من المخاوف من احتمال تحدي الحكومة للمحكمة العليا إذا قررت في النهاية منع إقالة رونين بار، رئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك). وسيؤدي ذلك إلى إدخال البلاد في منطقة مجهولة وطرح تساؤلات جدية حول مستقبل مؤسساتها الديمقراطية.

وقالت نوا ساتاث، رئيسة جمعية الحقوق المدنية في إسرائيل، التي رفعت طعناً ضد مشروع قانون تعيين القضاة: "يبدو أن النظام يترنح". وأضافت: "إذا وصلنا إلى النقطة التي تتحدى فيها الحكومة المحكمة العليا بشكل صريح، فسيكون ذلك لحظة فارقة للغاية".

Israeli Prime Minister Benjamin Netanyahu announced a delay in his judicial overhaul plan Monday, saying he wanted “to avoid civil war" after two days of massive protests.

Here's what you need to know. https://t.co/ovrzoYOVFJ pic.twitter.com/Zdj1vp1Ct6

— The Associated Press (@AP) March 28, 2023 بداية الصدام مع القضاء

بدأت المواجهة بين الحكومة اليمينية المتطرفة والنظام القانوني للبلاد بجدية عندما عاد نتانياهو إلى السلطة في عام 2022 وأطلق حملة مثيرة للجدل لإضعاف القضاء، مما أثار أكبر موجة احتجاجات في تاريخ إسرائيل.

تم تعليق الصراع بعد هجوم حماس المفاجئ في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لكنه اشتعل مجدداً الشهر الماضي بعد سلسلة من الخطوات الدراماتيكية.

أولاً، صوتت الحكومة على إقالة رونين بار. ثم بدأت في التحرك لإقالة المدعية العامة غالي بهراف-ميارا. وأخيراً، صوت البرلمان لصالح تعديل يسمح للسياسيين وحدهم، بدلاً من القضاة والسياسيين معاً، بتحديد تعيينات المحكمة العليا.

دافع نتانياهو عن هذه التحركات في خطاب متحدٍ أمام البرلمان الأسبوع الماضي، مستخدماً لغة مشابهة لحليفه، الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، حيث زعم أنه ليس لديه خيار سوى كبح جماح "الدولة العميقة" من البيروقراطيين والقضاة الذين يسعون لإحباط خططه.

وقال نتانياهو: "الديمقراطية ليست في خطر؛ حكم البيروقراطيين هو الذي في خطر. الدولة العميقة في خطر".

لكن منتقديه يرون أن هذه الخطوات تأتي ضمن حملة لتقويض نظام الضوابط والتوازنات الضعيف أصلاً في إسرائيل. فخلال العام الماضي، تجاهلت الحكومة بشكل متزايد قرارات المدعية العامة، التي كانت تُعتبر تاريخياً ملزمة قانونياً. كما رفض الوزراء الاعتراف بسلطة رئيس المحكمة العليا الجديد، بعد أن أمضوا عاماً في محاولة منع تعيينه.

Israel overhauls judge appointments in face of protests https://t.co/fBIRBdTOjS

— Financial Times (@FT) March 27, 2025 تداعيات الأزمة واحتمالات التصعيد

قالت سوزي نافوت، أستاذة القانون الدستوري ونائبة رئيس الأبحاث في معهد الديمقراطية الإسرائيلي: "هناك عملية مستمرة لنزع الشرعية عن الحراس القانونيين، سواء كانوا قضاة أو المدعية العامة. إنهم يريدون التخلص منهم". وأضافت: "الصورة الأكبر هنا هي محاولة تحقيق أكبر قدر ممكن من السلطة".

ويقول السياسيون المعارضون إن محاولات إقالة بار وبهراف-ميارا تنطوي على تضارب مصالح واضح: فالشاباك يحقق في مزاعم تتعلق بتعاملات مالية بين مساعدي رئيس الوزراء وقطر، في حين تشرف بهراف-ميارا على محاكمة الفساد المستمرة ضد نتانياهو.

وفي حين يقول خبراء قانونيون إن محاولة إقالة بهراف-ميارا قد تكون طويلة الأمد وربما غير مثمرة، فإن المعركة حول مستقبل بار ستصل إلى ذروتها قريباً.

فقد أصدرت المحكمة العليا أمراً قضائياً مؤقتاً بمنع إقالته، ومن المقرر أن تنظر في الطعون ضد القرار في 8 أبريل (نيسان). لكن الحكومة أصرت على أن إقالة بار ستصبح نافذة بحلول 10 أبريل (نيسان) على أبعد تقدير. يوم الاثنين، رشح نتانياهو قائد البحرية السابق إيلي شارفيت لهذا المنصب، لكنه تراجع عن التعيين في اليوم التالي وسط انتقادات من اليمين، مما عزز الاعتقاد لدى الكثيرين بأن العملية باتت مسيسة.

ووفقاً للبروفيسور يوفال شاني من الجامعة العبرية في القدس، إذا منعت المحكمة العليا إقالة بار واستبدلته الحكومة رغم ذلك، فستجد إسرائيل نفسها في "أزمة دستورية كاملة".

وقال شاني: "عندها لن يكون واضحاً من يملك سلطة اتخاذ القرار داخل الشاباك – هل هو الرئيس المعين من قبل الحكومة، أم الرئيس الذي تدعمه المحكمة؟".

الاحتجاجات وردود الفعل

أدى احتمال حدوث هذا السيناريو إلى إشعال موجة جديدة من الاحتجاجات الجماهيرية. ففي الأسابيع الأخيرة، نزل عشرات الآلاف إلى الشوارع، وحذرت منظمات مثل اتحاد العمال القوي (الهستدروت) ومنتدى الأعمال الإسرائيلي من احتمال شن إضرابات إذا تجاهلت الحكومة قرار المحكمة العليا.

وقال أحد التنفيذيين في شركة إسرائيلية كبرى: "لا أعتقد أنه سيكون هناك إضراب لأنني لا أعتقد أن نتانياهو سيدفع الأمور إلى حد تهديد الديمقراطية بشكل حقيقي". لكنه أضاف: "ولكن إذا فعل ذلك، فسيكون هناك إضراب، وسيشارك الجميع فيه".

???????????? Netanyahu Withdraws Nomination of Eli Sharvit as Shin Bet Head Amid Protests and Controversies

Tickers of interest: $ISRAEL

Full Story → https://t.co/l3OHJHXW3c pic.twitter.com/mOvLOn7Ads

— PiQ (@PiQSuite) April 1, 2025

ونظراً للتداعيات الأمنية لأي خلاف طويل الأمد بين رئيس الوزراء ورئيس الشاباك، وحقيقة أن بار قد أشار بالفعل إلى نيته التنحي قبل نهاية ولايته العام المقبل، قال شاني إنه من الممكن التوصل إلى "حل يحفظ ماء الوجه" لتجنب المواجهة.

لكن محللين آخرين حذروا من أن حتى لو تم تفادي الأزمة بشأن إقالة بار، فلا تزال هناك قضايا أخرى قد تشعل أزمة دستورية كاملة – بدءاً من الطعون ضد تعيين إيتمار بن غفير وزيراً للأمن القومي، إلى محاولة إقالة بهراف-ميارا.

وقالت نافوت: "نحن في حالة فوضى دستورية... وهناك أربع أو خمس قضايا مطروحة أمام المحكمة العليا تشكل أهمية كبيرة للحكومة". وأضافت: "كل واحدة منها بمثابة قنبلة موقوتة"

مقالات مشابهة

  • “الغارديان” البريطانية تكشف جانبًا من جرائمِ القتلِ الوحشية التي ارتكبها العدوّ الإسرائيلي في غزةَ
  • مقرر أممي يدعو لمعاقبة إسرائيل على حملة التجويع التي تمارسها ضد المدنيين بغزة
  • إسرائيل تلغي جميع الرسوم الجمركية على المنتجات الأمريكية قبيل يوم التحرير الذي أعلنه ترامب
  • نتانياهو يدفع إسرائيل إلى حافة أزمة دستورية
  • من هو حسن علي بدير الذي استهدفه الاحتلال الإسرائيلي في غارة على الضاحية الجنوبية في بيروت؟
  • حسن بدير.. من هو القيادي في حزب الله الذي استهدفته إسرائيل؟
  • كان يُخطّط لعملية ضد طائرة إسرائيلية في قبرص.. معلومات عن حسن بدير الذي استهدفته إسرائيل في غارة الضاحية
  • أزمة غذاء في إسرائيل وتدهور الزراعة بسبب حرب غزة
  • نائب أردوغان يشن هجوماً لاذعاً على إسرائيل.. ما الذي يحدث؟
  • وزير الدفاع الإسرائيلي السابق: نتنياهو يقودنا نحو أزمة دستورية خطيرة