هل عبر العالم نقطة التحول نحو هيمنة الطاقة الشمسية؟
تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT
كشفت نتائج دراسة علمية جديدة أن العالم ربما يكون قد عبر "نقطة تحول" نحو جعل الطاقة الشمسية المصدر الرئيسي للطاقة بحلول عام 2050.
لكن البحث الذي أجراه فريق من جامعة إكستر وكلية لندن الجامعية (UCL)، يشير أيضا إلى أنه لا تزال هناك "حواجز" كبيرة قد تعوق الوصول إلى هذه النتيجة. وتشمل هذه الحواجز الحاجة إلى شبكات طاقة مستقرة، وتوفير التمويل المناسب للطاقة الشمسية في البلدان النامية، والقدرة على التوريد، ومقاومة أولئك الذين تعتمد وظائفهم على صناعات الطاقة التقليدية.
شهدت كلفة الكهرباء المولدة من محطات الطاقة الشمسية انخفاضا ملحوظا على مدى العقد الماضي، حيث سجلت تراجعا بنسبة 89% في الفترة من 2010 إلى 2022، وفق تقرير للوكالة الدولية للطاقات المتجددة. كما شهدت صناعة البطاريات، التي تعتبر ضرورية لتحقيق التوازن في إمدادات الطاقة الشمسية طوال النهار والليل، ثورة أسعار مماثلة، بنفس المقدار تقريبا بين عامي 2008 و2022.
ومع استمرار التطور التكنولوجي وانخفاض الكلفة، بدأ الباحثون في الحديث عن "نقطة تحول" حيث تصبح الطاقة المنتجة من مصادر متجددة أقل كلفة من تلك المولدة من مصادر الطاقة التقليدية. لكن لم يكن هناك اتفاق بين الخبراء على الوقت الذي يمكن أن يحدث فيه ذلك أو كيف.
ونتيجة لعدم اليقين إزاء نقطة التحول هذه، افترضت أغلب نماذج نظام الطاقة العالمي استمرار هيمنة الوقود الأحفوري في المستقبل، وقللت هذه النماذج من تقدير مدى سرعة نمو الطاقة الشمسية في العالم الحقيقي. ففي عام 2022 توقع تقرير للوكالة الدولية للطاقة أن تمثل الطاقة الشمسية 25% فقط من إنتاج الكهرباء بحلول عام 2050.
انخفاض الكلفة يدفع للتحول السريع إلى الطاقة الشمسيةوفي الدراسة المنشورة مؤخرا في دورية "نيتشر كومينيكيشن" (Nature Communications)، أعاد باحثون من جامعة إكستر وكلية لندن الجامعية طرح السؤال التالي: هل عبرنا بالفعل نقطة تحول حيث تستعد الطاقة الشمسية لتصبح المصدر المهيمن لتوليد الكهرباء؟ وسعوا للإجابة عليه.
وتشير النتائج التي توصل إليها الباحثون عبر دمج أحدث البيانات التكنولوجية والاقتصادية من 70 منطقة في جميع أنحاء العالم في نموذج الاقتصاد الكلي، إلى أن ثورة الطاقة الشمسية قد بدأت بالفعل، وأن هذا النوع من الطاقة المتجددة في طريقه إلى تشكيل أكثر من نصف مصادر توليد الكهرباء على مستوى العالم بحلول منتصف هذا القرن. ويرى الخبراء أن هذا التحول الهائل سيكون ممكنا حتى من دون الاعتماد على سياسات مناخية أكثر صرامة.
وكتب الباحثون في مقال نشر على موقع "ذا كونفرسيشن" ((The Conversation) أنهم حددوا عاملين رئيسيين من شأنهما أن يدفعا التوسع السريع في الطاقة الشمسية، هما القدرة على تحمل تكاليف هذا النوع من الطاقة المتجددة، وتقلص الفترة اللازمة لبناء المحطات الشمسية والتي أصبحت لا تتجاوز عادة سنة واحدة فقط مقابل ثلاث سنوات لمحطات توليد الطاقة من الرياح.
ويسمح بناء مزارع الطاقة الشمسية بشكل أسرع للمستثمرين بالاستفادة من فعاليتها من حيث الكلفة في وقت أقرب مقارنة بمزارع الرياح البحرية (والعديد من البنى التحتية الأخرى للطاقة المتجددة)، مما يتيح استمرار انخفاض كلفة إنتاج الطاقة الشمسية بنسبة 60% في الفترة من 2020 إلى 2050.
وإذا ثبتت هذه التوقعات، فمن المتوقع أن تصبح الطاقة الشمسية مع أنظمة تخزينها الخيار الأرخص لتوليد الكهرباء في جميع مناطق العالم تقريباً بحلول عام 2030. وفي العام نفسه، من المتوقع أن تكون أقل كلفة بنسبة 50% من بناء طاقة جديدة تعمل بالفحم في بلدان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والهند والصين واليابان والبرازيل.
وعلى الرغم من هذا التوقع المتفائل، فإن المضي قدما في التحول الطاقي نحو الاعتماد على الطاقة الشمسية لا يخلو من عقبات. وحدد الباحثون -وفق بيان نشر على موقع جامعة إكستر- 4 عوائق أساسية يمكن أن تعوق التقدم:
الأول: حاجة شبكات الكهرباء للتكيف مع الطبيعة المتغيرة لتوليد الطاقة الشمسية. ويتطلب هذا التكيف اعتماد مصادر الطاقة المتجددة المتنوعة، وربط الشبكات الإقليمية ببعضها، وتخزين كميات كبيرة من الكهرباء، مع إدارة جيدة للطلب على الطاقة وتوفير حوافز للتشجيع على استخدام الطاقات المتجددة.
الثاني: الحد من التفاوت العالمي في توفر التمويل لإنجاز مشاريع الطاقات المتجددة. ففي الوقت الحالي تتجه جل الاستثمارات نحو البلدان ذات الدخل المرتفع، فيما تعاني البلدان ذات الدخل المنخفض -وخاصة أفريقيا على الرغم من إمكاناتها الهائلة- من نقص حاد في تمويل هذه المشاريع للطاقة الشمسية.
الثالث: الحاجة إلى توفير المواد اللازمة لتطوير صناعة الطاقة الشمسية، فمن من المرجح أن يكون المستقبل الذي تهيمن عليه الطاقة الشمسية كثيف الاستخدام للمعادن، مما سيزيد الطلب على "المعادن الحيوية" التي يحتاج إليها إنتاج الكهرباء وصناعة البطاريات مثل الليثيوم والنحاس. ومع استمرار الجهود لإزالة الكربون من مصادر الطاقة، من المتوقع أن تشكل التقنيات المتجددة 40% من إجمالي الطلب على المعادن من النحاس والعناصر الأرضية النادرة، بالإضافة إلى ما بين 60 و70% من النيكل والكوبالت، ونحو 90% من الليثيوم بحلول عام 2040.
والرابع: يتعين الأخذ بعين الاعتبار ردة فعل الصناعات القائمة على الطاقة التقليدية التي قد تؤدي إلى إبطاء هذا التحول الحاسم، فهذا التحول السريع في مصدر الطاقة قد يؤثر على سبل عيش ما يصل إلى 13 مليون شخص في جميع أنحاء العالم يعملون في قطاع الوقود الأحفوري والصناعات الأخرى المعتمدة عليه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الطاقة الشمسیة بحلول عام
إقرأ أيضاً:
هل تعطل رسوم ترامب التحول العالمي للطاقة الخضراء؟
تثير سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب مخاوف من أن يصبح العمل المناخي ضحية الحرب التجارية، وأن تفقد مشاريع الطاقة الخضراء زخمها اللازم عالميا لتحقيق أهداف المناخ.
فالمخاوف من ركود اقتصادي عالمي طويل الأمد أدت إلى انخفاض أسعار النفط والغاز، مما جعل التلوث أقل تكلفة وصعّب تبرير الاستثمار في البدائل النظيفة مثل السيارات الكهربائية وأنظمة التدفئة منخفضة الانبعاثات، وفق محللين نقلت عنهم صحيفة غارديان.
وعلى رأس تلك المخاوف يأتي قرار ترامب بفرض أشد التعريفات الجمركية على الصين -التي تُعد أكبر مُصنّع لتقنيات الطاقة النظيفة في العالم- وهو ما يهدد بخنق الاستثمارات الخضراء في الولايات المتحدة، ثاني أكبر مُصدِر لانبعاثات الكربون في العالم.
خسارة أميركيةونتيجة ذلك، من المتوقع أن تتخلف الولايات المتحدة عن بقية الدول في تطوير تقنيات الطاقة النظيفة، إذ ستمنعها التعريفات الجمركية من الوصول إلى تقنيات الطاقة النظيفة الرخيصة المطورة في الصين، وفق تحليل غارديان.
واعتبرت ليزلي أبراهامز، نائبة المدير في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن، إن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على دول العالم (وعلقها لاحقا) من المرجح أن تعيق طرح الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة وتدفع البلاد إلى هامش السوق العالمية، بحسب الصحيفة.
إعلانكما من المتوقع أن تؤدي هذه الإجراءات إلى ارتفاع تكلفة تطوير الطاقة النظيفة وتقلص مشاريعها، لأن الولايات المتحدة تعتمد حتى الآن اعتمادا كبيرا على استيراد تقنيات الطاقة النظيفة.
وقالت أبراهامز إن ذلك سيكون له تداعيات طويلة الأمد على مكانة الولايات المتحدة في سوق الطاقة الخضراء العالمية، مما يعني أنه "سيؤدي إلى فقدان بعض الحصة الأميركية السوقية المحتملة في الخارج".
وفي المقابل، توصل تحليل أجرته منظمة "350" للمناخ إلى أنه رغم ارتفاع التكاليف وانخفاض الاستثمار الأخضر في الولايات المتحدة، فإن الحرب التجارية التي يشنها ترامب لن تؤثر على التحول في مجال الطاقة وتجارة الطاقة المتجددة على مستوى العالم.
وحسب المنظمة، تعد الولايات المتحدة "مجرد طرف ثانوي، وليست لاعبا عالميا" في سباق إنهاء استخدام الوقود الأحفوري.
وأشارت إلى أن 4% فقط من صادرات الصين في مجال التكنولوجيا النظيفة تذهب إلى الولايات المتحدة، في قطاع تجاري شهد نموا في حجم المبيعات بنحو 30% خلال العام الماضي.
مع ذلك، تعد الولايات المتحدة مصدرا لكميات كبيرة من الانبعاثات. لذا، فإن سياساتها تؤثر بشدة على التحول العالمي في مجال الطاقة وكيفية حساب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وفق محللين تحدثوا لغارديان.
مزيد من الوقودوذكرت الصحيفة أنه من المتوقع أن تشهد الولايات المتحدة ارتفاعا بنسبة 10% في استهلاك الكهرباء نتيجةً لازدهار مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي وحدها، مما يعني أن الاقتصاد سيحتاج إلى مزيد من الطاقة لدعم زيادة التصنيع المحلي مع تراجع الواردات من الصين.
وفي ظل غياب صناعة طاقة نظيفة متنامية، من المرجح أن يعزز ذلك استخدام الوقود الأحفوري، مما يعني تزايد انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
إعلانومن المتوقع أن تستفيد الولايات المتحدة من وفرة الغاز الصخري لديها، غير أنها تخطط لاستخدام المزيد من الفحم في المستقبل. فقد أصدر ترامب 4 أوامر تنفيذية تهدف إلى منع الولايات المتحدة من التخلص التدريجي من الفحم.
واعتبرت منظمات تهتم بالبيئة -نقلت عنها غارديان- أن سعي ترامب لإجبار الولايات المتحدة على استخدام الفحم يقوض مستقبل البلاد وبيئتها.