الاقتصاد نيوز-بغداد

يستعد العراق لإجراء أول تعداد سكاني في تشرين الثاني من العام المقبل 2024، وبحسب خبراء فأن تنفيذ التعداد سيسهم في غلق فجوة احتياجات الشعب قبالة ما تقدمه الحكومة.

ويقول المتحدث الرسمي لوزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، إن "العراق لم يجر تعداداً سكانياً منذ عام 1997، ولم يكن ذلك التعداد شاملا، لأنه لم يشمل محافظات إقليم كردستان، بالتالي عانى العراق من حاجة إلى البيانات والمؤشرات التي ترسم الواقع وتعكسه بنحو دقيق".

ويضيف، أنه "كانت هناك محاولة جدية في 2010 وصلنا فيها إلى المراحل النهائية لتنفيذ التعداد، ولكن لم تتم نتيجة خلافات سياسية بسبب المناطق المتنازع عليها، ولم تفلح كل الجهود في معالجة هذه المشكلة، فمرت الأعوام اللاحقة من دون تعداد سكاني"، مشيراً إلى أن "الوزارة وضعت خطة بتوقيتات زمنية محددة لإجراء التعداد السكاني الذي من المؤمل أن يتم في شهر تشرين الثاني من عام 2024".

ويتابع، أن "هناك الكثير من المتطلبات لأن هذا المشروع من المشاريع الضخمة والمعقدة، لاسيما في ظل عدم تنفيذ تعدادات سكانية تساعد وتوفر قاعدة بيانات، فالبلد لم يشهد تعداداً منذ أكثر من 26 عاماً".

ويردف الهنداوي، أن "أبرز المتطلبات هي توفير الأجهزة اللوحية لأن العملية الكترونية إذ نحتاج إلى 130 ألف جهاز لوحي على أن يتم التعاقد مع شركات عالمية متخصصة لتوفيرها، وهذه العملية تحتاج من 5- 6 أشهر" لافتاً إلى أن "هناك تعداداً تجريبياً من المؤمل أن يجري في أيار من السنة المقبلة".

وفيما يتعلق بضرورة تدريب العدادين، يقول الهنداوي، إن "أعدادهم قد تصل إلى أكثر من 130 ألف عداد وهم من المعلمين والمدرسين، حيث يتم تدريبهم على كيفية ملء الاستمارة، وطرح الأسئلة واستخدام نظم المعلومات الجغرافية وكيفية التعامل مع الأسر، وكذلك إجراء عملية الحصر والترقيم التي تمثل العمود الفقري للتعداد، وهذه تحتاج إلى شهرين أو ثلاثة لإنجازها". ويؤكد المتحدث باسم وزارة التخطيط، أن "إجراء التعداد بحاجة إلى مركز وطني لمعالجة البيانات يحتوي أحدث التقنيات وتوفير الصور الفضائية للوحدات الإدارية والتغطية الهاتفية وشبكة الانترنت لنقل المعلومات بسرعة ودقة، فضلاً عن متطلبات لوجستية ومالية وإدارية أخرى".

ويبين الهندواي، أن "الحكومة خصصت 100 مليار دينار ضمن الموازنة لتغطية نفقات هذه العملية، ومن المؤمل أن يتم تخصيص أموال إضافية في العام المقبل لاستكمال المتطلبات".

وعن أهمية إجراء التعداد السكاني، يوضح الهنداوي، أن "التعداد سيوفر صورة شاملة وكاملة عن الواقع في العراق بكل مفاصله وقطاعاته من خلال توثيق الخصائص الديموغرافية والصحية والسكنية والتعليمية والخدماتية للأسر، وفق قاعدة يتم على أساسها وضع الخطط والبيانات المستندة إلى حقائق ووقائع، ليحل الكثير من الإشكاليات المرتبطة بتوزيع الثروات بين المحافظات على وفق نسبها السكانية من دون تشكيك أو شعور بالغبن بين محافظة وأخرى".

خلق "فجوة"

من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي مصطفى أكرم حنتوش، أن "التعداد السكاني هو قدرة الدولة على قراءة الموقف الحقيقي للإحصائيات الحقيقية، من عدد السكان وعدد الذين يعملون والذين لا يعملون، فضلاً عن تصنيفات العمل وحاجة السكان". ويضيف، أن "التعداد يسهم في معرفة كيفية استثمار الدولة للأموال بدلاً من أن تذهب إلى المصارف، يتم بها بناء مدن صناعية، وبدلاً من إعطائها لمحافظين ليسوا قادرين على العمل، إعطاؤها لوزارات متمكنة عملياً وتنفيذياً".

ويتابع حنتوش، أن "توجهات الدولة ستتغير من ناحية التخطيط في حالة إجراء التعداد السكاني، ستكون لها قراءة حقيقية تقدم إلى أصحاب القرار". ويردف، أن "عدم وجود تعداد سكاني في السنوات الماضية خلق فجوة بين حاجة الشعب الحقيقية وبين ما تفعله الدولة للشعب"، مشيراً إلى أن "تنفيذ التعداد السكاني سيغير الكثير من المفاهيم والقوانين الحالية".

تقديرات تقريبية

يشار إلى أن، رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، أكد في وقتٍ سابق، إجراء التعداد السكاني العام المقبل 2024، وتوفير جميع المتطلبات المالية واللوجستية لإنجاحه.

يذكر أن البلاد ظلت طيلة السنوات الماضية مُعتمدة على الأرقام الإحصائية التقريبية الصادرة عن مؤسسات ومراكز أبحاث غير رسمية، قبل أن تصدر تقديرات وزارة التخطيط في عام 2022 بأن عدد سكان العراق بلغ أكثر من 42 مليون نسمة.

 

 

المصدر/ المدى 

المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز

كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار

إقرأ أيضاً:

هل تستجيب الحكومة التركية لدعوات الانتخابات المبكرة؟

أنقرة- من قرية صغيرة في ولاية طرابزون المطلة على البحر الأسود، أطلق زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزال بنهاية مارس/آذار الماضي حملة توقيع شعبية تطالب بإجراء انتخابات مبكرة والإفراج عن رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو المسجون والمعزول من مهامه بقرار قضائي أثار جدلا واسعا.

واختار أوزال قرية "جوزلي"، مسقط رأس إمام أوغلو، لإعلان انطلاق الحملة، وذلك عقب أدائه لصلاة العيد بين أهالي المنطقة، في مشهد رمزي كثيف الدلالة، مؤكدا أنها تمثل استفتاء شعبيا غير رسمي على استمرار الحكومة حتى 2028.

في المقابل، لا تبدي الحكومة أي مؤشرات على التراجع عن موقفها، متمسكة برفضها القاطع لأي دعوات لانتخابات مبكرة، في مشهد يعيد فتح باب التساؤلات عن مآلات هذا التصعيد السياسي وإذا كان الشارع التركي بصدد الدخول في اختبار جديد لميزان القوة بين السلطة والمعارضة.

 

مطالب المعارضة

جدّد زعيم حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزال، مطالبته بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة، مؤكدا أن موعدها -إن تمت- يجب ألا يتجاوز نوفمبر/تشرين الثاني 2025.

وجاءت هذه الدعوة خلال مؤتمر استثنائي عقده الحزب في العاصمة أنقرة مطلع أبريل/نيسان الجاري، خُصص لإعادة انتخاب رئيسه، إذ نال أوزال ثقة المندوبين مجددا بأغلبية ساحقة بلغت 1171 صوتا من أصل 1276.

إعلان

ويأتي تصعيد أوزال السياسي في وقت ترى فيه المعارضة أن شرعية الحكومة باتت موضع تساؤل، لا سيما بعد توقيف رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، أحد أبرز الوجوه المعارضة، في 19 مارس/آذار الماضي على خلفية اتهامات بالفساد.

وقد برز إمام أوغلو بالفعل كمرشح رئيسي محتمل للمعارضة، خاصة بعد أن أيّد نحو 15 مليونا من أنصار الحزب ترشيحه خلال تصويت داخلي أُجري في أواخر مارس/آذار الماضي.

ومع تصاعد الغضب الشعبي عقب توقيفه، اتهم أوزال الحكومة بانتهاج "أساليب استبدادية"، وذهب إلى وصفها بأنها "مجلس عسكري يحكم البلاد"، مشيرا إلى أن قرار اعتقال إمام أوغلو لم يكن داخليا فحسب، بل جاء -على حد وصفه- "بإذن من خلف المحيط الأطلسي"، في إشارة إلى دور محتمل للولايات المتحدة، من دون أن يقدّم دليلا ملموسا على ذلك.

ورغم حدة خطابه، يؤكد أوزال أن المعارضة بمختلف أطيافها موحدة خلف مطلب الانتخابات المبكرة، مع تعهده بتقديم مرشح واحد يمثل الكتلة المعارضة في أي استحقاق مقبل، يكون قادرا على منافسة أردوغان وهزيمته في صناديق الاقتراع.

أوزغور أوزال أعيد انتخابه رئيسا لحزب الشعب الجمهوري في مؤتمر عام استثنائي عُقد في أنقرة (مواقع التواصل) أدوات ضغط

إلى جانب الخطاب السياسي، كثّفت المعارضة التركية في الأسابيع الأخيرة من تحركاتها الميدانية للمطالبة بإجراء انتخابات مبكرة والإفراج عن رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو الموقوف بقرار قضائي منذ منتصف مارس/آذار الماضي.

وشهدت إسطنبول ومدن كبرى مظاهرات شبه يومية، بلغت ذروتها في 29 مارس/آذار الماضي حين نظّم حزب الشعب الجمهوري تجمعا جماهيريا واسعا في ميدان مالتبه، وصف بأنه من الأكبر خلال السنوات الأخيرة.

وقد شكل مهرجان مالتبه محطة مفصلية في تحركات المعارضة، إذ توقفت بعده الاحتجاجات الميدانية، وانتقلت إلى استخدام أدوات ضغط بديلة، على رأسها حملات التوقيع والمقاطعة الاقتصادية، معتبرة أن تنويع أشكال الضغط الشعبي قد يكون أكثر فاعلية في المرحلة الحالية.

إعلان

وفي هذا السياق، أطلق حزب الشعب الجمهوري حملة توقيع وطنية تدعو إلى سحب الثقة من الرئيس رجب طيب أردوغان والدعوة إلى انتخابات مبكرة، معلنا أن الهدف هو جمع توقيع من كل اثنين من المواطنين.

في الوقت ذاته، تواصل المعارضة نشاطها الإعلامي والرقمي من خلال الظهور المكثف لقادتها على وسائل الإعلام المحلية والدولية، والترويج لحملات رقمية، في محاولة للإبقاء على قضيتها حاضرة في الرأي العام.

#عاجل | وزير العدل التركي:
- أوقفنا ١٠٠ شخص للتحقيق معهم في شبهات تتعلق بالفساد والرشوة
- لا أحد فوق القانون بمن في ذلك رئيس بلدية #اسطنبول
- الدستور واضح والمحاكم والقضاة في #تركيا لا يأخذون تعليماتهم من أحد pic.twitter.com/1iFyyTLxhS

— قناة الجزيرة (@AJArabic) March 19, 2025

موقف الحكومة

على الجانب الآخر، تتعامل الحكومة التركية، بقيادة حزب العدالة والتنمية وتحالفه مع حزب الحركة القومية ضمن "تحالف الجمهور"، بحزم مع دعوات الانتخابات المبكرة، وتتمسك بإجراء الاستحقاقات الدستورية في موعدها المقرر عام 2028.

وقد أكد الرئيس رجب طيب أردوغان في أكثر من مناسبة أن "تركيا أمامها 4 سنوات بلا انتخابات، ولا يمكن القبول بإدخال البلاد مجددًا في أجواء انتخابية وسط تحديات اقتصادية وأمنية تتطلب التركيز والعمل".

ويرى أردوغان أن تصعيد المعارضة في هذا التوقيت يهدف إلى زعزعة الاستقرار الذي تحقق بعد انتخابات 2023، معتبرا أن الأصوات المطالبة بتبكير الانتخابات تعكس في جزء منها تنافسا داخليا محتدما بين مكونات المعارضة نفسها.

وفي السياق ذاته، جاء موقف زعيم حزب الحركة القومية، دولت بهتشلي، أكثر وضوحا وصرامة، إذ قال "لا حاجة لتضييع الوقت بجمع التوقيعات، فالإرادة السياسية لتحالف الجمهور واضحة: الانتخابات ستُجرى في موعدها".

وشدّد بهتشلي على أن المعارضة تنشغل بمطالب غير واقعية، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى استقرار سياسي واقتصادي، مؤكدًا أن التحالف الحاكم لن يفرّط بما سماها "أمانة الشعب" التي نالها الرئيس أردوغان عبر صناديق الاقتراع قبل أقل من عامين.

إمام أوغلو مرشحا رئاسيا قبل 3 سنوات.. ما الذي يجري في #تركيا؟ pic.twitter.com/HZq3Qf9yru

— قناة الجزيرة (@AJArabic) March 25, 2025

إعلان دعوات متكررة

يرى الباحث في الشأن التركي علي أسمر أن التعدد في أساليب التصعيد التي ينتهجها حزب الشعب الجمهوري يعكس محاولة الحزب استثمار كل أدوات الضغط السياسي المتاحة، إما لتحقيق مكاسب معينة، أو لإيصال رسائل سياسية إلى الداخل والخارج على حد سواء.

لكن في تقديره، فإن الحكومة التركية "لا تتعامل مع هذه الدعوات بجدية حقيقية"، مرجعا ذلك إلى أن المطالبة بانتخابات مبكرة من قبل المعارضة، وتحديدا من حزب الشعب الجمهوري، "لم تعد مفاجِئة"، بل باتت أشبه "بعادة سياسية" تلجأ إليها المعارضة عند كل مفترق طرق.

ويشير أسمر، في حديث للجزيرة نت، إلى أن حزب الشعب الجمهوري يعاني "نقطة ضعف بنيوية" تتمثل في الانقسامات الداخلية، خاصة بعد إزاحة كمال كليجدار أوغلو وصعود الجناح المقرّب من أكرم إمام أوغلو. ويوضح أن هذه الخلافات "لا تضعف البنية التنظيمية للحزب فحسب، بل تثير تساؤلات جدية لدى الناخب التركي عن مدى جاهزية الحزب لتولي السلطة، لو أتيحت له الفرصة".

وفي جانب آخر، يلفت الباحث التركي إلى تطور سياسي "لا يقل أهمية"، يتمثل في ما وصفه "ببوادر تقارب بين التيارين القومي والكردي"، مشيرا إلى أن نجاح هذه التفاهمات -إن تحققت- قد يعيد رسم موقع الأكراد في المعادلة السياسية التركية، وهو ما سيمثل ضربة إستراتيجية للمعارضة التي اعتمدت تاريخيا على أصواتهم.

من جانبه، يرى المحلل السياسي جنك سراج أوغلو أن موقف الحكومة من الدعوات إلى انتخابات مبكرة لا يعكس تصلبا مبدئيا بقدر ما يعكس حسابات سياسية دقيقة.

ويضيف سراج أوغلو، في حديث للجزيرة نت، أن الحكومة تفضل في هذه المرحلة الإبقاء على موقفها الرافض، لتفويت الفرصة على المعارضة في تصوير نفسها كقوة قادرة على فرض أجندتها.

ومع ذلك، لا يستبعد أن تعيد السلطة تقييم موقفها إذا طرأت تحولات داخلية كبرى، سواء من حيث المؤشرات الاقتصادية أو التوازنات السياسية، مؤكدا أن أي تغيير في هذا الموقف سيُقدم باعتباره قرارا سياديا لا رضوخا لضغط الشارع أو المعارضة.

إعلان

مقالات مشابهة

  • في العراق.. مدير عام الأمن العام التي رئيس الحكومة العراقي وهذا ما تم بحثه
  • تزايد الفجوة بين بيانات جيش الاحتلال والواقع برفح.. حماس لا زالت نشطة
  • الزراعة: الإنتاج المحلي من الدواجن يغطي احتياجات العراق
  • مكاتب استقدام العمالة المساعدة تقدم خدماتها لصاحب العمل
  • المدير التنفيذي لـ«حوكمة البيانات الجيومكانية»: دعم عمليات التخطيط الاستراتيجي عبر منصة موحّدة
  • العراق يدخل الصيف بمعركة الطاقة.. لهيب الحرارة ينتظر حلول الحكومة
  • العراق يحدد موعد إجراء الانتخابات
  • هل تستجيب الحكومة التركية لدعوات الانتخابات المبكرة؟
  • زعماء الإطار يؤكدون على إجراء الانتخابات في موعدها المحدد والدفاع عن إيران في حال استهدافها
  • ‏المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية: نأمل بأن تكون المحادثات ذكية وتحقق مصالح الشعب الإيراني