نزل بيئي في منطقة نائية بكمبوديا يعرّف الناس على الحياة البدوية الأصيلة
تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تكتسي السماء وهجها البرتقالي مع شروق الشمس البطيء الذي ينير مساحات صحراوية لا متناهية. يتخلّل المشهد كل بضع ساعات، رعاة يقودون مئات الأغنام والماعز نحو بئر المياه القريبة.
الأصوات الوحيدة التي يمكن سماعها هي حفيف الريح، ونهيق ونباح الحيوانات المحلية، وأصوات سيارات الدفع الرباعي التي تجلب الوافدين الجدد، بين حين وآخر.
هذه العناصر تشكل جزءًا من تجربة الحياة البرية المنعزلة التي يقدمها منتجع Three Camel Lodge البيئي في بولجان بمنطقة غوبي بمنغوليا (أي الصحراء)، والتي تعتبر واحدة من أكثر الأماكن النائية على وجه الأرض.
بعيدًا عن الحضارة، يسعى النزُل لمنح الزوار نظرة أصيلة حول نمط الحياة البدوية التقليدية في منغوليا، حيث يعيش مجتمع من الأشخاص على هضبة آسيا الوسطى، ويعتمدون في عيشهم على الماشية الأليفة.
ورغم انتفاء الكثير من الثقافات البدوية في العالم، إلا أنها لا تزال تمثّل جزءًا أساسيًا من الحياة المنغولية، حيث يشكل البدو حوالي ربع سكان البلاد البالغ عددهم أكثر من 3 ملايين نسمة.
Credit: Michael Kleinberg/Courtesy Three Camel Lodgeيتألف النزُل من 24 غرفة، عبارة عن مساكن مستديرة شبيهة بالخيام، ومصنوعة من الخشب، واللباد، والحبال، وهي مواد مرنة بدرجة كافية يمكن حملها، وسهلة التجميع، وقوية بما يكفي لتحمّل هبوب رياح الصحراء القوية.
Credit: Michael Kleinberg/Courtesy Three Camel Lodgeوالتصميم بسيط في الداخل، ويتكون من قطع أثاث خشبية وقطع تزيينية أخرى. لكن كل واحدة منها تحتوي على كماليات لا نجدها في منازل البدو عادةً، مثل الحمام الخاص المزود بالمياه الجارية، والكهرباء التي تعمل بالطاقة الشمسية.
Credit: Michael Kleinberg/Courtesy Three Camel Lodgeيحتوي The Three Camel Lodge أيضًا على مطعم في الموقع وحانة (مع مجموعة واسعة جدًا من الويسكي)، إضافةً لمنتجع صحي فاخر.
كيف وُلدت فكرة نزُل الجمال الثلاثة؟ Credit: Courtesy Three Camel LodgeThe Three Camel Lodge فكرة رجل الأعمال المنغولي الأمريكي جالسا أوروبشوروف، البالغ من العمر 68 عامًا اليوم.
ترعرع أوروبشوروف منذ طفولته في الولايات المتحدة في ستينيات القرن العشرين. وكان يحلم بالمناظر الطبيعية المثيرة في منغوليا. وبفضل قصص والده الملونة والمشوقة، تغلغلت ثقافة البلاد في وجدانه.
وفي مقابلة مع CNN، قال أوروبشوروف الذي وُلد والده في كالميكيا، وهي حاليًا منطقة تقع في جنوب روسيا: "يمتلك المنغوليون نظامًا دقيقًا جدًا للتتبّع الجيني.. يمكنك إلى حد كبير تحديد المنطقة الجغرافية التي نشأت فيها قبيلتك وأسلافك ضمن نطاق 100 ميل".
ولفت إلى أنّ "(والدي) روى لي ذلك وأنا أكبر في وسط نيوجيرسي".
وفي مطلع تسعينيات القرن الماضي، عندما فتحت منغوليا حدودها أمام السيّاح الدوليين، تمكن أوروبشوروف من زيارتها للمرة الأولى.
وأشار أوروبشوروف إلى أنّه شارك في "العديد من حفلات الزفاف المنغولية في نيوجيرسي، لكن كان هذا هو الحد الأقصى. في حين أنّ الزيارة أثارت الكثير من الصور المختلفة".
وتابع: "تمكنت من الخروج إلى الريف وألتقي بأحد الرعاة، والإقامة في بعض مخيمات الجير.. لقد كانت تجربة مذهلة".
وبعد فترة وجيزة، كلّفه رئيس وزراء منغوليا بجلب المزيد من السيّاح من الغرب. وفي عام 1992، أسّس شركة لخدمات السفر، Nomadic Expeditions، التي وفّرت الجولات في منغوليا وبلدان أخرى.
يتذكر أنّ الأمر "استغرق عامين كي أتمكّن من إحضار أي شخص للزيارة".
في عام 2002، قرّر أوروبشوروف بناء شيء أكثر استدامة في منطقة غوبي، ومن هنا نشأ نُزُل Three Camel Lodge.
أرض الديناصورات والمنحدرات المشتعلة Credit: Michael Kleinberg/Courtesy Three Camel Lodgeتُعرف منطقة غوبي بأنها أرض الديناصورات، وهي جزء لا يتجزأ من الثقافة المنغولية.
يبعد The Three Camel Lodge نصف ساعة فقط بالسيارة عن بايانزاغ، أحد أهم مواقع حفريات الديناصورات في العالم.
ففي بايانزاغ، أُعلن عن أول اكتشاف معترف به علميًا لبيض الديناصورات قبل قرن مضى. وأطلق عالم الحفريات روي أندروز اسم "المنحدرات المشتعلة" على الموقع، أثناء العثور على الأعشاش مع فريقه من المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي في عشرينيات القرن الماضي، وذلك تيمنًا بالحجارة الرملية الحمراء التي يبدو أنها تنبض بالحياة عند غروب الشمس، فتُحوّل الموقع إلى منطقة ملتهبة تكتسي باللون الأحمر.
وما زالت أعمال الحفر بحثًا عن الديناصورات مستمرة حتى اليوم.
وقال بوياندلغر غانباتار المدير المحلي لـNomadic Expeditions والمرشد السياحي الرئيسي، لـCNN، إنّ "هذا المكان غامض حقًا.. إنه ينطوي على نوع من السرية والعزلة. إنه حقًا مكان خاص بالنسبة لي".
عند الحديث عن الكثبان الرملية، هناك منطقة جذب شهيرة أخرى يمكن الوصول إليها من النزل وهي Moltsog Els التي تبعد 15 دقيقة فقط بالسيارة. ورغم كونها في الصحراء، فهي واحدة من المناطق القليلة في منطقة غوبي المنغولية المغطاة بأكوام الرمال.
هنا، يمكن للضيوف استكشاف الكثبان الرملية سيرًا على الأقدام، أو استئجار جمل من إحدى عائلات الرعي المحلية في جميع أنحاء المنطقة.
بالإضافة إلى الكثبان الرملية والمنحدرات الحجرية الحمراء، تشتهر منطقة غوبي أيضًا بمساحاتها الخضراء. فوادي يول يبعد ساعة بالسيارة عن النزُل، وأنشئ أساسًا للحفاظ على حياة الطيور، وبينها نسر "يول"، أو النسر الملتحي.
يمكن للضيوف أيضًا القيام برحلة إلى منتزه Gobi Gurvan Sakihan الوطني المحمي، والغني بالتنوع البيولوجي، من الغزلان البيضاء، إلى الفهود، والنسور الذهبية. ويمكن استكشاف الوادي سيرًا على الأقدام أو على ظهور الخيل، وفي الصيف، يمر جدول صغير عبر المضيق العميق والضيق.
رائدة الاستدامة Credit: Ken Spence/Courtesy Three Camel Lodgeومع هذه الطبيعة البكر في كل مكان، اعتبر مبدأ الحفاظ عليها أمرًا بالغ الأهمية.
ونظرًا لوجود النزُل في منطقة نائية جدًا، كان مهمًا بالنسبة لأوروبشوروف وفريقه إنشاء البنية التحتية المناسبة.
ولأنه يُعتبر رائدًا في مجال السياحة المستدامة، يتبع Three Camel Lodge اليوم ثلاث ركائز رئيسية: الإدارة المستدامة، والحفظ، وتمكين المجتمع.
بدأ النزُل بالتخلص من الزجاجات البلاستيكية الفردية مستعيضًا عنها بتوزيع أكواب معدنية على ضيوفه، قابلة لإعادة الاستخدام.
كما قاموا ببناء نظام لإدارة النفايات من الصفر، وتحويل النفايات من مكب النفايات عبر إنشاء دفيئة لتحويلها إلى سماد.
وتعمل الألواح الشمسية على تشغيل جميع إضاءة النزُل تقريبًا. ويتم الحصول على مواد البناء، والأثاث، والديكور من مصادر محلية قدر الإمكان، تبعد 50 ميلاً من النزل.
وكان جوهريًا بالنسبة أوروبشوروف الاستثمار في السكان المحليين. ويعمل قرابة 30 موظفًا منغوليًا بدوام كامل في Three Camel Lodge.
رحلاتفنادقكمبوديانشر الأحد، 03 ديسمبر / كانون الأول 2023تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتكوبونز CNN بالعربيةCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2023 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: رحلات فنادق كمبوديا فی منطقة
إقرأ أيضاً:
عزلة وخبز مهلوس.. صور لجزيرة في إيطاليا لا يعيش فيها سوى 100 شخص
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تجذب جزيرة أليكودي الإيطالية النائية في كل صيف سيلًا بطيئًا من السياح الذين يتطلعون إلى الهروب من حياة المدن.
لا توجد سيارات أو طرق في الجزيرة التي تبلغ مساحتها 5 كيلومترات مربعة، ولكن يمكن عبور مسارات المشي على متن حمار.
رغم أنّ تغطية الهاتف المحمول أصبحت متاحة الآن في غالبية الأماكن، إلا أنّ العديد من المنازل تفتقر إلى الكهرباء والماء.
بالنسبة لسكان الجزيرة، الذين يبلغ عددهم حوالي 100 شخص (وتتناقص أعدادهم بشكلٍ حاد في الشتاء)، فإنّ خوض تجربة هذا الفصل ليست بالأمر السهل.
وثّق مصوران الحياة على جزيرة أليكودي في إيطاليا. وجمع الثنائي الصور في كتاب بعنوان "Thinking Like an Island".Credit: Camilla Marrese and Gabriele Chiappariniفي ظل غياب مرافق المستشفيات، يجب على السكان السفر بالعبّارة، أو في حالات الطوارئ، بطائرة مروحية، لتلقي العلاج الطبي.
وقالت المصورة الإيطالية كاميلا ماريسي، التي زارت جزيرة أليكودي خلال جائحة "كوفيد-19" لتوثيق الحياة اليومية هناك، فإن مدرسة الجزيرة أُغلِقت بسبب نقص عدد الأطفال.
ورُغم وجود متجري بقالة وحانة، إلا أنّ الأخيرة تفتح أبوالها لثلاثة أشهر فقط من العام.
يُعد اصطياد الأسماك ركيزة أساسية للحياة في الجزيرة الإيطالية، ولكن كان للسياحة أثرًا كبيرًا على اقتصاد الجزيرة.Credit: Camilla Marrese and Gabriele Chiappariniوقالت ماريسي في مقابلة مع CNN: "بالنسبة لبقية العام، ينطوي التجمع الاجتماعي الكبير على التوجّه إلى الميناء عندما تصل القوارب. ويذهب السكان إلى هناك فقط لتفقد هوية الواصلين والمغادرين".
وأضاف شريكها وزميلها، غابرييل تشياباريني، الذي كان معها خلال المقابلة: "تقع بعض المنازل على بُعد ساعتين سيرًا على الأقدام من الميناء، لذا يستخدم بعض الأشخاص المنظار لمراقبة ما يحصل في المكان".
تقع الجزيرة في شمال صقلية.Credit: Camilla Marrese and Gabriele Chiappariniوأمضى الثنائي ما يقرب من شهرين لاستكشاف أليكودي، وتصوير طبيعتها، وتكوين صداقات مع سكانها على أمل توثيق لمحة نادرة عن الجزيرة وسكانها خلال فصل الشتاء.
وكانت النتيجة كتاب بعنوان "Thinking Like an Island" يجمع بين صور الـ"بورتريه" والمناظر الطبيعية التي توحي بشعور عميق بالعزلة.
يُحتمل أنّ تكون أليكودي أصبحت مأهولة بالسكان منذ القرن الـ17 قبل الميلاد، ولكن أدّت الهجرة إلى تغير ديموغرافي كبير في العقود الأخيرة.
ووصفت ماريسي السكان الحاليين بأنهم عبارة عن مزيج من السكان المحليين والغرباء الذين انتقلوا إليها من أماكن أخرى في أوروبا بحثًا عن حياة هادئة.
يوثّق الكتاب طبيعة الجزيرة أيضًا. Credit: Camilla Marrese and Gabriele Chiappariniوقال تشياباريني: "تحدثنا مع الكثير من الأشخاص الذين اختاروا الجزيرة لأنهم سئموا من الطريقة التي يسير بها العالم الآن، في ظل تغير المناخ، والتلوث، والأنظمة الاقتصادية".
رَصَد الثنائي إحساسًا فريدًا بالمجتمع رُغم الافتقار لأماكن التجمع أو المساحات الاجتماعية المشتركة.
وأوضحت ماريسي: "كل المنازل متناثرة، لذا من الصعب للغاية أن يتطور الإحساس بالمجتمع. لكن، هناك شعور كبير بالانتماء، حيث يعرف الجميع بعضهم البعض، وهم على استعداد لتقديم المساعدة لأي شخص".
اعتاد السكان على بناء علاقات قوية مع الأشخاص وبسرعة.Credit: Camilla Marrese and Gabriele Chiappariniووجد الثنائي المصور أنّ عقلية سكان الجزيرة سهّلت عليهما اكتساب ثقتهم بسرعة لتوثيقهم.
الخبز المُهلوِس يوثق الكتاب السكان والطبيعة في آنٍ واحد.Credit: Camilla Marrese and Gabriele Chiappariniتُظهِر الصور في كتاب "Thinking Like an Island" سكان الجزيرة بين أنحاء الطبيعة، أو على الشواطئ تحت سماء داكنة.
غالبًا ما امتنع الثنائي عن ذكر أسماء السكان، بينما تم إخفاء وجوه بعض الأشخاص بالكامل لحماية خصوصيتهم، ما يضيف إلى إحساس الغموض المحيط بالجزيرة الغنية بالفولكلور المحلي.
تتميز الجزيرة بجانب تاريخي غريب، وهو إنتاجها للخبز المُهَلوِس عن طريق الخطأ.
وحتى خمسينيات القرن العشرين، أكل المحليون أرغفة خبز ملوثة بفطر يُدعى "ergot"، وهو المكوِّن الأساسي لمخدِّر "LSD".
تناولت أجيال من القرويين ما يُشار إليه بـ "الجاودار المجنون" من دون قصد، وقد يكون ذلك مصدر العديد من الأساطير المحلية، مثل النساء اللواتي قيل عنهن إنهن كنً يحلقن في سماء أليكودي.
وأوضحت ماريسي: "هناك الكثير من الأساطير التي تم تناقلها عبر الأجيال. ويُحتمل أنّها كانت لحظة من الهلوسة تقاسمها جميع سكان الجزيرة الذين كانوا يتناولون هذا الخبز كل يوم".
وبذل الثنائي جهدهما لتجنب إبراز جزيرة أليكودي كمكان مرعب رُغم الحقائق الاقتصادية القاسية فيها.
لكن أدّت حتى المستويات الصغيرة نسبيًا من السياحة إلى تغيير حظ الجزيرة.