بيونج يانج تبدأ التجسس بأقمارها الاصطناعية: الحرب مسألة وقت
تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT
يمن مونيتور / رويترز
بدأت كوريا الشمالية، الأحد، عمليات استطلاع عبر الأقمار الاصطناعية، بعد أن أطلقت أول قمر تجسسي عسكري، الشهر الماضي، محذرة من أن “الصدام المادي والحرب” أصبحا مسألة وقت في شبه الجزيرة الكورية، بعد إلغاء اتفاق خفض التوتر العسكري بين الكوريتين، مهددة جارتها الجنوبية بـ”انهيار تام” إذا ارتكبت أي عمل عدائي.
وأعلنت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية أن مكتب عمليات الأقمار الاصطناعية الجديد، ومقره مركز التحكم العام التابع للإدارة الوطنية لتكنولوجيا الفضاء الجوي “ناتا”، بدأ أداء مهمته، وسينقل المعلومات التي ترد إليه إلى مكتب الاستطلاع في الجيش والوحدات الرئيسية الأخرى.
وذكرت الوكالة في بيان: “بدأ مكتب عمليات القمر الاصطناعي الاستطلاعي في مركز التحكم العام في بيونج يانج التابع لـ(ناتا)، تنفيذ مهمته في الثاني من ديسمبر الجاري. المكتب سيؤدي مهامه كمنظمة استخباراتية عسكرية مستقلة”.
ونجحت كوريا الشمالية في وضع القمر الاصطناعي التجسسي “مالليجيونج-1” في مداره في 21 نوفمبر، بعد محاولتين فاشلتين، إذ قالت كوريا الشمالية منذ ذلك الحين إن عملية “التوجيه الدقيق” للقمر جارية، وأنه سيبدأ مهمته الرسمية في الأول من ديسمبر.
ولفتت بيونج يانج إلى أنها التقطت صوراً للبيت الأبيض ووزارة الدفاع الأميركية وقواعد عسكرية أميركية و”مناطق مستهدفة” في كوريا الجنوبية، في خطوة أثارت توتراً إقليمياً، ودفعت الولايات المتحدة وأستراليا واليابان وكوريا الجنوبية إلى فرض عقوبات جديدة على بيونج يانج.
ولم تنشر بيونج يانج أي صور من القمر الاصطناعي حتى الآن، ما سيجعل المحللين والحكومات الأجنبية في حيرة بشأن القدرة التي يتمتع بها القمر الصناعي الجديد، وهذا ما سيبحثونه في مناقشاتهم.
“انهيار تام لكوريا الجنوبية”
وحذرت كوريا الشمالية من أن “الصدام المادي والحرب” أصبحا مسألة وقت في شبه الجزيرة الكورية في أعقاب إلغاء اتفاق خفض التوتر العسكري بين الكوريتين، مهددة كوريا الجنوبية بأنها ستواجه “انهياراً تاماً”، إذا ارتكبت أي عمل عدائي، بحسب وكالة “يونهاب” الكورية الجنوبية للأنباء.
ووجه معلق عسكري كوري شمالي هذا التهديد في مقال نشرته وكالة الأنباء المركزية الكورية الرسمية في البلاد، وألقى باللوم على الجنوب في إلغاء اتفاق عسكري شامل أبرم عام 2018، ويتضمن سلسلة من الإجراءات العسكرية للحد من التوتر على طول الحدود.
وألغت كوريا الشمالية فعلياً الاتفاق، الشهر الماضي، بعد أن علقت كوريا الجنوبية جزءاً من الاتفاق احتجاجاً على نجاح كوريا الشمالية في إطلاق قمر التجسس العسكري، ومنذ ذلك الحين أعادت بيونج يانج مواقع الحراسة، وجلبت أسلحة نارية ثقيلة على طول الحدود.
“الحرب ليست احتمالاً”
وأضاف المعلق العسكري: “بسبب التحركات المتهورة وغير الحكيمة لمجموعة الخونة العميلة لإلغاء الاتفاق العسكري بين الشمال والجنوب، فإن المواجهة العسكرية الشديدة التي لا تقل خطورة عن تلك التي كانت قبل اعتماد الاتفاق نشأت مرة أخرى في شبه الجزيرة الكورية”.
وتابع: “إن اتفاق 2018 كان الآلية الدنيا والخط الأخير لمنع الصراع العسكري العرضي في المنطقة الواقعة على طول خط ترسيم الحدود العسكرية، حيث تقف القوات المسلحة الضخمة في أعلى كثافة ومواجهة حادة في العالم. الصدام المادي والحرب في شبه الجزيرة الكورية أصبحا مسألة وقت وليس احتمالاً”.
واعتبر أن إطلاق بلاده الأقمار الاصطناعية “حق مشروع وعادل لدولة ذات سيادة، وأنه ليس من المنطقي أن يعلق الجنوب الصفقة، رداً على إطلاق القمر الاصطناعي غير المحظور بموجب الاتفاق”.
وأكد المعلق أنه إذا كان إطلاق القمر الاصطناعي يشكل انتهاكاً لاتفاق عام 2018، فإن إطلاق كوريا الجنوبية قمر التجسس العسكري الخاص بها لن يكون مختلفاً، في إشارة إلى إطلاق أول قمر اصطناعي للتجسس العسكري المحلي في سول، الجمعة.
تدمير جيش كوريا الجنوبية
وهدد المعلق بأن “أي عمل عدائي للجماعة العميلة ضد جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية سيؤدي إلى تدمير بائس للجيش العميل والانهيار التام لجمهورية كوريا الجنوبية”.
وقال المعلق: “الوضع السائد يثبت مرة أخرى صحة خيار كوريا التي دفعت قدماً في تعزيز ردع الحرب النووية وتحديث القوات المسلحة. المحرضون الذين ألغوا تماماً الاتفاق العسكري بين الشمال والجنوب سيتعين عليهم بالتأكيد دفع ثمن باهظ”.
يشار إلى أن كوريا الشمالية قالت، الشهر الماضي، إنها ستنشر قوات مسلحة أقوى وأسلحة جديدة على حدودها مع كوريا الجنوبية، بعد أن علقت سول جزءاً من الاتفاق العسكري لعام 2018 بين الكوريتين احتجاجاً على إطلاق بيونج يانج قمراً تجسسياً.
من جهتها قالت هيئة الأركان المشتركة في كوريا الجنوبية إن رئيس الهيئة كيم ميونج سو، زار السبت، الوحدات الأمامية بالقرب من الحدود مع الشمال لتقييم وضع الاستعدادات في ظل تصاعد التوتر، خاصة بعد أن قالت كوريا الشمالية، السبت، إنها ستعتبر أي تدخل في العمليات المتعلقة بأقمارها الاصطناعية بمثابة “إعلان حرب”، وستحشد قوة الردع الحربية لديها، حال أصبح أي هجوم على أصولها الاستراتيجية وشيكاً.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: بيونج يانج زعيم كوريا الشمالية قمر التجسس فی شبه الجزیرة الکوریة القمر الاصطناعی کوریا الشمالیة کوریا الجنوبیة العسکری بین بیونج یانج مسألة وقت بعد أن
إقرأ أيضاً:
كوريا الجنوبية والصراع الهادئ بين البوذية والمسيحية
رغم أن البوذية دخلت كوريا منذ قرابة ألفي سنة والمسيحية دخلتها منذ قرن ونصف فقط، فإن هذه الأخيرة تمددت حتى صارت أكثر انتشارا من البوذية، وما يميز كوريا الجنوبية عن غيرها من دول شرق آسيا هو الحضور القوي للديانة المسيحية فيها رغم شيوع الطابع البوذي التاريخي للدولة.
ففي حين قد يظن البعض أن كوريا دولة بوذية فإن الحقيقة غير هذا تماما، حيث يشكل المسيحيون ما بين 28 إلى 30% من سكان البلاد، بينما يشكل البوذيون ما نسبته 22% تقريبا، ويحتل من يعتبرون أنفسهم "لا دينيون" معظم النسبة المتبقية، مع نسب ضئيلة لأتباع الديانات والمذاهب الأخرى كالإسلام واليهودية والهندوسية والسيخ وغيرهم.
وخلال وجودنا في العاصمة الكورية سول قررنا زيارة معبد بوذي وكاتدرائية مسيحية، لنأخذ القراء في جولة حول أكبر ديانتين في البلاد، نقابل خلالها أطرافا من الجانبين.
دخلت البوذية كوريا عبر الصين عام 372 ميلادية خلال فترة الممالك الثلاث، ثم تجذرت في السياسة والفلسفة والفنون، ومع ذلك، فخلال عهد مملكة جوسون (1392-1897) في كوريا الجنوبية، حلت المعتقدات الكونفوشية -القادمة من الصين أيضا- محل البوذية كأيدولوجية للدولة، مما أدى إلى قمع الأخيرة عدة قرون رغم استمراها في المناطق الريفية والمعابد الجبلية.
واليوم تعد "طائفة جوغي" أكبر طائفة بوذية في البلاد، ويبلغ عدد أتباعها نحو 7 ملايين شخص، ويشرف عليها 13 ألف راهب، ويوجد في كوريا الجنوبية نحو 900 معبد تقليدي ونحو 20 ألف موقع بوذي.
من بين كل تلك المعابد زرنا معبد جوغيسا، الواقع في منطقة جونغنو في قلب العاصمة سول، ويعتبر المركز الروحي والإداري لطائفة جوغي، ومحورا رئيسيا للعبادة البوذية والأنشطة الثقافية.
إعلانويشتهر هذا المعبد، الذي تأسس عام 1910، بمهرجان الفوانيس السنوي الذي يقام خلال عيد ميلاد بوذا، ويجذب آلاف الزوار، كما يشتهر بقاعة دايونغجيون -قاعة بوذا الرئيسية- التي تحتوي على تمثال ضخم لبوذا في الوسط وعن يمينه ويساره تمثالان آخران يمثلان حالات تأمل لبوذا.
ويتيح موقع المعبد في وسط سول للزوار مشاهدة الممارسات البوذية أمام أعينهم، والتي تشمل التأمل وتلاوة الترانيم والإقامة في المعابد، ورغم انخفاض أعداد البوذيين في السنوات الأخيرة بسبب الحداثة وانتشار المسيحية، فإن البوذية لا تزال جزءا مهما من الهوية الثقافية الكورية.
الراهبة بوبشينخلال زيارتنا للمعبد قابلنا الراهبة بوبشين (37 سنة)، التي قالت إنها بدأت التطوع في المعبد بهدف مساعدة الناس، ثم شعرت "بالحاجة للتعمق في فهم البوذية"، فبدأت دراستها منذ 7 سنوات، وبعد ذلك قررت أن تصبح راهبة بوذية.
تقول بوبشين إنها حلقت شعرها بعد الترهب، "لأن حلاقة الشعر تعني التحرر من التعلق بالدنيا، وفي البوذية نرى أن التعلق بالدنيا هو سبب المعاناة والألم، وحلاقة الشعر تعني بطريقة ما التخلص من المعاناة"، بحسب تعبيرها.
أما عن دراستها للبوذية وكم تستغرق لإتمامها، قالت إن دراسة البوذية بالنسبة للراهبات "لا نهاية لها"، وأشارت إلى أنها زارت المعبد في هذا اليوم لتأخذ كتابا جديدا لتعاليم بوذا لدراسته، وأضافت "كلما انتهينا من دراسة كتاب نبدأ كتابا جديدا".
وعن الزواج تقول بوبشين إن الراهبات البوذيات لا يتزوجن "نحن نتزوج العالم كله من خلال العطاء والحب"، على حد قولها، وعن تقليد إيقاد الشموع في المعبد، قالت إنه "يرمز لإشاعة النور وطرد الظلام، ولتذكر طبيعة الحياة الفانية من خلال رؤية الشمعة تذوب".
إعلان طقوس بوذيةصادفنا في المعبد أيضا أحد زواره وهو جونغ كوان سون (43 عاما)، وقال للجزيرة نت إنه يزور هذا المعبد دوريا لأن والده كان يعمل فيه، وأوضح أن والده لم يكن راهبا لكنه "كان بوذيا متدينا جدا إلى حد الرهبنة"، واعتاد مرافقته في طفولته.
يقول كوان سون إنه حين يدخل المبعد يركع 3 مرات في 3 اتجاهات، وبفعل ذلك فإنه يقدم التحية والاحترام لثلاثة: بوذا ودارما (تعاليم بوذا) وسانغا (أتباع بوذا)، ولكي "أتخلص من السموم الثلاثة: الطمع والكراهية والوهم"، حسب قوله.
وعن صلاتهم، قال إنه ليس في البوذية عبادة بالمعنى ذاته الموجود في الأديان السماوية، وإنما العبادة لديهم عبارة عن "تأمل في الوجود ومحاسبة أنفسنا والحرص على ضبط انفعالاتنا"، وأثناء الصلاة يرتلون أناشيد هي نصوص متنوعة من تعاليم بوذا.
كاتدرائية سيدة الحمل الطاهرخرجنا من المعبد البوذي، حيث لم يكن مسموحا للزوار التصوير بداخله، وانطلقنا إلى كاتدرائية "سيدة الحمل الطاهر" والمعروفة باسم كاتدرائية ميونغ دونغ، نسبة إلى الحي الذي تقع فيه بمنطقة جونغ بسول، وتعتبر مقر رئيس أساقفة العاصمة، بيتر تشونغ سون تايك.
وتعمل الكاتدرائية -التي تأسست نهاية القرن التاسع عشر- كمعلم مجتمعي وجذب سياحي ورمز بارز للكنيسة الكاثوليكية في كوريا، وقد أعلنتها الحكومة موقعا تاريخيا في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1977.
على الرغم من أن المسيحية دخلت كوريا في أوقات متفرقة عبر الكتب والمبشرين الكاثوليك في القرن 17، فإنها لم تنتشر بشكل كبير إلا في أواخر القرن 19 عندما وصل المبشرون البروتستانت من الغرب، وشهدت المسيحية نموا سريعا بعد الحرب الكورية (1950-1953) حيث لعبت الكنائس دورا كبيرا في تقديم المساعدات الاجتماعية والتعليمية.
ويوجد في كوريا نحو 5.8 ملايين كاثوليكي ونحو 10 ملايين بروتستاني، وتضم البلاد أكثر من 1700 كنيسة كاثوليكية، أبرزها كاتدرائية ميونغ دونغ التي زارتها الجزيرة نت، كما تضم بعض أكبر الكنائس البروتستانتية في العالم مثل كنيسة يويدو الإنجيلية الكاملة في سول، والتي تعد أكبر كنيسة في العالم بعدد أعضاء يتجاوز 800 ألف شخص، وفقا للكنيسة.
إعلان موجة ماديةولم يتسنَّ للجزيرة نت التحدث مع رجال الدين في الكاتدرائية، لأن إدارة الكنيسة اشترطت تقديم طلب مسبق، لكننا قابلنا خلال زيارتنا لها الشاب كايل جونغ وخطيبته لوسيا يو، وعند سؤالهما قالت لوسيا للجزيرة نت إنهما يزوران الكاتدرائية لأنه لا توجد كنيسة قريبة من محل إقامتهما، وفي هذه الكنيسة يجدان السلام والطمأنينة، حسب قولها.
أما كايل فسألناه عن نظرته لمستقبل المسيحية في كوريا، فقال إن "الكاثوليكية مثل عموم الأديان، تواجه موجة المادية، فالشباب المسيحيون لا يحضرون بانتظام للكنيسة لأنهم منشغلون بالسعي لتلبية متطلبات الحياة الصعبة في هذا الوقت"، ويضيف "لكنني عموما متفائل".
وعلى الرغم من التحديات التي واجهتها المسيحية في كوريا الجنوبية، بما في ذلك المنافسة مع الديانات التقليدية مثل البوذية، فإنها تبقى قوة رئيسية في الحياة الدينية والاجتماعية بالبلاد، في حين لا تزال تحتفظ البوذية بمكانتها، ولها تأثير واضح في الثقافة والفكر والحياة اليومية.