نيويورك تايمز: الجذور العميقة لدعم أيرلندا للفلسطينيين
تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT
منذ هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول على غلاف غزة والقصف الإسرائيلي اللاحق على القطاع، برزت أيرلندا باعتبارها دولة "شاذة" في أوروبا بسبب موقفها من الصراع، حيث إن غالبية الناس هناك يتعاطفون مع المدنيين الفلسطينيين وإن أدانوا الهجوم على إسرائيل.
من هذه الملاحظة، انطلقت صحيفة نيويورك تايمز -في تقرير بقلم ميغان سبيسيا- لإلقاء الضوء على جذور الدعم العميق والمتجذر المقدم للمدنيين الفلسطينيين في ايرلندا، مشيرة إلى أن الكثيرين يردونه إلى تاريخ مشترك من الاستعمار البريطاني، وتجربة متماثلة لصراع مؤلم وصعب الحل.
وأشارت الكاتبة إلى ما قامت به الفنانة ريوناش ني نيل ومجموعة من الأصدقاء، عندما أقاموا منصة صغيرة أمام سفارة الولايات المتحدة في دبلن، وتناوبوا على مدار 11 ساعة ونصف ساعة على قراءة آلاف الأسماء، للشهداء الفلسطينيين منذ أن بدأت إسرائيل قصف غزة، وفقا لقائمة نشرتها السلطات الصحية في غزة.
يقترب من الانتقام
وقالت ني نيل (52 عاما) إن تلك كانت محاولة للتعبير عن فداحة الخسائر في الأرواح، وأضافت "أعتقد أن الأساس الحقيقي في أيرلندا هو أن حقوق الإنسان تحظى بالتقدير، وما يحدث الآن هو تدمير لحقوق الإنسان العالمية. هذا ليس شيئا يمكن تجاهله".
وكان المشرعون الأيرلنديون من مختلف الأطياف السياسية، قد دانوا الهجوم على إسرائيل، ولكنهم أيضا كانوا أول من دعا في أوروبا إلى حماية المدنيين الفلسطينيين ودان حجم الرد الإسرائيلي.
واعترف رئيس وزراء أيرلندا ليو فارادكار بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، ولكن ما يتكشف في غزة "يقترب من الانتقام"، حسب رأيه، وكذلك قال الرئيس الأيرلندي مايكل د. هيغينز، إن الضربات الإسرائيلية التي قتلت مدنيين تهدد بترك اتفاقيات حقوق الإنسان "في حالة يرثى لها".
ورأت الصحيفة أن هذه الآراء هي السائدة في أيرلندا، وفي استطلاع للرأي نُشر الشهر الماضي رأى حوالي 71% من المشاركين رد إسرائيل على أنه "شديد بشكل غير متناسب"، في الوقت الذي شارك فيه عشرات الآلاف في احتجاجات أسبوعية للمطالبة بوقف الهجمات الإسرائيلية على غزة.
وقالت جين أولماير، أستاذة التاريخ في كلية ترينيتي في دبلن إن وضع أيرلندا كمستعمرة بريطانية سابقة "شكل كيفية تعامل الناس هناك مع سياسات صراعات ما بعد الاستعمار"، وأضافت أن هذا التاريخ يميز أيرلندا عن عدد من الدول في أوروبا الغربية، كان بعضها قوى استعمارية، وهو يمنحها أرضية مشتركة مع الفلسطينيين.
أولستر يهودية
وقد رسم المسؤولون البريطانيون -حسب الصحيفة- أوجه التشابه بين الأيرلنديين والفلسطينيين، عندما كتب رونالد ستورز، الذي كان حاكما للقدس حتى عام 1926، في مذكراته أنه إذا انتقل عدد كافٍ من اليهود إلى فلسطين، "فسيشكل ذلك أولستر يهودية صغيرة موالية لبريطانيا" في إشارة إلى المستوطنين الإنجليز الذين تم إرسالهم إلى أيرلندا الشمالية فيما أصبح يعرف باسم "مزرعة أولستر".
ورغم أن أيرلندا كبقية أوروبا، فضلت حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني وتواصلت مع قادة الجانبين، فإن علاقاتها مع إسرائيل توترت في الأسابيع التي تلت هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، حيث استدعت إسرائيل السفير الأيرلندي لتوبيخه، وقال وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين إن رئيس الوزراء الأيرلندي فقد "بوصلته الأخلاقية".
وخاصت الصحيفة إلى أن الحرب في غزة تذكر بعض الذين عايشوا الصراع الذي اندلع في أواخر القرن العشرين في أيرلندا الشمالية، بصدمة الماضي، كما يذكرهم بإمكانية تحقق الأمل.
وقد وجه الصحفي الأيرلندي باتريك كيلتي رسالة إلى "العائلات التي تمزقت حياتها في إسرائيل وفلسطين"، وقال "إننا نعيش حاليا معجزتنا على هذه الجزيرة، لأننا نعيش في سلام"، وأضاف "بالنسبة لكل من في إسرائيل وفلسطين الليلة قد لا يبدو الأمر كذلك، ولكن هناك دائما أمل، ونأمل أن تأتي معجزتكم قريبا".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
“نيويورك تايمز”: مذكرات اعتقال نتنياهو وجالانت تعد معلما دبلوماسيا مهما
ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أن مذكرة الاعتقال “التاريخية” التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق، يوآف جالانت، تشكل معلما دبلوماسيا مهما.
وقالت الصحيفة، في مقال تحليلي نشرته أمس الخميس، إن مذكرات الاعتقال تلك ستجعل نتنياهو وجالانت يشعران بأن العالم أصبح مكانا أصغر بالنسبة لهما، ورغم أن نتنياهو لديه حلفاء بين أعضاء المحكمة الجنائية الدولية، سيتعين عليه التخطيط لسفره إلى الخارج بعناية أكبر بكثير من ذي قبل.
وذكرت الصحيفة أن مذكرات الاعتقال تمثل في حد ذاتها معلما دبلوماسيا مهما، وسوف تنظر إليها العديد من الدول في الجنوب العالمي، سواء كان ذلك صحيحا أو لا، على أنها علامة على أن المؤسسات الدولية لم تعد بالضرورة أدوات للغرب.
وأشارت الصحيفة إلى أنه، في حين أن الولايات المتحدة وإسرائيل ليستا من الدول الموقعة على اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية، هناك 124 دولة أخرى موقعة، وهي ملتزمة رسميا بتنفيذ مذكرات الاعتقال إذا وطأ نتنياهو أو جالانت أو أي شخص مطلوب آخر أرضها، حتى لو كان ذلك عن طريق الخطأ، مثل عطل في الطائرة يتطلب هبوطا غير مقرر.
ونقلت عن فيليب ساندز، عضو فريق الدفاع الفلسطيني أمام محكمة العدل الدولية، قوله إن مذكرات الاعتقال “ملزمة لجميع الأطراف في المحكمة الجنائية الدولية، إذا وطأت أقدامهم أراضي دولة طرف، فإن هذه الدولة الطرف ملزمة باعتقالهم ونقلهم إلى لاهاي، وهذا ملزم إلى حد كبير”.
وقالت “نيويورك تايمز”، إن نتنياهو لديه حلفاؤه السياسيون من بين الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، مثل رئيس الأرجنتين خافيير ميلي، الذي قال إن الولايات المتحدة وإسرائيل هما الحليفتان الرئيسيتان للأرجنتين.
اقرأ أيضاًالعالمبوتين يصادق على مرسوم يوسع نطاق استخدام “الردع النووي” لروسيا
وانتقد ميلي اليوم على الفور حكم المحكمة الجنائية الدولية ضد نتنياهو، زاعما أنه “يتجاهل الحق المشروع لإسرائيل في الدفاع عن نفسها في مواجهة الهجمات المستمرة من جانب حماس وحزب الله”.
غير أن المحامي دانييل رايزنر، الرئيس السابق لدائرة القانون الدولي في الجيش الاسرائيلي، يرى أن العالم سيكون مكانا أصغر بالنسبة لنتنياهو وجالانت، اللذين سيتعين عليهما التخطيط لرحلاتهما بعناية شديدة.
من جانبها، قالت داليا شيندلين، المحللة الإسرائيلية وخبيرة استطلاعات الرأي، إنه بسبب حرب غزة، أصبحت سمعة إسرائيل سيئة بالفعل في أجزاء كبيرة من العالم.
وأضافت: “المذكرات القضائية قد تعزز شرعية المؤسسات الدولية التي تضررت بالفعل نتيجة للعديد من الإخفاقات، وقد يؤدي هذا إلى إحياء الشعور بتطبيق القانون بشكل متسق على الدول الغربية، حتى تلك التي تدعمها الولايات المتحدة، لكنها سوف تثور، وقد تبدأ أيضا في تقويض المحكمة بشكل كبير”.