ثقافة السويس تحتفي برواية "رسالة إلى هارون"
تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT
شهد فرع ثقافة السويس عددا من الفعاليات الثقافية خلال اليومين الماضيين، ضمن برامج الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة عمرو البسيوني.
ونظم الفرع حفل توقيع ومناقشة رواية "رسالة إلى هارون" للأديبة سناء فرج، وذلك بقصر ثقافة السويس، ضمن حفلات توقيع الكتب الفائزة في مسابقة النشر الإقليمي لعام 2022.
بدأت فعاليات الحفل الذي أدارته صباح هادي، بحديث الأديب السيد ياسين قائلا: تعد رواية "رسالة إلى هارون" منتجا أدبيا مميزا، يحمل ثقافة مبدعة استطاعت أن تصور لنا مرحلة تاريخية مهمة من التاريخ العربي بكل أحداثه، من خلال عدة إسقاطات تاريخية استدعت فيها الكاتبة شخصيات وأماكن وأزمنة من عصر هارون الرشيد.
وأضاف: أن رصد الكاتبة لشخصية هارون الرشيد عبر ديالوج وألواح ملونة مجسدة جعل الرواية تبدو بصورة إبداعية، دفعت بالقارئ لينهل من مضمونها كل ما هو تاريخي وثقافي، لما تحمله بين طياتها من دلالات وتأويلات عدة.
وعن أسلوب الكاتبة أشار "ياسين" أنها تتمتع بقدر كبير من الثقافة، كما أنها ملمة بأدوات الكتابة، وانعكس ذلك على أسلوب كتابتها، وأوضح أن الرواية تحمل عددا من المشاهد الرومانسية، برعت الكاتبة في سردها من خلال الأحداث ومنها مشاهد تمسك زبيدة بهارون معلنة عدم تركها له، لأنه مازال بالنسبة لها هو حلمها الجميل، كما أن الكاتبة أبدعت في رصدها للتاريخ من خلال سرد واقعة حرق مكتبة بغداد وبعض الأحداث التاريخية الأخرى في معادل موضوعي بلغة شعرية، وسرد شيق ساعد على تنشيط الذاكرة التاريخية، لأن القارئ يبحث دائما عن متعته الفنية من خلال كتابة تأويلية شيقة تترك له فضاءات يقوم من خلالها بمليء هذه الفراغات.
واختتم حديثه موجها الشكر لصاحبة الرواية التي قدمت عملا أدبيا مميزا يمكن إضافته إلى المكتبة العربية.
من جانبه بدأ الشاعر عزت المتبولي حديثه قائلا: إن سناء فرج أديبة قوية الكلمات والبلاغة، وتتمتع بمخزون لغوي وتاريخي وثقافي كبير في زمن خفت فية البلاغة القوية، واستطاعت بتقديمها لتلك الرواية أن تحلق ببراعتها فوق صفحات التاريخ مستدعية شخصيات وأماكن وأزمنة فى عصر هارون الرشيد وعصور أخرى، لخلق مشهدية فنية جسدت فيها عوالم متعددة طرحت من خلالها فلسفتها وثقافتها، ومنحت القارئ جرعات تثقيفية وتاريخية متميزة.
وأضاف أن صاحبة الرواية تمتلك ثقافة وفكرا ورؤية ولغة يجعل لها التفرد والتميز ، لأن من يقرأ "رسالة إلى هارون" لابد أن يتوقف أمامها طويلا نظرا لعبقريتها في الطرح والفكر والسرد واللغة، هذا بخلاف تميز الكاتبة بالخيال الفانتازي الذى يُبحر بالملتقي إلى عوالم وعصور كثيرة.
واختتم حديثه موضحا أن الرواية توجه عدة رسائل إلى "هارون" الهدف منها هو إعادة إحياء الذاكرة الوطنية لمواجهة تداعيات الحاضر، من خلال الاستقواء بالماضي العظيم بكل فتوحاته وانتصاراته وعصور الازدهار.
وشهد الحفل الذي أقيم بإشراف إقليم القناة وسيناء الثقافي برئاسة أمل عبد الله من خلال إدارة الشئون الثقافية بفرع ثقافة السويس برئاسة عبد المنعم حلاوة، فتح باب المناقشة مع الجمهور، ودارت حول جماليات الرواية وما تحمله من لغة شيقة، وفكر واع، وذلك بحضور كل من الأديب محمد أيوب، الشاعر جمال عمران، المستشار أحمد خزيم، والفنانة عائشة محمد ونخبة من الشعراء والمثقفين. 407391892_748438630653844_1600233852589369974_n 407810431_748438530653854_97395316972903021_n 407818403_748438590653848_6576761333834999360_n
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: فرع ثقافة السويس الهيئة العامة لقصور الثقافة التاريخ العربي ثقافة السویس من خلال
إقرأ أيضاً:
الرواية.. بين الانتصار للحقوق وإملاءات الجوائز
لا تزال الساحة الثقافـية بين ضفتي المتوسط مشغولة بقضية الكاتب الفرنسي الجنسية الجزائري الأصل كمال داود، الحائز مؤخرا على جائزة «غونكور» الفرنسية، التي لا تتجاوز قيمتها المالية أكثر من عشرة يورو، ولكن للجائزة قيمة معنوية تمنح الرواية الفائزة شهرة واسعة فـي البلدان ذات الثقافة الفرنكوفونية، التي تُعد هذه الجائزة إحدى قواها الناعمة والمغرية للكُتّاب بلغة فولتير، مع أن هذه الجوائز تُخضِع الأدب القادم من العالم الثالث لمواصفات وشروط الذائقة الأوروبية والفرنسية على وجه التحديد، كما ذكر ذلك الكاتب الفرنسي جان ــ لو أمسيل فـي كتابه «اختلاق الساحل» الذي راجعه الكاتب بابا ولد حرمه ونشره فـي الموقع الإلكتروني لمركز الجزيرة للدراسات. ويرى الكاتب بأن ذلك الإبداع يستجيب «لشروط وهياكل مسبقة شيدتها فرنسا عبر شبكات تعاونها المتمثل فـي المراكز الثقافـية ووسائل الإعلام والجوائز الأدبية ودور النشر التي تخصص حيزاً كبيراً من جهودها لما يبدعه كتاب ومثقفون ومفكرون ذوو علاقات وطيدة مع النخب الثقافـية والعلمية فـي باريس». وقد عنون الكاتب الفصل الثاني من الكتاب « توطين المثقف الناطق بالفرنسية فـي الساحل» حيث ذكر المؤلف بأن « فرنسا تقتات ثقافـيا على إبداعات وطاقات أبناء القارة السمراء الطافحة بالوعود والحياة» ويتطرق المؤلف إلى تتبع خيوط الروايات الحائزة على الجوائز الأدبية وخاصة جائزة «غونكور» المهتمة بالأعمال المناهضة «للإسلاموية أو الرُهاب من الإسلام وما تخلفه هذه الأعمال من صدى، وما يُـذرف من دموع فـي أرجاء فرنسا حسرة وأسى على مصائر شخوصها من ضحايا الأبوية و«الإسلاموية» والتطرف المناقض للقيم الإفريقية «الأصيلة السمحاء».
هكذا إذن يُقيّم المثقف الأوروبي للجوائز الأدبية التي تمنحها الدول الاستعمارية لمستوطناتها القديمة، ويذُكرنا ذلك بالمثل الإنجليزي القائل «من يدفع للزمار يختار اللحن». فالجوائز الأدبية التي تُمنح الشُهرة للعمل الأدبي، قد تؤثر على المواضيع التي يتناولها الأدب ويُتهم كتابها بالسعي إلى الشهرة على حساب القيم الوطنية والنيل من مكانة الدولة، مع العلم بأن الكتابة التي تدين العنف وتفضحه وتعريه هي كتابة مرحب بها، نظرا لأن وظيفة الأدب ليست المؤانسة والإمتاع، وإنما وسيلة من وسائل الانتصار للمظلوم ورفع الضيم عنه، ولكن للأسف يتم أحيانا توظيف الكتابة لأجندة سياسية قذرة تُستغل وتتحول إلى وسائل ابتزاز وضغط على بعض الدول، وهذا أحد أسباب الجدال «حسب رأيي» حول رواية حوريات، التي منحها محكمو الجائزة ستة أصوات من أصل عشرة للجنة التحكيم.
وبصرف النظر عن مواقف الكاتب كمال داود من القضية الفلسطينية وغيرها من القضايا، فإنه لا يجوز محاكمة الكُتاب على أفكارهم شريطة ألا تتحول الكتابة إلى كآبة يتضرر منها آخرون كحال الشابة الجزائرية سعادة عربان (30 عاما) التي أفشت طبيبتها النفسية أسرارها لزوجها الكاتب كمال داوود وحكت الرواية قصتها الحقيقية، فأصبحت سعادة ضحية مرتين. مع التأكيد على أننا لم نكن لنعرف مأساة سعادة لولا رواية حوريات، كما لم نتعرف على مقتل الشاعرة الأفغانية ناديا انجومان التي قتلها زوجها عام 2005، لولا رواية حجر الصبر للكاتب الأفغاني عتيق رحيمي، الذي كشف المعاناة التي تتعرض لها المرأة فـي أفغانستان تحت حكم سلطات قامعة لكل حق فـي الحرية. وهنا تكمن سلطة الكتابة وسطوتها فـي التأثير على الرأي العام، وهنا لا بأس أن تتحول الرواية إلى ساحة جدال.
أما بخصوص الجوائز الثقافـية الغربية فتُعد المأساة الفلسطينية محكا لها وللفاعلين الثقافـيين من كتاب وإعلاميين وأكاديميين، فإما الانتصار للعدالة الإنسانية أو الخضوع لأهواء اللوبيات الداعمة للكيان الصهيوني، والتي تمارس نفوذها فـي المؤسسات الثقافـية الغربية، وهنا نستذكر ونُذكّر بحادثة الكاتبة والروائية الفلسطينية عدنية شبلي التي ألغى معرض فرانكفورت للكتاب حفل منحها جائزة «ليبراتور»، بسبب أحداث السابع من أكتوبر. لذلك لا ننتظر من المحكمين لجائزة «غونكور» تتويج أي عمل أدبي يتناول القصص الإنسانية للإبادة الجماعية فـي فلسطين وجنوب لبنان، وغيرها من قصص ضحايا الحروب التي مارسها الغرب حديثا فـي المنطقة العربية.