إسرائيل تتصرف بغضب أعمى في عدوانها على غزة، وتهدف إلى تحقيق هدف بعيد المنال، ويبدو متناقضا، وهو محو حماس من على وجه الأرض، دون خطة للصباح في اليوم التالي.

جاء ذلك في مقال للصحفي الأمريكي توماس فريدمان، في صحيفة "نيويورك تايمز" البريطانية، وترجمه "الخليج الجديد"، لافتا إلى أن الغضب الأعمى الذي يقود إسرائيل، يدفع إسرائيل إلى أن تظل عالقة إلى الأبد في غزة، ومعترفة بكل أمراضها، ومضطرة إلى حكم 2 مليون شخص وسط أزمة إنسانية، فضلا عن تشويه سمعة الجيش الإسرائيلي.

ويضيف: "بصراحة، عدت بذاكرتي إلى أمريكا بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، وسألت نفسي: ما الذي كنت أتمنى أن أفعله أكثر قبل أن نطلق حربي الانتقام والتحول في أفغانستان والعراق، اللتين دفعنا فيهما ثمنا باهظا؟".

قبل أن يجيب: "أتمنى لو كنت قد جادلت بشأن ما قالته وكالة المخابرات المركزية حول ما أطلق عليه الفريق الأحمر، وهو مجموعة من ضباط المخابرات خارج التسلسل القيادي العسكري أو السياسي المباشر، الذين كانت مهمتهم الرئيسية هي فحص خطط الحرب وأهدافها في العراق وأفغانستان، واختبار الضغط، من خلال اقتراح بدائل متعارضة لأهداف قابلة للتحقيق لاستعادة الأمن والردع الأمريكي، وأن يتم نشر توصيات الفريق الأحمر على الملأ قبل خوضنا الحرب".

ويدعو فريدمان إسرائيل إلى أن تكون صارمة، وليست عاطفة في هذه اللحظة من الزمن.

اقرأ أيضاً

ماكرون لإسرائيل: تدمير حماس يحتاج 10 سنوات

ويقول: "أقترح على إسرائيل تشكيل ليس فقط فريقا أحمر لكيفية التعامل مع حماس في غزة، ولكن أيضا فريقا أزرق لانتقاد الفريق الأحمر، تحتاج إسرائيل إلى إجراء نقاش داخلي أكثر قوة، لأنها اندفعت بشكل واضح إلى حرب ذات أهداف متعددة متناقضة".

ويشدد على أن "هدف إسرائيل المعلن هو استعادة جميع الأسرى المتبقين لديها الذين يبلغ عددهم الآن أكثر من 130 جنديا ومدنيا، بينما تقوم بتدمير حماس وبنيتها التحتية مرة واحدة وإلى الأبد، بينما تفعل ذلك بطريقة لا تتسبب في وقوع خسائر في صفوف المدنيين في غزة أكثر مما تتسبب فيه فعليا".

ويضيف: "يمكن لإدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن أن تدافع، ودون أن تترك إسرائيل مسؤولة عن غزة إلى الأبد وتضطر إلى دفع فواتيرها كل يوم"، قبل أن يعلق ساخرا: "بالتوفيق في كل ذلك".

ويلفت فريدمان إلى أنه لو كان هناك فريق أحمر، سيقترح الفريق الأحمر الإسرائيلي "بديلا جذريا"، وتطالب بـ"وقف دائم لإطلاق النار يعقبه انسحاب إسرائيلي فوري لجميع القوات العسكرية في غزة، بشرط أن تعيد حماس جميع الأسرى الذين تحتجزهم".

ويضيف: "الجميع سيفهم أن إسرائيل تحتفظ بحقها في تقديم كبار قادة حماس الذين خططوا لمذبحة 7 أكتوبر/تشرين الأول، إلى العدالة في المستقبل، وكما فعلت بعد مذبحة ميونيخ، فإن إسرائيل ستفعل ذلك بالمشرط، وليس بالمطرقة".

اقرأ أيضاً

فاينانشال تايمز: إسرائيل تخطط لحرب طويلة واغتيال 3 من قادة حماس في غزة

ويشير إلى أن هذه الاستراتيجية، ستحقق للاحتلال 5 مزايا، حيث "قد يجادل الفريق الأحمر، بأن كل الضغوط من أجل وقف إطلاق النار لتجنيب المدنيين في غزة المزيد من الموت والدمار سوف تقع على عاتق حماس، وليس على إسرائيل، فلتقل حماس لشعبها الذي يعيش تحت البرد والمطر وللعالم إنها لن توافق على وقف إطلاق النار مقابل ثمن إنساني مجرد يتمثل في إعادة جميع الأسرى الإسرائيليين".

ويقول إن هذا سيضمن "عدم حصول حماس على أي نصر سياسي كبير، من هذه الحرب، مثل إجبار إسرائيل على إطلاق سراح جميع الفلسطينيين، الذين يقبعون في سجونها والذين يزيد عددهم عن 6 آلاف مقابل إطلاق سراح الأسرى الذين تحتجزهم حماس، بل ستكون مجرد صفقة نظيفة".

ويضيف فريدمان: من المزايا الثانية، قد يشتكي البعض، وربما الكثير، في إسرائيل من أن الجيش لم يحقق هدفه المعلن المتمثل في القضاء على حماس، وبالتالي كان ذلك انتصارا لحماس، وسوف يرد الفريق الأحمر بأن الهدف كان غير واقعي، وخاصة مع عدم رغبة الحكومة الإسرائيلية اليمينية في العمل مع السلطة الفلسطينية الأكثر اعتدالا في الضفة الغربية لبناء بديل لحماس لإدارة غزة".

ويرى أن "ما ستحققه إسرائيل، كما يقول الفريق الأحمر، هو إرسال رسالة ردع قوية إلى حماس وحزب الله في لبنان، بأنكم تدمرون قرانا، وسوف ندمر قراكم 10 مرات أكثر، هذه أشياء قبيحة، لكن الشرق الأوسط عبارة عن غابة هوبزية، إنها ليست الدول الإسكندنافية".

ويتابع: "فكروا بذكاء في الأمر، في أعقاب وقف إطلاق النار الدائم هذا، سيتعين على يحيى السنوار، زعيم حماس، أن يخرج من نفقه، وينظر إلى الشمس، ويواجه شعبه للمرة الأولى منذ ذلك الحين، نعم، في الصباح التالي لخروجه، سيحمله العديد من سكان غزة على أكتافهم ويغنون باسمه لأنه وجه مثل هذه الضربة القوية لليهود".

اقرأ أيضاً

جيروزاليم بوست: حماس مارست "خداعا مثاليا" للاستخبارات الإسرائيلية

أما ثالث المزايا، وفقا لفريدمان: "قد يجادل الفريق الأحمر الإسرائيلي بأن هذا سيخلق نفس نوع الردع لحماس الذي أحدثه القصف الإسرائيلي المدمر للمجتمعات المؤيدة لحزب الله في الضواحي الجنوبية لبيروت في حرب عام 2006 بين إسرائيل وحزب الله،، ولم يجرؤ زعيم حزب الله حسن نصرالله قط على إثارة حرب واسعة النطاق مع إسرائيل منذ ذلك الحين".

ويضيف الفريق الأحمر أن الضرر الذي ألحقته إسرائيل بحماس وغزة لن يخلق ردعا مماثلا فحسب، بل ستفعل أيضا حقيقة أن إسرائيل تستطيع الآن إعادة تصور وتعزيز دفاعاتها الحدودية، لقد أظهرت حماس لإسرائيل أين تكمن كل نقاط ضعفها وكيف قامت بتهريب الكثير من الأسلحة، ويمكن لإسرائيل الآن التأكد من أن هذا لن يحدث مرة أخرى أبدا.

وتأتي رابع الفوائد الاستراتيجية لخروج إسرائيل من غزة في مقابل وقف إطلاق النار تحت مراقبة دولية هو أنها تستطيع بعد ذلك تكريس اهتمامها الكامل لحزب الله في جنوب لبنان.

ويتابع: "أخيرا، قد يجادل الفريق الأحمر الإسرائيلي بأن لدى تل أبيب علاجا مهما يجب القيام به في الداخل، ولا يمكن لإسرائيل أن تتعافى داخليا وأن تستأنف مشروعها المتمثل في تطبيع العلاقات مع جيرانها العرب وإقامة علاقة مستقرة مع القيادة الفلسطينية الأكثر اعتدالا في الضفة الغربية إلا إذا تمت إزالة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إذا استمرت الحرب إلى الأبد وهذا لن يحدث أبدا، وهذا بالضبط ما يريده نتنياهو".

وختم فريدمان مقاله بالقول: "لكن إليكم ما ليس خيالا، التاريخ الحقيقي للعلاقات بين إسرائيل وحماس.. أنها بسيطة جدا.. إنها الحرب، الهدنة، الحرب، الهدنة، الحرب، الهدنة، الحرب، الهدنة.. إن حماس تزدهر في الحروب، لأن هذا هو كل ما يمكنها تقديمه وكل ما وجدت من أجله، تزدهر إسرائيل في فترات التوقف الطويلة، في وقف إطلاق النار، عندما تبرز كل نقاط قوتها المجتمعية والاقتصادية والابتكارية في المقدمة، وتريد إيران وحماس وحزب الله جر إسرائيل إلى حالة حرب دائمة".

اقرأ أيضاً

بلينكن لكابينيت الحرب الإسرائيلي: ليس لديكم أشهر للإطاحة بحماس

المصدر | نيويورك تايمز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: توماس فريدمان إسرائيل غزة المقاومة الأسرى هدف حماس وقف إطلاق النار الفریق الأحمر إسرائیل إلى إلى الأبد اقرأ أیضا إلى أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

تفاصيل اجتماع وزير خارجية قطر مع وفد حماس

بحث رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن مع وفد من حركة حماس ، اليوم السبت 28 ديسمبر 2024، مستجدات مفاوضات وقف إطلاق النار بقطاع غزة وسبل دفعها إلى الأمام.

وأفادت وزارة الخارجية القطرية، في بيان، بأن ابن عبد الرحمن "استقبل في الدوحة اليوم وفد حركة حماس لمفاوضات وقف إطلاق النار بقطاع غزة برئاسة خليل الحية".

وأضافت الوزارة أنه "جرى خلال المقابلة استعراض آخر مستجدات مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، وبحث سبل دفعها إلى الأمام بما يضمن الوصول إلى اتفاق واضح وشامل يضع حدا للحرب المستمرة في القطاع".


 

والأربعاء الماضي، اتهمت حماس إسرائيل بـ"وضع قضايا وشروط جديدة تتعلق بالانسحاب (من غزة) ووقف إطلاق النار والأسرى وعودة النازحين، مما أجل التوصل لاتفاق كان متاحا".

وأكدت حماس عبر بيان حينها، أن ذلك يحدث رغم أن المفاوضات كانت "تسير في الدوحة بشكل جدي"، ورغم إبدائها "المسؤولية والمرونة" لإنجاحها.

لكن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ادعى في المقابل عبر بيان، أن الحركة الفلسطينية هي من تضع "عقبات جديدة" أمام التوصل إلى صفقة.

ولأكثر من مرة تعثرت مفاوضات تبادل الأسرى التي تجري بوساطة قطرية مصرية أمريكية، جراء إصرار نتنياهو على "استمرار السيطرة على محور فيلادلفيا الحدودي بين غزة ومصر، و معبر رفح بغزة، ومنع عودة مقاتلي الفصائل الفلسطينية إلى شمال غزة عبر تفتيش العائدين من خلال ممر نتساريم وسط القطاع".

من جانبها، تصر حركة حماس على انسحاب كامل لإسرائيل من قطاع غزة ووقف تام للحرب، بغية القبول بأي اتفاق.

وتحتجز تل أبيب في سجونها أكثر من 10 آلاف و300 فلسطيني، فيما تقدر وجود 100 أسير إسرائيلي بقطاع غزة، في حين أعلنت حماس مقتل عشرات من الأسرى لديها في غارات عشوائية إسرائيلية.

المصدر : وكالة سوا

مقالات مشابهة

  • تفاصيل اجتماع وزير خارجية قطر مع وفد حماس
  • حماس تجري مباحثات مع قطر بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة
  • مفاجأة للجيش الإسرائيلي.. إطلاق صواريخ من بيت حانون تجاه القدس والنقب
  • الجيش الإسرائيلي يحرق مستشفى كمال عدوان ويكثف قصفه على غزة وحماس تؤكد: إسرائيل ترقض وقف إطلاق النار
  • حماس: الاحتلال يرفض وقف إطلاق النار والانسحاب الكامل من غزة
  • أنت أعمى.. إعلامي يفتح النار على معتز مطر (فيديو)
  • دبلوماسي أمريكي سابق: من الصعب للغاية إيقاف الحوثيين
  • نتنياهو وكاتس يُعرقلان مفاوضات صفقة التبادل
  • صحف عالمية: إسرائيل تحاول تغيير المنطقة لكن الأمر ليس سهلا
  • عائلات أسرى إسرائيليين تهدد نتنياهو