ماذا كشف تقريرٌ فرنسي عن لبنان والحرب؟ التفاصيل مشوّقة ومهمّة جداً!
تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريراً للكاتبتين فانيسا نيوباي وكيارا روفا حول الوضع في جنوب لبنان والتحديات التي تواجه السكان والقادة في المنطقة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها إن "الخط الأزرق" الذي أنشأته الأمم المتحدة في سنة 2000 لمراقبة انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان، يعدّ من أخطر خطوط الصدع الجيوسياسية في العالم، ومن المرجّح أن يندلع صراع هناك قد يزعزع بلاد الشام والمنطقة برمتها، بما في ذلك إيران وربما جميع القوى العظمى أو بعضها.
ومنذ حرب تموز 2006 التي اندلعت بين حزب الله وإسرائيل، المعروفة باسم "حرب لبنان الثانية"، ظل جنوب لبنان ينعم بالسلام حتى في غياب اتفاق رسمي بين لبنان وإسرائيل.
وفي سنة 1978، أطلقت الأمم المتحدة عمليّة حفظ السلام على هذه الحدود، وهي قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل). ومنذ ذلك الحين غُمرت المنطقة بالعمليات الاستطلاعية على مدار الساعة لمراقبة الجانب اللبناني من أجل منع أي وجود واضح لحزب الله. كذلك، أنشأت اليونيفيل قناة اتصال منتظمة بين الجيشين اللبناني والإسرائيليّ، ونظمت اجتماعات شهرية لمنع أي تصعيد غير مقصود بين الطرفين.
وذكرت الصحيفة أن الكثيرين يعتقدون أن السلام لم يتحقق، لأن البيئة الاستراتيجية لم تكن مواتية للتصعيد، وأضافت: "يبدو أن حزب الله وإسرائيل أدركا أنهما سيفتقران إلى الدعم الداخلي لمواجهة جديدة، هذا بالإضافة إلى عدم الاستقرار الإقليمي بسبب تنظيم الدولة والحرب السورية. مع ذلك، فقد اعتبروا دائمًا أن "حرب تموز" لم تنتهِ.
تغيير البيئة الاستراتيجية
وتستعد إسرائيل منذ سنة 2006 بهدوء لتصعيد محتمل على ما تسمّيه "الجبهة الشمالية"، وقد مثّلت ساحة المعركة هذه صعوبة للجيش الإسرائيلي في سنة 2006، واعتبر العديد من الخبراء العسكريين في إسرائيل أن حرب لبنان الثانية قد شكلت أداء ضعيفاً.
على الجانب اللبناني، منذ سنة 2016، أصبحت منطقة عمليات اليونيفيل أقل ترحيبا بقوات الأمم المتحدة، حيث أصبح وجود حزب الله هناك أكثر وضوحاً. وعلى بعد بضعة كيلومترات من منشآت اليونيفيل، قام الحزب ببناء مهابط طائرات وميادين إطلاق نار، كما قامت منظمة "خضراء بلا حدود"، وهي منظمة بيئية غير حكومية تابعة له، ببناء العديد من أبراج المراقبة المطلة على إسرائيل. في غضون ذلك، أعلنت "اليونيفيل" عن زيادة في التدخّل المحلي ما منعها من القيام بدوريات في العديد من المناطق على طول "الخط الأزرق".
أما اليوم، فتغيّرت البيئة الاستراتيجية: فالهجوم الذي قامت به حماس في "إسرائيل" في السابع من تشرين الأول يجعل فكرة الحرب بين الدول ممكنة مرة أخرى، ويبدو أن الاشتباكات الحدودية تتصاعد. مع ذلك، إذا أصبح الصراع ممكنا الآن، فما هي الفوائد التي يمكن أن يتوقعها الطرفان منه؟
وأشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل شاركت في الماضي بعمليات توغل عسكرية في لبنان، الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى تعزيز خصومها على المدى الطويل. وتدمير منظمة التحرير الفلسطينية لم يمنع ظهور حماس، كما خلقت إسرائيل بملاحقتها لها في جنوب لبنان، الظروف الملائمة لصعود حزب الله. ورغم خمس عمليات اجتياح، أثبتت إسرائيل أنها غير قادرة على احتلال أدنى قطعة من الأراضي اللبنانية، كما أجبرها حزب الله والاحتجاجات المدنية على مغادرة "المنطقة الآمنة" في سنة 2000، وبالتالي فإن الهجوم الإسرائيلي الجديد قد يكون عقابياً، وفق الصحيفة.
وتلفت "لوموند" إلى أنّ "حزب الله يدرك أنه سيتحمّل المسؤولية إذا انجر لبنان إلى حرب أخرى، خصوصاً أنه يؤكد دائماً أن سبب وجوده يكمن في الدفاع عن السيادة اللبنانية"، مشيرة إلى أنّ "اندلاع حرب أخرى مع إسرائيل، خاصة إذا ما أدت إلى سحق لبنان، من شأنها أن تُعرّض حزب الله لخطر خسارة كل الدعم الشعبي عندما يحين وقت التوصل إلى السلام، وبالتالي التعجيل بنهايته".
وتضيف: "منذ السابع من تشرين الأول، تعكس الخطابات من الجانبين هذه الاعتبارات. في بعض الأحيان كانت الخطابات تحريضية، ولكن الجميع احترس من الدعوة إلى حرب شاملة. في هذا الصدد، أعلنت إسرائيل أنها ليست مهتمة بالصراع على حدودها الشمالية لكن ذلك لم يمنع بنيامين نتنياهو من التصريح بأن الهجمات الإسرائيلية المضادة في لبنان ستكون على نطاق لا يمكن تصوّره وستسبب دماراً".
وفي وقتٍ سابق، توعّد الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله بتهديدات أيضًا رغم بعض التحفّظ، وأعلن في أحد خطاباته الأخيرة قائلاً: "ما يحدث على جبهتنا مهم وذو مغزى (...)، لكني أؤكد لكم أن هذه لن تكون النهاية. لن يكون كافيًا". وفي 11 تشرين الثاني الماضي، أشار نصرالله إلى زيادة حدة الاشتباكات باعتبارها "تحسناً" في عمليات حزب الله "سواء من حيث الجودة أو الكمية" أو "العمق" لكنه في الوقت نفسه قال: "ستظل جبهتنا جبهة ضغط"، وامتنع عن الدعوة إلى حرب شاملة.
وأمام ذلك، رجّحت الصحيفة الفرنسيّة أن ينهار هذا التوازن الدقيق بين التهديدات والانتقام المتناسب، ذلك أن كلا الجانبين مستعدان للحرب، وأضافت: "لقد تم تكييف المقاتلين عند الجانبين منذ ولادتهم على النظر إلى بعضهم البعض كأعداء، وقد بنوا هويّتهم من خلال معارضة الآخر. إلى جانب ذلك، فإن قراءتهم لأي تحرّك على الأرض تتم من خلال هذا المنظور، الذي يجعل من الصعب للغاية إظهار ضبط النفس في ظل ضبابية الصراع.
وحتى في الوقت الذي تسعى فيه "إسرائيل" وحزب الله إلى الحفاظ على هذا التوازن على المستويين الاستراتيجي والعملياتي، فإن خطأً بسيطًا في الحكم على المستوى التكتيكي يمكن أن يؤدي إلى تصعيد لا يستطيع أي من الطرفين الهروب منه.
ونقلت الصحيفة عن اليونيفيل أنه رغم التوترات المتزايدة إلا أنها تعتزم الحفاظ على وجود واضح في جنوب البلاد. ويتلخص الحل الأمثل الذي يستطيع المجتمع الدولي أن يقدمه في هذا الوقت في السماح للأمم المتحدة بنشر قوات حفظ السلام على جانبي "الخط الأزرق" ـ في لبنان وإسرائيل ـ لإظهار تطور الوضع على الأرض. ووفقاً لـ"لوموند"، فإنه من شأن ذلك أن يسمح بالسيطرة على الأطراف وتجنب السيناريو الأسوأ، المتمثل في التصعيد غير المقصود الذي يسببه عدد قليل من المقاتلين المستعدين لإطلاق النار. (عربي21)
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الأمم المتحدة جنوب لبنان حزب الله فی لبنان فی سنة
إقرأ أيضاً:
حزب الله: مستعدون للرد على "خروقات" إسرائيل
أعلن الأمين العام لتنظيم حزب الله اللبناني، نعيم قاسم، اليوم السبت، أن حزبه مستعدّ للرد على خروقات إسرائيل لوقف إطلاق النار، بعد أكثر من شهر على سريان الاتفاق، الذي ينص على انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان، في غضون 60 يوماً.
ودخل اتفاق الهدنة حيز التنفيذ في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعد شهرين من بدء مواجهة مفتوحة بين إسرائيل وحزب الله اللبناني المدعوم من إيران، ويتبادل الجانبان الاتهامات بانتهاك الهدنة بشكل متكرر.
الوكالة الوطنية للإعلام - (*) قاسم: حريصون على انتخاب رئيس بالتعاون مع كل الأطراف والمقاومة خرجت قوية من معركة اولي البأس https://t.co/VL55SVHhCS
— National News Agency (@NNALeb) January 4, 2025وقال قاسم، في كلمة بمناسبة الذكرى الخامسة لمقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني: "قلنا بأننا نعطي فرصة لمنع الخروقات الإسرائيلية وتطبيق الاتفاق وأننا سنصبر، لكن لا يعني هذا أننا سنصبر لمدة 60 يوماً". وأكّد "لا يوجد جدول زمني يحدد أداءنا، لا بالاتفاق، ولا بعد انتهاء مهلة الـ 60 يوماً".
وتابع نعيم قاسم: "قد ينفد صبرنا قبل الـ 60 يوماً، وقد يستمر، هذا أمر تقرره القيادة، فهي التي تقرر متى تصبر، ومتى تبادر، ومتى ترد".
وينص الاتفاق على انتشار الجيش اللبناني في جنوب البلاد، حيث تعمل أيضاً قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، وانسحاب القوات الإسرائيلية خلال 60 يوماً. وينصّ أيضاً على تراجع عناصر حزب الله إلى شمال نهر الليطاني (نحو 30 كيلومتر شمال الحدود)، وتفكيك بنيته العسكرية في جنوب النهر.
رغم وقف إطلاق النار..دبابات إسرائيلية تتوغل في جنوب لبنان - موقع 24 قصفت المدفعية الإسرائيلية اليوم السبت محيط مجمع الإمام الصدر في بلدة ميس الجبل في جنوب لبنان .وطلب لبنان الشهر الماضي من باريس وواشنطن، "الضغط" على إسرائيل من أجل "الإسراع" في سحب جيشها من جنوب البلاد، كما حثّت اليونيفيل الشهر الماضي على الإسراع في انسحاب الجيش الإسرائيلي، ونشر القوات المسلحة اللبنانية في جنوب لبنان.
وشدد قاسم، على أن "الاتفاق يعني حصراً جنوب نهر الليطاني ويلزم إسرائيل بالانسحاب"، مشيراً إلى أن "الدولة الآن، ونحن منها مسؤولة عن أن تتابع مع الرعاة لتكف يد إسرائيل، ويطبق الاتفاق".
وفي ملف رئاسة الجمهورية، قال قاسم إن "حزبه حريص على انتخاب الرئيس على قاعدة أن تختاره الكتل بتعاون وتفاهم في جلسات مفتوحة"، معتبراً أن "هذا التوافق هو فرصة سانحة لنقلب صفحة باتجاه الإيجابية في لبنان".
ومن المقرر عقد جلسة للبرلمان اللبناني في 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، لانتخاب رئيس للجمهورية بعد أكثر من عامين على شغور المنصب.