إطلاق الدراسات التقنية لمشروع الربط الكهربائي بين المغرب والبرتغال
تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT
وقع المغرب والبرتغال السبت بدبي بالإمارات العربية المتحدة، تصريحا مشتركا للربط الكهربائي بين البلدين، وذلك على هامش فعاليات مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 28).
ويهدف هذا التصريح المشترك الذي وقعته وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي ووزير البيئة والعمل المناخي بالبرتغال دوارتي كوردييرو، إلى تعزيز استراتيجيات تنمية الطاقات المتجددة بين البلدين، بالإضافة إلى إمكانات تبادل الطاقة بين القارتين الإفريقية والأوربية.
كما يروم هذا التصريح الذي تم توقيعه في جناح المغرب بمؤتمر المناخ، تكثيف الحوار من أجل ضمان انتقال طاقي مرن وشامل يستجيب للأهداف العالمية في مجال التنمية المستدامة والتغيير المناخي، لا سيما من خلال تشجيع استخدام الطاقات المتجددة، وتسريع إنجاز مشاريع استراتيجية ذات أهمية مشتركة من بينها مشروع الربط الكهربائي بين البلدين.
وبالنظر للموقع الجغرافي لكل من المغرب والبرتغال باعتبارهما جسرين بين أوربا وإفريقيا، يتوخى البلدان مواجهة رهانات الانتقال الطاقي بشكل مشترك، وذلك من خلال تعزيز إدماج الأسواق الكهربائية، في سياق دولي يتسم بعدم استقرار السوق وسلاسل توريد المنتجات الطاقية.
وفي هذا الصدد قالت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ليلى بنعلي، في تصريح للصحافة، إن تفعيل مشروع الربط الكهربائي بين المغرب والبرتغال مهم للقارتين الأوربية والإفريقية، مضيفة أن التوقيع على التصريح المشترك يهدف إلى تحيين الدراسات التقنية والكلفة المادية لتمويل المشروع على الصعيد العالمي.
من جهته أكد وزير البيئة والعمل المناخي بالبرتغال دوارتي كوردييرو في تصريح مماثل بهذه المناسبة، أن المغرب والبرتغال يتشاركان نفس الاستراتيجيات التطويرية للطاقات المتجددة، مشيرا إلى أن إنشاء شبكة كهربائية بين البلدين سيساهم في تحييد الطابع المادي لأوربا، وفي استراتيجيات أخرى مثل الهيدروجين الأخضر.
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: المغرب والبرتغال الکهربائی بین بین البلدین
إقرأ أيضاً:
أوروبا ودونالد ترامب وشركات التقنية الكبرى
ترجمة - قاسم مكي -
في خطابه الوداعي يوم 15 يناير حذر الرئيس جو بايدن من أن أوليجارشية بالغة الثراء والقوة والنفوذ تهدد الديمقراطية الأمريكية. (حسب تعريف قاموس كمبردج الأوليجارشية مجموعة صغيرة من الأشخاص الأقوياء جدا الذين يسيطرون على الحكومة والمجتمع- المترجم).
أشار تحذير بايدن إلى رواد أعمال التقنية الذين يحيطون بالرئيس المنتخب دونالد ترامب وتحديدا إيلون ماسك (شركة إكس) ومارك زوكربيرج (شركة بيتا)، لكن التهديد لا يقتصر على الولايات المتحدة بل يشمل الاتحاد الأوروبي أيضا.
ويؤمن ترامب وماسك والجمهوريون أصحاب شعار ماغا (لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى) أن ماسك بشرائه تويتر التي عدّل اسمها إلى إكس استعاد حرية التعبير وأنقذ الديمقراطية الأمريكية.
يريد ماسك استنساخ ما فعله في الولايات المتحدة على نطاق العالم وشرع في التدخل في السياسة الأوروبية ممهدا بذلك لمواجهة حتمية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وعزَّز زوكربيرج هذا التحدي، فقد انضم إلى ماسك في حث ترامب على حماية شركات التقنية الأمريكية من الإجراءات التنظيمية الأوروبية واتهام الاتحاد الأوروبي بممارسة الرقابة المؤسسية على نحو مماثل لما تفعله الصين.
ويتمتع الأوليجارشيون التقنيون بدعم الجمهوريين أنصار ترامب، فأثناء الحملة الانتخابية الأمريكية حذَّر جيه دي فانس المرشح لمنصب نائب الرئيس الاتحادَ الأوروبي من أن فرض ضوابط تنظيمية على منصة إكس سيُعتبر هجوما على حرية التعبير ولا يتوافق مع القيم الديمقراطية لحلف الأطلسي، وأضاف أن مثل هذه التصرفات ستقود الولايات المتحدة إلى التخلي عن دعمها للناتو.
هذا الوضع يرقى إلى الابتزاز، فخيار الاتحاد الأوروبي واضح، إنه تجاهل قوانين الخدمة الرقمية والسماح لمنصات ماسك وزوكربيرج بحرية مطلقة لنشر التضليل الإعلامي وخطاب الكراهية والتدخل السياسي أو مواجهة عواقب اقتصادية كبيرة ومخاطر أمنية.
وردُّ الأوروبيين كان خافتا على خطط ماسك وزوكربيرج التي تستهدف الحصول على عون ترامب وتخطي اللوائح التنظيمية الأوروبية مما يوحي باستعداد مثير للقلق من جانبهم للاستسلام. المفوضية الأوروبية المسؤولة عن تطبيق قانون الخدمات الرقمية لعام 2022 الذي تعارضه شركتا إكس وميتا التزمت الصمت أو فضلت تهدئة النزاع. وانتقد القادة الأوروبيون ترامب لكنهم مترددون كما يبدو في المواجهة العلنية مع العملاقين التقنيين الأمريكيين، إنهم يخشون ليس فقط التداعيات الاقتصادية والأمنية ولكن أيضا انتقام منصات وسائل الإعلام الأمريكية، فقد سبق لماسك استخدام منصة إكس لانتقاد الجمهوريين المنشقين.
يتزايد هذا القلق لأن القوة السياسية المهيمنة في البرلمان الأوروبي وهي مجموعة حزب الشعب الأوروبي التي تضم أحزاب يمين الوسط تتبني جزئيا سردية ترامب- ماسك- زوكربيرج بأن التقدميين يحدُّون من حرية التعبير. وذهب قادة أقصى اليمين إلى أبعد من ذلك. جورجيا ميلوني وفيكتور أوربان اصطفا إلى جانب ماسك وزوكربيرج وأكدا أن إكس وميتا أفضل في التمسك بحرية التعبير من المفوضية الأوروبية.
من المفهوم أن ينتاب القادة الأوروبيون القلق من الدخول في مواجهة مع الولايات المتحدة خشيةً من أن تكون التكاليف أكثر من الفوائد. تحديد مقدار هذا التدخل الذي يتحول في الواقع إلى أصوات انتخابية لأقصى اليمين ليس مهمة يسيرة، قد يفترض بعض واضعي السياسات أن أثره الانتخابي سيكون ضئيلا ويظنُّ آخرون أنه سيترتب عنه رد فعل عكسي إذا تم حشد الناخبين المعادين لأقصى اليمين على أساس أن الديمقراطية في خطر.
لكن إرضاء ترامب يمكن أن يكلف الكثير، عندما تخسر حركات أقصى اليمين الانتخابات كثيرا ما تتحدى نتائجها. وهذا يمكن أن يتصاعد إلى احتجاجات عنيفة كما حدث في يناير2021 في واشنطن ويناير 2023 في البرازيل. ويمكن أن يحدث في ألمانيا في فبراير. حتى بدون مثل هذه الأحداث يمكن للتدخل المنفلت أن يقود إلى استقطاب سياسي ويسمِّم الخطاب العام.
عدم فعل أي شيء سيؤسس لسابقة خطيرة، فإذا قدَّمت حكومة الولايات المتحدة الحماية لشركاتها أو شجعتها على عدم الانصياع لقانون الاتحاد الأوروبي ستنتهك بذلك سيادة الكتلة الأوروبية وتخاطر بتحويل الاتحاد الأوروبي إلى مستعمرة رقمية تحكمها الولايات المتحدة وتُملِي عليها إرادتها.
على أوروبا فصل النقاش حول تنظيم المنصات الرقمية عن السياسة التجارية والمخاوف الأمنية، وإذا فرضت الولايات المتحدة رسوما جمركية ستكون لدى الاتحاد الأوروبي أدوات الدفاع عن نفسه ويجب عليه استخدامها دون تردد، وإذا ربطت الولايات المتحدة دعمها لأوكرانيا بسياسات المنصات الرقمية يجب على أوروبا التأكيد على المخاطر الاستراتيجية المشتركة لإضعاف أوكرانيا، فضعف أوكرانيا سيقوِّي روسيا ويعزز وضع الصين ويهدد الاستقرار العالمي.
صادق ائتلافٌ عريض من 539 برلمانيا من مختلف الأحزاب على لائحة الاتحاد الأوروبي لتنظيم الخدمات الرقمية (صوت ضدها 65 برلمانيا فقط)، فهذا ليس نزاعا بين التقدميين الأوروبيين والجمهوريين الأمريكيين أنصار شعار «ماغا» ولكنه مسألة تتعلق بالحفاظ على حكم القانون، وعلى المفوضية الأوروبية تطبيق هذه القوانين في كل الأحوال وضمان التقيد بها من جانب كل الشركات بما في ذلك المنصات الأمريكية من شاكلة إكس وميتا أو المنصات الصينية مثل تيك توك والتي هي الآن قيد التحقيق لدورها في الانتخابات الرومانية الأخيرة.
على أوروبا توضيح أن هذه ليست مواجهة بين الولايات المتحدة وأوروبا ولكن بين أوليجارشيين تقنيين محددين وبين الحوكمة الديمقراطية، ويجب أن يظل التركيز على تطبيق الإجراءات ضد أولئك الذين يستغلون الهيمنة على السوق من أجل مكاسب اقتصادية وتكديس نفوذ سياسي للحفاظ على تلك المكاسب.
أوروبا ليست لديها مشكلة تتعلق بحرية التعبير تستدعي تدخل ماسك أو زوكربيرج. القضية ليست حرية التعبير ولكن أن يقود النفوذ السياسي غير المقيد لبليونيرات التقنية إلى تقويض الأنظمة الديمقراطية، ودعم ماسك لحزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف على منصة إكس يشكل عمليا تمويلا انتخابيا غير مباشر، فالأحزاب الألمانية الأخرى سيلزمها دفع مبالغ كبيرة للإعلان على منصة إكس لكي تحصل على نفس مستوى التغطية، وعلى مشرفي قوانين الانتخابات الأوروبية اعتبار التضخيم الخوارزمي شكلا من أشكال النشاط السياسي والعمل على ضمان نزاهة التنافس الانتخابي (التضخيم الخوارزمي يُقصَد به التركيز على محتوى رقمي معين في منشورات أو مقاطع فيديو أو حسابات محددة على منصات التواصل الاجتماعي- المترجم).
البلدان الأوروبية ليست وحدها في هذا الصراع، فهناك دول أخرى من بينها البرازيل وبريطانيا تقاوم أيضا محاولات شركات التقنية إبطال السيادة الوطنية، وتتيح هذه الأزمة للاتحاد الأوروبي فرصة لإيجاد تحالف للسيادة الرقمية والتكنولوجية وتوحيد الأنظمة الديمقراطية ضد التدخل الذي يقوض التماسك الاجتماعي ويضخم السرديات التي تحرِّكها الكراهية.
لا يملك الاتحاد الأوروبي تجاهل التهديدات التي تشبه الابتزاز من ترامب وماسك وزوكربيرج. الاستسلام لن يكون فقط سابقة خطيرة ولكنه يؤشر أيضا لخضوع الاتحاد الأوروبي كتابع رقمي للولايات المتحدة.
على الاتحاد بدلا عن ذلك اتخاذ موقف حازم واستخدام الأدوات القانونية والاقتصادية والدبلوماسية للكتلة الأوروبية لحماية القيم الديمقراطية والسيادة التكنولوجية، بقيامه بذلك يمكنه ضمان بيئة رقمية عادلة تستطيع الصمود أمام الإكراه الخارجي ومواتية لازدهار واستقلال الاتحاد الأوروبي.
خوسيه اجناسيو تورِّيبلانكا زميل أول سياسات بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية.
الترجمة خاصة لـ عمان