موقع 24:
2024-11-16@21:37:00 GMT

الطريق إلى حرب غزة الخامسة

تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT

الطريق إلى حرب غزة الخامسة

كانت المفاجأة الاستراتيجية التي وقعت على إسرائيل في ٧ أكتوبر المنصرم ناجمة عن الأخطاء الاستراتيجية التي وقعت فيها إسرائيل قبيل المفاجأة الاستراتيجية المصرية في 6 أكتوبر 1973.


دراسات المفاجآت الاستراتيجية في العالم كانت في معظمها ناجمة عن أمرين: أمر يخص تعريف حالة الطرف الآخر وتوازن القوى معه؛ وأمر يتعلق بمدى نجاح الاستراتيجية التي قام بها الطرف الذي جرت مفاجأته.

وفى الحالتين كانت إسرائيل تضع الطرف العربى في موقع الدونية ليس فقط في السلاح، وإنما نتيجة التنظيم السياسى والاجتماعى ومستويات التعليم والخبرة التاريخية ذات الهزائم التي يستحيل تجاوزها. وعلى العكس، ساد الاعتقاد الإسرائيلى في التفوق النابع من التنظيم والعلم لدى المجتمع والدولة الصهيونية على ترويض الطرف العربى وجذب العالم الغربى إلى ناحيتها. تجربة إسرائيل مع الفلسطينيين سجلت الكثير من الفرقة داخل النخبة السياسية المنقسمة انقسامًا حادًّا وغير القادرة على تجاوز هذه الانقسامات بأساليب ديمقراطية أو غير ديمقراطية.
وسواء كان الفلسطينيون في الضفة الغربية أو في قطاع غزة، فإن الصورة الإسرائيلية عن الفلسطينيين كانت تتسم بانعدام الكفاءة والقدرة على تجاوز الانشطار الجغرافى والتمايز الاجتماعى بين الضفة، الأعلى قدرًا ودخلًا وتقدمًا، والقطاع، الأشد فقرًا وتخلفًا والأقل تعليمًا. ركزت إسرائيل كثيرًا على تعميق الانقسام بين الضفة والقطاع، حيث شجعت حماس على الاستقلال عن السلطة الوطنية الفلسطينية. كانت الاستراتيجية الإسرائيلية هي دفع حماس في هذا الاتجاه من خلال التمويل، حيث كانت إسرائيل مستعدة لكى تكون طريقًا تمر منه الأموال؛ ومضافًا إليها تقديم التسهيلات الخاصة بالمياه العذبة والكهرباء وصيد السمك في البحر المتوسط؛ ومؤخرًا تشجيع الألوف من فلسطينيى غزة على العمل في إسرائيل لكى يولدوا دخلًا إلى غزة كما يفعل أقرانهم في الضفة الغربية.
ما لم تكن تدركه إسرائيل أنها مُعرَّضة للانقسام، الذي يدفع في اتجاه الانقسام الدينى التوراتى من ناحية والعلمانية السياسية من ناحية أخرى. هذا الانقسام وصل إلى مرحلة انشطار سياسى، لم تحله الانتخابات العامة، التي تتعامل مع ذلك من خلال قاعدة الأغلبية والأقلية، وإنما تحول إلى خروج الجماهير الإسرائيلية، كما خرجت في كل أشكال «الربيع العربى»، وتعدى المتظاهرون في البداية 600 ألف؛ ولم يمضِ شهران إلا وباتت المظاهرات منتظمة أسبوعيًّا، في حضور ٢٥٠ ألف إسرائيلى ضد الحكومة الإسرائيلية. وكان معنى ذلك أولًا أن الجمهور الإسرائيلى لم يجد وسيلة «ديمقراطية» للتعبير عن رفضه لسعى حكومة نتنياهو من أجل إخضاع المحكمة العليا إلى سلطة «الكنيست» سوى الخروج إلى الشارع. وثانيًا أن الحكومة سعت إلى ذلك من أجل إحداث خلل جسيم في التوازن بين السلطة التنفيذية، المالكة للأغلبية البرلمانية، والسلطة القضائية، ومن ثَمَّ منع اللجوء إلى سلطة عليا في حالة تجاوز القوانين الأساسية للبلاد. وثالثًا أن أصل المسألة هي أن إسرائيل دولة بلا دستور، وإنما لديها نوع أساسى من القوانين عند إنشاء الدولة، قام على توافق مؤقت على علمانية الدولة، وهو ما تريد الجماعة الدينية في الحكومة أن تغيره بالانتقال من التشريع البشرى إلى «الشريعة» اليهودية. ورابعًا أنه في مطلع الدولة الإسرائيلية، سمحت القيادة الإسرائيلية لـ«بن جوريون» بمزايا خاصة لجماعات دينية (الحريديم) اعتقادًا منها أنها قليلة العدد وغير مؤثرة في المجموع العام. هذه الجماعات، بعد ثلاثة أرباع قرن من مولد الدولة، ومع تصاعد زيادتها السكانية، باتت مؤثرة في العمليات الانتخابية والاستيطانية.
كل ذلك دفع في اتجاه التطرف، الذي جعل إسرائيل عمياء عن التطورات الجارية داخل المجتمع الفلسطينى، سواء كان ذلك نتيجة التعليم أو العمل في الغرب والحصول على جنسيات مزدوجة، أو حتى التعلم داخل السجون الإسرائيلية، حيث تعلم «يحيى السنوار» الكثير عن المجتمع الإسرائيلى واللغة العبرية، التي فتحت له أبواب هضم التجربة الإسرائيلية. التطورات التكنولوجية الرقمية صبغت الأجيال الشابة الفلسطينية بقدرات جديدة في التسليح والممارسة والمعرفة بالثقافات الأخرى، بما فيها الثقافة الغربية التي ظنتها إسرائيل احتكارًا خالصًا. والحقيقة أن المفاجأة الاستراتيجية لحماس لم تشمل فقط الجانب العسكرى من الأزمة، وإنما- وهى المصنفة تنظيمًا إرهابيًّا- نجحت في جذب تأييد عالمى بين صفوف الأجيال الشابة في العالم الغربى. ما لم تعرفه إسرائيل أيضًا هو عمق العلاقات بين حماس وإيران، التي وضعتها في مصفوفة «مقاومة» و«ممانعة» تجمعها مع توابع إيران في العراق (الحشد الشعبى) وسوريا (الحرس الثورى الإيرانى) ولبنان (حزب الله) واليمن (الحوثيون)، وهذه كفلت لها جسورًا لأنواع متطورة من السلاح والتدريب عليها، ومعها قدرات متطورة لتهريبها وتجميعها في أنفاق غزة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل

إقرأ أيضاً:

طموحات إسرائيل فى الضفة

توالت مؤخراً تصريحات إسرائيل حول إعادة فرض سيادتها على الضفة الغربية، إذ قال الوزير المسؤول عن المستوطنات بالضفة فى وزارة الدفاع الإسرائيلية «بتسلئيل سموتريتش»: إنه أصدر تعليماته إلى وزارته لبدء الاستعداد لفرض السيادة الإسرائيلية الكاملة على المستوطنات فى الضفة. وقال: (لقد وجهت قسم الاستيطان فى وزارة الدفاع والإدارة المدنية للبدء فى العمل الشامل لإعداد البنية التحتية اللازمة لتطبيق السيادة، واعتزم أيضاً قيادة قرار حكومى يؤكد أن حكومة إسرائيل ستعمل مع الإدارة الجديدة للرئيس «ترامب» والمجتمع الدولى لتطبيق السيادة وتحقيق الاعتراف الأمريكى). وأضاف: "إن الطريقة الوحيدة لإزالة التهديد المتمثل فى قيام دولة فلسطينية هى تطبيق السيادة الإسرائيلية على المستوطنات فى «يهودا والسامرة»، وهو الاسم الذى يطلقه كثير من الإسرائيليين على «الضفة الغربية».

وكانت هيئة البث الإسرائيلى قد نقلت فى 12 نوفمبر الجارى عن «نتنياهو» تأكيده خلال محادثات مغلقة فى الأيام الماضية على ضرورة إعادة قضية ضم الضفة إلى جدول أعمال حكومته عند تسليم الرئيس الأمريكى المنتخب «ترامب» مهامه فى 20 يناير المقبل. وأضافت هيئة البث الإسرائيلية نقلاً عما وصفته بالمقربين من «نتنياهو» إن خطط ضم الضفة الغربية لإسرائيل موجودة بالفعل، وأن إسرائيل كانت قد عملت عليها منذ عام 2020 خلال الولاية الرئاسية الأولى لـ«ترامب» كجزء مما عرف بصفقة القرن.

على الجانب الفلسطينى اعتبر المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية «نبيل أبوردينة» (أن ما قاله «سموتريتش» عن بسط السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية يقود المنطقة لانفجار شامل، ويعد امتداداً لحرب الإبادة والتهجير)، وأضاف: (إن تلك التصريحات تعد بمثابة تأكيد إسرائيل للعالم أجمع بأن المخطط الجديد للاحتلال سيركز على الضفة الغربية من أجل تنفيذ مخطط الضم والتوسع العنصرى وتكريس الاحتلال، وتحدى المجتمع الدولى، وتحدى قراراته، وفى مقدمتها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الخاص بتطبيق قرار محكمة العدل الدولية).

ويعتبر مراقبون أن إثارة الحديث عن إعادة وضع الضفة الغربية تحت السيادة الإسرائيلية فى هذا التوقيت، ربما يؤدى إلى تعقيد الجهود الرامية إلى إيجاد نهاية للحرب الدائرة فى غزة وتطبيق «حل الدولتين» الذى يؤيده العديد من دول العالم وتراه ضرورياً من أجل إنهاء الصراع الفلسطينى الإسرائيلى. ووفقاً للقانون الدولى فإن إسرائيل هى القوة المحتلة فى كل أنحاء الضفة الغربية، والتى استولت عليها من الأردن فى 1967، وقد قسمت اتفاقيات أوسلو المنطقة إلى ثلاث مناطق تحدد مساحة السيطرة البلدية والأمنية التى تمارسها الحكومتان الإسرائيلية والفلسطينية. وفى 19 يوليو الماضى شددت محكمة العدل الدولية على أن للفلسطينيين الحق فى تقرير المصير، وأنه يجب إخلاء المستوطنات الإسرائيلية القائمة على الأراضى المحتلة، كما قضت المحكمة بأن الأراضى الفلسطينية المحتلة تشكل «وحدة إقليمية واحدة» سيتم حمايتها واحترامها.

ويرى محللون أن ما ورد من تصريحات للمسئولين الإسرائيليين بشأن فرض السيادة على الضفة الغربية يعكس توجهاً عاماً لدى اليمين الإسرائيلى، بأن قدوم الرئيس الأمريكى المنتخب «ترامب» من جديد إلى البيت الأبيض سيكون داعماً لهذا التوجه.

 

مقالات مشابهة

  • طموحات إسرائيل فى الضفة
  • معاريف: هناك أولوية أخرى في أجندة ترامب الإسرائيلية
  • طيارون أمريكيون شاركوا بصد الهجوم الإيراني على إسرائيل: كانت ليلة مرهقة وأول اختبار حقيقي لقواتنا
  • كيف سيتعاطى ترامب مع رغبة إسرائيل بضم الضفة الغربية؟
  • إسرائيل تسعى لضم الضفة الغربية للسيادة الإسرائيلية.. مصطفى بكري يكشف الحقيقة الكاملة
  • إيران أجّلت الردّ على إسرائيل .. تغييرٌ في الاستراتيجية بعد فوز ترامب؟
  • هآرتس: إسرائيل تشن حربا على الناشطين الأجانب في الضفة المحتلة
  • «كانت تعبر الطريق».. مصرع مسنة صدمتها سيارة فارهة بعين شمس
  • وزيرة الاستيطان الإسرائيلية: نستعد لإعلان السيادة على أكبر مساحة من الضفة الغربية
  • إسبانيا تعلن رفضها للتصريحات الإسرائيلية بضم الضفة الغربية المحتلة