الجيش الإسرائيلي يفصل بين مدن الضفة الغربية وقراها بالبوابات والسواتر الترابية
تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT
يضطر الفلسطيني عمر عاشور إلى قيادة مركبته مسافة 90 كيلومتراً يومياً للذهاب والإياب من منزله إلى مكان عمله منذ نحو شهرين، وذلك بعد أن كانت تلك المسافة لا تتجاوز 20 كيلومتراً، وذلك بسبب عزل الجيش الإسرائيلي مدن الضفة الغربية عن قرارها وبلداتها وعن بعضها بعضاً.
ومع ذلك فإن عاشور يعد "محظوظاً" إن استطاع سلوك تلك المسافة بأمان وسهولة، فالحواجز العسكرية الإسرائيلية على مداخل مدينة الخليل تعوق الحركة، وتجعل منها مهمة في غاية الصعوبة.
ولذلك أصبح عاشور يلجأ إلى ركوب مركبتين للذهاب إلى عمله والعودة منه، على أن يضطر إلى المشي مسافة تتجاوز ألف متر للتنقل بين المركبتين.
ويلجأ عاشور كعشرات آلاف الفلسطينيين الآخرين في تلك المنطقة الواقعة جنوب محافظة الخليل، إلى استخدام العربات لنقل حاجاتهم اليومية. وقال لـ"اندبندنت عربية" خلال تنقله سيراً على الأقدام، "وضعنا اليوم مشابه لأيام انتفاضة الأقصى في بداية عام 2000".
ويعيش عمر عاشور في قرية زيف جنوب الخليل قرب مدينة يطا، ويعمل في مدينة الخليل، حيث يفصلهما طريق التفافي أقامته إسرائيل في نهاية تسعينيات القرن الماضي.
وأشار إلى أنه يركب مع شقيقه في سيارة الأخير حتى الباب الحديدي الواقع على مدخل الخليل، ثم يمشيان مئات الأمتار قبل أن يستقلا مركبة والدهما المتوقفة على الجانب الآخر الواقع في مدينة الخليل.
وفي حين يذهب عاشور إلى مكان عمله يومياً، فإن أبناءه يبقون في المنزل، ولا يرتادون مدرستهم، حيث تم اللجوء إلى التعلم من بعد، بسبب صعوبة وصول المدرسين إلى مقر عملهم.
كذلك يضطر عيسى رواشدة الذي يعيش في منزله في بلدة السموع جنوبي الخليل إلى البقاء عند جدته في مدينة الخليل تحاشياً للذهاب والإياب إلى بلدته، في رحلة تستغرق نحو أكثر من 100 كيلومتر، بعد أن كان تحتاج إلى 40 كيلومتراً.
ويفضل رواشدة عدم الرجوع إلى منزله في السموع تجنباً "للمعاناة، وإمكانية إغلاق البوابات الحديدية على مدخل الخليل في أية لحظة".
وأغلق الجيش الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مداخل محافظة الخليل التي يعيش فيها أكثر من 800 ألف فلسطيني، وأبقى على مدخل واحد في شمال مدينة الخليل، لكن ذلك المدخل يتعرض للإغلاق أحياناً، أو نصب الجيش الإسرائيلي حاجزاً عسكرياً عليه للتدقيق في هويات الفلسطينيين وتفتيش مركباتهم.
وتعد إجراءات الجيش الإسرائيلي في محافظة الخليل، وهي الأكبر في الضفة الغربية، نسخة لما يفعله في محافظات الضفة كافة، والتي أصبح التنقل بينها وحتى بين المدن وقراها في غاية الصعوبة.
وحتى التواصل بين مدن الضفة الغربية أصبح "رحلة من العذاب"، لا يعرف الفلسطينيون كم تستغرق بعد إغلاق المداخل الرئيسة للمدن، واضطرارهم إلى سلوك شوارع فرعية، فعلى مدخل محافظة بيت لحم الجنوبي وضع الجيش الإسرائيلي أبواباً حديدية يفتحها في ساعات النهار، ويغلقها مع حلول الليل.
وأدى ذلك بالفلسطينيين الراغبين بالتنقل بين محافظتي بيت لحم والخليل إلى سلوك شوارع ضيقة في داخل قرى فلسطينية، في رحلة لا تخلو من الأخطار بسبب تحركات المستوطنين والجيش الإسرائيلي.
ومع أن السلطات الإسرائيلية حولت الضفة الغربية إلى "مناطق معزولة" حتى قبل الحرب الأخيرة عبر إقامة 567 حاجزاً، لكن الوضع أصبح أكثر سوءاً حالياً.
وقال المسؤول في معهد الأبحاث التطبيقية "أريج" سهيل خليلية إن "الجيش الإسرائيلي وضع 140 حاجزاً وعائقاً جديداً منذ السابع من أكتوبر الماضي بهدف عزل مداخل المدن والقرى والبلدات الفلسطينية ومنع التواصل في ما بينها".
وأوضح خليلية أن إسرائيل تعمل أيضاً على "تقييد حركة الفلسطينيين ومنعهم من استخدام الطرق الالتفافية التي باتت لاستخدام المستوطنين فقط".
وفي مدينة نابلس أغلق الجيش الإسرائيلي الطرق الواصلة بين وسط الضفة وشمالها، وأبقى على قرية عوريف ممراً وحيداً للتنقل بين رام الله ومحافظات الشمال.
مع أن السلطات الإسرائيلية حولت الضفة الغربية إلى "مناطق معزولة" حتى قبل الحرب الأخيرة عبر إقامة 567 حاجزاً، لكن الوضع أصبح أكثر سوءاً حالياً وأصبح "حاجز عورتا العسكري" منفذاً وحيداً للقرية مع محيطها الخارجي، وممراً لتنقل الفلسطينيين بين محافظات شمال الضفة الغربية ووسطها.
وجاء ذلك بعد إغلاق الجيش الإسرائيلي منذ نحو شهرين الطريق الواصل بين حاجزي حوارة وزعترة العسكريين ومنع المركبات الفلسطينية من المرور عبرهما.
ويبلغ طول الطرق الالتفافية التي شقتها إسرائيل منذ أكثر من 20 سنة في الضفة الغربية نحو ألف كيلومتر. وتهدف تلك الطرق وفق خليلية "إلى تسهيل حركة المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، والتحكم في حركة الفلسطينيين بين المدن الرئيسة".
وأشار خليلية إن "إسرائيل لم تكن تلجأ قبل تأسيس السلطة الفلسطينية في عام 1994 إلى إغلاق الطرق الرئيسة بالحواجز والسواتر والبوابات، لكنها كانت تفرض حظر التجول على المدن والقرى الفلسطينية".
ويربط شارع رقم 60 بين شمال الضفة الغربية ووسطها وجنوبها، ويخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، إذ يجري العمل منذ سنوات على توسيعه لخدمة المستوطنين المنتشرين في أرجاء الضفة.
وقال الباحث الميداني في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في مدينة الخليل عماد أبو هواش إن "الجيش الإسرائيلي حول محافظة الخليل إلى جزر مفصولة، وضاعف عدد البوابات الحديدية والسواتر الترابية على مداخل بلدات المحافظة وقراها".
وأشار أبو هواش إلى أن "إسرائيل تحاصر 800 ألف فلسطيني يعيشون في المحافظة، بـ20 حاجزاً عسكرياً ثابتاً".
وأوضح أن "الجيش الإسرائيلي اعتاد إطلاق الرصاص على مركبات الفلسطينيين خلال محاولتها الدخول إلى مدينة يطا، واحتجازهم والاعتداء عليهم، ووضع التراب في محركات مركباتهم"، بحسب شهادات جمعها
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
وشهد شاهد من أهلها.. صحيفة إسرائيلية: تعيينات ترامب تخدم اليمين الإسرائيلي في قضايا الاستيطان وضم الضفة الغربية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تشهد العلاقات الأمريكية الإسرائيلية تحولًا كبيرًا مع تعيين شخصيات بارزة من التيار اليميني الأمريكي في مناصب حكومية حساسة. هذه الشخصيات لا تدعم إسرائيل فقط في إطار السياسة التقليدية، بل تتبنى مواقف أكثر تطرفًا تتماشى مع اليمين الإسرائيلي، خاصةً فيما يتعلق بالاستيطان والصراع الفلسطيني.
على سبيل المثال، يعكس تعيين مايك هاكابي سفيرًا للولايات المتحدة في إسرائيل تحولًا نحو دعم أقوى لمواقف إسرائيل المتشددة، مثل ضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية. وسبق أن نفى هاكابي وجود "الشعب الفلسطيني".
شخصيات أخرى مثل بيت هيجسيث، المرشح لمنصب وزير الدفاع، ومايكل والتز، المرشح لمستشار الأمن القومي، يملكان مواقف مؤيدة بشكل علني لاستمرار المستوطنات والتصعيد العسكري ضد إيران.
وقد دعا والتز مؤخرًا إلى استهداف المواقع النووية الإيرانية، في خطوة قد تعيد تشكيل مشهد الشرق الأوسط.
ومع ذلك، هذا الدعم الأمريكي لا يعني أن إسرائيل ستتحرك بحرية مطلقة. هناك ضغوط أمريكية مستمرة، كما اتهم الجنرال السابق في الجيش الإسرائيلي، جيورا إيلاند، الإدارة الأمريكية بالتسبب في مقتل الرهائن الإسرائيليين في غزة نتيجة لتدخلها في وقف العمليات العسكرية. ولكن على الرغم من هذه الانتقادات، تظل القرارات النهائية في يد إسرائيل.
في ظل هذه التوترات السياسية، يستمر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مواجهة محاكمة جنائية رغم الحرب. رفضت المحكمة طلب نتنياهو تأجيل شهادته، مما يثير تساؤلات حول الأولويات القضائية في وقت تتعرض فيه إسرائيل لأحد أخطر الصراعات في تاريخها الحديث.
ومع كل ذلك، تشير هذه التطورات إلى أن إسرائيل قد تكون أمام فترة جديدة من الدعم الأمريكي غير المسبوق، لكن هذا الدعم ليس مفتوحًا بلا شروط، ويعتمد على التوافق مع السياسات الأمريكية.