جنوب لبنان- ما تزال الأوضاع الأمنية المتوترة تلقي بظلالها على الأوضاع التعليمية في مخيم عين الحلوة بمنطقة صيدا، الذي يُعتبر عاصمة الشتات الفلسطيني في لبنان.

ورغم بداية العام الدارسي الجديد، لم تتمكن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من فتح مدارسها الثمانية في المخيم، التي تضررت نتيجة اشتباكات مسلحة مؤخرا.

ودفع هذا الحال الوكالة لنقل طلابها، وعددهم نحو 600 طالب، مؤقتا إلى مدارسها المجاورة للمخيم وفي قلب مدينة صيدا، حيث يتلقون التعليم بنظام الفترتين، مما أثار نوعا من الاعتراض السياسي والشعبي بسبب مشقة الانتقال والأعباء المالية.

وتضررت المدارس إثر الاشتباكات المسلحة بين حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" و"تجمع الشباب المسلم"، على خلفية اغتيال قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة صيدا اللواء أبو أشرف العرموشي ومرافقيه، في نهاية يولو/تموز الماضي.

ومع تصاعد عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة بعد عملية "طوفان الأقصى"، بادرت حركة "فتح" إلى تخفيف التوتر وإزالة الحواجز والسواتر من الشوارع، وأعادت فتح الطرقات باستثناء منطقة "الطوارىء" التي تفرض عليها حصارا عسكريا، حتى يتم تسليم المشتبه بهم.

وبعد توقف الاشتباكات وتخفيف التوتر، بدأت وكالة "أونروا" أولى إجراءاتها لترميم وإعادة فتح بعض مرافقها، حيث باشرت بالتعاون مع المنظمة الدانماركية لنزع الألغام "دي سي إيه" (DCA)، عملية مسح المدارس الأربعة في منطقة بستان القدس (قبية، الفلوجة، مرج بن عامر، حطين)، بالإضافة إلى مكتب خدمات الصحة البيئية ومكتب الإغاثة والخدمات الاجتماعية، للتأكد من خلوها من أي مواد غير منفجرة، والتنسيق مع الجيش اللبناني لإبطال مفعولها.

الأضرار تطال مباني المدارس والصفوف الدراسية في مدارس "أونروا" جنوب لبنان (الجزيرة) بروتوكول الوكالة

في هذا السياق، قال رئيس دائرة التربية والتعليم بوكالة "أونروا" في صيدا محمود زيدان، إن الوكالة تلتزم ببروتوكول لا يمكن تجاوزه أو القفز فوقه، في الكشف الأمني على أي مركز أو مكتب أو مدرسة دخل إليها مسلحون.

وأوضح زيدان للجزيرة نت، أن الوكالة باشرت عبر فريق تخصصي عملية المسح في مكاتب مدير المخيم والشؤون الاجتماعية وإحدى المدارس، وستواصل عملها الأسبوع المقبل على بقية المدارس.

وأضاف زيدان "بعد ذلك، يأتي فريق الهندسة التابع لأونروا لمعاينة الأضرار وتقدير التكلفة، على أن تجري عملية الترميم في أسرع وقت ممكن، تمهيدا لعودة الطلاب". مشيرا إلى أن "فريق الكشف الأمني عثر على قنابل لم تنفجر، وعلى قذيفة عالقة بين جدار وشبك حديدي، ويتم إبطال مفعولها بالتعاون والتنسيق مع الجيش اللبناني".

وفي حين نفى زيدان وجود أي مهلة لإنجاز هذه المراحل، أكد أن "الأونروا" حريصة على عودة آمنة لطلابها"، موضحا أن الأضرار لا تقتصر فقط على المباني، بل تشمل أيضا التجهيزات، حيث تعرضت أجهزة الحاسوب للتلف في بعض المدارس، وتضررت وفقدت الكتب والأدوات المكتبية. كما أن البنية التحتية من الكهرباء والمياه تحتاج إلى صيانة.

أضرار واسعة داخل مدارس "أونروا" في مخيم عين الحلوة جنوب لبنان تعوق عودة الحياة التعليمية (الجزيرة) مماطلة مقصودة

في المقابل، ترى القوى الفلسطينية أن هناك "مماطلة مقصودة من قبل أونروا" في إطالة أمد الأزمة، حيث يظهر كأنها لا ترغب في تحمل المسؤولية في المخيم، أو تنوي نقل مؤسساتها منه، وفقا لما صرح به مسؤول العلاقات السياسية لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" في صيدا، الدكتور أيمن شناعة، الذي اعتبر أن عودة العملية التربوية إلى نمطها الطبيعي في عين الحلوة تعني المزيد من الأمان والاستقرار، وليس العكس.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال شناعة "ليس لدينا مخاوف من تدهور الوضع الأمني في المخيم، ولكن لدينا شعور سيئ تجاه إدارة أونروا بسبب المماطلة والتسويف في إعادة الطلاب الى صفوفهم، خاصة في المدارس الأربعة البعيدة نسبيا عن مسرح الاشتباكات السابقة".

وبرأيه، لم يكن هناك حاجة لاتخاذ كل هذه الإجراءات وتأخير بدء تنفيذها، داعيا إلى الإسراع في إنجاز عمليات المسح والترميم والصيانة، "وعدم التذرع بالعجز المالي في المدى المقبل".

وإذ تتوقع مصادر فلسطينية للجزيرة نت، الانتهاء من عملية المسح في غضون أسبوع، وأن يتم الكشف الهندسي والترميم خلال 3 أسابيع، أعربت عن أملها في أن يعود الطلاب إلى مدارسهم الأربعة مطلع العام الجديد 2024، أي بعد عطلتي الميلاد ورأس السنة في لبنان.

وقال مسؤول العلاقات السياسية لحركة "الجهاد" الإسلامي في صيدا عمار حوران، إن الوضع الأمني مستقر، مما يسهم في الإسراع باتخاذ هذه الخطوة التي تنتظرها القوى السياسية والشعبية والأهالي الذين يتحملون العبء المالي الإضافي في ظل الأزمة المعيشية والاقتصادية الصعبة.

وفي حديثه للجزيرة نت، أبدى حوران خشيته من تحرك "أونروا" لنقل مؤسساتها خارج المخيم كجزء من خطة تقليص الخدمات، مؤكدا أن هناك رفضا قاطعا لهذه الفكرة ولنقل الطلاب إلى صيدا طوال العام الدراسي الجديد.

وقال إنه تم التوصل إلى اتفاق مؤقت في هذا الصدد بانتظار إجراء الكشف الأمني والصيانة والترميم، معربا عن أمله في "أن تلتزم الإدارة بوعودها وتتجنب سياسة التماطل التي اعتادت عليها في كل موضوع يتعلق بحقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: عین الحلوة للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

دمشق تعلن العثور على مفاجأة داخل المربع الأمني للنظام المخلوع

كشف مصدران أمنيان تابعان لوزارة الداخلية بحكومة تصريف الأعمال عن مفاجأة عثرت عليها السلطات الأمنية الجديدة داخل المربع الأمني التابع للنظام المخلوع بمنطقة كفرسوسة وسط العاصمة دمشق.

وقال أحد المصدرين لوكالة الصحافة الفرنسية إن السلطات الجديدة في سوريا أحرقت كميات كبيرة من المخدّرات منها نحو مليون من حبوب الكبتاغون التي كانت تنتج على نطاق واسع خلال حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد.

وأفاد مصوّر الوكالة بأنّ عناصر أمن أشعلوا النار في كميات من القنب الهندي وصناديق من عقار الترامادول (المهدئ) ونحو 50 كيسا صغيرا تحتوي على حبوب كبتاغون وردية اللون في باحة المربع الأمني للنظام السابق بدمشق.

وقال مصدر في إدارة الأمن العام "قامت الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة السورية الجديدة بالعثور على مستودع للمواد المخدرة أثناء تمشيط العاصمة دمشق وبالتحديد داخل المربع الأمني في منطقة كفرسوسة"، بينما أكد مصدر آخر العثور على "ما يقارب أو يفوق المليون حبة قمنا بحرقها على الفور".

وفي الثامن من ديسمبر/كانون الأول الجاري، أطاحت فصائل سورية مسلحة ببشار الأسد، بعد هجوم خاطف بدأته في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي من شمال سوريا.

إعلان

وبعدما حكم البلاد على مدى 24 عاما، فرّ الأسد إلى موسكو، ما مثّل نهاية أكثر من 50 عاما من حكم آل الأسد للبلاد.

وعُرف حكم بشار الأسد بإنتاج الكبتاغون، ما أدى إلى تحويل البلاد إلى دولة مخدّرات وإغراق الأسواق في الشرق الأوسط بهذه المادة، وهي آفة وصلت إلى العراق المجاور وإلى بعض دول الخليج.

وفُرضت عقوبات أميركية على عدد من المسؤولين السوريين، لاشتباه واشنطن في أنّهم متورّطون في تجارة المخدرات هذه.

"حماية المجتمع"

ومنذ الانهيار السريع لحكم بشار الأسد، عُثر في مناطق مختلفة من سوريا على كميات كبيرة من أقراص الكبتاغون المكدّسة في مستودعات أو قواعد عسكرية.

ويقول مقاتلو تحالف الفصائل المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام إنهم عثروا على كمية هائلة من المخدرات وتعهدوا باتلافها.

وتم إتلاف المخدرات اليوم الأربعاء في "المربع الأمني" الذي كان يحظى إبان النظام المخلوع بحراسة مشددة ومطوقا في حي كفرسوسة بدمشق كما يحوي على سجون ومعتقلات في أقبية تحته.

وأوضح عنصر في هذه القوات يدعى حمزة "قامت الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة السورية الجديدة بالعثور على مستودع للمواد المخدرة أثناء تمشيط العاصمة دمشق وبالتحديد داخل المربع الأمني في منطقة كفرسوسة".

وأوضح أن إتلاف المخزون من "مواد منها الخمور ومنها القنب الهندي وحبوب الكبتاغون وكفوف الحشيش" يأتي "لحماية المجتمع السوري وقطع طرق التهريب التابعة لشركات كانت تقوم عليها عائلة الأسد".

وأضاف أن هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها فقد عثرت الأجهزة الأمنية على مستودعات أخرى ومصانع لإنتاج المخدرات وقامت بإتلافها.

وحوّل الكبتاغون سوريا إلى أكبر دولة في العالم تعتمد على عائدات المخدرات البالغة أكثر من 10 مليارات دولار، وأصبح أكبر صادرات سوريا متجاوزا جميع صادراتها القانونية مجتمعة، وفقًا لتقديرات مستمدة من بيانات رسمية جمعتها وكالة الصحافة الفرنسية خلال تحقيق أجري عام 2022.

إعلان

وأدى الصراع الذي اندلع في 2011 بعد حركة احتجاجية سلمية تم قمعها بعنف من نظام بشار الأسد، إلى مقتل أكثر من نصف مليون شخص ونزوح الملايين.

مقالات مشابهة

  • حزب الله شيّع الشهيدين ليلا وجبارة في الغازية وحارة صيدا
  • سيف بن زايد: برنامج تمكين قادة المستقبل يزور المخيم الإماراتي الأردني للاجئين السوريين
  • دمشق تعلن العثور على مفاجأة داخل المربع الأمني للنظام المخلوع
  • وزير الداخلية في تركيا لبحث التعاون الأمني
  • «أونروا»: طفل يقتل كل ساعة في غزة
  • أونروا: طفل يقتل في غزة كل ساعة
  • بمعدل واحد كل ساعة..أونروا: الجيش الإسرائيلي قتل 14500 طفل في غزة
  • أونروا: إسرائيل تقتل طفلاً في قطاع غزة كل ساعة
  • «الحلوة شبه أمها».. بوسي شلبي تعلق على ظهور ابنه رانيا فريد شوقي في العرض الخاص لفيلم «آخر الخط»
  • «أونروا»: إسرائيل تقتل طفلا كل ساعة في غزة