كتب طارق ترشيشي في" الجمهورية": مجرد طلب الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان التمديد لقائد الجيش فهمه جميع الذين التقاهم، انّ اللجنة الخماسية العربية ـ الدولية التي جاء ممثلاً لها في جولته، حسبما ابلغ الى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، تؤيّد بقاء عون في قيادة الجيش، وكذلك تؤيّد وصوله إلى رئاسة الجمهورية كـ»مرشح توافقي»، لا تخفي البطريركية المارونية وفريق المعارضة تأييدها له، وهو ما يرفضه «التيار الوطني الحر» بشدة، فيما لم يُسجّل اي تأييد علني لعون في اوساط «الثنائي الشيعي» وحلفائه الذين كانوا وما زالوا يتمسّكون بدعم ترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، الى درجة انّ اوساطهم تؤكّد انّهم باتوا اكثر تمسكاً بدعمه في ظلّ ما جرى ويجري في غزة وعلى حدود لبنان الجنوبية.
ولذلك يقول هؤلاء المطلعون، انّ الفراغ الرئاسي سينسحب الى السنة الجديدة ولا يمكن التكهن بموعد لإنجازه وبأي صيغة، خصوصاً انّ أفرقاء كثيرين باتوا يربطون مصيره بالتطورات الجارية في غزة والجنوب وفي المنطقة، والبعض يربطه ايضاً بالمفاوضات الجارية بين واشنطن وطهران بعد «الديل» الذي حصل بين الجانبين، مثل عملية «طوفان الاقصى»، وكذلك في ظلّ الحديث على تسويات واتفاقات اقليمية يجري الإعداد لها على نار حرب غزة. على انّ للأفرقاء اللبنانيين قراءات واستنتاجات متناقضة لما يمكن ان تتنهي اليه حرب غزة، فكل من المعسكرين المتنازعين سياسياً، حيال الاستحقاق الرئاسي وغيره من الملفات الداخلية، يَتَوقَّع ان تأتي النتائج في مصلحة مشروعه السياسي ومن ضمنه ملف رئاسة الجمهورية. ولكن في حين انّ من المفترض ان يكون الشأن الداخلي اللبناني خارج الحسابات الاقليمية والدولية فإنّ انعدام التوافق اللبناني ـ اللبناني على رئيس حتى الآن، شرّع باب التدخّلات الخارجية فيه على مصراعيه، والتي ربطته على ما يبدو عميقاً بالتطورات الخارجية، ما يعني انّ الانتظار اللبناني سيطول الى أجل غير معلوم... وانّ مصير الاستحقاق الرئاسي شرح يطول...
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
هل يمكن كبح جماح حزب الله في سوريا ولبنان؟
في 17 مارس (آذار)، اتفق كل من لبنان وسوريا على وقف إطلاق النار بعد اندلاع اشتباكات على الحدود الشمالية للبنان مع سوريا، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 10 أشخاص.
عاني حزب الله من تراجع نفوذه
تُعدّ هذه الاشتباكات الأحدث في سلسلة مواجهات شهدتها الحدود السورية اللبنانية بسبب حزب الله.
وتسعى الحكومة السورية الجديدة، التي تولّت السلطة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بعد سقوط نظام بشار الأسد، إلى تحقيق الاستقرار في البلاد بعد 14 عاماً من الحرب الأهلية، ومع ذلك، فإن استمرار أنشطة حزب الله على الحدود يهدد مثل هذا الاستقرار.
وفي هذا الإطار، قال سيث فرانتزمان، باحث مختص بالشؤون العسكرية، في مقاله بموقع مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكي إن سوريا تمر بمنعطف حاسم، حيث زارت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك دمشق في 20 مارس (آذار) للقاء القيادة السورية الجديدة، وأكد تطلع الشعب السوري إلى مستقبل أكثر استقراراً، وضرورة كبح الجماعات المتطرفة، ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم.
تزامن ذلك مع اضطرابات شهدتها اللاذقية في أوائل مارس (آذار)، حيث تورط موالون للأسد في استهداف قوات الأمن السورية الجديدة، مما أدى إلى ردود فعل عنيفة ضد العلويين، وسط تردد دمشق في التدخل خوفاً من تفاقم الأوضاع.
Can Syria and Lebanon Rein In Hezbollah?https://t.co/Nx1Tw95d9O
— Seth Frantzman (@sfrantzman) March 26, 2025وعلى بعد نحو 100 ميل من اللاذقية، تقع بلدة القصير السورية، التي تُعدّ بوابة إلى شمال لبنان، واستخدمها مقاتلو حزب الله خلال الحرب الأهلية السورية كنقطة عبور إلى سوريا لدعم نظام الأسد. ورغم تغيّر المشهد السياسي، لا يزال الحزب يحتفظ بقوات مسلحة كبيرة في لبنان، مسخراً ترسانته العسكرية ليس فقط ضد إسرائيل، بل أيضاً لترهيب اللبنانيين وتعزيز نفوذ الأسد، في ظل استمرار ارتباطه الوثيق بإيران.
تراجع النفوذ الإيراني وسقوط الأسدوعندما سقط نظام الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) 2024، شكّل ذلك انتكاسة كبيرة لحزب الله. وجاء هذا التطور في وقت كانت إسرائيل قد كثّفت فيه ضرباتها ضد الحزب، بعد أشهر من القتال بين سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) 2024.
ورفعت إسرائيل مستوى عملياتها العسكرية ضد حزب الله بعد أن رفض الأخير وقف هجماته عليها، حيث كان يدعم حماس في غزة وأطلق آلاف الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
في هذا السياق، تولّى أحمد الشرع السلطة في سوريا، وشكّلت معارضته لحزب الله والنفوذ الإيراني ضربة لطهران، إذ فقدت أحد أهم ممراتها البرية الاستراتيجية.
ويسعى الشرع إلى توحيد البلاد، وترسيخ صورته كقائد حديث لسوريا الجديدة، حيث استقبل دبلوماسيين غربيين، وقام بزيارات رسمية إلى تركيا وعدد من الدول العربية، فضلاً عن إبرامه اتفاقاً مع قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة في شرق البلاد.
حزب الله في مواجهة ضغوط متزايدةيبدو أن حزب الله يسعى لإفشال جهود الحكومة السورية الجديدة. فقد ضبطت دمشق في الأشهر الأخيرة عدة شحنات أسلحة كان يُعتقد أنها موجهة إلى حزب الله.
5. Americans and Israelis, along with many Lebanese, will believe that the moment has come to pry Lebanon from the orbit of Iran, Syria and the resistance front. The search for an alternative Lebanese leadership has begun. The problem will be that the Christian and Sunni leaders… pic.twitter.com/iMH0KPp2G1
— Joshua Landis (@joshua_landis) September 28, 2024كما أن الاشتباكات التي اندلعت بالقرب من القصير تأتي ضمن هذا السياق، حيث قام مقاتلو الحزب بقتل أفراد من قوات الأمن السورية، ما يزعزع استقرار الحدود بين البلدين.
وهذه الاستراتيجية هي ذاتها التي يعتمدها حزب الله في جنوب لبنان لتهديد إسرائيل. ولكن، على عكس جنوب لبنان، لا يمكن لحزب الله الادعاء بأنه "يقاوم الاحتلال" في سوريا، إذ أن العديد من السوريين يعدونه أحد الأطراف المسؤولة عن معاناتهم خلال الحرب الأهلية.
وإذا استمرت المواجهات بين حزب الله والحكومة السورية الجديدة، فقد يدفع ذلك دمشق إلى الاعتماد على ميليشيات متطرفة أخرى، مثل تلك التي هاجمت العلويين في اللاذقية.
كما قد يؤدي ذلك إلى إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية، خصوصاً مع إيران أو روسيا، اللتين كانتا داعمتين للأسد وما زالتا تحتفظان بمصالح كبرى في سوريا. على سبيل المثال، تمتلك روسيا قاعدة عسكرية في اللاذقية، ومن غير الواضح ما إذا كانت موسكو ستتدخل بشكل مباشر في النزاع المستجد.
علاوة على ذلك، فإن عدم قدرة الحكومة السورية على ضبط حدودها سيُعقّد جهودها في مكافحة تهديدات تنظيم داعش، كما قد يعرقل تعاونها مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في دمج القوى الأمنية والفصائل المسلحة المختلفة داخل البلاد.
آفاق المستقبلتمرّ سوريا بمرحلة حساسة. فالعديد من الجماعات المسلحة المدعومة من إيران تواجه ضغوطاً متزايدة في المنطقة. على سبيل المثال، بدأت الولايات المتحدة في منتصف مارس (آذار) بشنّ ضربات جوية ضد ميليشيا الحوثيين، المدعومين من إيران، في اليمن.
في الوقت نفسه، يعاني حزب الله من تراجع نفوذه، في وقت شهد فيه لبنان انتخاب رئيس جديد ورئيس وزراء قد يكونان قادرين على كبح نفوذ الحزب داخلياً.
وفي العراق، يبدو أن الميليشيات الموالية لإيران تعاني من انقسامات داخلية غير مسبوقة، ومن ناحية أخرى، شنت إسرائيل هجوماً عسكرياً جديداً ضد حماس في 18 مارس (آذار)، مما زاد من تعقيد المشهد الإقليمي.
واختتم الكاتب مقاله بالقول: إذا مارست الولايات المتحدة وحلفاؤها ضغوطاً على لبنان من أجل كبح جماح حزب الله ومنع المزيد من الاشتباكات مع سوريا، فقد يسهم ذلك بشكل كبير في تعزيز استقرار دمشق، وتقليل مخاطر تصاعد التطرف في المنطقة، وربما رسم ملامح جديدة للتوازنات الجيوسياسية في الشرق الأوسط.