أردوغان: لا يمكن استبعاد حماس من أي حل محتمل في غزة
تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنه من غير الممكن استبعاد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من أي حل محتمل للصراع في قطاع غزة، وأوضح أن حل الدولتين هو الخيار الوحيد لتحقيق السلام في المنطقة.
ونقلت قناة "إن تي في" التركية عن أردوغان قوله "نحن بحاجة إلى التركيز على حل الدولتين.. إقصاء حماس أو تدميرها ليس احتمالا واقعيا"، مضيفا أنه لن يصنف حماس منظمة إرهابية، على غرار ما قامت به بعض الدول الغربية.
واعتبر الرئيس التركي أن فرصة تحقيق السلام في غزة ضاعت في الوقت الحالي بسبب ما وصفه بأنه نهج إسرائيل المتشدد، وأضاف "أكدنا دائما أننا نؤيد وقفا دائما لإطلاق النار وليس توقفا لأسباب إنسانية.. كانت هناك فرصة للسلام، وللأسف، فقدنا هذه الفرصة في الوقت الحالي بسبب نهج إسرائيل المتشدد"، في إشارة إلى انهيار الهدنة الإنسانية التي استمرت 7 أيام.
وكانت الهدنة التي بدأت يوم 24 نوفمبر/تشرين الثاني تم تمديدها مرتين، ثم عادت إسرائيل لشن هجمات مكثفة على قطاع غزة بمجرد انتهاء سريان الهدنة صباح الجمعة الماضي، مما أسفر عن مئات الشهداء والمصابين.
ولم يتأخر رد إسرائيل على أردوغان، إذ قال وزير خارجيتها إيلي كوهين -عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي- "تفضل واستضف في بلدك إرهابيي حماس الذين لم يتم القضاء عليهم وفروا من غزة"، وأضاف كوهين "سنحرر غزة من حماس، من أجل أمن إسرائيل ومن أجل خلق مستقبل أفضل لسكان المنطقة".
مبادرة تركية
وتحدث أردوغان عن مبادرة تركية، في طريق عودته من الإمارات حيث شارك في قمة الأمم المتحدة للمناخ واستغل الفرصة لمناقشة المبادرة، التي قال إنها "لا تزال قيد الإعداد"، وإنها تتناول وضع قطاع غزة بعد العدوان الإسرائيلي.
ووفقا لما نقلته صحيفة "نيزافيسيمايا" الروسية عن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، فإن المقترح التركي ينص على "أن تصبح بعض دول المنطقة ضامنة لفلسطين، بما فيها تركيا. وستصبح الدول الأخرى ضامنة لإسرائيل".
وأضاف فيدان أنه "سيتعيّن على هذه الدول تحمّل مسؤولية تنفيذ شروط التسوية"، مشيرا إلى أنّ المبادرة لا تزال قيد الإعداد، وسيتم عرض بنودها الرئيسية على جمهور أوسع.
وأوضح فيدان أن تركيا تطرح هذه الفكرة لتكون خيارا رئيسيا للتسوية، "وإذا كانت إسرائيل تريد الأمن لنفسها في المنطقة، ينبغي أن تكون للفلسطينيين دولتهم الخاصة. بهذه الطريقة فقط يمكن ضمان السلام الدائم".
"جزار غزة"
من جانب آخر، اعتبر أردوغان أن مجازر حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في غزة "دخلت التاريخ بوصفها وصمة عار، وهذه الوصمة لطخت أيضا جباه الدول الداعمة له من دون قيود وشروط".
ولفت الرئيس التركي إلى "تحول حكام إسرائيل -الذين طالما روجوا لأنفسهم بأنهم ضحايا إبادة جماعية- إلى قتلة مثل قتلة أجدادهم"، وقال إن "ما نراه عملا إرهابيا ضخما، إنه إرهاب دولة، ولا يمكننا أن نبقى صامتين إزاء إرهاب الدولة هذا".
وأضاف أنه ينتظر من المحكمة الجنائية الدولية أن "ينال مرتكبو جرائم الإبادة الجماعية وجزارو غزة -وفي مقدمتهم نتنياهو- العقاب اللازم".
يشار إلى أن أردوغان كان اتهم إسرائيل بارتكاب مذبحة في قطاع غزة جراء هجماتها على القطاع، وألغى زيارة كانت مقررة لإسرائيل، وأعلن أن نتنياهو "لم يعد شخصًا يمكننا التحدث معه بأي شكل من الأشكال".
ووفقا لوزارة الصحة في غزة، ارتفعت حصيلة الشهداء منذ بدء العدوان على القطاع في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى 15 ألفا و207 شهداء و40 ألفا و652 مصابا.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
الفرص المتاحة: كيف يمكن للحرب التجارية بين أمريكا والصين أن تكون نعمة للدول النامية؟
إن الحرب التجارية المطولة والمتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين، والتي تتسم الآن بفرض تعريفات جمركية كبيرة ومتزايدة على مجموعة من السلع، تشكل شبكة معقدة من التحديات والفرص للاقتصاد العالمي. ورغم أن التأثير المباشر كان مدمرا، وخاصة بالنسبة للقوتين الاقتصاديتين العملاقتين في قلب الصراع، فإن التحليل الدقيق يكشف عن بصيص أمل بالنسبة للدول النامية. وهذا الاحتكاك التجاري، بعيدا عن كونه قوة سلبية بحتة، يمكن أن يكون بمثابة محفز، ويخلق فرصا ذهبية لهذه الدول لتعزيز قدراتها التجارية والتصديرية بشكل استراتيجي على المسرح العالمي.
وتكمن الفرضية الأساسية لهذه الفرصة في تعطيل سلاسل التوريد العالمية القائمة. فعلى مدى عقود من الزمان، كانت الولايات المتحدة والصين متشابكتين بعمق في نظام بيئي معقد للتصنيع والتجارة. وكانت الصين، التي يشار إليها غالبا باسم "مصنع العالم"، مصدرا رئيسا للسلع المصنعة للسوق الأمريكية، في حين كانت الولايات المتحدة مستوردا كبيرا للمنتجات الصينية وموردا رئيسا لبعض السلع والتقنيات. وإن فرض التعريفات الجمركية الباهظة من قبل كلا الجانبين يجعل هذه التجارة المباشرة مكلفة بشكل متزايد وغير قابلة للتطبيق في بعض القطاعات، ويؤدي هذا إلى خلق فراغ، أي فجوة في شبكة الإمدادات العالمية، حيث تتمتع البلدان النامية بوضع فريد يسمح لها بملئها.
تعمل الحرب التجارية على تسريع اتجاه تنويع سلسلة التوريد، وإن الشركات المتعددة الجنسيات، التي عانت من الهشاشة الناجمة عن الاعتماد بشكل كبير على مصدر واحد، تبحث الآن بشكل نشط عن بناء سلاسل توريد أكثر مرونة وتنوعا جغرافيا. ويتطلب هذا الاستكشاف والاستثمار في مراكز التصنيع في البلدان النامية التي توفر تكاليف عمالة تنافسية
ومن أهم السبل أمام البلدان النامية تحويل مسار التدفقات التجارية، وبما أن الرسوم الجمركية تجعل السلع الصينية أكثر تكلفة في الولايات المتحدة، والعكس صحيح، فإن الشركات في كلا البلدين سوف تسعى بنشاط إلى مصادر وأسواق بديلة. والبلدان النامية التي تمتلك قدرات تصنيعية قائمة أو لديها القدرة على زيادة إنتاجها بسرعة في السلع الخاضعة للتعريفات الجمركية سوف تستفيد بشكل كبير. وقد شهدت دول في جنوب شرق آسيا، مثل فيتنام وتايلاند وماليزيا، بالفعل زيادة في الاستثمار وطلبات التصدير مع تطلع الشركات إلى نقل الإنتاج أو تنويع مصادرها بعيدا عن الصين. وعلى نحو مماثل، تستطيع البلدان في أمريكا اللاتينية وأفريقيا التي لديها القدرة على إنتاج السلع، مثل المنتجات الزراعية أو المواد الخام التي كانت تستوردها الصين سابقا من الولايات المتحدة، أن تجد أسواقا جديدة وموسعة.
علاوة على ذلك، تعمل الحرب التجارية على تسريع اتجاه تنويع سلسلة التوريد، وإن الشركات المتعددة الجنسيات، التي عانت من الهشاشة الناجمة عن الاعتماد بشكل كبير على مصدر واحد، تبحث الآن بشكل نشط عن بناء سلاسل توريد أكثر مرونة وتنوعا جغرافيا. ويتطلب هذا الاستكشاف والاستثمار في مراكز التصنيع في البلدان النامية التي توفر تكاليف عمالة تنافسية، وبنية أساسية محسنة، وبيئات سياسية مستقرة. ويمكن أن يؤدي هذا التحول إلى زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر في هذه الدول، وتعزيز التنمية الصناعية، وخلق فرص العمل، وتعزيز قدراتها التكنولوجية. ويمكن أن يؤدي نقل مرافق الإنتاج أيضا إلى نقل المهارات والمعارف مما يزيد من تعزيز إمكانات النمو الطويلة الأجل لهذه الاقتصادات.
وتمتد الفرصة إلى ما هو أبعد من مجرد استبدال أحجام التداول الحالية، كما أن الحرب التجارية تخلق مساحة للبلدان النامية للارتقاء في سلسلة القيمة. ومع بحث الشركات عن بدائل لهيمنة الصين في قطاعات تصنيعية معينة، يمكن للدول النامية أن تستثمر استراتيجيا في الصناعات ذات القيمة المضافة الأعلى. ويمكن أن يشمل ذلك التركيز على إنتاج مكونات أكثر تطورا، أو الانخراط في عمليات تصنيع متقدمة، أو تطوير علاماتها التجارية والملكية الفكرية الخاصة بها. الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، في حين تشكل تحديات كبيرة للنظام الاقتصادي العالمي، لا يمكن إنكار أنها تقدم فرصة فريدة للبلدان النامية. ومن خلال الاستفادة الاستراتيجية من تحويل التجارة، والاستفادة من تنويع سلسلة التوريد، ورفع سلسلة القيمة، وتعزيز الروابط الإقليمية، يمكن لهذه الدول زيادة تجارتها وصادراتها بشكل كبير، وتعزيز النمو الاقتصادي والتنمية المستدامينومن خلال استهداف هذه القطاعات ذات الهامش المرتفع استراتيجيا، لا تستطيع الدول النامية زيادة عائدات صادراتها فحسب، بل يمكنها أيضا تعزيز الابتكار والتحول الاقتصادي طويل الأجل.
وعلاوة على ذلك، يمكن للحرب التجارية أن تعمل كحافز للدول النامية لتعزيز علاقاتها التجارية الإقليمية. ومع تحول الولايات المتحدة والصين إلى الداخل إلى حد ما، أو التركيز على الصفقات الثنائية مع شركاء مختارين، يمكن للدول النامية الاستفادة من الاتفاقيات والشراكات التجارية الإقليمية لتعزيز قدر أكبر من التكامل الاقتصادي فيما بينها. ومن الممكن أن يؤدي هذا إلى إنشاء أسواق أكبر وأكثر مرونة، وتقليل الاعتماد على القوى الخارجية، وتعزيز التعاون فيما بين بلدان الجنوب. ويمكن أن يؤدي تعزيز التجارة الإقليمية أيضا إلى تطوير سلاسل قيمة إقليمية، مما يسمح للبلدان النامية بالتخصص في مختلف مراحل الإنتاج والاستفادة من وفورات الحجم الجماعية.
كما أن المناخ الجيوسياسي الحالي، الذي شكلته التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، يتطلب اتباع نهج دبلوماسي دقيق. إن الدول النامية بحاجة إلى الحفاظ على علاقات متوازنة مع القوتين العالميتين، وتجنب الاضطرار إلى اختيار أحد الجانبين. ويظل الانخراط في المنتديات المتعددة الأطراف ودعم مبادئ التجارة الحرة والعادلة من خلال منظمة التجارة العالمية؛ أمرا حاسما لضمان نظام تجاري عالمي مستقر وقابل للتنبؤ يعود بالنفع على جميع الدول، وخاصة الدول النامية.
في الختام، إن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، في حين تشكل تحديات كبيرة للنظام الاقتصادي العالمي، لا يمكن إنكار أنها تقدم فرصة فريدة للبلدان النامية. ومن خلال الاستفادة الاستراتيجية من تحويل التجارة، والاستفادة من تنويع سلسلة التوريد، ورفع سلسلة القيمة، وتعزيز الروابط الإقليمية، يمكن لهذه الدول زيادة تجارتها وصادراتها بشكل كبير، وتعزيز النمو الاقتصادي والتنمية المستدامين. ومع ذلك، فإن تحقيق هذه الإمكانات يتطلب استجابات سياسية استباقية، واستثمارات في البنية التحتية ورأس المال البشري، والتنقل الدقيق في المشهد الجيوسياسي. وبالتالي، فإن الاضطراب الحالي يمكن أن يتحول من تهديد إلى حافز قوي لتمكين العالم النامي اقتصاديا، وإعادة تشكيل أنماط التجارة العالمية لعقود قادمة.